أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة فتوى الجلد .















المزيد.....

مقامة فتوى الجلد .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 10:47
المحور: الادب والفن
    


مقامة فتوى الجلد :

من حزمة الحشيش إلى سعف النخيل : كيف استنبط العلماء عقوبة شارب الخمر بالجلد؟

يقول الحافظ ابن كثير: ان قوله تعالى : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ ) وذلك أن أيوب كان قد غضب على زوجته , ووجد عليها في أمر فعلته , قيل : إنها باعت ضفيرتها بخبز , فأطعمته إياه , فلامها على ذلك , وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة, فلما شفاه الله وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب , فأفتاه الله أن يأخذ ضغثًا وهو : الشِّمراخ ( الشرموخ ) , فيه مائة قضيب , فيضربها به ضربة واحدة , وقد بَرّت يمينه , وخرج من حنثه , ووفى بنذره , وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه , ولهذا قال تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) أثنى الله عليه ومدحه بأنه ( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) أي : رَجَّاع منيب , ولهذا قال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3 ,تفسيرابن كثير (7 / 76) .

قصة نبي الله أيوب , أنه كان قد نذر نذرا لله إذا شافاه أن يضرب زوجته مائة ضربة , ويذكر المفسرون قصة حلف أيوب أن يجلد زوجته مائة جلدة في تفسير قول الله : (( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ )) سورة ص/44 , إن زوجة أيوب طلبت منه أن يتكلم بكلمة كان إبليس قد طلب من أيوب أن يتكلم بها , وهي كلمة غير شرعية , إما فيها تسخط على أقدار الله , أو نسبة الشفاء لغير الله , فأبى أيوب, وحلف إن شفاه الله أن يعاقب زوجته التي استجابت لما وسوس به إبليس اللعين , قال قتادة : (( كانت امرأته قد عَرَضت له بأمر , وأرادها إبليس على شيء , فقال : لو تكلمت بكذا وكذا , وإنما حملها عليها الجزع , فحلف نبي الله : لِئن الله شفاه ليجلِدنَّها مئة جلدة , قال : فأمر بغصن فيه تسعة وتسعون قضيبا , والأصل تكملة المِئَة , فضربها ضربة واحدة , فأبرّ نبيُّ الله , وخَفَّفَ الله عن أمَتِهِ , والله رحيم )) جامع البيان للإمام الطبري (21/213).

ذكر الفقهاء في حد الزاني والقاذف وشارب الخمر أنهم يجلدون دون تمديد للجسد على الأرض وتكون المرأة جالسة محجبة , واتفق الفقهاء على أنه يجلد الصحيح القوي في الحدود بسوط معتدل , ليس رطبا ولا شديد اليبوسة , ولا خفيفا لا يؤلم , ولا غليظا يجرح ولا شديدا فيقتل , لأن المقصود تأديبه , لا قتله , ولا يرفع الضارب يده فوق رأسه بحيث يبدو بياض إبطه , ويتقي المقاتل , ويفرق الجلدات على بدنه وهذا هو المنصوص عن الأئمة كما في المدونة والأم للشافعي والمغني , فالزاني عقوبته جلد مائة لقول الله تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ النور:2 ولقول النبي : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام. رواه مسلم , ويجلد القاذف ثمانين جلدة , كما في الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ النور:4 , وفي ‏صحيح مسلم أن ألأمام علي أمر عبد الله بن جعفر أن يجلد الوليد بن عقبة فجلده ‏وعلي يعد حتى بلغ أربعين , فقال أمسك ثم قال (( جلد النبي أربعين , ‏وجلد أبو بكر أربعين ,وعمر ثمانين , ولكل سنة وهذا أحب إلي )) .

خرجت من صلة قصة أيوب بعقوبة شارب الخمرأحد أبرز الاستنباطات حين استدل بعض العلماء على معاقبة شارب الخمر بالجلد باستخدام سعف النخيل أو ما شابهه , وذلك للتخفيف مع تحقيق المقصود , كما خفف الله عن زوجة أيوب مع تحقيق معنى القسم (الضرب بمئة جلدة) , ويرى بعض العلماء أن هذا المبدأ يمكن تطبيقه في حالات أخرى , حيث يتم التخفيف في العقوبة مع الحفاظ على جوهرها , وكيف أن ضربة واحدة بحزمة حشيش ذات مئة عود لا تحقق الألم والإيذاء المقصود من مئة جلدة بالسوط , وهذا يشير إلى إمكانية استبدال الأداة الأصلية للعقوبة بأداة أخرى أقل إيلامًا في ظروف معينة. ويرى بعض العلماء أن الخمر أشد ضررًا من الحشيش , وبالتالي فإن العقوبة المخففة للحشيش يمكن أن تقاس عليها عقوبة مخففة للخمر باستخدام أداة أخرى غير السوط , مثل سعف النخيل , الا أن هذه المسألة ليست محل إجماع بين العلماء , حيث هناك من يرى أن قصة أيوب هي حالة خاصة ولا يمكن القياس عليها في الحدود الشرعية , وهذه هي الحكمة من اختلاف العلماء حيث أنه يثري الفقه الإسلامي ويوسع آفاق الفهم , وعليه أن فهم النصوص الشرعية يتطلب تدبرًا عميقًا ونظرًا في أقوال العلماء واختلافاتهم , لأن الهدف من العقوبات في الشريعة الإسلامية هو تحقيق العدل والردع والإصلاح , وأن كيفية تطبيقها قد تختلف باختلاف الظروف والاجتهادات.

في الخلاف للشيخ الطوسي ج 5 ص 490 : (( ان حد شارب الخمر ثمانون جلدة , وبه قال أبو حنيفة وأصحابه , والثوري , ومالك , لا يزاد عليه ولا ينقص منه , وقال الشافعي: حده أربعون , فإن رأى الإمام أن يزيد عليها أربعين تعزيرا ليكون التعزير والحد ثمانين فعل , دليلنا : إجماع الفرقة وأخبارهم , وأيضا روى شعبة , عن قتادة , عن أنس بن مالك: أن النبي عليه السلام جلد شارب الخمر بجريدتين نحو أربعين , وإذا كان أربعون بجريدتين كان ثمانون بواحدة , وروى منبه بن وهب , عن محمد بن علي , عن أبيه : أن النبي جلد شارب الخمر ثمانين , وهذا نص , وهو إجماع الصحابة , وروي: أن عمر استشار الصحابة , فقال: إن الناس قد تبايعوا في شرب الخمر, واستحقروا حدها , فما ترون ؟ فقال علي : إنه إذا شرب سكر, فإذا سكر هذى , وإذا هذى افترى , فيحد به حد المفتري , وقال عبد الرحمان بن عوف: أرى أن تحده كامل الحدود ثمانين , فثبت بذلك أنهم أجمعوا على الثمانين )) .

شمروخ هو اسم علم مذكر من أصل عربي , ومعناه هوالعذق عليه البسر , والغصن الغض الحديث النشأة , وهم يفتحون الشين وصوابه الضم , شرموخ النخل ويستعمل بعد أن يجف ويؤخذ منه التمر يستعمل في كنس الأرضيات الشمروخ وجمعه شماريخ هو عذق النخل أو عثكوله , وهو فصيح ويُقال: شمروخ وشِمراخ في العربية , وعرفه الشيخ الحنفي: خصلة من عثگ التمر, أي من عذقه (معجم اللغة العامية البغدادية ج1 ص488) , وذكره تحسين عمارة : عثگ آو عثق (وآصل اللفظ من العربیة: شمروخ وقد حدث قلب مكاني (الشمروخ غصن دقيق رَخْصٌ ينبت في أعلى الغصن الغليظ خرج في سنته رِخصْ) تاج العروس 4/ 284.

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة صرخة وطن .
- مقامة العتاب .
- مقامة الأسكافي .
- مقامة البصرة .
- مقامة تكريم كريم .
- مقامة الطيور .
- مقامة المصطلم .
- مقامة النداوة .
- مقامة دين ابن عربي .
- مقامة الجزع .
- مقامة المطارف و الحشايا .
- مقامة يا أمة ضحكت .
- مقامة إلا الزلق .
- مقامة توقيت الأنسحاب .
- مقامة القوة الناعمة .
- مقامة حمار بوريدان .
- مقامة صبر النائبات .
- مقامة الموتات الأربعة .
- مقامة الديموقراطية .
- مقامة مطعم الجامعة .


المزيد.....




- نغوجي واثيونغو حين كتب بلغته كي لا يُمحى شعبه... دروس لكردست ...
- مصر.. منشور منسوب للفنان المصري أحمد آدم يثير ضجة بالبلاد
- سلوتسكي: السلطات في لاتفيا مستعدة لحظر حتى التفكير باللغة ال ...
- نجوم فيلم -Back to the Future- يجتمعون لاستعادة قطعة أثرية م ...
- لمحة عن فيلم -Wicked: For Good-.. هذا ما كشفه الإعلان التروي ...
- بوتين يدعو للاحتفال بيوم لغات شعوب روسيا في ذكرى ميلاد رسول ...
- مصر.. تصاعد الخلاف بين محمد الباز وابنة الشاعر الراحل أحمد ف ...
- -أجراس القبار- للروائي الأردني مجدي دعيبس.. رواية تاريخية في ...
- بغداد عاصمة الثقافة الإسلامية 2026
- تكحيل الأضحية والغناء وصبغ الفروة.. عادات تراثية تسبق الأضحي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة فتوى الجلد .