أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة توقيت الأنسحاب .














المزيد.....

مقامة توقيت الأنسحاب .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8348 - 2025 / 5 / 20 - 15:41
المحور: الادب والفن
    


يسأل صاحبنا : (( هل الصباح دائماً جميل أم أنك أنت التي تجعليه جميلا؟ يا أول من ذكرته بصباحي , وآخر من تركته ليلة البارحة , صباحي يحن إليك , فماذا عن صباحك أنت ؟ ما بين روحي وروحك همسة شوق لا يسمعها الا نبض قلبي وقلبك , قد تكونين بعيدة عن نظري , لكنك لست بعيدة عن روحي )) , يبوح ولا تبوح , يهيم ولا تهيم , يقترب و تبتعد غير مدركة انه لم تبق بالعمر بقية , وتنسى فى زحمة الحياة أنها امرأة طال بها العمر والصبر , ويخشى ان يكون منالها متأخرا , لتردد لها أنفاسه ألأخيرة : (( أتت وحياض الموت بيني وبينها وجادت بوصلٍ حينَ لا ينفعُ الوصلُ )) .

الى صاحبة الكلمات البسيطة , التي لا تسأل كثيرا , ولا تبوح بما يفوق , لكنها تترك الفراغات الذكية , ودعوة لاكتشافها دون خارطة , التي تخشى الاقتراب كثيراً , فالقرب يكشف العيوب , والكشف قد يجلب الخذلان , في داخلها جرحاً لم يُسمّه أحد , أو لعله شكٌ خفيّ , تبحث دائما عن مخرج , عن سبب للانسحاب , كأنها نوتة أخيرة في سمفونية لا جمهور لها واقفة على حافة الذات , تنظر إلى اللاشيء , وتهمس لصوته الداخلي : (( كم مرة يجب أن أُولد من رمادي؟ وكم شمما للروح يحتمل القلب قبل أن يصبح حجراً؟ )) , علتها أنها لا تستطيع اجتناب الحب , بل في توقيت الانسحاب , هي لا تعرف متى تُطفئ الشمعة , ولا متى تعترف أن النسمة كانت وهما , وفي معرفة متى تكون رائحة الروح حقيقية , ومتى تكون مجرد سراب , ففي المكان الذي انتهت فيه الحكاية , لم يبقَ شيء سوى صدى صوتٍ يشبه نسمة , عبر هاتفٍ لم يعد يرن .

لماذا يلجأ المتجنب لهذا الأسلوب ؟ لأنه حين يشعر أن العلاقة تزداد قربًا أو عمقًا عاطفيًا , يعود لا شعوريًا لنمط طفولته : الانسحاب لحماية ذاته من الانكشاف , تفادي المواجهة لتجنّب فقدان السيطرة , ترك أثر ناعم يخلو من ((الذنب )) , لذلك يكتب رسالة شكر, لا لحاجة بالاستمرار , بل ليهرب دون أن يبدو قاسيًا , هي لا تعرف ان اللحظة التي يهزنا فيها زلزال الحب لأول مرة هي اللحظة الأجمل في حياتنا , ونحب أن يتوقف الزمن عندها , لأنه يبدو من المستحيل أن تتكرر مثل هذه اللحظة بنفس الجمال , وهي لا تعرف أنه مهما بلغ عمر المرأة , سيظل هناك رجلٌ يُعجب بها , وكل عاشق يعتبر حبيبه هو المثال الأعظم للجمال , و سرّ الحب أن يبدو الحبيب ملاكًا , حتى وإن لم يكن جميلًا ولطيفًا , و من كان عقله نقيًا , كان حبه نقيًا , فلماذا حين يمحقها الحزن , تنحني لتلثم أيامها المشوبة بنتفة فرح كانت في أحلامها, وببعض ارتباك ؟ ولماذا تخبوا المواجيد في القلوب العاشقة ؟.

لا يجتمعان , الخوف والحب مشروبان لا يمتزجان , اما أن تموت ارتواء , أو تموت من الظمأ , و العاشق لا يقف على الشاطئ يكتب الأشعار, عن سحر الأشياء, لكنه البحر الهائج , وغضب الأمواج الهارب أبدا من عواطف التردد , لا يعترف بالحدود والخطوط الحمراء , جامح ,متطرف , لم يكن العشق أرضا ممهدة تغرد فوقها الطيور, ومفروشة بالورود , الحب كأنه السير فوق أرض ملغمة , تفصلها الأسلاك الشائكة والخرابات والسدود , والخوف والحب كالزيت والماء, متنافران متخاصمان كألد الأعداء , وهناك منْ يختار العداء السهل الذى يسبب الخراب والجدب والدمار , وهناك منْ يختار العداء الخطر لكنه المانع ضد الانتحار والانهيار.

يقول طرفة بن العبد : (( وأمرّ ما لاقيتُ من ألم الهوى قربُ الحبيبِ وما إليهِ وصولُ , أيا بدرًا كم سهرتْ عليكَ نواظري أيا غُصنًا كم ناحتْ عليكَ بلابلُ )) , يشبّه المحبوب بالبدر والغصن الجميل , وتغزّل فيه بعينيه التي سهرت , والطيور التي غنّت له حزينة , (( البدرُ يَكمُلُ كلَّ شهرٍ مرَّةً وهلالُ وجهكَ كلَّ يومٍ كاملُ )) , البدر لا يكتمل إلا مرة بالشهر, أما وجهك يا محبوب , فهو مكتمل الجمال كل يوم , (( أرضى فيغضب قاتلي فتعجبوا يرضى القتيل وليس يرضى القاتلُ )) , يا للعجب , أنا – القتيل من حبك – راضٍ سعيد , أما قاتلي (محبوبي) فهو غاضب , (( قتل النفوس محرمٌ لكنّه حلٌّ إذا كان الحبيبُ القاتلُ )) , حتى القتل يصبح مباحًا إن كان القاتل هو الحبيب , يا لجنون الهوى , هذه الأبيات تلامس القلوب , وتحكي حال كل عاشق ذاق نار الهوى , فأي بيت أعجبك أكثر؟ وكم مرة كنت كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول ؟ )) .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة القوة الناعمة .
- مقامة حمار بوريدان .
- مقامة صبر النائبات .
- مقامة الموتات الأربعة .
- مقامة الديموقراطية .
- مقامة مطعم الجامعة .
- مقامة المثقف .
- مقامة مشوار .
- مقامة الأغوات .
- مقامة ضياع الزمن .
- مقامة ألأستفهام .
- مقامة الزعل .
- مقامة الهذلي .
- مقامة غزال الكرخ .
- مقامة النساء أولًا Ladies First .
- مقامة عابرة .
- مقامة عمي .
- مقامة أياك .
- مقامة الطنطنة و القول الصريح .
- مقامة همسة الثمانين .


المزيد.....




- اختيار أفضل كلمة في اللغة السويدية
- منها كتب غسان كنفاني ورضوى عاشور.. ترحيب متزايد بالكتب العرب ...
- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة توقيت الأنسحاب .