أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأقصاء .














المزيد.....

مقامة الأقصاء .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


الإقصاء في اللغة العربية هو مصدر الفعل (( أقصى )) الذي يعني أبعد أو أزاح , ويشير الإقصاء إلى استبعاد الأفراد أو المجموعات من المشاركة الكاملة في جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية المختلفة , مثل العمل , والتعليم , والرعاية الصحية , وفي علم النفس يمكن أن يكون الإقصاء تجربة مؤلمة تؤثر على الصحة العقلية للفرد , وقد يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزل , وعادة من يمارس الإقصاء , يعتقد أنه المالك الوحيد للحقيقة والحق وغيره على باطل , والاقصاء يقود إلى تفكك المجتمع وإشاعة الكراهية والحقد , وقتل الإبداع وإعلان الحرب على التنوع والدفاع المستميت عن الواحدية في الفكر , وحاملوا مسطرة الإقصاء يدافعون عن الواحدية , يشكل الاقصائيون خطرا على الفرد والمجتمع , (لأن الانسان الذي يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة هو انسان شديد الخطر, لأنه يرفض الحوار مع الآخرين , ولا يأخذ بعين الاعتبار حقائقهم وعقائدهم , وبالتالي حرياتهم على ضوء الشك بحقيقته هو) , ولا يعلم أنه ليس وحده في هذا العالم بل له شركاء , الكون دونهم يصبح جحيما يقول الفيلسوف الفرنسي نيقولا مالبراش : (( أكبر عقاب لي أن أعيش وحيدا في الجنة )) .

عام 2003 تم الغاء كافة الدوائر والأجهزة العسكرية وألأمنية والتنظيمات الحزبية في العراق , وقامت سلطة ألأميركان وذيولهم بأصدار أمر بأقصاءي وجعلي من المنبوذين , بلا راتب ولا حقوق تقاعدية , وحجز كافة الأموال المنقولة وغير المنقولة , وحرمان من اي نشاط انتخابي محلي او وطني , والمنبوذ ليس مجرد موظف مطرود كل جريمته أنه (( وطني )) , بل هو فلسفة عميقة , فالنبذ هو نفيٌ صامتٌ ,مؤلمٌ , بلا جدران بلا قضبان , هو فعلٌ إجرامي , اقصائي من سلطة المركز (( المتن )) نحو (( الهامش )) كما يقول ميشيل فوكو , هو إقصاءٌ وجودي يكسر العظم , والمنبوذ عالمٌ داكن ٌ , مظلمٌ , منكمشٌ , خائفٌ من الاضواء من الأصوات .

يتمثل الإقصاء السياسي في إنكار حقوق المواطنة , بكل أشكالها مثل المشاركة السياسية , حيث يرى بعض علماء الاجتماع بأن الإقصاء السياسي , يتضمن سلوك النظام الحاكم والذي لا يتحلى بالحيادية أو تقبل الصوت المعارض , بل يعمل لصالح الفئات المهيمنة في المجتمع لحد إلغاء الآخر, وهذا يؤثر في المجتمع بطرق مختلفة وبدرجات متفاوتة , وقد يكون علاقات قوة غير متكافئة في التفاعلات الاجتماعية والسياسية , ما ينتج عنه تمزق في العلاقات بين فئات المجتمع الواحد , وقد يسبب صعوبة في الاندماج بين السلطة الحاكمة والشعب , فهذا سوف يعزز مفهوم العلاقة الوثيقة بين الاقصاء السياسي والصراع وانعدام الأمن احيانا , لذلك يكون الوعي بالاقصاء وعدم المساواة الخطوة الأولى لأي حراك سياسي اجتماعي , وقد ينتج عن الإقصاء صراع اجتماعي وسياسي أو ديني وطائفي أو قومي , لأنه ينفي الآخر ولا يعترف به متجاهلا مواطنيته.

يشير مفهوم (( المتن )) و (( الهامش )) عند ميشيل فوكو إلى العلاقة بين الخطاب المهيمن أو السائد (المتن) والخطابات الأخرى التي يتم تهميشها أو استبعادها (الهامش ) , حيث يهتم فوكو بتحليل كيف يتم تشكيل هذه العلاقات وكيف تؤثر على المعرفة والسلطة ,و يقول : (( المتن , ليس دائما مركز الحقيقة , والهامش , قد يكون مساحة المقاومة الوحيدة المضيئة , وربما في الهامش تبدء إعادة تشكيل الخرائط , ربما في انقلاب المراكز , سينهض المنبوذين , من الهامش ليبدء الانقلاب )) , هكذا تعلمت ان المنبوذ حينما يُقْصٰى , لا يتلاشى , بل يبدء في إنتاج ( معنى) اخر للعالم , معنى خارج هيمنة السلطة , خارج المألوف , خارج المتن , علمني فوكو ان ( النص الختامي لبيان الانقلاب ) القادم سينطلق من هناك , من عالم التهميش والهوامش , سيصبح المنبوذ يوما , مركزاً , وسيعيد تعريف السلطة من جديد , وستتغير خريطة المعاني .

تكمن بذور المقاومة في أعماق هذا النبذ القاسي , فالإقصاء ليس مجرد فعل ينهي وجود الفرد , بل هو شرارة تُعيد تعريف هذا الوجود , عندما يُجرد الإنسان من كل شيء , من هويته الرسمية , من موقعه في المجتمع , من لقمة عيشه , فإنه يُجبر على إعادة بناء نفسه من الصفر, وفي هذا الفراغ المظلم , يبدأ المنبوذ في استكشاف قواه الداخلية التي لم يكن يعلم بوجودها , يكتشف أن إقصاءه عن (( المتن )) ليس نهاية العالم , بل هو فرصة لرؤية العالم من زاوية مختلفة , ليتحول (( الهامش )) الذي كان يُنظر إليه كمساحة من العجز , إلى مساحة من القوة والابتكار.

كتبت كفاح مجيد : (( المنبوذ فرد خائف من التنفس علناً , كائنٌ يختفي داخل جسده , دفعه المجتمع من النورمن المتن من المركز نحو الظلام نحو الهامش , ربما في يومٍ ما , سيأتي العالم الى (( الهوامش)) , ليطلب منهم إيجاد (( معنى )) وأجابات , ربما في يومٍ ما , سيعلن المنبوذ ثورته , ويقلب الهرم , حينها سيقول : انتم وضعتمونا في الهامش (( منبوذين )) , لكننا سنعيد تشكيل معاني المركز)) .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الصقيع .
- مقامة الجهل ( الحفر في العقول ) .
- مقامة السفراء .
- مقامة ألأمشجي .
- مقامة الونين .
- مقامة البحث عن السعادة .
- مقامة المسكون .
- مقامة سفلة السفلة .
- مقامة نبي بني عبس .
- مقامة بوصلة لطفية الدليمي .
- مقامة الرويبضة .
- مقامة عودك رنان .
- مقامة الفرج بعد الشدة .
- مقامة لا يختبئان .
- مقامة المانديلائية .
- مقامة ألأستثمار .
- مقامة الهُبْرِيس .
- مقامة الرثاثة .
- مقامة الشامات .
- مقامة معطف ديدرو .


المزيد.....




- غزة والجزائر والكاريبي.. فرانز فانون ينبعث سينمائيا في مئويت ...
- غزة والجزائر والكاريبي.. فرانز فانون ينبعث سينمائيا في مئويت ...
- سفير فلسطين في بولندا: نريد ترجمة الاعتراف بدولتنا إلى انسحا ...
- كتاب عن فرنسوا ابو سالم: شخصية محورية في المسرح الفلسطيني
- أمجد ناصر.. طريق الشعر والنثر والسفر
- مؤتمر بالدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافي ...
- الاحتمال صفر
- أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه ...
- النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
- فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأقصاء .