أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ألأكتظاظ .















المزيد.....

مقامة ألأكتظاظ .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 16:00
المحور: الادب والفن
    


مقامة ألأكتظاظ :

كبار السن , الذين ينتظرون قطار المغادرة , يعرفون معنى الاكتظاظ , وأنه حالة من التزاحم الشديد في مكان ما , سواء كان ذلك في مكان عام أو خاص , حيث يتجاوز عدد الأشخاص أو الأشياء الموجودة في هذا المكان الحد المقبول أو المريح , يمكن أن يشير الاكتظاظ إلى التزاحم السكاني , أو التزاحم في وسائل النقل , أو التزاحم في المباني , أو حتى التزاحم في الأفكار والمشاعر, هنا بيت القصيد , مايهمهم هو أكتظاظ ألأفكار والمشاعر , وعليه قال شاعرهم : (( مات الهَوى فتعال نقسم إرثَهُ لي لهفتي ولك اكتظاظ سُكاتي , فتخير ما كان من أحلامنا أما أنا فلقد أخذت الاتي , لي حسرتي إذ تعبر بخاطري ولك اقتناص الدرس من مأساتي , مات الهوى فتعال نقسم ارثه بيني و بينك و الدموع شهود , خذ انت مني ذكرياتك كلها وأنا ساحمل خيبتي و أعود )) , فيسمع الصدى لدى الشاعر الشعبي : (( انة براسي اكتظاظ بشارع البال محتاجك مرور اصفي بالي )) .

تخبرنا إليف شافاق عن ألأكتظاظ فتقول : ((كيف أخبرُك بطريقةٍ مُنمّقة أنّك بداخلي رغم المسافات والبُعد وانعدام الكلام , وإزدحام الأمُور السيّئة , كيف أخبرُك أنّك ثابت بِقلبي؟ )) , تشدنا الأيام المكتظة , فنتوه بين الناس بالأمل ونسير نحمل جرحنا الدامي العميق , ونظل نبحث في وسطه عن العهود الراحلة , كالطير تبحث في الشتاء عن الصغار , مثلنا أنت من شجرة اكتظاظ , شجرة فاكهة حمقاء , بجذورها وأغصانها وأوراقها , يجيئها ذلك الطائر العابر , المهاجر , المغامر , الواقف على الفنن , متفيئا بالظلال , لاقطا حباتك في غفلة الوقت المقيت , لو لم تكن شجرة وارفة الظلال , ما دنونا منك , وما سعينا إليك , فهل نظل واقفين في حالة انتظار حتى تطير الطيور , فنحل محلها , والجوع مثل العطش , يبحث عن شجرة أو بئر لا اكتظاظ عليها , وتلك سنة حمقاء , فضلى .

(( زحمة يا دنيا زحمة )) , أغنية مكتظة , أكثر من قصيدة ناعمة , أو أغنية شعبية تفرض حضورها على الذوق العام , كارثة من كوارث عصر حديث مجنون ولاهث وغاضب وناقم , والأكتظاظ في الحب مصطلح غير شائع في اللغة العربية , ولكن قد يشير إلى المعنى التالي : كثرة المشاعر أو الأحاسيس المرتبطة بالحب , أو ربما الإحساس بالحب بشكل مفرط أو مكثف, وقد يعبر هذا المصطلح أيضًا عن (( الفيض العاطفي )) الذي يشعر به الشخص عندما يكون في حالة حب , أو قد يشير إلى (( الاهتمام الزائد )) بشخص ما في سياق الحب, فعندما شعر الصّوفيّ محيي الدِّين بن عربي بالأكتظاظ قال: (( لقد صَارَ قَلْبِي قابلًا كلَّ صُورَةٍ/ فمرعىً لِغزْلَانٍ ودَيْرًا لرُهْبَانِ/ وبَيْتًا لأَصْنَامِ وكَعْبَةَ طَائِفٍ/ وألواحَ تَوْرَاةٍ , ومُصْحَفَ قُرْآن/ أدِينُ بِدِينِ الحُبِّ أنَّى تَوَجَّهَتْ/ رَكَائبُهُ فالحب دِينِي وإيماني)) .

(( ماتخليت عنك حتى حين صارت نفسك مكتظة ككتيبة تمشي فوق الضلوع بأناشيدٍ مُفخّخةٍ بالتوهج , جعلتك التعويذة التي تُهدهد النار داخل الماء, وترسم الفراغ بألوان الرحابة وتحشو القلب الطفل بأوهامِ الميزان , ميزان لا ينصف الضعف, ولا يتّسع للكتيبة المنهكة في داخلي , وقد تذكرتك ذات حديث ,سقيتني دفئاً لم يكتمل , وتركت أضلعي للبرد , وكأني أبحث عن فراغ أتمدد فيه , وحده البياض يتسع لشهوة الرؤيا , حيث تصير كل الأمكنة ممكنة , وكأنك تسافر على متن سيارة , تصير أمكنة الاستراحة رهن إشارتك , والكلمات تذهب إليك بسخاء بين فجوات الفراغ , والطريق إليك محفوفة بالامتلاء , وحولك الاكتظاظ يحجب الكلمات عن عينيك , عن لسانك , عن قلبك , عن حواسك الخاسرة , وهي تتسكع في حديقة الروح , تبحث عنك شجرة مجاز تعانق غواية الفصول )) .

كلما اقتربتُ , ابتعدت , وكلما نسيتُ , تذكرت , كغيمة تمطر مرةً ثم تذوب في الأفق , حتى الاحلام أصبحت ضيقة , تؤلمني المسافات , تؤرقني العثرات , تحاصرني عينيك في زوايا عالمنا المكتظ , أين أجدك ؟ وأصابع الزمن مشنقة ذهول وحيرة أفكار , ولأحتراقات الروح لغة انطفاءات الضوء ومسارب الذاكرة , وأنا بالقرب لكني غارقة في تفاصيل الصمت , وأتزاحم في بعض الفراغ ونصفي شاغر, اضغط على روحي , بالاستماع إلى مشروع خديعة لا تقبل التأجيل , وأنت تضغط عليّ بالحديث عما لا تدرك , فأخادع قلبي بلهفة تطاردني لأستظل بك , ثم أعود إليّ دون وعي.

من تجليات الفودكا : تخيلت عندما كَنَّتْ نَبْتَةٌ مِنْ نَخِيلٍ , طينية ناعمة , فى نسغ الأرض تتمدد بجذور مكتظة رقيقة عميقة, متربَّب بالعمر , من دراما وصمت, بالكاد أعيش في اللعبة العميقة , رأسى كما الشمس المحتضرة حيث الجرائم ,الدوافع , النظرات المدققة ,للجدارات المصمتة من الحنان , أطرق الأبواب مثل شجرة,ذاكرة , والعيون توثق , فتتساقط أكوام قذرة من خيبات الأمل , الكلمات مكتظة وبسيطة ,لا تسأل كثيرا , لا تبوح بما يفوق حاجتها , لكنها تترك في حديثها فراغات ذكية , كأنها تدعو لاكتشافها دون أن تعطي خريطة , والقلوب أوعية , تستعبد مساحات العمر , تضيق بطقوس الحب الأعمى , وكي لا أقع في كارثة تشبه العشق , أتصفح غياب الحب في وجوه المحبين , وأتيقن أنك أمطار حزن لا غير , ففي محطة الانتظار دموع لا تعرف الانطفاء والعمر يداهمنا بالنزوح .

ومع أكتظاظ العاصفة , كان البحرُ يبتلعُ ضوءه , 
يمحو أفقهُ بخطوطٍ حادةٍ من الرمادِ والملح , 
كنتُ هناك , أراقبُ الموجَ وهو يُفكِّرُ , 
نعم , الموجُ يُفكِّرُ , 
يستديرُ نحو نفسه كعجوزٍ غاضبة , 
يبحثُ عن أسماءٍ غارقةٍ
, لم تعد تعني شيئًا إلا للغريق , والغيمُ يُطرِّزُ سماءً عرجاء, 
ريحٌ تتحدثُ لغةً لا يفهمها إلا الجنون , 
وأنا؟
مُمسكٌ بيديَّ الاثنتين على مجدافٍ مكسور , أدرك أن التيار ليس عدواً , 
بل امتحان يفتح أبواباً نحو اللامعقول , قال لي البحرُ:
(( مَن يُبحرُ بلا وجهةٍ
, يجد في الضياع وطناً ))
فابتسمتُ , كأن شفتيَّ قد خُلقَتا للردِّ على الأقدار
بابتسامةٍ من نار , لم تعد السباحة ضد التيار خياراً , 
بل رقصةٌ , 
إيقاعها صمتُ الأحلام , 
وسقفها ذاكرةُ الشمس المكسورة , 
أصابع الموج تلوّحُ كأنها تقول : 
(( ارحلْ نحوالداخل , حيثُ التيار ليس سوى انعكاسٍ لأفكارك الهاربة )) , وفي أعماقي كنت أرى نفسي :
جسدٌ يَتقدّمُ ببطء , 
لكنه مكتظ بالأسئلة , 
لماذا يعشق الماءُ افتراسَ الجسد ؟
هل العاصفةُ هي الشاعر الذي فقدَ قافيتهُ , 
أم أنها القصيدة التي لا تريد أن تُكتب؟

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة العراق: مهد الأديان واللغات المنسي؟
- مقامة مرّة ومرّة .
- مقامة الغيرة .
- مقامة دروب المعنى .
- مقامة العثرات .
- مقامة إدارة الفئران: استعارة لحال العراق بعد 2003.
- مقامة وشالة العمر .
- مقامة ياريحان .
- مقامة الحر العراقي .
- مقامة البجعة السوداء .
- مقامة يسار جديد ؟
- مقامة الأنتاج .
- مقامة الأغتراب .
- مقامة المجال الحيوي .
- مقامة الهايكو و الهايبون : رحلة الأدب الياباني إلى العالم ال ...
- مقامة المراجعة .
- مقامة ألأستزمان .
- مقامة في الفروقات الصغيرة يكمن التميّز.
- مقامة سيدوري .
- مقامة الكهرباء .


المزيد.....




- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...
- من -الغريب- إلى الشاشة.. الرواية بين النص والصورة
- محمد خسّاني.. رقصة الممثل الجزائري في كليب الرابور المغربي د ...
- صناع فيلم -صوت هند رجب- يتحدثون لبي بي سي بعد الإشادة العالم ...
- فيلم عن مقتل الطفلة هند رجب في غزة يلقى تصفيقاً حاراً استمر ...
- الممثلة الفرنسية أديل هاينل تنضم إلى أسطول الصمود المتجه لقط ...
- الرواية الأولى وغواية الحكي.. وودي آلن يروى سيرته ولا يعترف ...
- لوحة رامبرانت الشهيرة.. حين باتت -دورية الليل- ليلة في العرا ...
- سجى كيلاني بطلة فيلم -صوت هند رجب- بإطلالتين ذات دلالات عميق ...
- جِدَارُ الزَّمَن ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ألأكتظاظ .