أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المرارة .














المزيد.....

مقامة المرارة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 12:59
المحور: الادب والفن
    


مقامة المرارة :

أستهل المندلاوي الجميل أيام العيد ببكائية تقول : (( في الانتظار مرارة لا يتحسسها الا من يكون وقودها )) , ويردفها بمقطع من قصيدة (( ياريحان )) لمظفر النواب : (( ما جيت ونيمني البرد والشتا مر وتعدى , لا بالمحطة رف ضوة ولا ريل مر عالسدة , لاريل مر عالسدة )) , ويختمها بعبارة : (( كان الله في العون )) , يدهشني هذا الثمانيني , كلّما اقتربتُ منه , يبتعدُ المعنى , وكلّما ابتعدتِّ , أكتبه أكثر , يتألم بلوعة المرارة , مما ذكرني بقصيدة الشاعر الجاهلي ابراهيم الجعبري : (( غيري علي السلوان قادر وسواي في العشاق غادر, لي في الغرام سريرة واللَه أعلم بالسرائر , ومشبه بالغصن قلبي لا يزال عليه طائر ,حلو الحديث وانها لحلاوة شقت مرائر )) , فأريد أن أصرخ مثل يوسف عمر حين يصيح بها على مقام الرست .

ما أصعب أن تبكي بلا دموع , وما أصعب أن تذهب بلا رجوع , وما أصعب أن تشعر بالضّيق وكأنّ المكان من حولك يضيق , هذا مايحدث عندما يتشابك غزل الروح , كما يصفه زهيري الشاعر سيد صادق الصافي : (( مخلبص غزل روحي بمغزله تخلبص , واليغزل ثمل ومسودن ويرعص , مدافر للصبح وياه ولعد شمس العصر شبگات وإتحرمص , بلچن ينعدل ويطيب وبلجن بالصدف يچنص , اجاني مكطع الغزلات والمغزل جديد وكاسره من النص , جثيرة الفرهدت شبعت وانا بلگمة حلال وكال بيه يغص , يظل گلبي گلب سمچة يغريه الطعم ويكظه غفله الشص )) .

كيف تنطلق المرارات ؟ الفراق حديثه الصمت , وعندما يفيض بنا يكون لسانه الدموع , لا ندرى أنبكى عليهم أم نبكى على أنفسنا , القلب كان ملكاً لهم هم , ولكن عند فراقهم يصبح القلب فارغاً باهتاً كأنما هو متعلق بهم وحدهم , وكأن الأرواح كانت متصلة بحبل من الوداد فانقطع ذاك الحبل فجأة فتمزقت قطعة من روحك فتتقيد بألم كبير وحزن لا يفارقك أبداً حتى وإن تظاهرت بعكس ذلك , تغيب شمس الأحبة عن سمانا فيصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس , يصبح الكون كله من دون أيّ ألوان وملامح أو أصوات , لم يعد سوى صدى أصواتهم ترنّ في أذانِنا , لم نعد نرى سوى صور وجوههم , لم نعد نتذكّر سواها , لم نعد نتذكر سوى نظرات أعينهم عند وداعنا.

اسألوا أصحاب الشيب عن الحب , فهم وحدهم من ذاقوا مرارة الفقد وحلاوة اللقاء , وشاهدوا الحب في أصدق حالاته : حين يشيخ الجسد ويظل القلب فتياً , ينبض بالحنين ويستمد قوته من الذكريات , الحب عند أصحاب التجربة ليس لعبة يتسلى بها القلب , ولا نزوة تمضي مع الزمن , بل هو وعدٌ , وصبر , وقصة تُكتب بدموع الفرح والحزن معاً ,
أما صغار السن , فكثير منهم اتخذوا الحب زينة لحياتهم , دون أن يدركوا عمقه أو ثمنه , يلهون به كما يلهو الطفل بألعابه , يختبرونه دون خشية الخسارة , ويسيرون فيه بخفة كأنهم في نزهة , لا يدركون أن الحب الحقيقي جذور تمتد في الروح , وأنه حين ينكسر يترك أثراً لا يزول , الحب ليس شعراً يُقال ولا أغنية تُغنى , بل هو اختيار يومي , أن تبقى وتوفي , أن تعطي دون انتظار المقابل, أن تُدرك أن الأيام ستأخذ منك أشياء كثيرة , لكنك ستبقى متمسكاً بالروح التي اخترتها رفيقاً لحياتك , فاسألوا أصحاب الشيب عن الحب , فهم مَن عاشوا التجربة وخرجوا منها بحكمة ووجع وقلب لم يزل يؤمن.

من لم يذق مرارة الحب لن يعرف طعم حلاوته أبدا , يقول دوستويفسكي عن مرارة الحب بحزن عميق في رواية في قبوي : (( يستحيل عليّ أن أحب , ذلك أن الحب إنما يعني في نظري الاستبداد والتسلّط الروحي , إنني لم أستطع في يوم من الأيام أن أتخيّل الحب في صورة غير هذه الصورة , وقد بلغت من ذلك أنني ما زلت حتى الآن أرى في بعض الأحيان أن قوام الحب هو أن يهب المحبوب للمحب حق الاستبداد به )) , مؤلمة تلك الدمعة التي تسقط وأنت صامت , تسقط من شدة القهر والألم والاحتياج , وعذاب الشوق قاسٍ إذا صار صامتاً مثل طفل يفهم ولا يعرف البوح , وقد يصادف الشخص في حياته مشاعر حب ممزوجة بعذاب الحب ولوعته من فراق , وشوق , وحنين , فيعيش صريع الحبّ طوال حياته لا سيما إن ابتُلي بحبيب قاسٍ وغير مبال .

يقول زهيري الشاعركاظم اسماعيل كاطع :

(( اصل الشفايف عسل واصل العسل منتمر
حته بعذابك حلو كلك حلو منتمر
ازرع ادروبك ورد ويخضرن من تمر
كون اوصل لرگبتك واندگ عليها وشم
وبخدك اگضي عمر بين اللوايح وشم
يا اجمل الناس يحبيب وطيب وشم
بس نعتب اعليك متدك بابنا من تمر )) .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الأقنعة .
- مقامة نبوءة القبانجي .
- مقامة القنبرة .
- مقامة الملك الفيلسوف .
- مقامة ترانيم ساجدة الموسوي .
- مقامة المهزلة .
- مقامة تقدير الموقف .
- مقامة البخلاء .
- مقامة البزرنكوش .
- مقامة الأعتذار .
- مقامة الفاصوليا .
- مقامة الوسوسة .
- مقامة العشعشة .
- مقامة الساكن و المتحرك .
- مقامة الشاعرة .
- مقامة الثايات .
- مقامة العباءة .
- مقامة جبر الخواطر .
- مقامة فتوى الجلد .
- مقامة صرخة وطن .


المزيد.....




- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المرارة .