أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الدهاليز .















المزيد.....

مقامة الدهاليز .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 12:11
المحور: الادب والفن
    



شاهدت أمسية ثقافية بعنوان : ((دهاليز النفس تأملات في سلوك ألأنسان وأهدافه )) , وقد أغنى المحاضر والجمهور هذا العنوان الواسع , بشكل جعل الأمسية مثمرة معرفيا , وبحيث بدت كخلية عصف أفكار تشعبت وتنوعت نقاشاتها واستشهاداتها بالتجارب العملية وأقوال الفلاسفة والعلماء , والدهاليز جمع ﻛﻠﻤﺔ ﺩﻫﻠﻴﺰ و تعني ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺍﻟﻀﻴﻖ , وهذه الكلمة ليست عربيَّة أصلاً, بل هي فارسيَّة مُعَرَّبة كما في المختار, والمصباح , وجاء في المختار: (الدِّهْلِيز) بالكسر ما بين الباب والدَّار فارسيّ مُعَرَّب , وكذا في المصباح , والقول أبناء الدَّهاليز : اللُّقطاء , ودهاليز السِّياسة : منعطفاتها وأماكن لقاءاتها الخفيَّة , ودِهْليز الأذن : تجويف بيضيّ في الأذن الداخليَّة , وعندما ﻳﻘﺎﻝ ﺩﻫﺎﻟﻴﺰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺃﻱ ﻣﻨﻌﻄﻔاﺗﻬا ومصاعبها , ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺩﻫﺎﻟﻴﺰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻋﺐ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻭﻭﺟﺐ ﻣﺠﺎﺑﻬﺘﻬﺎ ﻭﺗﺨﻄﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ذﻟﻚ إﻻ ﺑﺎﻟﺘـﺴﻠﺢ ﺑﺎﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﻭﺍﻷﻣﻞ .

كلمة (( دهاليز)) في اللغة العربية تعني ممرات أو ممرات ضيقة , وغالباً ما تستخدم للإشارة إلى ممرات خفية أو غير واضحة , قد تشير أيضًا إلى مناطق معقدة أو ذات تعقيد إداري أو سياسي , ومن دهاليز السياسة العالمية ان الدول العظمى في العالم لديها من عناصر القوة المتعددة ما يجعلها قادرة على بناء محاور سياسية وتصفية مثيلاتها , مع القدرة في الآن ذاته على غض الطرف عن بعض الدول نكاية بدول أخرى أو بغرض ابتزازها باستمرار , هكذا جرى في الماضي ويجري في الحاضر , والنماذج كثيرة على طول التاريخ وعرض الجغرافيا , وان حديث الأوهام يتبخر أمام قوة الواقع , ولنا أن نتذكر أنه قبل عقدٍ ونصف العقد , كانت أحداث ما كان يُسمى (( الربيع العربي )) تملأ السمع والبصر , وكانت ضمن رؤية أوباما التي هدفت إلى إسقاط الجمهوريات العربية وتسليمها لجماعات الإسلام السياسي , وجالت هيلاري كلنتون في تظاهرات ساحة التحرير, وطبلت لذلك أقلامٌ وكتابٌ وقنوات.

تطرقت المناقشة لدهاليز كبار السن الخائفين من الموت القريب , تلك كانت خَاطِرَةُ سِنْدِيَانٍ سَاخِنِ الشَّيْخُوخَةِ , يَنْحَدِرُ مَعَ الوُعُولِ المُتَسَلِّقَةِ سُفُوحَ أَشْجَارِ الشَّهِيقِ , ونَسَمَاتٌ رَنْحَهَا الثَّمِلُ , تَجَشَّأَتْ شَبَقَ الغُلْمَةِ , لِنُقْطَةٍ بَارِدَةِ الأَرْدَانِ , أَنْفَاسُهَا تَبْرُقُ شَهْوَةً ,غَدِيرُ شَغَفٍ يَسْتَغِيثُ بِرِمَالِ الوَاحَةِ , تنهال الرؤى على الشيخ الراعي المنبطح جنب السنديانة : (( أَسْفَارُ السِّنْدِبَادِ تَجْدِلُ عَرَجَ المَسَافَةِ , بَاحَةٌ بَيْضَاءُ يَعْقُوبِيَّةُ الغُبَاشِ شَرِبَ الأُفُقُ إِكْسِيرَ الغُمَّةِ العَتْمَةِ , تَسَرَّبَ لِتَهَدُّجِهِ مِلْحٌ شَاسِعُ السُّمْرَةِ , حَمَلَهُ هَدِيلُ فَاخِتَةٍ , نَشَّفَتْ أَهْدَابَ دَعَوَاتِهَا , فَقَدَ اتِّزَانَهُ المُسْتَجَابُ , يصيح بنغمة مقام اللوعة : أَحِبِّينِي , لَيْسَ لِلأَمْسِ مَخْرَجٌ , عَدَمٌ ؟ لَيْسَ لِلْغَدِ مَدْخَلٌ , غَيْبٌ؟ أَحِبِّينِي وَكَفَى )) .

وعلى التوازي مع حكماء الندوة يقول جوزيه ساراماغو : (( لا ينضج المرء بالنصائح , لاينضج بالمواعظ , لاينضج بتجارب الأخرين , ينضج المرء حين يقطع الفقدان جزءًا من قلبه , وينحني ظهره من خذلان أحبائه , وتتسيد التجاعيد ملامحه من قسوة التفكير , وتتهاوى طاقته ويصبح هش بجسد هزيل من الركض في الطرق الخاطئة , ينضج المرء حين تقتطفه الحياة من جذوره )) , ندرك ان الحركة ولود والسكون عا قر , وأهل مكة أدرى بشعابها , وأهل الصحراء عيونهم أكثر صفاء , فهم قوم يميّزون دوماً بين السراب والماء , واهل القرى قساة , وأحياناً قساة بغير قصد , ومفرداتهم قليلة , والويل لمن وضعت عليه كنية جارحة , فإنها سوف تعيش معه مثل جرح مفتوح , والأرواح حين تحب لا تملك حق الإختيار , للأسف , فكيف بالشاخص دوما في الذاكرة , ولو امطرت ذهبا بعدما ذهبا .

لحظةِ العصفِ الذّهني , تشتبكُ الجُمَلُ كالجُنودِ , كلُّ كلمةٍ تريدُ أن تقودَ ماأكتب , فأتناغم مع الدهاليز , يُحكى أن جلال الدين الرومي سُئل عن تعريفه للسُّم , فقال : (( هو كلُّ شيءٍ يزيد عن حاجتنا , قد يكون القوة , أو الثروة , أو الجوع , أو الطمع , أو الحب , أو الغرور, أو الطموح , أو الكراهية , أو الكسل , أو أيَّ شيءٍ آخر )) , فكيف ابتلائنا بمحللين سياسيين خبراء في الغضب الرباني والمخططات السريّة ؟ وشيخي الذي أنقلب على نفسه , بعدما كان مثل كثيرين من أهل جيله يسارياً في شبابه , أصبح منتقداً لليسار بعد سن الكهولة, و مثلما النخلةُ لا تُثمر إلا إذا عانقتِ الشمسَ , كذلك القلبُ لا يُورق إلا إذا مسّته خُضرةُ السلام وأكسجينُ الحبّ.

جميل عصف تنوع الدهاليز, وأنا لم أَكذبْ , لكنّني لم أقُلِ الحقيقةَ حينَ أخبرتُ الرِّيحَ أنّني غُرابٌ وأنَّ هذهِ الحَربَ الطَّاحنةَ فزَّاعة , وقد كتب ليوناردو دافنشي عبقري الفنون الكلاسيكية ذات مرة : )) الجسد الجميل يفنى , لكن العمل الفني الجميل لا يموت )) , والشمسُ لا تخطئ طريقَها , لكنها قد تتوارى خجلًا حين تكونُ شاهدةً على فصول من الإعتام الإنساني والتقزّم الروحي , فكيف يشرق النورُ فوق أمكنة يُخدشُ فيها الطُهرُ, وتنكسرُ أحلامُ الطفولة تحت معاول القُساة ؟ وكان بيكيت قد كتب : (( النور الساطع ليس ضروريا , شمعة صغيرة هي كل ما يحتاجه الإنسان ليعيش في غربة , إذا أحترقت بإخلاص )) .

من دهاليز التفلسف , (( يذهب رجل إلى الخياط من أجل سروال , لكن الخياط يطيل الابطاء والتسويف , مبررا ذلك بالقول بأن عليه أولا أن يعيد حياكة مقعد السروال , ثم مدعيا وجود خطأ في مكان آخر من اللباس , وفي النهاية وبعد مرور عدة أشهر من المماطلة , يفقد الزبون أعصابه وينفجر غاضبا : (( لقد صنع الله العالم في ستة أيام , وأنت لا تستطيع أن تخيط لي سروالا في ستة أشهر ؟)) , فيجيب الخياط بهدوء : (( ولكن يا سيدي , انظر الى العالم , ثم انظر الى السروال الذي أصنعه لك )) , هل يقصد ان خياطته للسروال أفضل من صنع العالم ؟ يالها من فلسفة .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الخواطر .
- مقامة طباخات الرطب .
- مقامة الزمن الجميل .
- مقامة العيون عيون .
- مقامة الفرهود .
- مقامة سجدة الشعر .
- مقامة المزبلة .
- مقامة حب التوكسيك .
- مقامة شاعر الكأنات .
- مقامة التفاوض .
- مقامة المرارة .
- مقامة الأقنعة .
- مقامة نبوءة القبانجي .
- مقامة القنبرة .
- مقامة الملك الفيلسوف .
- مقامة ترانيم ساجدة الموسوي .
- مقامة المهزلة .
- مقامة تقدير الموقف .
- مقامة البخلاء .
- مقامة البزرنكوش .


المزيد.....




- دربونة العوادين.. زقاق الموسيقى الذي عبر منه كبار الطرب العر ...
- مخرج فيلم -سوبرمان- يقول إنه وجد -أعظم نجم في العالم-
- “متوفر قريباً” موعد إعلان تنسيق الدبلومات الفنية 2025 جميع ا ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور صدورها عبر ...
- صناع سينما وثائقية: أنظارنا تتجه نحو غزة ولن نتوقف عن التوثي ...
- أفريقيا تحظى بأهمية متزايدة لدى اليونسكو بعد تهميش طويل
- تامر حسني مُعلقًا على حريق سنترال رمسيس: -فيلم ريستارت يتحقق ...
- رابط رسمي نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول عقب ظهورها ...
- من الركام إلى الولادة.. إعادة تعريف التمثيل الوطني الفلسطيني ...
- من الجرح نصنع الحياة.. كيف تشفي الكتابة الإبداعية والمسرح أر ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الدهاليز .