أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة أياك .















المزيد.....

مقامة أياك .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


مقامة أياك :

يرميها المندلاوي الجميل ويمشي , سؤال نشره على صفحته اليوم : (( القرب يقصد ام البعد ؟ قال المتنبي : فياليت مابيني وبين احبتي من البعد ما بيني وبين المصائب )) , وقد فسرها المعري: يقول: ليت ما بيننا من البعد الحاصل , كان بيني وبين المصائب , أي يعني : ليت الأحبة قريبة مني والمصائب قد بعدت , واللغة خزان عقول الأمم , فيها تنبت الأفكار وتترعرع , وبها تتنقل بين الناس , اللغة كائن حي فاعل ينمو باستمرار, ويتطور مع مسيرة الحياة , والعربية من اللغات التي عاشت , وبقيت حية ورافقت العرب المسلمين في امتداد فتوحاتهم الواسعة , وتعلمتها شعوب كثيرة وصارت لغتها الوطنية .

يحمل ابو الطيب المتنبي , ذو النزعة العروبية الواضحة كل الوضوح في شعره , وقد تلقى دروساً في علم الأذواق والأحوال والمقامات والمجاهدات , على يد ابو علي هارون بن عبدالعزيز الأوراجي ( حسب ماسينيون ) , المقيم في ناحية من نواحي لبنان , قد تكون في بعلبك وقد تكون في الساحل , ولم تحدد كتب التراث أو ديوان المتنبي مكانه بالضبط , ولكن الأكيد أن المتنبي لقي أبا علي هارون بن عبدالعزيز في لبنان , وأقام في كنفه , ولزمه مدة من الزمن قبل ان يعود الى مهنته الأساسية وهي السفر من مكان إلى آخر, مما يؤكد لبنانية المتنبي وكونه عرج إليه مراراً , وأقام فيه , وعرف مواصفاته الطبيعية , ابيات له من قصيدته اليتيمة التي مدح بها الأوراجي وهي التالية : (( بيني وبين ابي علي مثله شم الجبال ومثلهن رجاء , وعقاب لبنان وكيف بقطعها وهو الشتاء وصيفهن شتاء , لبس الثلوج بها علي مسالكي فكأنها ببياضها سوداء , وكذا الكريم اذا أقام ببلدة سال النضار بها وقام الماء )) , ويقصد المتنبي ان الجبال العالية الشماء تفصل بينه وبين ابي علي , وهذه الجبال مكسوة على الدوام بالثلوج سواء في الصيف أو في الشتاء ولهذا يتعذر على المسافر أو على الزائر قطعها.

أن من أهواه ينأى عني , ومن أبغضه يقرب مني , لسوء صحبة الدهر أياي , كما قال لطف الله بن المعافى , أرى ما أشتهيه يفر مني , وما لا أشتهيه إليّ يأتي , ومن أهواه يبغضني عنادا , ومن أشناه يشبث في لهاتي , كأن الدهر يطلبني بثارٍ , فليس يسره إلا وفاتي , (( فيا ليت ما بيني وبين أحبتي من البعد ما بيني وبين المصائب )) , ويا ليتهم واصلوني مواصلة المصائب , وليتها بعدت عني بعدهم , كما قال أيضا : ليت الحبيب الهاجري هجر الكرى , من غير جرمٍ واصلي صلة الضنا , (( أراك ظننت السلك جسمي فعقتهِ عليك بدرٍ عن لقاء الترائب )) , وهنا أراد بالسلك الخيط الذي ينظم فيه الدر , وفي البيت تقديم وتأخير لأن المعنى فعقته بدر عليك , يقول لعلك حسبت السلك في دقته جسمي فمنعته عن مباشرة ترائبك , بأن سلكته في الدر يشكو مخالفتها إياه وزهدها في وصاله , والمعنى ميلك إلى مشاقتي حملك على منافرة شكلي , حتى عقت السلك عن مس ترائبك بالدر لمشابهته أياي في الدقة , وفيه يقول : (( أَعيدوا صَباحي فَهوَ عِندَ الكَواعِبِ .. ورُدّوا رُقادي فَهوَ لَحظُ الحَبائِبِ )) , قال البرقوقي : الكواعب : جمع كاعب , وهي التي بدأ ثدياها للنهود , والحبائب : جمع حبيبة ولحظ الحبائب أي رؤيتهن , يقول: أصبح دهري ليلاً كله بعد ظعن الأحبة , فليس هناك صباح إلا بردهن , وقد نفي عني الكرى فلا رقاد إلا برؤيتهن , والمعنى ردوهن علي حتى يرتد صباحي ورقادي , (( فَإِنَّ نَهاري لَيلَةٌ مُدلَهِمَّةٌ .. عَلى مُقلَةٍ مِن بَعدِكُم في غَياهِبِ )) , وهذا البيت كالتعليل لما ذكره في البيت السابق , ويقول : لما رحلتم لم أبصر بعدكم شيئاً : أي بكيت حتى عميت , فآض نهاري ليلاً حالك السواد (( بَعيدَةِ ما بَينَ الجُفونِ كَأَنَّما .. عَقَدتُم أَعالي كُلِّ هُدبٍ بِحاجِبِ )) , أي , تباعد ما بين أجفان عيني فلا يلتقي الجفنان , فكأن أعالي أهداب الجفون معقود بشعور الحاجب فلا ينطبق , (( وأَحسَبُ أَنّي لَو هَويتُ فِراقَكُم .. لَفارَقتُهُ والدَّهرُ أَخبَثُ صاحِبِ )) , وقد قال المعري: أي من عادة الدهر مخالفة هواي , فلو كنت أهوى أني أفارقكم لفارقت الفراق وواصلتموني , ثم ذم الدهر وقال : الدهر أخبث صاحب للإنسان , لأن كل صاحب خالفك فهو خبيث , والهاء في (فارقته) للفراق .

يقول: أظنك حسبت السلك الذي في قلادتك جسمي لمشابهته إياه في الدقة فحلت بينه وبين ترائبك بالدر المنظوم فيه لئلا يلامس صدرك , أي أن ولوعك بمشاقتي حملك على منافرة كل ما يشاكلني , يشكو مخالفتها إياه ورغبتها عن وصاله وهو من معاني المتنبي البديعة : (( ولَو قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقِّ رَأسِهِ .. مِنَ السُّقمِ ما غَيَّرتُ مِن خَطِّ كاتِبِ )) , قال البرقوقي : يعني لشدة سقمي نحلت حتى لم يبق لي جثمان يحس به فلو ألقيت في شق قلم , لم يتغير بي خط كاتب , وهذا من مبالغات الشعراء , وقد افتنوا في هذا المعنى كل الافتنان فمن ذلك قول بعضهم : (( ذبت من الوجد فلو زج بي في مقلة الوسنان لم ينتبه )) وقول الآخر: (( فاستبق ما أبقيت لي فلعلني .. يوماً أقيك به من الأعداء )) .

تُروى في أسباب تصوف أبن الفارض حكاية جاء فيها أنَّه دخلَ يوما المدرسة السيوفية في القاهرة , فرأى شيخًا لا يُحسن الوضوء , فعاب على الشيخ فعلَه , فطلبَ منه الشيخ مخاطبًا إياه باسمه أن اتركْ مصرَ واقصد الحجازَ فلن يفتح الله عليك في مصر, تعجَّب ابن الفارض من معرفة الشيخ باسمه وهو يتلقيه أولَ مرة , فأشار الرجل بيديه فأبصرَ ابن الفارض مكةَ أمامه , فقصدها ودخلها في حينها , انقطع ابن الفارض في شعاب مكة خمس عشرة سنة سائحًا في وديانها وجبالها , ثم سمع يومًا صوت الشيخ يناديه ويطلب منه العودة إلى مصر ليحضرَ وفاته ويصلِّي عليه .

عزيزي المندلاوي الجميل : عندما تشعر أن نبضات قلبك بدأت تتزايد عندما يقترب أحدهم من محيطك .. إرحل , عندما تشعر بأنك تغار على أحدهم دون سبب منطقي .. إرحل , عندما تبدأ التلعثم بالحديث مع أحدهم .. إرحل , عندما تشعر بأن فلان مختلف .. وأن القصة مختلفة .. أرحل , صدقني إنه الوقت المناسب لمغادرة المكان بسلام .. ربما تكون الفرصة الأخيرة للسلام , أنت لا تمتلك قدرة على عضلة قلبك , ولكن بإمكانك تحريك عضلات قدميك وبإمكانك أن تلوح بيديك مودعاً .. إياك وميل القلب .

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الطنطنة و القول الصريح .
- مقامة همسة الثمانين .
- مقامة القلب المتبتل .
- مقامة الشيطنة .
- مقامة نهيض حرة و غراس شريف .
- مقامة التفاهة .
- مقامة العرّافة .
- مقامة السُّهَا .
- مقامة القلب الكسير .
- مقامة اللوكي .
- مقامة البازار .
- مقامة الشيطان يكمن في التفاصيل .
- مقامة الفن للفن ؟
- مقامة ما طار طير .
- مقامة الأستيلاد .
- مقامة البلاد البلاد .
- مقامة المربك و المرتبك .
- مقامة اطاعة المسؤول .
- مقامة حُراس التناحة .
- مقامة سُكرةعراقية .


المزيد.....




- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة أياك .