أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة عروس غاندي .














المزيد.....

مقامة عروس غاندي .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 22:17
المحور: الادب والفن
    


مقامة عروس غاندي :

من كتاب ( مع الانسان في الحرب والسلام ) لفتحي رضوان , أختار صاحبنا العبارة التي تقول (( قال غاندي :الحرية عروس لا تخطب في المحاكم والمدارس والمؤتمرات , بل وراء اسوار السجن )) ص١٩٢, وفعلا كان نضال الهند من أجل الحرية معركةً طويلةً وشاقةً خاضها شعب الهند لنيل استقلاله من الحكم الاستعماري البريطاني , كانت حركةً متعددة الجوانب , شملت استراتيجياتٍ متنوعة , بما في ذلك العصيان المدني السلمي, والتمرد المسلح , والمفاوضات السياسية , وقد صدق القول ان الحرية عروس مهرها الدماء , فلابد من التضحية لتعيش الاجيال القادمة بحرية وكرامة .

العقل روح الحرية , وهي حق الإنسان في اختيار أفعاله وقراراته دون إجبار أو ضغط خارجي , والبلبل , على ضعفه وصغره , هو بطل الحرية , ما أودع قفصاً إلا ومات فيه غما ,إنها مفهوم أساسي في الفكر الإنساني والحقوق الدولية , ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالكرامة الإنسانية والعدالة والتنمية البشرية , كما أنها تتطلب مسؤولية وتتجاوز مجرد الانفلات من القيود إلى الوعي بالخيارات الصحيحة , والحرية هي الحق في أن تفعل ما يبيحه القانون , والحرية من غير قانون ليست سوى سيل مدمر , ونحن أحرار بمقدار ما يكون غيرنا أحراراً , وحيث تكون الحرية يكون الوطن , ولأن تموت جوعاً وأنت حر خير من أن تعيش عبداً وأنت سمين.

ولشدّة أهمية الحرية في الفكر الإنساني , تحدّث عنها مُختلف الأدباء , والشُّعراء والمفكرين , وضحّى الكثيرُ لنيلها على مدار التاريخ البشر, لأنها تُشعِر الفرد بأهميّة دوره , واكتمال إنسانيّته , ويُعتبر اختيار الإنسان لمأكله , ومشربه , ومكان عمله , من أبسط مظاهر الحرية التي تمتد إلى حرية الفكر والتعبير عن الرأي , والحق في الاختلاف , وغيرها من صور وأشكال الحريات العامة والخاصة , ولهذا يقول محمود درويش عن الحرية : (( على قدر حلمك تتسع الأرض )) , وقد أوضح روسو المفهوم الحقيقى للحرية : (( الحرية صفة أساسية للإنسان , وحق غير قابل للتفويت , فإذا تخلى الإنسان عن حريته فقد تخلى عن إنسانيته وعن حقوقه كإنسان , وتعنى تمتع الفرد بجميع حقوقه السياسية , الاقتصادية , الاجتماعية والثقافية فى إطار قانونى , فالأنسان يولد حراً , ولكنه فى كل مكان يجر سلاسل الاستعباد )) , ويقول خليل جبران متحدثا عن الحرية , أن جميع الأشياء التي تتحرك في كياننا مرتبطة ارتباطا نصفيا : كل ما نشتهي وما نخاف وما نعشق وما نسعى ورائه , جميع هذه الرغبات تتحرك فينا كالأنوار والظلال المترتبة عنها , فإذا اضمحل الظل , امتلأت قلوبنا نورا , هكذا هي الحرية , كلما انفصلت عن قيودها إلا وشكلت حدود حرية أعظم , إذن كل الأقفال , أنت تملك مفاتحها , وكل العقبات أنت قادر على تخطيها بعزيمتك وثقتك بنفسك وأن الشخص الوحيد القادر على تغيير حياتك ومد يده لمساعدتك أو انتشالك من قوقعتك هو ذاك الذي تشاهده عند النظر في المرآة.

يميل الإنسان بطبيعته الآدمية إلى الحرية ومفاهيمها , وهذا ما ينبغي أن يكون , فالإنسان مكوّن من عدة عناصر أبرزها الحرية , سواء كانت حرية فكرية أو دينية , وهذا ما يجعله أصلا للحرية التي تفقد حال فقد الإنسان , وبهذا التلازم بين الإنسان والحرية , انبثقت ضرورة ما ينظم هذه الحرية ويضبطها بشكل منظم , لئلا تعود على أصلها بالإبطال , ومن المنطلق تأسست الحاجة لقوانين تنظم الكل وتضبط تصرفه.

لابد ان ندرك علاقة الحرية بالتحضر, فكل تخلف حضاري ناتج عن نقص في الحرية , فالتحضر الإنساني يجب أن يكون في جو من الحرية ,فلا تكتمل حضارة حتى تتفجر المواهب وتتفتق القدرات , ولا يتحقق ذلك إلا في جو من الحرية والإبداع , وهذا ما يفسر لنا الترابط بين الحرية كفضيلة أخلاقية والحضارة كمنتج بشري تنتجه الشعوب وفق أخلاقياتها وقيمها , والذي لا يشك فيه أن الحرية رافد مهم في بناء حضارة وتحضر مع قبول وجود فوارق في دلالة الحرية ومساحتها لدى الشعوب.

عبر التاريخ , ومنذ فجر البشرية , كانت الحرية من أهم ما يسعى اليه الإنسان والمجتمع البشري ,علما أنه كان من الصعب دائما الإتفاق على تعريف جامع مانع ومحدد لمفهوم الحرية , وكان ذلك من اصعب مشكلات الفكر السياسي , والحرية كقيمة مطلقة لا خلاف عليها , ولكنها كقيمة نسبية ايضا كانت دائما في عملية تطور وتغيير تبعا للتطور والتغيير في المجتمع والعلاقات الإجتماعية , وقد ناضلت البشرية ومنذ فجر التاريخ من أحل ثلاثة انواع اساسية من الحرية , الحرية الشخصية (اجتماعيا ) , والحرية والإنعتاق من التسلط الطبقي الذي مارسته الطبقات المستغلة ( بكسر الغين ) والحرية الوطنية والقومية من الهيمنة الأجنبية والإستعمار بكافة صوره وأشكاله , إن الشعوب تناضل كذلك توقا الى الحرية والإنعتاق , وقد توصلت البشرية الى القضاء على الكثير من اشكال الإستعباد كالرق والإستعمار , ولكن ما زال امامها الكثير لتنجزه على هذا الطريق الشاق والطويل ومن خلال النضال من اجل الحرية , اهتدت الشعوب الى الكفاح في سبيل تحررها لتنال استقلالها السياسي والاقتصادي ولتنعم بالحرية المنشودة وللخلاص من الهيمنة الأجنبية .

وفي الختام , تتضح لنا حقيقة خالدة مفادها أن الحرية ليست مجرد كلمة أو شعار, بل هي جوهر الوجود الإنساني وعماد الحضارات , إنها رحلة نضال مستمرة , تبدأ من التضحية وتمر بالوعي , وتنتهي بتحقيق كرامة الإنسان , فالحرية التي ضحى من أجلها غاندي وغيره من المناضلين , ليست انفلاتاً من القيود , بل هي التزام بمسؤولية تجاه الذات والمجتمع , هي القدرة على اختيار طريقنا , وتشكيل مصيرنا , والعيش في ظل قوانين تحمينا لا تقيدنا , تذكر دائماً أن مفتاح حريتك يكمن في داخلك , وأنك الشخص الوحيد القادر على تحرير نفسك من أي قيد , وأن الأوطان لا تزدهر إلا حيث تزدهر الحرية.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة حكمة قَعْنَب .
- مقامة الدگة الخزعلية : بين الوشم والغدر.
- مقامة ديالى شقائق النعمان .
- مقامة الطروس .
- مقامة النقيق في قاع بئر: العراق بعد 2003.
- مقامة فلسفة الفقر .
- مقامة الغيوم .
- مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .
- مقامة الأنسان وباء .
- مقامة الأقتران الشرطي .
- مقامة أصنام العقل .
- مقامة الرسيس .
- مقامة لحن القول .
- مقامة في مسار التاريخ ومآلاته .
- مقامة محضرون .
- مقامة الثلاجين .
- مقامة ألأكتظاظ .
- مقامة العراق: مهد الأديان واللغات المنسي؟
- مقامة مرّة ومرّة .
- مقامة الغيرة .


المزيد.....




- غزة والجزائر والكاريبي.. فرانز فانون ينبعث سينمائيا في مئويت ...
- سفير فلسطين في بولندا: نريد ترجمة الاعتراف بدولتنا إلى انسحا ...
- كتاب عن فرنسوا ابو سالم: شخصية محورية في المسرح الفلسطيني
- أمجد ناصر.. طريق الشعر والنثر والسفر
- مؤتمر بالدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافي ...
- الاحتمال صفر
- أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه ...
- النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
- فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي
- تحديات جديدة أمام الرواية الإعلامية حول غزة


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة عروس غاندي .