صباح حزمي الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 11:22
المحور:
الادب والفن
قصـة المثل الشعـبي : كله بالورق إلا الزلق , ويروى (( كلـه كـتبته بالورق إلا الزلـق )) , و (( كل شي مكتوب بالورق إلا الزلق )) , ويضرب هذا المثل لمن لايمكنه حصره من المكائد والحيل , يحكى أن رجلاً كان زير نساء فأكـثر من مواصلتهن , و كان يسأل كل من يواصلها عن الحيلة التي تذرعت بها للخروج من دارها , فتذكـرها له و يسجلها في دفـتر إحتفـظ به لهذه الغاية , فتجمع لديه كـثير من الإجابات و الحـيل بعضها مما لا يخطر على بال إنسان , فتصورأنه بلغ النهاية في جمع مكائد النساء وحيلهن , وأنه إذا تزوج فلا تفـوته حيلة من حيلهن , و لذا قـررالزواج , فتـزوج من إمرأة إعتقد إنها شريفة , و مع هذا الإعتقاد فكان لا يدعها تخرج من الدار لشدة حرصه عليها , و لتخـوفه من إنزلاقها في حماة الرذيلة , فإذا سألته الخروج إلى الحمام أو إلى الخياطة , أو طلبت زيارة أهلها , كان يقــول لها في كل مرة أراجع الدفـتر ثم أعـطي الجـواب , فإذا طالع الدفتر وجد فيه ما يشابه طلبها حينذاك لا يسمح لها بالخــروج , وتضايقـت زوجته من تشدده و تشككـه , و إستغربت من قضية الدفـتر وما شابه في أمـر خروجـها من الدار, فلما سألته عن علاقة الدفـتر بخروجها , قص لها قصته وقصة الدفـتر , فأرادت أن تلقنه درساً جديداً لا ينساه , و ذات يوم طلبت زيارة إلـى أهلها شريطة أن يصحـبها , فوافـق في الحال وخرجا معاً , وبينما كانت سائرة وجدت في طريقـها ماءاً مراقاً بكـثرة فأوقعـت نفسها في الوحـل موهمة زوجها أن قدمها زلت , ثم تطينت عباءتها نتيجـة سقوطها , فطلبت من زوجها الدخول إلى الدار المقابل لغسل عباءتها فوافـق , فدخلته و بقى زوجها ينتظرها قرب الباب , فغـسلت عباءتها , و قالت له : إنني إتصلت بعشيقي في هذه العجالة , فهـل هذا الشيء مدوّن في دفـترك ؟ فقال غاضباً : كله بالورق , إلا الزلـق , فذهب مثلاً , ثم أفهمته الحقيقة وإنها لم تتصل بأي أحد وإنما عمدت إلى هذا القــول لتفهـمه أن المرأة إذا كانت غـير شريفـة لا يفيد معها تشدد , أو مراقبة , أو مطالعة دفـتر , و إذا كانت شريفة فلتتركها و شأنها , فإقـتنع الرجل من عفاف زوجته و مزق دفتره و عاشا معاً عيشة سعيدة .
يا له من مثل شعبي ثاقب , (( كله بالورق إلا الزلق)) , فن الموازنة بين العقل والعاطفة , هل فكرت يومًا أن هذا المثل قد يكون مفتاحًا لفهم فنون ذكاء المرأة وقدرتها الفائقة على التعامل مع الرجل ؟ ربما كل (( الورق )) الذي نراه في حياتنا , من خطط ومبادئ وقواعد , هو مجرد واجهة , أما (( الزلق )) الحقيقي , الذي لا يمكن حصره بورقة , فهو تلك اللمسة الأنثوية الخفية , تلك الشرارة غير المتوقعة التي تقلب الموازين وتجعل الأمور تسير بطريقة لا يفسرها منطق الرجال , لنركز الآن على ذكاء المرأة وقدرتها على التلاعب (بمعناها الإيجابي أو السلبي) بعقل الرجل , ودعونا نتخيل (( الرجل المخطط )) , هذا الكائن الذي يوثق ب (( الورق )) يضع خططًا محكمة ليومه , لمستقبله , لعلاقته , يرى أن كل شيء يجب أن يكون مدونًا , واضحًا , ومنطقيًا , يعتقد أن كل مشكلة يمكن حلها بـ(( ورقة )) إضافية , بقانون جديد , أو بتسلسل خطوات مدروس , إن عالمه منظم , ومبني على أسس صلبة من الحقائق , يقول لنفسه : (( سأتبع هذه الخطوات , سأقدم هذه الحجج المنطقية , وسأحصل على النتيجة التي أريدها )) , هو يجهز أوراقه جيدًا , يوثق , يجمع كل الأدلة , وكأنه يدخل قاعة محكمة حيث الكلمة الفصل للعرف وللقانون المدون .
يأتي دور (( الزلق)) الأنثوي , لمسة السحر غير المتوقعة , وهذا (( الزلق )) ليس خطأ أو فشلًا , بل هو تلك اللمسة الساحرة , تلك القدرة الفطرية للمرأة على فهم ما وراء (( الورق )) , إنها تعرف أن عقل الرجل , مهما بدا منطقيًا ومنظمًا , لديه نقاط ضعف , أماكن يمكن (( الزلق )) منها إلى القلب , أو إلى مناطق التأثير غير المباشر , فقد تكون ابتسامة في الوقت المناسب , أو كلمة عفوية غير متوقعة , أو نظرة تحمل ألف معنى , قد تكون القدرة على قلب الموازين بمجرد تغيير نبرة الصوت , أو الإشارة إلى شيء عاطفي يمس وترًا حساسًا , وبينما الرجل يجهز (( أوراقه )) المنطقية , تكون المرأة قد أعدت (( زلقها )) العاطفي أو النفسي الذي يتجاوز كل الحسابات , هي تعرف متى تكسر الروتين , متى تبتعد عن الخطوط المستقيمة , ومتى تستخدم الحدس بدلًا من الدليل القاطع .
تخيل نقاشًا بين رجل وامرأة , الرجل يمتلك ملفًا كاملاً من (( الأوراق )) , والحجج المنطقية لإقناعها بشيء ما , هو مستعد تمامًا , نقاطه واضحة , وبراهينه دامغة , بينما هو يورد حقائقه ورقة تلو الأخرى , قد تبتسم هي ابتسامة بسيطة , أو تهمس بكلمة فيها عاطفة , أو ربما تذكر ذكرى مشتركة , فجأة , يرى الرجل كل (( أوراقه )) تتطاير , حججه تتلاشى أمام هذا (( الزلق )) العاطفي , يجد نفسه يوافق على ما كانت تريده , ليس لأنه اقتنع بمنطقها , بل لأنه (( انزلق )) عاطفيًا ,هذا لا يعني أن المرأة تتلاعب بسوء نية دائمًا , بل هو اعتراف بقدرتها الفريدة على فهم الديناميكيات البشرية المعقدة التي تتجاوز مجرد الحقائق المجردة , إنها تعرف أن الحياة ليست مجرد مجموعة من (( الأوراق )) الجامدة , بل هي تفاعلات بشرية , وعواطف , ومشاعر تتدخل في كل قرار.
المثل (( كله بالورق إلا الزلق )) , ان (( الزلق )) الأنثوي او لمسة السحر غير المتوقعة , يذكرنا بأن الحياة ليست مجرد قواعد ونظم , هناك دائمًا جانب غير متوقع , لمسة سحرية , أو قدرة فطرية تتجاوز كل التخطيط , وفي عالم الرجال , قد يكون هذا (( الزلق )) هو الفن الذي تتقنه المرأة في التعبير عن ذكائها وقدرتها على التأثير , هذا المثل قد يكون مفتاحًا لفهم فنون ذكاء المرأة وقدرتها الفائقة على التعامل مع الرجل , ربما كل (( الورق )) الذي نراه في حياتنا , من خطط ومبادئ وقواعد , هو مجرد واجهة , أما (( الزلق )) الحقيقي , الذي لا يمكن حصره بورقة , فهو تلك اللمسة الأنثوية الخفية , تلك الشرارة غير المتوقعة التي تقلب الموازين وتجعل الأمور تسير بطريقة لا يفسرها منطق الرجال , وهنا يأتي دور (( الزلق )) , هذا (( الزلق )) ليس خطأ أو فشلًا , بل هو تلك اللمسة الساحرة , تلك القدرة الفطرية للمرأة على فهم ما وراء (( الورق )) , إنها تعرف أن عقل الرجل , مهما بدا منطقيًا ومنظمًا , لديه نقاط ضعف , أماكن يمكن (( الزلق )) منها إلى القلب , أو إلى مناطق التأثير غير المباشر , قد تكون ابتسامة في الوقت المناسب , أو كلمة عفوية غير متوقعة , أو نظرة تحمل ألف معنى , قد تكون القدرة على قلب الموازين بمجرد تغيير نبرة الصوت , أو الإشارة إلى شيء عاطفي يمس وترًا حساسًا , بينما الرجل يجهز (( أوراقه )) المنطقية , تكون المرأة قد أعدت (( زلقها )) العاطفي أو النفسي الذي يتجاوز كل الحسابات , هي تعرف متى تكسر الروتين , متى تبتعد عن الخطوط المستقيمة , ومتى تستخدم الحدس بدلًا من الدليل القاطع .
عندما تفوز (( الزلقة )) على (( الورقة )) , فيتجاوز تأثير المرأة الخفي أو جمالها الذي يتجاوز المنطق كما يقول الشاعر : (( ولكنَّ العيونَ لها خفاءُ تُصيبُ القلبَ منْ غيرِ حسابِ , فكمْ ورقاتُ عقلٍ قد تلاشتْ ببسمةٍ أوْ رقيقٍ منْ عتابِ )) , ولك ان تتخيل نقاشًا بين رجل وامرأة , الرجل يمتلك ملفًا كاملاً من (( الأوراق )) , والحجج المنطقية لإقناعها بشيء ما , هو مستعد تمامًا , نقاطه واضحة , وبراهينه دامغة , بينما هو يورد حقائقه ورقة تلو الأخرى , قد تبتسم هي ابتسامة بسيطة , أو تهمس بكلمة فيها عاطفة , أو ربما تذكر ذكرى مشتركة , فجأة , يرى الرجل كل (( أوراقه )) تتطاير , حججه تتلاشى أمام هذا (( الزلق )) العاطفي , يجد نفسه يوافق على ما كانت تريده , ليس لأنه اقتنع بمنطقها , بل لأنه (( انزلق )) عاطفيًا , وهكذا فالمثل (( كله بالورق إلا الزلق )) , يذكرنا بأن الحياة ليست مجرد قواعد ونظم , هناك دائمًا جانب غير متوقع , لمسة سحرية , أو قدرة فطرية تتجاوز كل التخطيط , وفي عالم الرجال , قد يكون هذا (( الزلق )) هو الفن الذي تتقنه المرأة في التعبير عن ذكائها وقدرتها على التأثير , وهذا لا يعني أن المرأة تتلاعب بسوء نية دائمًا , بل هو اعتراف بقدرتها الفريدة على فهم الديناميكيات البشرية المعقدة التي تتجاوز مجرد الحقائق المجردة , إنها تعرف أن الحياة ليست مجرد مجموعة من (( الأوراق" الجامدة , بل هي تفاعلات بشرية , وعواطف , ومشاعر تتدخل في كل قرار )) , وفي بيت شعري يلخص فوز الزلق على الورق : (( فكلُّ الأمرِ قدْ خطتْهُ يَدٌ ولكنَّ الزِّلْقَ أدهى في الصِّعابِ , يُلينُ الصَّخرَ أوْ يُعمي عيونًا فلا منطقٌ يدومُ على الضَّبابِ )) .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟