أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .



مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 13:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالم الدبلوماسية الرسمي , حيث الكلمات محسوبة والإشارات مدروسة , كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت تملك لغة سرية خاصة بها , لم تكن هذه اللغة منطوقة , بل كانت معلقة على ياقة سترتها , من دبوس على شكل نحلة لزعيم فلسطيني إلى ثعبان لصدام حسين, كانت أولبرايت تستخدم دبابيسها كرسائل سياسية صامتة تكشف عن مزاجها وأجندتها , ففي كتابها الذي صدر عام 2009 تحت عنوان (( اقرأ دبابيس الزينة الخاصة بي : قصص من صندوق حلي دبلوماسية )) , تكشف أولبرايت أن هذه الفكرة بدأت بالصدفة على يد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين , عندما كانت سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بعد حرب الخليج الأولى , كانت مهمتها التعقيب على سياسات صدام حسين , ردًا على تعقيباتها الشديدة , نشرت إحدى الصحف العراقية قصيدة وصفتها فيها بأنها (( أفعى لا نظير لها )) .

تقول أولبرايت في كتابها : (( بالفعل , كان لدي دبوس زينة على شكل ثعبان في صندوق الحلى , وقررت أن أرتدي هذا الدبوس في أي جلسة للأمم المتحدة تتناول العراق )) , لاحظت الصحف الأمر ووجدت أولبرايت الفكرة مسلية , فقررت اتباع هذا النهج في باقي عناصر أجندتها الدبلوماسية , وكما قال الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب : (( اقرأ شفتَيّ )) , أصبح شعارها: (( اقرأ دبابيس الزينة الخاصة بي )) , وهكذا كانت رسائل دبلوماسية على ياقة معطف , فقد استخدمت أولبرايت دبابيسها ببراعة لإرسال رسائل محددة للزعماء العالميين , بحيث يمكن معرفة مزاجها وأجندتها بمجرد النظر إلى الدبوس الذي تضعه على سترتها.

مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات , ارتدت دبوسًا على شكل نحلة , في إشارة للمثل الأمريكي الذي يقول : (( مشغول كالنحلة )) , لإقناعه بالتوصل إلى حلول سلمية , ومع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد , ارتدت دبوس أسد , ومع وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل , ارتدت دبوس حصان , ومع المسؤولين الروس, عندما اكتشفت أنهم يتنصتون على السفارة الأمريكية , ارتدت دبوسًا على شكل بقّة في لقائها التالي معهم , في إشارة ضمنية إلى أنها تعرف ما يفعلون , وعندما كانت تتفاوض بشأن معاهدة حظر الصواريخ الباليستية , ارتدت دبوسًا على شكل رأس صاروخ , وقالت لوزير الخارجية الروسي الذي سألها عنه : (( نعم , إنها صغيرة للغاية , حان وقت الشروع في المفاوضات )) , ومع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ إيل , ارتدت دبوسًا كبيرًا على شكل العلم الأمريكي لكي لا يترك مجالًا للشك حول هويتها ومن تمثل, وفي مقابلة مع موقع ((غلوبال فيو بوينت )) الأميركي , سُئلت أولبرايت ماذا سترتدي لو قابلت الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد , فردت قائلة : (( كنت سأرتدي دبوس زينة على صورة حمامة ونسر معاً , ذلك أن ما يدور بين الولايات المتحدة وإيران يتضمن بعض العصا والجزرة , أو بعض الفرص إذا ما تعامل الإيرانيون بشفافية مع المفتشين الدوليين , وبعض التحديات إذا ما استمروا في المرواغة , أيضاً كنت سأرتدي حلة خضراء اللون تكريماً لمن يناضلون من أجل الديمقراطية في إيران .

أصبحت دبابيس أولبرايت جزءًا من تاريخ لحظات دبلوماسية هامة , حتى أن نظرائها من وزراء الخارجية حول العالم والعاملين معها كانوا ينتظرون بترقب ما ستلبسه كل صباح , وأصبح صندوق جواهرها يحكي التاريخ , وفي متحف الفن والتصميم في نيويورك , عُرضت دبابيس أولبرايت بالمئات , مرتبة بدقة , تتنوع هذه الدبابيس في أشكالها وأحجامها وأسعارها , فمنها ما يُقدر بمئات الآلاف من الدولارات ومنها ما لا يتجاوز سعره بضع عشرات , ما يجمعها هو أن لكل دبوس قصة وحكاية , لقد دشنت مادلين أولبرايت نهجًا فريدًا في الدبلوماسية , حيث جعلت من دبوس الياقة أداة للتعبير السياسي , وأثبتت أن الرسائل القوية لا تحتاج دائمًا إلى الكلمات.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الأنسان وباء .
- مقامة الأقتران الشرطي .
- مقامة أصنام العقل .
- مقامة الرسيس .
- مقامة لحن القول .
- مقامة في مسار التاريخ ومآلاته .
- مقامة محضرون .
- مقامة الثلاجين .
- مقامة ألأكتظاظ .
- مقامة العراق: مهد الأديان واللغات المنسي؟
- مقامة مرّة ومرّة .
- مقامة الغيرة .
- مقامة دروب المعنى .
- مقامة العثرات .
- مقامة إدارة الفئران: استعارة لحال العراق بعد 2003.
- مقامة وشالة العمر .
- مقامة ياريحان .
- مقامة الحر العراقي .
- مقامة البجعة السوداء .
- مقامة يسار جديد ؟


المزيد.....






- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .