أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المراجعة .














المزيد.....

مقامة المراجعة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 19:42
المحور: الادب والفن
    


يعاود صاحبنا ذكر صاحبته الكاتبة الدمشقية , ويحن الى سطورها , يختار هذه المرة اقوال يعتقد أنها تحتاج الى مراجعة من روايتها ( قمح داكن على المعصم ) : قول الكاتب الروسي دستويفسكي : (( على الانسان الا ينبش في الذاكرة اذا اراد ان يعيش سعيدا )) , وتعقيبها : (( حتى يعيش الانسان بسعادة الى حد ما عليه ان يمتلك خيالا , فالخيال وحده الذي ينقله كبساط الريح بسرعة من مكان الى اخر , ومن مشاعر الحزن الى الفرح , ومن العتمة الى النور , فكم من سجين خفف عن نفسه مدة سجنه بخياله ؟ وكم من امرأة قعدت امام باب دارها تنتظر ابنها الغائب وهي تتخيله قادما فتبتسم ؟ )) , حتى أكاد أسمعه من كثرة حنينه يردد أغنية عبد الوهاب : (( حن , حن , ياللي هجرت الروح , وملكش قلب يحن , قلبي أنا مجروح بين الضلوع بيئن , ارحم آلامي ارحم آلامي وحن )).

أيتها الدمشقية أنني مسكون بك , ولكني لستُ هنا لأبقى , أنا عابرٌ يتعلمُ كيف يكونُ الماء , كيف ينسابُ دون أن يكسرهُ شيء , وكيف يصيرُ, في النهاية , بحرًا لا ينتهي , في زاويةٍ بعيدةٍ من الكون حيث الصمتُ يبتكرُ لغته , جلستُ أخيطُ أحلامي بإبرةِ ضوء, وأرتقُ ثقوبَ الروحِ بأغنياتٍ منسية , كلُّ شيءٍ هنا يهمسُ , 
الأشجارُ تنحني لتلتقطَ ظلالها ,
الأنهارُ تسيرُ عكسَ التيار , والسماءُ تخلعُ زرقتها لتتنفسَ الليل , وأنا ظلُّ الوقت , أراقبُ الساعاتِ وهي تبتلعُ نفسها , 
أعبرُ بين المرايا , أرى وجهي يتكسرُ كزجاجٍ يتعلم الطيران , الأرضُ ليست أرضًا , 
إنها ذاكرةٌ تستريحُ تحت أقدامنا ,
تنبتُ من جراحها ورودٌ بلا أسماء , وأشجارٌ تضحكُ حينَ تُحرق , وفي قلبي غابةٌ من أصواتٍ , 
صوتُ الريحِ يعلمني الرقص , 
صوتُ المطرِ يكتبُ على جلدي قصائدَ لا تُمحى , وصوتُ الصمتِ يصيحُ : لا تخف , رأيتُ الحياةَ تتوارى خلف ستارٍ رقيق , 
تنتظرُ أن نراها بعيونٍ أخرى , 
عيونٍ تعرفُ كيف تصنعُ من الخسارةِ جناحين , ومن الرمادِ قممًا لا تطالها الريح .

ولكن رغم كل هذا الأمل والخيال , تبقى الذكريات كالحكايات لا ينقصها العمر, تمرّ من كلّ الأزمنة , ملامحها تتناقل كالنصوص التي تسرد في الروايات , ونتخيل اننا سنكون يوما ما أبطالها لننقل بها تفاصيل حياتنا من طفولتنا إلى اللحظات الجميلة الممزوجة بالألم , وإلى ذكرى الرحيل الذي أرغمنا على مغادرة أماكننا , ونظل نراها تقف أمامنا تدمعُ , وتحاول التشبث ببقايانا العالقة على أطراف الطرقات كطفلٍ قد انتزع الموت منه أمه , ذكريات حفرت داخل أعماقنا , وصورٌ حفظت في عيوننا , حنين عظيم حبسناه داخلنا , والأشواق باتت واضحة بكلماتنا , والحب لا يمكن أن نخفيه فينا , فلا يستطيع إنسان أو قوة في الوجود أن تمحو الذكريات تماماً .
كتبت سركول الجاف : (( الحب والحلم هما القوة الخارقة التي من خلالها نستطيع ان نحقق غاياتنا وطموحاتنا والدافع لاكمال مسيرة الحياة , فابتسم رغم مآسيها , و الامل هو حلم شخص مستيقظ , كما يقول أرسطو)) , أو كما كان سعد الله ونوس يقول دائما: (( نحن محكومون بالامل )) , الأمل يعني القدرة على الانتقال من فشل إلى فشل دون فقدان القدرة على التفاؤل , يعجبني ماكتبته د . طاهرة دخيل : (( إن الشجرة لا تبكي على غصنها الذي إنكسر من الريح ولكنها تنتظر الرّبيع لتنبت غصناً آخر وتُزهر , وهكذا هي الحياة إن ما تخسره ليس بالضرورة أن تسترده , فانتظر ربيعك وأنبت غصنا آخر وأزهر كما يليق بك , وكما يقول المثل : ليس الأمر ما إذا كنت ستسقط أرضاً , بل ما إذا كنت ستنهض )) , حينها ينبت الحلم من الرماد .

أفتش بين ثنايا الضحكات عن سعادتنا , وتأخذني الأحاسيس إلى أحلامنا , وأرى الثواني تمضي من أمامنا , ولا تزال نفس المشاعر فينا , ودفاترنا لا زالت مملوءة برسم طفولتنا , ومقاعدنا لازالت تحوي دفء حكاياتنا , ومع أمتلاك ذكريات كثيرة , لا تستطيع أن تختار ما تتذكره , فهي التي تفرض نفسها وقت تشاء , وها انا أسير في دروبنا , ذات الدروب التي مشيناها أيام الصبا , وأتساءل متى نعود لأفراحنا , ونحقق أحلامنا , ونسمع صدى الضحكات ؟ ونمسح ډموع الأحزان ؟ ونشبك الأيادي ونرفع الأمل شعاراً ؟

تتراقص روح المولوي وهو يهمس : (( اذا امتلك الدرويش ناصية جمال الروح , يكون متعففا عن اقتراف ضرر المحسوب , والعكس صحيح , يمرّ في حياته للحظات , دون أن يترك شيئًا يُذكر , لكن أثره يبقى كالشمس التي تُدفئ الأرواح حتى بعد غيابها , هكذا يتسلَّلُ عِطر ذكراك , ويَسيلُ قلبِي كماءٍ بينَ ضُلوعِي , اتهجس عطر الروح فيك , كَمذاقاتِ النَّعناع في صَباحِات النَّشوة , كَحنينِ الرَّذاذ , ينثر ُضَوئِي زهورًا لنَدى الشَفتَين , والخيالاتٌ تُداعبُ الفضاء , لتراقص الشلالاتٌ غفوة ألأنبهار , نُورٌ ونَار , لمْ أحسِنْ قِراءَةَ ألواحِي المُقدَّسَة , واخطأ بحقِّ براعمِ المَطر, تحتَ نَخلةٍ زَرَعَها جلجامِش , قَبلَ الرَّحيل ستصلب كما الحلاج , وأنا أخشـَى مِنْ إدمانِكَ على حَبَّاتِ البـَلح )) , وبعض الذكريات أفضل من كلّ ما يمكن أن يحدث لنا ثانيةً.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة ألأستزمان .
- مقامة في الفروقات الصغيرة يكمن التميّز.
- مقامة سيدوري .
- مقامة الكهرباء .
- مقامة البيلسان .
- مقامة العميان .
- مقامة الحنين .
- مقامة الفرح .
- مقامة عبثية .
- مقامة ألأستلال .
- مقامة الأقصاء .
- مقامة الصقيع .
- مقامة الجهل ( الحفر في العقول ) .
- مقامة السفراء .
- مقامة ألأمشجي .
- مقامة الونين .
- مقامة البحث عن السعادة .
- مقامة المسكون .
- مقامة سفلة السفلة .
- مقامة نبي بني عبس .


المزيد.....




- باب الفرج في دمشق.. نافذة المدينة على الرجاء ومعلم ناطق بهند ...
- ربما ما تتوقعونه ليس من بينها.. كوينتن تارانتينو يكشف عن -أف ...
- كلية الفنون الجميلة في دمشق تمنع الموديل العاري.. فهل سيؤثر ...
- رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري.. وداعًا -خيرو-
- مراسم وداع في كييف لفنان أوكراني قُتل على الجبهة في زابوريجي ...
- إطلالة أنيقة للممثلة المصرية دينا الشربيني خلال العرض الأول ...
- وفاة الشاعر السعودي سعود القحطاني بعد سقوطه من أعلى جبل في ع ...
- اشتهرت بدورها في -أحلام أبو الهنا-.. وفاة الفنانة السورية إي ...
- جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال.. أدب الرحلات بوابة للخي ...
- تطبيق -ترجمة غوغل- يحصل على مزايا معززة بالذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المراجعة .