أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة الديموقراطية .















المزيد.....

مقامة الديموقراطية .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تم تسويق مفهوم (( الديمقراطية الأمريكية )) بوصفه الخلاص السياسي والاقتصادي المرتقب في عراق مابعد 2003 , واعتُبرت الانتخابات الدورية مدخلًا لتحقيق السيادة والتنمية والاستقرار, غير أن ما جرى فعليًا خلال اثنين وعشرين عامًا يشي بعكس ذلك تمامًا, فما أُقيم في العراق لم يكن نظامًا ديمقراطيًا بمفهومه التشاركي ولا نموذجًا سياديًا بالمفهوم المتعارف عليه دوليًا , بل كان خرابًا ممنهجًا , مُغلّفًا بصناديق اقتراع ومذكرات تفاهم جوفاء , ومخرجات سياسية تدور في فلك الأحزاب والولاءات الخارجية , لا حول الشعب ولا مصالحه , فبعد أكثر من عقدين على دخول القوات الأمريكية إلى بغداد وأزالة النظام السابق, يتّضح اليوم أن ما سُمّي بـ(( المشروع الديمقراطي )) , لم يكن سوى أكذوبة كبرى , صيغت بعناية لتُسوّق كنجاحٍ أمريكي في الشرق الأوسط , بينما هي على أرض الواقع سلسلة متتالية من المسرحيات السياسية الفارغة.

أن تنتمي للعراق , يعني أن تتجه بوصلتك نحوه دائمًا , في كل مواقفك وخياراتك , أن يكون ولاؤك الأول له , وأن تقيس احترامك للآخرين بقدر احترامهم لوطنك , أن ترفض التخلي عن انتمائك مهما كانت الإغراءات , وألّا تجامل على حساب مصلحة بلدك , أو تساوم على كرامته , أن تدافع عنه بما تملك , بالكلمة أو بالموقف أو بالفعل , وتوظف كل ما لديك من إمكانات لأجله , وحينها يتم أقصائك وأستبعادك عن المشروع الديمقراطي , تلك مأساة الوطنية العراقية , ونحن لا نحيد عن الحقيقة إذا قلنا أن الشعب العراقي يعتبرمقصيا في ظل الظروف الحالية القاسية التي يعيش فيها , وفشل الحكومة ومجلس النواب العراقي في تنفيذ العهود التي قطعوها على أنفسهم , وأقسموا على تنفيذها , فحنثوا بقسمهم ولا عجب , وبعدما تبين ان الأحزاب الإسلامية اقل ايمانا من الأحزاب الملحدة , كما ان الشعارات التي طرحوها خلال توليهم مسؤولياتهم الرسمية كانت فارغة المحتوى , بل ولدت نوعا من أزمة الثقة بين تلك الأحزاب السياسية والشعب العراقي , الذي يقاطع صناديق ألأقتراع .

اثنان وعشرون عامًا كانت كافية لتظهر الصورة كاملة : لم تكن الديمقراطية الموعودة سوى أداة تهشيم ممنهجة للدولة العراقية , بلدٌ بلا مصانع , بلا سكك حديدية , بلا طيران مدني فاعل , بلا نظام صحي جدير بالحياة , وبلا مشروع وطني واحد يستحق الذكر, في المقابل , تنامت ثروات الأحزاب , واستُبيحت ثروات العراق , وعادت العوائل تجمع النفايات , فيما تظل تنتظر بيوتًا لا تأتي , وحين يحنّ ناس اليوم لحكم الأمس , فهذه في حدّ ذاتها أكبر صيحة غضب من الحاضر , وهذه ليست ديمقراطية , هذا احتلال ناعم غلّف الخراب بـ(( صندوق اقتراع )) , وسلّم العراق إلى المجهول , ولو أن عراق ما بعد ٢٠٠٣ كان بيد شخصيات وطنية , وكفاءات علمية تعرف كيف تستفيد من أميركا لصالح الوطن , لكنا قد تجنبنا مجيء حكام طائفيين فاسدين فاشلين , ولكان العراق متقدما على السعودية لانه يمتلك ثلاث ثروات, تحت الأرض , وفوقها , وفي العقول .

أصبحت المبادئ السياسية والأخلاق في الوطن تُساق في موكب جنائزي إلى مثواها الأخير, وسط ترانيم إغتيال الفضيلة والحق والعدالة وشعارات بلهاء , لاتغني ولاتسمن على مسامع الحاضرين يحيط بهم سكون مُطبِق تعزف فيه ألحان النصر للفساد والفاسدين التي تتلقى التهاني والتبريكات , وعندما تبني الحكومة مشروعها الوطني بحقائق على الأرض , فأن البنيان سيكون شديداً ومحكماً ومحصنا يؤمن لها الصمود أمام التصدع والتشقق السياسي والاجتماعي والاقتصادي , أما إذا كان البناء قائماً على أوهام تحييها وتغذيها وتحدد مساراتها أجندات خارجية فأن سقف البناء سيكون ضعيفاً وسينهار على رؤوس ساكنيه شعباً وقيادة , وهو زمن العبثية السياسية والفوضى بأكسيرها العلقم الذي جعل الشعب يدفع ثمنها قرابين تتلوها قرابين مجاناً أو بالدفع المسبق بعد أن أصبحوا مجرد كائنات هائمة في حسابات السلطة, هو زمن مأزوم يحمل الكثير من الشعارات والأقاويل وسخافات ما بعدها سخافات, وعود وآمال سرعان ما تتبخر لكنها برامج يتم تحديثها عند كل مناسبة وفق سيناريوهات مخطط لها يكون ضحيتها المواطن البسيط المغلوب على أمره.

برلمان لا يحل ولا يربط , أفراده مجرد بيادق يرددون ما يملى عليهم من قبل قياداتهم الحزبية , وحكومة محاصصاتية عاجزة , لا وزن لها داخليًا أو خارجيًا , كل ما تتقنه هو السفر, توقيع مذكرات (( تفاهم )) لا تسمن ولا تغني من جوع , حكومة تصريف الاعمال هذه والحكومات التي سبقتها وقعت عشرات المئات من مذكرات التفاهم مع دول العالم المختلفة والدول الاقليمية , وبعثرت أو اهدرت ملايين الدولارات على سفراتها العبثية وخسر العراق مليارات الدولارات , عقدين من الزمن وكل حكومة تأتي تحدثنا عن مذكرات تفاهم توقعها , حتى أصبح مصطلح مذكرات التفاهم يثير الغثيان عند الشعب بسبب بسيط هو عدم انعكاس مذكرة من هذه المذكرات على أرض الواقع , مذكرات التفاهم هذه ليس أكثر من مجرد هدر للمال العام ولثروات البلد وتعطيل التنمية لصالح دول أخرى دون مردودات إيجابية.

تقف الشخصية الوطنية شامخة في تكوين فريد , ومُعبّر عن وضوح مزاج ابن العراق العربي , وكرهه للكلام اللزج والغامض وحمّال الأوجه , وان قرأت شيئا عن شقاء النسور فلا تسأل سوى عن تحليقها الذي لايعرف نهاية , او الذي لا يريد الا امتدادات كتابة جديدة للافاق , انها حكمة الفدائي الأبدية ولو كان يتأمل وردة نازلة او صاعدة في البال , والوطني يحسدُ الصَقر , لأنه ليسَ مثله , لا أحدَ يَسرقُ منهُ الفرائس , بحيلةٍ صَغيرة , وينجو , الإحتلال والإستعمار والغزو قدر بشري لامفر منه وليس هناك دولة على وجه الأرض إلا وقامت باحتلال غيرها أو أحتلت (بضم الهمزة) من قبل غيرها , إذا فهمنا هذا فيسهل علينا فهم مايجري لنا الآن وماجرى لنا في الماضي , ان تكليف العملاء المحليين بالتصدي للعملاء للأجانب , هدفه أفساد النضال الوطني ضد العمالة , إنها الصورة المشوهة بألوان الشرف السياسي المتعدد الجنسيات الذي أوجدته لنا راعية الديمقراطية والتي يتقزز النظر إليها , هذا هو العراق بعد 22 عامًا من (( الديمقراطية الأمريكية )) ,نموذج حي لديمقراطية الاحتلال , فلا يُحدّثنّي أحد عن هذه الديمقراطية النتنة التي تصدّرها واشنطن إلى الدول التي تحتلها , العراق هو الشاهد الحي , والضحية المستمرة.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة مطعم الجامعة .
- مقامة المثقف .
- مقامة مشوار .
- مقامة الأغوات .
- مقامة ضياع الزمن .
- مقامة ألأستفهام .
- مقامة الزعل .
- مقامة الهذلي .
- مقامة غزال الكرخ .
- مقامة النساء أولًا Ladies First .
- مقامة عابرة .
- مقامة عمي .
- مقامة أياك .
- مقامة الطنطنة و القول الصريح .
- مقامة همسة الثمانين .
- مقامة القلب المتبتل .
- مقامة الشيطنة .
- مقامة نهيض حرة و غراس شريف .
- مقامة التفاهة .
- مقامة العرّافة .


المزيد.....




- تحليل: غياب بوتن يكشف عن هوية من يتخذ القرارات
- ترامب بطريقه إلى الإمارات من قاعدة العديد في قطر
- بيسكوف: وفدنا ينتظر نظيره الأوكراني في إسطنبول منذ الصباح
- أطفال غزة يتضورون جواً تحت الحصار الإسرائيلي
- أنشطة يومية تقلل من فرص الإصابة بالخرف
- هيغسيث: سنحقق السلام عبر القوة تحت قيادة ترامب 
- لافروف: المفاوضات في إسطنبول مفعمة بالغموض
- تصعيد عسكري وانهيار خدماتي في السودان.. قوات الدعم السريع تج ...
- ترامب يعلن توقيع اتفاقية عسكرية بـ42 مليار دولار مع قطر
- رئيس وزراء ماليزيا يعرب عن إعجابه بجمال موسكو


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة الديموقراطية .