أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحر العراقي .














المزيد.....

مقامة الحر العراقي .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 14:51
المحور: الادب والفن
    


مقامة الحر العراقي: عن النخوة والرماد.

يعتبرالطير الحر أفضل انواع الصقور , واكثرهن صبراً وتحملا للجوع , ومقاومة للأمراض , وهو اجملهن من ناحية الشكل , وسعره غالي جدا خاصة اذا كان أشقر او اسود , كما يتميز الحر بما يسمى عند الصقارين بـ(( الطلعة )) , وهي سرعة انطلاقته التي تصل إلى 300كم/بالساعه ولكن سرعان ما تتلاشى هذه السرعه مع مرور الوقت , ويحب الطيران عالياً ولديه مخالب قويه جدا تساعده على قتل الفريسة بسهوله , والصقر الحر أفضل في الهجوم حيث انه يعرف نقاط ضعف فريستة ويستطيع الأبتعاد عن عشه في موسم الصيد أكثر من 10 كم ويستوطن السهول والمرتفعات , ويتغذى على طيور الدخل والحمام عندما يكون برياً أي مسماه الذي يطلقون عليه الصقارين وحش , ولكن معا بالتدريب والممارسه يستطيع الصقر الحر الأنقضاض على الكراوين والحباري والأرانب , وإذا كان الصقار متمرسا ومحترفا يستطيع تدريب هذا الصقر على الأنقضاض وأكل الغزلان , حيث تعتبر سرعته أضعاف سرعة الغزال ويستطيع أيضاً حمله حوالي متر ونصف.

يسمى ذكر الصقر الشبوط , وهو أصغر حجما من انثى الصقر ((وهي مايسمى بالصقر وهي التي تستخدم للصيد )) , وتضع ثلاث بيضات في السنة , والفرخ الاول يسمى وافي او كامل , والثاني يسمى مثلوث , والثالث ويكون الاصغر حجما ويسمى التبع , وفي قلب التراث الشعبي العراقي , تتناقل الألسن حكاية غريبة ومُحملة بالمعاني , عن طائر الحوم (النسر) الذي يبيض ثلاث بيضات , يخرج ثلاثة صغار متشابهون في الشكل , لكنهم مختلفون في الجوهر: بومة , وحوم , وصقر حر , هذه الحكاية ليست مجرد أسطورة عابرة , بل هي مرآة تعكس الواقع , وتُقدم درسًا عميقًا في التمييز بين الأصيل والدخيل , بين من يملك النخوة ومن يفتقر إليها.

وفي قلب الحكاية يأتي دور الصگارة , مربي الصقور, فهم لا يكتفون بالمظهر الخارجي , بل يبحثون عن الجوهر الأصيل , ولتحقيق ذلك , يلجؤون إلى اختبار فريد من نوعه : يرمون الرماد الحار على الفراخ في عشها , هنا , تتجلى الفروق الحقيقية , فالبومة والحوم , بدافع الخوف والأنانية , تهربان وتتخليا عن مواجهة الخطر , أما الصقر الحر, فيفتح جناحيه ليحتضن أخويه ويحميهما من الأذى , متجاهلاً الألم الذي قد يصيبه , وفي هذا الموقف , يُدرك الصگارة أن هذا الطائر الذي ضحى بنفسه لحماية الآخرين هو الصقر الحر الذي يستحق أن يُربى ويعتنى به , أما البقية , فلا تستحق سوى أن تُترك لمصيرها.

وهنا , يصبح السؤال المحوري : أين هذا الصقر الحر من العراقيين ؟ بعد عام 2003 , واجه العراق محنة كبيرة , حيث تخلت عنه الكثير من القوى التي ادعت أنها ستحميه , وبدلاً من ذلك , استوطنته الطواغيت التي استولت على مقدراته ونهبت ثرواته , وتركت شعبه في حالة من التيه والضياع , والعراقيون اليوم بحاجة إلى من يفتح جناحيه ليحميهم من الرماد الحار, الذي يتمثل في الفساد والظلم والقهر, إنهم يبحثون عن ذلك الصقر الحر الذي يحمل في داخله النخوة والشجاعة والغيرة على وطنه , والذي لا يهرب أمام التحديات , بل يواجهها بصدر رحب.

ألأهزوجة الشهيرة (( من البيضة مهيوب الحر)) تقال في المدح وتعني أن هذا الشخص ( الحر) ذو قيمة ومكانة عالية ومنذ نشأته الأولى (من البيضة) , وهو مُقدَّر ومُعظَّم ومصدر رهبة واحترام , لأن الطير الحر هو أفضل أنواع الصقور واكثرهن صبراً وتحملا للجوع ومقاومة الامراض , وهو اجملهن من ناحية الشكل وسعره غالي جدا خاصة إذا كان أشقر أو اسود , كما يتميز الحر بما يسمى عند الصقارين بـ((الطلعة)) وهي سرعة انطلاقته ,لذلك يضرب به المثل في الهيبة بالنسبة للانسان , فيقال عن الشخص الاصيل ذو الاصل والنسب وصاحب الاخلاق الحميدة وكذلك لما يمتاز به من كرم وشجاعة , وقد تنعكس صورة المدح لتصبح ذما اذا ما اريد بها ان تكون اشارة تندر وسخرية , لذلك , لم تكن الأهزوجة الشعبية (( من البيضة مهيوب الحر)) مجرد كلام عابر , بل هي تعبير عن أمل عميق , ورغبة صادقة في أن يظهر القائد الذي يجسد هذه الصفات , إنها دعوة للبحث عن الأصالة في زمن كثر فيه الزيف , وعن الشجاعة في زمن سيطرت فيه الأنانية , هي تذكير بأن العراقيين ينتظرون بفارغ الصبر من يثبت أنه صقر حر, يستحق أن يقودهم إلى بر الأمان .

في النهاية , تظل هذه الحكاية رمزًا للأمل , الأمل في أن الأيام القادمة ستكشف عن أولئك الذين يحملون في قلوبهم شجاعة الصقر الحر, وأنهم سيتمكنون من تطهير البلاد من طواغيتها , وإعادة العراق إلى مجده.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة البجعة السوداء .
- مقامة يسار جديد ؟
- مقامة الأنتاج .
- مقامة الأغتراب .
- مقامة المجال الحيوي .
- مقامة الهايكو و الهايبون : رحلة الأدب الياباني إلى العالم ال ...
- مقامة المراجعة .
- مقامة ألأستزمان .
- مقامة في الفروقات الصغيرة يكمن التميّز.
- مقامة سيدوري .
- مقامة الكهرباء .
- مقامة البيلسان .
- مقامة العميان .
- مقامة الحنين .
- مقامة الفرح .
- مقامة عبثية .
- مقامة ألأستلال .
- مقامة الأقصاء .
- مقامة الصقيع .
- مقامة الجهل ( الحفر في العقول ) .


المزيد.....




- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- صدور كتاب تكريمي لمحمد بن عيسى -رجل الدولة وأيقونة الثقافة- ...
- انطلاق مهرجان زاكورا السينمائي في المغرب


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحر العراقي .