أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة وشالة العمر .














المزيد.....

مقامة وشالة العمر .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 12:44
المحور: الادب والفن
    


مقامة وشالة العمر :

يقول أنتوني هوبكنز عن وشالة عمره : (( أعلم أن ما تبقى لي للعيش أقل مما عشته بالفعل , أشعر كطفل أعطي علبة من الشوكولاتة, يستمتع بتناولها , وعندما يرى أن القليل قد تبقى له , يبدأ بتناولها بطعم خاص )) , وصف دقيق أكاد ألامسه , والعمريُقاس بالامتار المربّعة (وانا طويل القامة مستطيل الخُطى), وبالزوايا الحرجة , ورغم ذلك تنمو سنواتي بشكل أفّقي كأنًها خيط من سراب كثيف , بين عالمين متناقضين في المضمون لا في الشكل ولا في التشكيل , وما زال بريق البراءة منذ كذا من السنين يضيء ملامح غيوم داكنة الحنين وامنيات متعبة , تتدلى من شفاه ملحاحة تنتظر بفارغ اليأس موسم قطاف القُبل قبل موعد الحصاد ببضع سويعات , وها أنا أجمع قطرات الندى خارج فصول الظمأ المشاكسة في راحتي العمر, وابني جسورا من خيوط العناكب لعابر سبيل , فقد حريّة الاستدارة إلى الوراء فمضى إلى حال سبيله يبحث عن خُفّي حُنين بين مكبّات الذاكرة ومقابر الكلمات .

عندما أشرف الشاعرمحمود درويش على حافة وشالة عمره , كتب : (( لو كنت صياداً لأعطيت الغزالة فرصة أولى وثانية وثالثة وعاشرة , لتغفو, واكتفيت بحصتي منها: سلام النفس تحت نعاسها , أنا قادر لكنني أعفو وأصفو مثل ماء النبع قرب كناسها , لو كنت صيادا لآخيت الغزالة , لا تخافي البندقية يا شقيقتي الشقية , واستمعنا , آمِنَيْن , إلى عواء الذئب في حقل بعيد )) , ثم أضاف : (( للحَنينِ أعراضٌ جانبيّة , من بينها إدمانُ الخَيال , النّظر إلى الوَراءْ , والإفراطُ في تَحويلِ الحَاضر إلى ماضٍ , وأنا مازلتُ أبحث عن شيءٍ حين ضاعَ ضيّعني , ولم يفوتني القطار وحده , بل فاتتني المحطة وضلّني الطريق , وخانني رفاق السفر , وإذا أخذني الموت و لم نلتقي , فلا تنسى أني تمنيت لقائك كثيرا )) .

قال الشاعر الشعبي في بيت من الأبوذية : (( يا كأس العمر ما ضل وشل بيك , يا جرحي لشوكت تنزف وشل بيك , يكلي ليش متغير وشل بيك ؟ تهت ياهو اليدليني عليه )) , والوشالة , الماء القليل , وحين يفرغ الماء من الدلو , تبقى في قعرة بقايا من الماء , تلك الكمية القليلة المتبقية في قعره يطلق عليها وشالة , وهي قليلة لا تنفع في غسل شيء أو إرواء من عطش , وكما تمنى المغني : ((ضلت وشالة من الُعمر ردناُها عوِد وٌياكم )) , ليرد عليه شاعر موشل : (( ليل , والدنيه مطر واتنث على الشباچ ریحة غربه تاكل بالعمر , وانته وحدك , تنتظر نگرة باب التفزز صفنتك گاعد الوحدك , وکاس ایجیب کاس ,ولیل یعگب لیل ,والمزه حزن , تحسب اسنین العمر کالساع , واترد من الاول , تاخذك حسبات واتردك صفر , ماكو غير الكاس , واشوية شعر , يجلي زنجار البراسك , تنتشي , ويصعد الليل بدماغك , تنرسم گدامك امرايات زيبگها عتگ , اتریدلك واحد , ايحس البيك ويفهمك , ولو بس بالبچي , تذكر ايام الخسارات العشتها ايورث ابروحك جمر)) .

كتب نجيب محفوظ في أصداء السيرة الذاتية من خواطر جنين في نهاية شهره التاسع : (( يطاردني الشعور بالشيخوخة رغم إرادتي وبغير دعوة , لا أدري كيف أتناسى دنوّ النهاية وهيمنة الوداع تحيةً للعمر الطويل الذي أمضيته في الأمان والغبطة , تحية لمتعة الحياة في بحر الحنان والنمو والمعرفة , الآن , يأْذنُ الصوت الأبديّ بالرحيل : ودِّع دنياك الجميلة واذهب إلى المجهول , وما المجهول يا قلبي إلا الفناء , دع عنك ترهات الانتقال إلى حياة أخرى , كيف ولماذا وأي حكمةٍ تبرّر وجودها ؟‍ أمّا المعقول حقّاً فهو ما يحزن له قلبي , الوداع أيّتها الحياة التي تلقيتُ منها كل معنى ثمّ انقضت مخلّفةً وراءها تاريخاً خالياً من أيّ معنى )) .

الهدف هو الوصول إلى النهاية في انسجام مع النفس , ومع الأحبة , ومع الضمير , كنت أعتقد أن لدي حياتين , لكن تبين أن لدي واحدة فقط , ويجب أن أعيشها بكرامة , وفي وشالة المقامة , اليكم هذا الحوار الذي يخبرنا أن (( وشالة العمر)) ليست نهاية الحزن , بل بداية لتقدير اللحظات الصغيرة والجميلة : (( أدهم شرقاوي : تعالي نختلق حديثاً صباحياً عن أي شيء , حتى لو كان عن أن القهوة مرة وحديثك سكر , إليف شفق : يقال أنّ القهوة مثل الحب , كلما صبرت عليها أكثر, ازداد طعمها حلاوة , كن كما تشاء , ولكن حذاري أن تكون وجعا لأحد , كن كفنجان قهوة , دافء لاينبعث منه إلا رائحة طيبة ونكهة مزهرة , صباحكم قهوة انتم سكرها )) .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة ياريحان .
- مقامة الحر العراقي .
- مقامة البجعة السوداء .
- مقامة يسار جديد ؟
- مقامة الأنتاج .
- مقامة الأغتراب .
- مقامة المجال الحيوي .
- مقامة الهايكو و الهايبون : رحلة الأدب الياباني إلى العالم ال ...
- مقامة المراجعة .
- مقامة ألأستزمان .
- مقامة في الفروقات الصغيرة يكمن التميّز.
- مقامة سيدوري .
- مقامة الكهرباء .
- مقامة البيلسان .
- مقامة العميان .
- مقامة الحنين .
- مقامة الفرح .
- مقامة عبثية .
- مقامة ألأستلال .
- مقامة الأقصاء .


المزيد.....




- المغرب.. معجبة تثير الجدل بتصرفها في حفل الفنان سعد لمجرد
- لحظات مؤثرة بين كوبولا وهيرتسوغ في مهرجان فينيسيا السينمائي ...
- مهرجان البندقية السينمائي.. دعوات للتنديد بالأفعال الإسرائيل ...
- رحلة حزب الله من البيئة الفكرية إلى الساحة العسكرية والسياسي ...
- محمد ثروت نجم احتفالية الأوبرا في ذكرى المولد النبوي على الم ...
- ماذا وراء -أكبر سرقة كتب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثاني ...
- الصوت يُعيد القصيدة
- الكتاتيب في مصر: ازدهرت في عصر العثمانيين وطوّرها علي باشا م ...
- رواية -مغنية الحيرة-.. يا زمان الوصل بمملكة الحيرة
- -اللي باقي منك-... فيلم عن مراهق فلسطيني يمثل الأردن في أوسك ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة وشالة العمر .