صباح حزمي الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 13:41
المحور:
الادب والفن
مقامة الشامات :
(( شيضمهن عليه اندلهن اندلهن باأول نظره شاماتك افرزنهن , وذا مريت من عندي بهبوب الريح اذا رايدني البجيدك اعدنهن , اعرف ازغارهن وكبارهن والنوب اعرف الخافيات الما تبينهن , سولت عيني كل شامه اعله جيد انسان البنيات سولتهن معاظدهن ))
شامة : اسم , الجمع : شامات و شام , والشَّامَةُ : علامةٌ في البَدَنِ يخالف لونَها لوْنَ سائِره والقول كأَنَّهُمُ شامَةٌ في النَّاسِ : أي هُم ظاهِرُون , وشامةُ القَمّرِ: الكلَفُ الذي في وجهه والجمع : شامٌ الشامة , أو الحسنة , هي زوائد جلدية صغيرة غالبًا ما تكون داكنة اللون , وتنشأ عن تجمعات للخلايا الصباغية في الجلد , تختلف الشامات في الحجم والشكل واللون , ويمكن أن تكون مسطحة أو بارزة , وعادة ما تكون بنية اللون , ولكنها قد تكون سوداء, رمادية , أو حتى حمراء , والشامات , أوحبات الخال الحميدة التي تزين خدود الحسناوات , فعدا عن شكلها الجمالي الجذاب , تعد الشامات عاملاً له ارتباط بالصحة الجيدة وطول العمر عند كثير من الأشخاص , فقد أفادت بعض الدراسات الطبية بأن الأشخاص الذين يحظون بعدد كبير من الشامات يتمتعون بصحة أفضل , ويحظون بحماية طبيعية ضد علامات التقدم في السن والشيخوخة.
الخال أو الشامة او الحسنة تضفي على الوجه جاذبية وسحرا , وهي من علامات الحُسن عند العرب , قالوا في وصفه جميل النظم ووضعوا الكتب , ويعتقد البعض أن الشامة الصغيرة على الفك أو فوق الشفة العليا مباشرةً مثيرةٌ للغاية , بينما قد يراها آخرون مجرد تشتيت للانتباه عن مظهرهم العام , بغض النظر عن موقعها , وفي العصر الأموي شبه الأخطل الصغير الشامة بحبة المسك : (( بروحي فتاة بالعـفاف تجملت وفي خدها حب من المسك قد نبت )) , أما في العصر العباسي فقد قال الشاعر ياقوت الحموي بيتين ورد فيهما تشبيه الشامة بنقطة عنبر: (( له خال على صفحات خد كنقطة عنبر في صحن مرمر, وألحاظ كأسـياف تنادي على عاصي الهوى الله أكـبر )) , وقد قال الشاعر ابن الصائغ عن الشامة : (( بروحي أفدي خاله فوق خده ومن أنا في الدنيا فأفديه بالمال , تبارك من أخلى من الشعر خده وأسكن كل الحسن في ذلك الخال )) .
من المعروف إن الشامة علامة من علامات الجمال مثلها مثل علامات الجمال الأخرى مثل النمش , والغمازات ,والشعر الداكن , والعيون الملونة , والفرق بين الأسنان , والشفاه الممتلئة , والرموش الكثيفة والطويلة , والرقبة الطويلة , ونجد أن كثير من الشعراء تغزلوا في جمال الشامة على جبين المرآة , أو رقبتها , أو فوق الشفاه , فهي لها طابع خاص وهناك الكثير من أقوال المشاهير حول جمال الشامة : قال أخناتون: (( عندما تنير الفضيلة والتواضع سحرها يكون بريق المرأة الجميلة في شامتها أكثر إشراقاً من نجوم السماء وتأثير قوتها لا جدوى من المقاومة )) , وقال جون إرسكين: (( هناك فرق بين الجمال والسحر , إن المرأة الجميلة هي التي ألاحظها , والمرأة الساحرة التي على جبينها شامة )) , وعندما يقول مظفر النواب (( ياريل بالله ابغنج من تجزي بام شامات , ولا تمشي مشية هجر ﮔلبي بعد ما مات )) , فأنه هنا يشير لمحطة أسمها أم شامات , يقول الشاعر الشعبي :((عدها شامه وهي مو كل شامه شامه , ادخيل خدها, تكول عش ونايمه بنصه حمامه )) , وتقول الأبوذية : (( حلوه الشامه البخدك ودكه , وتدك وياي دكه بأثر دكه , بعد ماأوصل الدارك ودكه لأن ساسك رمل ونهدم بيه )) , وقول ابن رشيق في خال تحت الحنك (( حبذا الخال كائناً منه بين الخد والجِيد رقية وحذارا رام تقبيله اختلاسًا ولكن خاف من سيف لحظه فتوارى )) , ثم قول غوث الدين العجمي في العذار والخال : (( لهيب الخد حين بدا لعيني هوى قلبي عليه كالفراشِ , فأحرفه فصار عليه خالاً وها أثر الدخان على الحواشي )) , واذا شئت الأستزادة فهذا قول ابن سهل : (( غزال براه الله من مسكة بري بها الحسن منا مسكة المتجلدِ , وأبدع فيها الصنع حتى أعارها بياض الضحى في نعمة الغصن الندي , وأبقى لذاك الأصل في الخد نقطة على أصلها في اللون إيماء مرشدِ )) .
الشامة او الخال أو الحسنة كما يسميها البعض , ميّزة فريدة , إن جاءت بحجمها الدقيق وفي مكانها الصحيح , واستقرت على صفحة وجه مليح , لتزده ملاحة , وحضوراً خاصاً عن سائر البشر , وفي المرأة أكثر من الرجل , هي خصاصة شكلية خَلقية , ليست ذات بُعد أخلاقي , ولا تحمل أي دلالات إنسانية , أو جوهرية , وإن اجتهد البعض في تنظيرهم , وشطحوا بخيالهم عميقاً وبعيداً , في وجود حبة الخال كقيمة دالة على ميزة أدبية , أو إنسانية , أو سلوكية , ارتبطت بموضعها في جسد حاملها , شُغِف بها الشعراء والمغنون , والمولعون بالغيد الحِسان , فأسهبوا في تشبيهاتهم , وأوغلوا في مراميهم , حتى أنّ أحدهم شبهها بعبدٍ أسود يتجول في روضة زهر, أما في الزهيري فيقول : (( ﺗﻴﻬﺖ ﺩﺭﺑﻲ ﻭﺗﻬﺖ ﻟﻤﻦ ﺷﻔﺖ ﺷﺎﻣﺘﻚ , ﻭﻻ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻳﺎﻭﻟﻒ ﻳﻔﺮﺡ ﻭﻟﻚ ﺷﺎﻣﺘﻚ , ﺷﺎﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺪ ﺷﻔﺖ ﺑﺲ ﺑﺎﺻﺪﺭ ﺷﺎﻣﻪ ﺗﻚ , ﺻﻮﺭﻙ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺑﻴﻚ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺩگﻪ ﺍﻟﻚ , ﻭﺳﻮﺍﻙ ﻣﺜﻞ الكمر ﻭﺑﻠﺤﻨچ ﺣﻂ ﺩگﻪ ﺍﻟﻚ , ﻭﻣﻦ ﻳﺪگ گلبی ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺩگﻪ ﺍﻟﻠﻲ ﻭﺩگﻪ ﺍﻟﻚ , ﻳﻠﻲ ﺑﻴﻚ ﻋﻄﺮ ﺍﻟﻮﺭﺩ ﺷگﺪ ﻃﻴﺒﻪ شامتك )) .
تقول الشاعرة أمل عمر : (( هاكَ شاماتي كلّها , خُذها , ضَعها نقاطاً على كلماتِ قصيدتَك الجديدة , ولا يَهمُني أن أصبحَ امرأة بلا شامات يشيرُ إليها الناس يضحكون يقولون : يالها من امرأة ٍ مسكينة أضاعَت شاماتها لأجلِ شاعر مغمور ذلك الذي أهداني ثمانين خاتماً وسَماني سيدة الخواتم , فأهديتُه قلبي وسميته حبيبي , ذلك الذي أدرَكت ُ أنّ الموت على شفتيه حق )) , هناك كثير من القصص في تراثنا الشعبي تتحدث عن الشامة , وعلاقتها بالابراج , ومعرفة الطالع , إذ يمكن التعرف من خلالها على مستقبل الانسان , وشخصيته كما كان الإعتقاد السائد , ومن هذه المعتقدات التي عرفت بها مدن العراق , ومنها مدينة الحلة الفيحاء هي إن المرأة الحامل إذا رغبت بأكلة معينة أثناء فترة الوحام , ولم يلبى طلبها فسوف تظهر على جسم جنينها وحمة , أوشامة نتيجة لذلك , والشامة كانت على مر العصور , وعند أغلب شعوب المعمورة رمزا لجمال المرأة , وخاصة اذا كانت في وجهها , أو خدها , أو رقبتها .
ونختم مع ريل مظفر النواب : (( ارد اشري جنجل والبس الليل خزامة , وارسم بدمع الضحچ نجمه وهوه وشامة , ياحلوه بين النجم طباگه لحزامه , هودر هواهم ولك حدر السنابا گطه )) .
صباح الزهيري .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟