أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة النداوة .














المزيد.....

مقامة النداوة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 14:31
المحور: الادب والفن
    


لازال صاحبنا الثمانيني مستغرقا في حبه المستحيل , وقد نشر اليوم : (( لكي لا تجف الروح!!!!! , يا نداوة فجر ضوكني الحنين يا حلاتك نبع يا شوك السنين !!!!!!!!)) , وهو أختيار يلامس بعضًا من الجمال والشجن الذي يحمله هذا المقطع الغنائي الرائع , من كلمات ناظم السماوي , والحان محمد جواد اموري , وغناء ياس خضر , التي تقول : (( لا يا روحي الدنيا ما تسوا زعل , لا يا روحي عمر وردة وما ذبل , يا نداوة فجر ضوكَني الحنين , يا حلاتك نبع يا شوكَـ السنين , لا يا روحي العشكَـ خضر وانشتل , لا يا روحي الدنيا ما تسوا الزعل , آنه يا روحي غريب وعيني للماشي بسفر, آنه يا روحي جرود عطشان لماي النهر , مرني طيف وهم اكَولن مرني طيف ,شريني جلمة وانه نسمة بوكت صيف , شريني كَمرة شريني سالوفة وامل , شريني كَمره الدنيا ما تسوا الزعل , لا يروحي الدنيا ما تسوا الزعل , نبع طولك والشعر ضي الشمس , حلو لونك اشكَر وفضة عرس , وانثرت بدروبك البسمات كل بسمة عمر , واصبرت والروح وحشة وانه ملاني الصبر , شريني كَمرة شريني سالوفة وامل , شريني كَمره الدنيا ما تسوا الزعل , لا يروحي الدنيا ما تسوا الزعل )) .

يا له من مطلع ساحر, يحمل بين طياته شجنًا عميقًا وجمالًا آسرًا , يدعو لنسج خيوطًا من الكلمات مستوحاة من هذا الإحساس المرهف , يا ندى الفجر , همسات الشوق في سكون البدايات , في سكون الفجر الندي , حيث لم تستيقظ الدنيا بعد من أحلامها , وحيث تتوشح الأشياء بلمسة من فضة , يداهمه الشوق كما يداهم النسيم أوراق الشجر, يا (( نداوة فجر ضوكني الحنين )) , كم هي عميقة هذه الصورة , إنها ليست مجرد قطرات ماء , بل هي لمسة رقيقة توقظ في الروح أشواقًا دفينة , تهز أوتار القلب بلحن عذب حزين , الفجر, ببداياته النقية وصفائه الساحر, يذكره ببدايات الحب , بتلك اللحظات الأولى التي تلامس فيها الأرواح بعضها البعض برقة وحذر , إنه زمن الوعد والأمل , حيث كل شيء ممكن , وحيث يرتسم المستقبل بألوان زاهية , ولكن , كما أن ندى الفجر سرعان ما يتبخر مع شروق الشمس , قد تذوي تلك البدايات الجميلة وتترك في القلب لوعة وشوقًا.

يا حلاتك نبع , عذوبة الذكرى في صحراء النسيان , ثم يأتي الشطر الثاني ليضيف بعدًا آخر من الجمال والحنين : (( يا حلاتك نبع )) , النبع , مصدر الحياة والارتواء في قلب الصحراء , يمثل في الذاكرة تلك اللحظات الصافية العذبة التي ارتوت بها الروح , إنها الذكرى الحلوة التي تتدفق رقراقة في صحراء النسيان القاحلة , تروي ظمأ القلب وتنعشه بعد طول جفاف , يا لها من صورة بديعة , الحبيب الغائب يصبح كالنبع العذب الذي لا يزال يروي الذاكرة بجمال أيامه , بالرغم من بعد المسافات وقسوة الظروف , تلك الحلاوة لا تمحوها الأيام , بل تزداد عذوبة مع مرور الوقت , لتصبح ككنز ثمين نعود إليه كلما اشتد بنا الوجد , يا شوك السنين , وخزات الماضي في حاضر الروح , أما (( يا شوك السنين )) , فهي اللمسة القاسية التي تذكرنا بمرارة الفراق وألم البعد , الشوك , رمز الألم والجرح , يمثل تلك الوخزات التي يتركها الماضي في حاضرنا , إنها الندوب التي لا تندمل بسهولة , والتي تذكرنا دائمًا بفقد الأحبة وقسوة الأيام .

هذا التناقض بين حلاوة النبع ووخز الشوك هو جوهر التجربة الإنسانية في الحب والفقد , إن الذكريات الجميلة لا تأتي وحدها , بل تحمل في طياتها أيضًا ألم الفراق والشوق الذي لا يزول , وكأن القلب يحمل في داخله بستانًا من الورود , ولكن بينها أيضًا بعض الأشواك التي تذكرنا بأن الجمال لا يخلو من ألم , في هذا المقطع الغنائي الموجز, تختزل أغنية ياس خضر بحسه المرهف مشاعرًا إنسانية عميقة ومعقدة , إنها ترسم لوحة شعرية بديعة تجمع بين جمال البدايات وعذوبة الذكريات ومرارة الفراق , ويا له من إلهام عذب يوقظ فينا الحنين ويلامس شغاف القلب .

نعود الى صاحبنا الثمانيني , الذي ينتقي مفرداته من كلمات الأغاني , فألى عهود قريبة كان العراقي في الريف او المدينة , في الحقل او الحانة , يدندن او يرفع عقيرته عاليا بالغناء اذا ما داهمته الوحدة او الوحشة , الغناء حشيشتُنَا الْمُنْتقاةُ , رسائلنا الى مستوطني القلوب , سيّارةُ إسْعافٍ تُنْقذُنَا منَ السّكْتةِ الدّماغيّةِ وحسرة المستحيل , عصير القلوْبٍ التي تحبُّ الْحياةَ , الا ولّيْتُ وجْهِي صوْبَ الغناء لِأموتَ شعْراً , فلْنحب الغناء مَااسْتطعْنا, ونحن نعرف ان المغنون يتْبعُهُمُ الْغاوونَ , والمغنيات هنَّ الْغوايةُ , فأذا اوحشتك الدروب , وكنت وحيدا فغن ِّ, ارفع الصوت بأقصى ما تستطيع وغن ِّ, لا شيء يطرد الخوف كالغناء , وإن خسرت فغن ِّ, لاشيء يعوض الخسارة غير الغناء , رغم ان هناك خسائر لاتحتاج لان تعوضها , فهي مجرد أعباء اثقلت كواهلنا بها سوء تصاريف الزمان .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة دين ابن عربي .
- مقامة الجزع .
- مقامة المطارف و الحشايا .
- مقامة يا أمة ضحكت .
- مقامة إلا الزلق .
- مقامة توقيت الأنسحاب .
- مقامة القوة الناعمة .
- مقامة حمار بوريدان .
- مقامة صبر النائبات .
- مقامة الموتات الأربعة .
- مقامة الديموقراطية .
- مقامة مطعم الجامعة .
- مقامة المثقف .
- مقامة مشوار .
- مقامة الأغوات .
- مقامة ضياع الزمن .
- مقامة ألأستفهام .
- مقامة الزعل .
- مقامة الهذلي .
- مقامة غزال الكرخ .


المزيد.....




- راهبتان برازيليتان تحولان برنامجًا دينيًا إلى عرض موسيقي عفو ...
- براد بيت يكسر صمته بشأن إنهاء طلاقه من أنجلينا جولي
- وفاة الفنانة المغربية نعيمة بوحمالة عن 77 عاما بعد صراع مع ا ...
- فيلم -8 أكتوبر- يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية ...
- هي ثاني أكثر اللغات انتشارا في فرنسا... ما هو واقع تعليم الل ...
- مصر.. مسؤول يحذر من خطورة -ثقافة التريند- على الأمن القومي
- راغب علامة يعلّق على زيارته للرئيس اللبناني
- من المؤثرة البريطانية نيكي ليلي التي استضافها مهرجان كان الس ...
- أسرار باريس | أشباح كواليس الأوبرا
- -التربية-: مدارسنا تحصد جوائز ومراكز متقدمة بمهرجان أفلام ال ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة النداوة .