أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأقنعة .














المزيد.....

مقامة الأقنعة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 14:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقامة الأقنعة :

نشر أستاذنا المهاب على موقعه هذه العبارة : (( عنما تهب العاصفة تتطاير الاقنعة عن الوجوه )) , ومعناها أن الأوقات الصعبة والمحن تكشف عن الطبيعة الحقيقية للأشخاص , وتزيل الأقنعة التي يرتدونها لإخفاء شخصياتهم الحقيقية , ففي أوقات الشدة , يظهر الناس على حقيقتهم , سواء كانت هذه الحقيقة جيدة أو سيئة , وحين تهب العاصفة , تصبح الأقنعة واهيه , وتتساقط تباعاً دون جهد , لتجد الجميع حولك غرباء , بوجوهٍ مرعبه , ستتغير حينها , ثم وحيداً ستمضي , صامتا دون تبرير , تحتضن روحك بقوة , وتمسك يدك بيدك الآخرى , ناضجاً لاتنتظر أحد , تذكرت ماجرى عام 1991 عندما أتفق ألأعراب والصهاينة على ذبح العراق , فعندما هبت عاصفة صحرائهم , هرب مدعوا العروبة ومحظيوا موائد العراق فارين مذعورين , ومختلقين شتى التبريرات وألأسباب لجبنهم المخزي , وأذكر وقتها أن انطلقت أغنية تونسية تصدح بصوت عال لتناديهم : (( وين الملايين ؟ الشعب العربي وين ؟ )) , ولا مجيب .

يقول الجنرال الفيتنامي فون تقوين جياب : ((عندما تصبح الوطنية مصدر دخل يكثر الوطنيون )) , نشاهد أمثلة عن اخطر المنافقين من الذيول المتخلية عن إيران في مواجهة إسرائيل , اكاديمي علماني يتودد لمسؤولين في أحزاب إسلامية ليمنحوه منصبا , ويتحدث في ندوات تقيمها جهات تقدمية عن العلمانيه , وكم من ترى أصواتهم تلعلع فوق المنابر , وما هم إلا يراؤون , يمنعون ألف ماعون وماعون , فدينهم جيوبهم , وربهم الكرسي المنان الكريم , يرفلون بالعمائم الغالية , واللحى المسبلة المدهونة والمرتبة , ووجناتهم متوردة وكروشهم متقدمة , وأكفهم محلاة بأغلى المحابس والحلي الباهضة الأثمان , وتلك أعاجيب سلوكية , يتنافى فيها القول مع الفعل , ويكون الدين حمال أوجه , أمّارات السوء الفاعلة فيهم , وهم أقل شأنا من حمّالة الحطب , وفي جيدهم حبل من ذهب.

مقولة أستاذنا المهاب تنطبق بوضوح على المشهد السياسي والعسكري الراهن في الشرق الأوسط , خاصةً مع اشتداد المواجهة بين إيران وإسرائيل , لقد كشفت هذه الأزمة عن حقائق صادمة بخصوص العديد من الوكلاء أو الفصائل والجماعات التي طالما رعتها ودعمتها طهران بكل قوة , فما أن اشتدت الحرب وتصاعدت حدتها , حتى ولوا هاربين , متخلين عن حليفهم في أحلك الظروف , مما جعلهم يخسرون شرف الموقف , فلطالما بنت إيران شبكة واسعة من الوكلاء والمليشيات في المنطقة , من العراق وسوريا ولبنان وصولاً إلى اليمن , استثمرت طهران بسخاء في تدريب هؤلاء وتسليحهم , وتوفير الدعم المالي واللوجستي لهم , بهدف خلق حزام نفوذ يخدم مصالحها ويشكل درعاً ضد خصومها , روجت هذه الفصائل لنفسها كجزء لا يتجزأ من (( محور المقاومة )) , تابعة لخط ولاية الفقيه ومستعدة للتضحية في سبيل تحقيق الأهداف الإيرانية .

أظهرت الأيام الأخيرة , ومع تصاعد وتيرة الصراع مع إسرائيل , هشاشة هذه التحالفات وولاءاتها , فعندما حانت ساعة الجد , وعندما أصبح الثمن باهظاً , وعندما بدأت طهران تواجه ضربات موجعة ومباشرة , تبخرت شعارات المقاومة والجهاد, والجماعات التي كانت تتبجح بقوتها وولائها , والتي كانت ترفع شعارات الموت لإسرائيل وأمريكا , فضلت النجاة بنفسها على الالتزام بتعهداتها , لقد رأينا كيف أن بعض هذه الفصائل اختفت عن الأنظار, والبعض الآخر قلل من تواجده , بينما لم يتردد آخرون في التنصل من أي مسؤولية تجاه تصرفات إيران , تحولت الشعارات النارية إلى همسات خافتة , وتبخرت التهديدات إلى صمت مطبق , هذا التخلي السريع يكشف عن طبيعة العلاقة الحاذقة التي كانت تربط هذه الجماعات بإيران : علاقة قائمة على المصالح البحتة وليس على الأيديولوجية أو الولاء المطلق , ليأتينا صوت الفرزدق عبر التاريخ وهو يقول للحسين : قلوبهم معك وسيوفهم عليك .

هذا الموقف المخزي لهؤلاء , يرسل رسالة واضحة : الولاءات في هذا الجزء من العالم غالباً ما تكون ظرفية , وتعتمد على المكاسب المادية والسياسية , فعندما يرتفع سقف التضحيات , وعندما يصبح الخطر حقيقياً ومحدقاً , تتكشف حقيقة هذه الجماعات التي لا تتردد في التخلي عن من دعمها ورعاها , والآن , وبعد أن هبت العاصفة وكشفت الأقنعة , يتعين على إيران أن تعيد تقييم استراتيجيتها في الاعتماد على هذه الجماعات , ففي مواجهة الأزمات الحقيقية , تبين أن (( محور المقاومة )) هذا قد يكون مجرد شبكة هشة من المصالح المتشابكة , لا تصمد أمام أول اختبار حقيقي , وفي النهاية , يبقى السؤال: هل ستتعلم طهران الدرس ؟ , أم ستستمر في بناء تحالفات زائفة سرعان ما تتبدد مع أول ريح عاصفة ؟

إن الأوقات الصعبة هى أفضل كاشف عن جوهر البشر, يؤلمني الشك في صِدق ألآخرين , تخيل أن تعيش أمورًا تؤمن بكل ما فيك أنها الأصدق والأبقى , لكنك وبعد مرور الأيام الموحشة والغريبة عليك , يُصيبك الشك في صدق كل الذي كان جميلاً بالنسبة لك , فسَـلامٌ عليٰ مَـن طَـرقُـوا أبـوابَ الـرُّوحِ بِنبَضاتِ قُـلوبِهم فكُنَّـا لهُم مُنصِّتِين , وحِينَ أرخُوا عليها أشرِّعَـةَ الأمَانِ نبَـضَت قُلوبُنا بِـ الحُبِّ أن إدخُلوها بِسَلامٍ آمِنيـن .

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة نبوءة القبانجي .
- مقامة القنبرة .
- مقامة الملك الفيلسوف .
- مقامة ترانيم ساجدة الموسوي .
- مقامة المهزلة .
- مقامة تقدير الموقف .
- مقامة البخلاء .
- مقامة البزرنكوش .
- مقامة الأعتذار .
- مقامة الفاصوليا .
- مقامة الوسوسة .
- مقامة العشعشة .
- مقامة الساكن و المتحرك .
- مقامة الشاعرة .
- مقامة الثايات .
- مقامة العباءة .
- مقامة جبر الخواطر .
- مقامة فتوى الجلد .
- مقامة صرخة وطن .
- مقامة العتاب .


المزيد.....




- قائد الجيش الإيراني يتوعد أمريكا بـ-رد قوي- بعد ضرباتها على ...
- رسم بياني يوضح تفاصيل عملية -مطرقة منتصف الليل-
- بعد الضربات الأمريكية إسرائيل لا تسعى لـ-حرب استنزاف- مع إير ...
- ترامب يؤكد تدمير المواقع النووية الإيرانية ويجتمع مع فريقه ا ...
- مركز أصفهان لمعالجة اليورانيوم منشأة إيرانية تعرضت لقصف إسرا ...
- عاجل.. الجيش الإسرائيلي: عطلنا القدرة التشغيلة لستة مطارات ع ...
- العربدة الصهيو-امبريالية تتصاعد ولا حلّ إلا في أن تواجهها ال ...
- منظومة الامتحانات عنوان لفشل المنظومة التّربويّة
- كوريا الشمالية تُعلّق على ضربات أمريكا لمنشآت نووية إيرانية ...
- شاهد.. طاقم CNN يضطر للإخلاء أثناء البث المباشر تزامنًا مع إ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأقنعة .