أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحنين .














المزيد.....

مقامة الحنين .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 19:22
المحور: الادب والفن
    


يقول روبرتو دي نيرو : (( لا تعد إلى المكان الذي كنت فيه سعيدًا يومًا ما , فذلك فخٌ من فخاخ الحنين , كلّ شيء قد تغيّر , ولن يكون كما كان , حتى أنت , لا تحاول أن تبحث عن نفس الوجوه , ولا نفس الأمكنة, فالزمن لئيم , وقد تواطأ على هدم ما جعلك سعيدًا ذات يوم , لا تعد, احتفظ بذلك الزمن في ذاكرتك كما كان , نقيًا , كاملًا, لكن لا تعُد إليه فالحياة تمضي , وهناك دروبٌ جديدة تنتظر خُطاك , وأمكنة أخرى لم تُدهشك بعد , وأشخاص لم يمنحك القدر لقاءهم بعد )) , تذكرت هذا القول بعدما نشر صاحبنا الثمانيني : (( حالة حنين : صدفة اخذني الدرب من يم داركم والتمت بروحي المحنة واشتهيت اخباركم , متذكرت عايفكم وعفتوني , رد من جديد الشوك بين عيوني , والتمت بروحي المحنة واشتهيت اخباركم )) , أنه حديث الروح تحركه ملعقة الشوق المغمورة بالوجد و جدران الفؤاد حيث صدى الذكريات تملأ ذاكرة الزمكان .

ننظر في المرآة , فتأكلنا التجاعيد , أوسمةُ مقارعة ألأزمنةِ الصعبةِ , وعنوانُ طغيانِ نكوص عشق يمخرُ عبابَ محيطاتِ السنواتِ , وملامحُ مُرَاهَقةٍ أزليّةٍ أدمنت المشاكسات , ينْكَشَف السِّرُّ, وتموت الأحزانُ , ونبوءة السحْر , بزوالِ البرْقِ تحْتَ الدموع , ذلك كان شجَرا محترقاً في الريح , ونظل غارقين في الحلم اللذيذ : (( سيأتيك الهُدهدُ وينْقرُ عينيك وتكون َسراباً من ريشِ الطاووس )) , فيتوارد الى الخاطر كيف خرج المتنبي على غير عادته عن شعر الحكمة والمدح والفخر وقال بيتين من أعذب وأرقّ أبيات شعر الغزل على الإطلاق : (( لا السيفُ يفعلُ بي ما أنتِ فاعلةٌ ولا لقاءُ عدوَّي مثلَ لُقياك , لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي ما نالَ مِنَّيَ ما نالتْهُ عيناك )) .

أغنية (( يم داركم )) ,هي من كلمات الشاعر كاظم الرويعي وألحان القره غولي , و لم يكن الملحن الكبير طالب القره غولي مقتنعاً بصوت المطرب حميد منصور, وكلما طلب منه أن يلحن له , يقول له (( صوتك لم يرتكز بعد )) , لذلك تأخر تعامله معه إلى العام 1986 ولم تتولد القناعة التامة للقره غولي بالتلحين لصوته , لكن توفرت لحميد منصور فرصة تاريخية , استغلها بحيلة ودهاء , وفرض نفسه على القره غولي ليطبع الأخير فيض إبداعه على صوته لواحدة من أجمل أغانيه , وهناك قصة عاطفية للفنان طالب القره غولي مع هذه الأغنية , سكب فيها مشاعره المجروحة وكلما سمعها من مطرب آخر يبكي , وقد وضعها على مقام الحجاز , الذي يجمع بين الشجن والعاطفة والنجوى , واستخدم فيها إيقاعاً عدنياً , ولم يكتف منصور بهذه الأغنية أنما فاجأ القره غولي بأغنية (( اعذرني ولا تزعل )) الذي أراد أن يغنيها , والمفارقة أن الأغنية غير مكتملة فاتصل القره غولي بشاعرها عبد اللطيف البناي , ليكتب الكوبليه الأخير (( يا احلى واجمل طيف نور دنيتي )) , وقد لحنه على مقام البيات الحسيني , وكان من أجمل مقاطع الأغنية, ليتوج الفنان الكبير حميد منصور تجربته بأغنيتين رائعتين من ألحان طالب , جاءت من خلال سرقة بيضاء تحسب في ميزان إبداع وذكاء مطربها.

يستحضر صاحبنا من خلال أغنية (( يم داركم )) ما كان فينا من لسعِ الوردِ الأول , من شفافيةٍ أولى ودهشةٍ أولى , ومن شجنٍ أوّل , كأنَّ أحداً منا لم يفترقْ عن أحدٍ أو مكانٍ أو عاطفة , وكأنَّ أحداً أيضاً لم يلتقِ بما ضاع منه فيه وفي طرقات يمحوها المطر , ولكنّ الجمالَ المتسرب هو الذي يوجعنا , ونحن نحاول الإطلالة , من غيمِ الصوتِ البعيد , على صورتنا الأولى , في أقاليمَ أخرى , أغنية تطيّر الأيام , كما تطيّر أسراب اليمام , ثم تعيدُ ترتيبها في إناءٍ بلّوريّ على ظهرِ مهرٍ نزق , كم أنكسر , وسينكسر, كم أنكسر دون أن ينكسر , يغنّي في منطقة آمنة , مُسيّجة بزهور برّية , منطقة بيضاء خالية من المفاهيم ومن الاختلاف , في ساحةٍ صغيرة قد يتحوّل فيها الأعداء إلى خصوم .

من اروع رسائل الحب تلك التي كتبها مزمل أزادي إلى حبيبتِهِ : (( لا شيء مهم ,غيرَ أن الطّريق التّرابي الّذي كنتُ أقطعهُ مشيّاً للوصول لبيتكم , تمّ رصفهُ وإضاءته, لا يحتاجُ خطيبَك الجديد أن يقطعَ الوحلَ كما كنتُ أفعل )) , فجاء الشاعر الشعبي العراقي وترجمها إلى (( خذاها الما سهر بالرِكن تالي الليل اخذها الما كشط خده بتراجيها )) .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الفرح .
- مقامة عبثية .
- مقامة ألأستلال .
- مقامة الأقصاء .
- مقامة الصقيع .
- مقامة الجهل ( الحفر في العقول ) .
- مقامة السفراء .
- مقامة ألأمشجي .
- مقامة الونين .
- مقامة البحث عن السعادة .
- مقامة المسكون .
- مقامة سفلة السفلة .
- مقامة نبي بني عبس .
- مقامة بوصلة لطفية الدليمي .
- مقامة الرويبضة .
- مقامة عودك رنان .
- مقامة الفرج بعد الشدة .
- مقامة لا يختبئان .
- مقامة المانديلائية .
- مقامة ألأستثمار .


المزيد.....




- مطاردة أشبه بالأفلام… لصّان يسرقان مركبتين وشاحنة ويُجبران ا ...
- تايلور سويفت تُعلن عن ألبومها الجديد -The Life of a Showgirl ...
- هل هناك إشارات صهيونية في أدب كافكا؟
- تحولات الهوية الثقافية الكردية في سوريا.. من القمع إلى التأص ...
- سوزان بريسو تروي عن طه حسين الذي غيّر حياتها وألهم العالم
- -كانت تدغدغني-.. شاهد حشرة تزحف على جينيفر لوبيز خلال عرضها ...
- سوزان طه حسين: الحب الذي أضاء ظلام عميد الأدب العربي رغم اخت ...
- فنان سوداني لاجئ يصرخ في وجه العالم.. -لماذا يهملوننا-؟
- رواية كردية شهيرة
- على صهوة جواده.. فنان سنغالي يلفت الأنظار برسالة تضامن مع غز ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحنين .