أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الصقيع .














المزيد.....

مقامة الصقيع .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


مقامة الصقيع :

يصف صاحبنا الخبير الثمانيني حالة نمر بها كثيرا , (( ياللوعة , حين لا تكون قادرا على ترجمة ما تريد الى كلمات ففي الروح من الصقيع ما يجمد نظرات المارة)) , نتفهمه ونثني على بوحه , ونقول له بلسان أحمد شوقي (( أشباه عوادينا )) , فعندما يتعذر البوح , عندما تختبئ الأفكار وتتلاشى الكلمات , ففي تلك اللحظات بالذات , تتجمد نظرات المارة , يرون في الأعين شيئًا مبهمًا , صقيعًا يكسو الروح , فلا يستطيعون قراءة ما في القلوب , وهذا الصمت العميق قد يفصلنا عن العالم , ويزيد من الإحساس بالوحدة.

(( ‏يلوذ بالصمت , إن ضاق البيان به والروح إن تعبتْ , بالصمت تعتصم )) , (( ‏وَفِي القُلوبِ ضَجِيجٌ لَا نَبوحُ بهِ بَعضُ الكَلامِ بِقلبِ الحُرِّ مَوؤدُ )) , هذه الأبيات تصويرية بشكل مباشر لحالة الصقيع الذي يلف الروح , مما يجعل الآخرين (الناظرين) لا يستطيعون فهم ما يدور داخل الشخص أو التواصل معه , وكأن نظراتهم ترتد دون أن تفهم شيئًا.

الوحدة قاسية , وربما تصبح أقسى حين نصل إلى خريف العمر , هل تشعرون أحيانًا أن الكلمات تتجمد على أطراف شفاهكم؟ أن هناك صقيعًا يتراكم في الروح , يمنعكم من التعبير عما يجيش في صدوركم ؟ إنها لحظات مؤلمة , حين تتعثر المشاعر ولا تجد طريقها إلى النور, وحين تبقى الحكايات حبيسة الذاكرة , ويغدو الصمت رفيقًا ثقيلًا , ولإظهار صعوبة التعبير وتجمد الكلمات في النفس: (( إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ نُطْقًا بِمَا تَهْوَى فَفِي الْأَرْوَاحِ صَمْتٌ قَدْ يَرُوعُ )) , يعبر هذا البيت عن الألم عندما لا يستطيع المرء التعبير عما يحبه أو يريده , وكيف أن هذا الصمت في الروح يمكن أن يكون مخيفًا ومهيبًا , تمامًا كالصقيع الذي يجمد , ولوصف حالة العجز عن البوح والكمد الداخلي : (( وَمَا أَبْصَرَتْ عَيْنِي سُقَامًا مُبَرَّحًا كَكَمْدِ مُحِبٍّ لَا يَجِدُ مُتَكَلَّمَا )) , هنا يصف حالة الكمد الشديدة , وهي الحزن المكتوم الذي لا يجد له متنفسًا , هذا الحزن الداخلي يمكن أن يشبه الصقيع الذي يتراكم في الروح ويمنع البوح , مما يجعل نظرات الشخص تبدو مجمدة أو خالية من الحياة , وللتعبير عن الصمت الذي يلف الروح ويؤثر على التواصل : (( كَأَنَّ الرُّوحَ قَدْ لَفَّتْ صَقِيعًا فَمَا لِلنَّاظِرِينَ إِلَيْهِ عَوْدُ )) .

لكن تذكروا دائمًا أن هناك من يفهم , من يشعر بكم حتى وإن لم تتحدثوا , لا تدعوا الصقيع يتملك قلوبكم , ولا تدعوا الكلمات تتجمد , هناك من ينتظر أن تشاركوه همومكم وأفراحكم , أن تبوحوا بما في داخلكم , ابحثوا عن تلك الأيدي الدافئة التي تذيب الصقيع , وتفتح لكم طريقًا للتعبير عن أنفسكم , فكل كلمة تخرج من القلب , هي شمس تذيب جليد الوحدة , وتضيء دروب التواصل والمحبة.

(( أيّها الواقف متردّداً , اطرق الباب يُفتَح , وأسأل تُعْطَ )) , وكما تقول سوركول الجاف : ((نبقى نطارد الحلم بقصص الوانها متداخلة بين الصدق والخيال , بالوان الطيف النازل على كتف الغروب , على أمل الصحو في الشروق البديع , وألوجد لاتحده خرائط , ولا يوقفه الغرق في محيطات الشغف المرسوم على الذاكرة , وتلك الاقاويل يتداولها المتنبؤن بسحر الليل اكثر من غيرهم , أما نحن فهدفنا تلك الفراديس التي كتبت في القراطيس التي قرأناها عند الغروب )) .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الجهل ( الحفر في العقول ) .
- مقامة السفراء .
- مقامة ألأمشجي .
- مقامة الونين .
- مقامة البحث عن السعادة .
- مقامة المسكون .
- مقامة سفلة السفلة .
- مقامة نبي بني عبس .
- مقامة بوصلة لطفية الدليمي .
- مقامة الرويبضة .
- مقامة عودك رنان .
- مقامة الفرج بعد الشدة .
- مقامة لا يختبئان .
- مقامة المانديلائية .
- مقامة ألأستثمار .
- مقامة الهُبْرِيس .
- مقامة الرثاثة .
- مقامة الشامات .
- مقامة معطف ديدرو .
- مقامة حين يرتبك المعنى .


المزيد.....




- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الصقيع .