أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة همسة الثمانين .














المزيد.....

مقامة همسة الثمانين .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


مقامة همسة الثمانين :

يهمس صاحبنا الثمانيني في اذن من أحب : (( تسألين عن سقمي صحتي هي العجب )) , يترادى لوعة , ولا يتجرأ أن يسمي آلامه بمسمياتها , يطارده الشعور بالشيخوخة , رغم إرادته وبغير دعوة , لا يدري كيف يتناسى دنوّ النهاية , وهيمنة الوداع تحيةً للعمر الطويل الذي أمضاه في الهيامات , ويختار همسته من رائعة ابو نؤاس : (( حامِلُ الهَوى تَعِبُ يَستَخِفُّهُ الطَرَبُ , إِن بَكى يُحَقُّ لَهُ لَيسَ ما بِهِ لَعِبُ , تَضحَكينَ لاهِيَةً وَالمُحِبُّ يَنتَحِبُ ,تَعجَبينَ مِن سَقَمي صِحَّتي هِيَ العَجَبُ , كُلَّما اِنقَضى سَبَبٌ مِنكِ عادَ لي سَبَبُ )) , ولا يزال يؤمن ان كل شيء ينتظر وقته , لا وردة تتفتح قبل وقتها, ولا شمس تشرق قبل وقتها فقط انتظر, والذي لك سيأتيك , ويبقى الأصعب , أن تعرف ما هو الأغلى بالنسبة إليك , وأن تتوقّع أن تُغيّر الأشياء , مع العمر , ثمنها هبوطا أو صعودًا , عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس , أنت تركض خلف الأشياء لاهثاً فتهرب الأشياء منك .

أود لو يفصح , فأختار له من اقوال جبران خليل جبران : (( من لا يشعل سراجه لا يرى في الظلام غير الظلام , سكوتي انشاد , وجوعي تخمة , وفي عطشي ماء , وفي صحوتي سكر , وفي لوعتي عرس , وفي غربتي لقاء , وفي باطني كشف , وفي مظهري ستر , نحن نعيش بضوء الشمس , ولكن من منا يستطيع الحياة في الشمس ؟ الحياة جزيرة صخورها الاماني , واشجارها االاحلام , وازهارها الوحدة , وينابيعها التعطش , وهي في بحر من الوحدة والانفراد )) , ويا عزيزي , قدر من الجنون ضرورة , قدر من الجنون لابد منه من أجل البوح , والانفتاح على الحرية, فكن كالفنان , كالسكران , كالعبقري الذي يتجول في مواضيعه , كن كأنك إله يرسم ويلون بحدود لا حدود لها , وتحرر من هذا القيد الذي قيدت أنفاسك وروحك فيه, حاول أن تتحرر من الأثقال الذي وضعوك فيها, انطلق إلى الحياة دون حمولات الماضي اللاسعيد.

يقول باولو كويلو : ((إذا كنت أهدأ مما يجب لم تعد حيا )) , وأذا كنت حياً عليك أن تهزّ ذراعيك , وتقفز وتصدر ضجيجاً,عليك أن تضحك وتتكلم مع الآخرين , ولا تبحث الا عن الحب و السند , عن مَن يحنُو مودةً , ويدنو رحمةً , عن ساتر العيوب , وعن الأمان الذي لا يعقبه خوف , عن الدفء الذي لا يتبعه برد, ابحث عمَّن تتخطى معه عتبات الحب إلىٰ منزلة المودة والرحمة , لأن الحياة هي نقيض الموت تماماً , فالموت هو أن تبقى في الوضع نفسه إلى الأبد , فاخرج إلى الدنيا ببوح دلوك الفارغ , وألقه في جُبِّ الأيام , ما أدراك , قد تعثر على الذي يجعلُ بقراتِ أيامك العجاف سمانا , ويحيل سنابل عمرك اليابسات خُضراً يانعات , ولعله يعبر بك مواسم قحطك , لأن أجمل ما نعثر عليه في هذه الدنيا , هي تلك الأشياء التي تسوقها إلينا دون تخطيط .

يقول أدهم شرقاوي : (( يا صاحبي , ليس نصراً أن تعيش , ولا هزيمة أن تموت , الفكرة في كيف تعيش , وعلى أي شيء تموت )) , وفي الصّمت , الكثيرُ من الكلام ﴿ فلن أُكلّم اليوم إنسيا ﴾ , وفي الشكوى , الكثير من الحب ﴿ وأيوب إذ نادى ربه ﴾ , وفي الكتمان , الكثير من الأشجان ﴿ ويضيق صدري ولا ينطلق لساني ﴾ , وفي اختلاس النظرات , الكثير من الشّوق ﴿ فبصرت به عن جُنُبٍ ﴾ , وها أنتَ الآن منهكٌ مجددًا , حتى أنكَ عاجزٌ عن النومِ رغم شدَّة التعب , تدور في رأسكَ ألف فكرة , حتى ليُخيّل إليكَ أنَّ العالم الذي في رأسكَ أكبرُ من العالم الذي رأسكَ فيه , وحيدٌ رغم كل هذا الزّحام حولكَ , وكلهم يرون صلابتكَ , تلكَ القشرة السميكة التي تُغلفُ بها نفسكَ , كثمرة الجوز , صلبة جدًا من الخارج , ولكنها من الداخل هشَّة , لا أحد منهم يرى هذه الهشاشة التي أنتَ فيها , كلهم يرون ابتسامتكَ , تلك التي تعلو محيَّاكَ دومًا , ولا أحد منهم يعلمُ أنك تنتظرُ أن تنفرد بنفسكَ لتبكي .

يقول صاحبك عبد الرحمن منيف : (( الحياة ياصديقي شيء جدي أكثر مما يتصور الناس , ومن يريد أن يحيا عليه أن يغامر كثيرا , أن يكون شجاعا , وإذا رأيت رجلا ليس في قلبه امرأة , فتأكّد أن ما تراه ليس رجلا, إنه جثّة تريد قبراً )) , وأنت تعرف ان الرجال مهما بلغوا من العمر , أطفال بحاجة دائمة إلى النصح والرعاية , و الحبّ يا صديقي شيء خاص تماماً , وعدم البوح هو الشيء الذي يتسع ويكبر في حياتنا , وهو السجن , فقلب الرجل لا يخلو من امرأة , قد تكون امرأة حية أو ميتة, قد تكون زوجة أو صديقة, وقد تكون شيئاً آخر , وهناك لحظات شديدة الغموض , ولا يعرف الإنسان كيف تأتي , أو متى , لكن إحساسا غامضا , حدسا مفاجئا , ينبئ بحسرة ولوعة تطول , و الذاكرة لعنة الإنسان المشتهاة ولعبته الخطرة , إذ بمقدار ما تتيح له سفرا نحو الحرية فإنها تصبح سجنه .

على أصداء همستك , أهمس لك بشعر النواب مظفر : (( شأكلك وأنته هلمايع , وآنه من الحركة زهديه , جثير أكزازك بروحي , وأكولن هاي حنية )) .

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة القلب المتبتل .
- مقامة الشيطنة .
- مقامة نهيض حرة و غراس شريف .
- مقامة التفاهة .
- مقامة العرّافة .
- مقامة السُّهَا .
- مقامة القلب الكسير .
- مقامة اللوكي .
- مقامة البازار .
- مقامة الشيطان يكمن في التفاصيل .
- مقامة الفن للفن ؟
- مقامة ما طار طير .
- مقامة الأستيلاد .
- مقامة البلاد البلاد .
- مقامة المربك و المرتبك .
- مقامة اطاعة المسؤول .
- مقامة حُراس التناحة .
- مقامة سُكرةعراقية .
- مقامة ترانيم المواويل
- مقامة رفيق الحويجة .


المزيد.....




- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة همسة الثمانين .