صباح حزمي الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 10:54
المحور:
الادب والفن
المصطلم , إحدى الألقاب التي أطلقت على الحلاج , والبغداديون تحديداً هم من أطلقوه , وتعريف و معنى مصطلم في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي : اِصطَلَمَ : فعل واصْطَلَمَهُ : صَلَمَهُ , (( واصطلمَهم الدهر أو الموت أو العدُوُّ: استأْصَلَهُمْ وأبَادَهم )) , اصْطَلَمَهُ : صَلَمَهُ, ويقال : اصطلمَهم الدهر أو الموت أو العدُوُّ : استأْصَلَهُمْ وأبَادَهم , أي ان معنى كلمة (( الاصطلام )) : الاسْتِئْصَالُ , تَقُولُ: اصْطَلَمَ الشَّجَرَ إِذَا اسْتَأْصَلَهُ , وَأَصْلُهُ مِنَ الصَّلْمِ وَهُوَ القَطْعُ , يُقَالُ : صَلَمَ الشَّيْءَ صَلْماً أَيْ قَطَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ , وُيْطَلَقُ الاصْطِلاَمُ بِمَعْنَى: الإِفْنَاءِ , وَالصَّلْمُ : فَنَاءُ الشَّيْءِ , وَيَأْتِي الاصْطِلاَمُ أَيْضًا لِمَعانِي : الإِبَادَةُ , الإِزَالةُ .
هناك مجموعة شعرية للشاعر العماني عبدالله البلوشي بعنوان (( المصطلم )) , التي ترتبط فضاءاتها بشخصية الحسين بن منصور الحلاج , وذلك من خلال السعي إلى إبراز رؤى متخيلة حول موطنه الأول , ورحلاته في مدن الشرق الإسلامي , ومعاناته وحتى استقراره ببغداد , ويذكر ان (( المصطلم )) أحد الألقاب التي أطلقت عليه , حيث جاءت تسمية النص بهذا اللقب لأجل ترسيخه كلقب مغمور , إذ إن لقب الحلاج ظل الأكثر شهرة من بين كل الألقاب التي أطلقت عليه , وتتكون المجموعة من ثلاثة مقاطع عبارة عن اشتغالات على بيئة وجوده التي تضم شخوصاً ورموزاً وأمكنة , ويستقي المقطع الأخير (من الفيض) رؤية تأملية كانت ماثلةً في ديوانه الموسوم (الطواسين) وهو من أعماله ذات النشيد الصوفي الحاد , فما هي الطواسين ؟
الطواسين الثلاث , هي ثلاث سُورٍ من القرآن الكريم تُسمى بـ (( الطواسين )) , وتُعرف أيضاً بـ (( الطواسيم )) و (( الطواسم )) , وهذه السور متتالية حسب ترتيب المصحف الشريف , و هي من السور المكية , و هذه السور هي : سورة الشعراء و رقمها (26) , و سورة النمل و رقمها (27) , و سورة القصص ورقمها (28) , و إنما سُميت بالطواسين أو الطواسيم لإبتدائها بحرفي الطاء و السين , فهي ذوات طس , ذلك لأن سورتي الشعراء و القصص تبتدآن بـ (( طسم )) , و سورة النمل تبتدأ بـ (( طس )) , قالَ الجَوْهَرِيُّ : الصَّوابُ أَنْ تُجْمَعَ الطَّواسيمُ و الطَّواسينُ و الحَواميمُ , التي هي سورٌ في القرْآن بذَواتِ و تُضافُ إلى واحِدٍ فيُقالُ : ذَواتُ طسم , و ذَواتُ حم , وإِنّما جُمِعَتْ على غيرِ قِياسٍ .
ذكر المدائني أنه رأى بالبصرة رجلا مصطلم الأذن , فسألته عن قصته , فذكر أنه خرج يوم الجمل ينظر إلى القتلى , فنظر إلى رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه وهو يقول :
(( لقد أوردتنا حومة الموت أمنا * فلم تنصرف إلا ونحن رواء
أطعنا بني تيم لشقوة جدنا *وما تيم إلا أعبد وإماء )) , فقلت : سبحان الله , أتقول هذا عند الموت ؟ قل لا إله إلا الله , فقال: يا ابن اللخناء , إياي تأمر بالجزع عند الموت ؟ فوليت عنه متعجبا منه , فصاح لي ادن مني ولقني الشهادة , فصرت إليه , فلما قربت منه استدناني , ثم التقم أذني فذهب بها , فجعلت ألعنه وأدعو عليه , فقال : إذا صرت إلى أمك فقالت من فعل هذا بك ؟ فقل : عمير بن الأهلب الضبي مخدوع المرأة التي أرادت أن تكون أمير المؤمنين . (( مروج الذهب: ٢ / ٣٧٩ , تاريخ الطبري: ٤ / ٥٢٣ ,أنساب الأشراف : ٣ / ٦٠ , الكامل في التاريخ: ٢ / ٣٤٤)) .
لنعد لصاحبنا المصطلم الحلاج الذي يقول : (( أنعي إليك نفوسا طاح شاهدها * فيما ورا الحيث بل في شاهد القدم , أنعي إليك قلوبا طالما هطلت * سحائب الوحي فيها أبحر الحكم , أنعي إليك لسان الحق منك ومن * أودى وتذكاره في الوهم كالعدم , أنعى إليك بيانا يستكين له * أقوال كل فصيح مقول فهم , أنعي إليك إشارات العقول معا * لم يبق منهن إلا دارس العلم , أنعي وحبك أخلاقا بطائفة * كانت مطاياهم من مكمد الكظم , مضى الجميع فلا عين ولا أثر * مضى عاد وفقدان الأولى إرم,
وخلفوا معشرا يحذون لبستهم * أعمى من البهم بل أعمى من النعم )) .
قالوا: ولما أخرج الحلاج من المنزل الذي بات فيه ليذهب به إلى القتل أنشد : (( طلبت المستقر بكل أرض * فلم أر لي بأرض مستقرا , وذقت من الزمان وذاق مني * وجدت مذاقه حلوا ومرا , أطعت مطامعي فاستعبدتني * ولو أني قنعت لعشت حرا )) , وقيل : إنه قالها حين قدم إلى الجذع ليصلب , والمشهور الأول , فلما أخرجوه للصلب مشى إليه وهو يتبختر في مشيته وفي رجليه ثلاثة عشر قيدا وجعل ينشد ويتمايل : (( نديمي غير منسوب * إلى شئ من الحيف , فلما دارت الكأس * دعا بالنطع والسيف , سقاني مثل ما يشر * ب فعل الضيف بالضيف , كذا من يشرب الراح * مع التنين في الصيف )) , ثم قال : (( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ))[الشورى: 18] , ثم لم ينطق بعد ذلك حتى فعل به ما فعل , قالوا: ثم قدم فضرب ألف سوط ثم قطعت يداه ورجلاه , وهو في ذلك كله ساكت ما نطق بكلمة , ولم يتغير لونه , ويقال إنه جعل يقول مع كل سوط (( أحد أحد )) , قال أبو عبد الرحمن : سمعت عبد الله بن علي يقول سمعت عيسى القصار يقول: آخر كلمة تكلم بها الحلاج حين قتل أن قال : (( حسب الواحد إفراد الواحد له )) , فما سمع بهذه الكلمة أحد من المشايخ إلا رق له , واستحسن هذا الكلام منه , وقال السلمي : سمعت أبا بكر المحاملي يقول سمعت أبا الفاتك البغدادي - وكان صاحب الحلاج - قال: رأيت في النوم بعد ثلاث من قتل الحلاج كأني واقف بين يدي ربي عز وجل وأنا أقول يا رب ما فعل الحسين بن منصور؟ فقال: كاشفته بمعنى فدعا الخلق إلى نفسه فأنزلت به ما رأيت , ومنهم من قال : بل جزع عند القتل .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟