أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الخطو للوراء .














المزيد.....

مقامة الخطو للوراء .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 21:32
المحور: الادب والفن
    


مقامة الخطو للوراء :

كتب صديقي السبعيني مسودة نص يقول فيها : (( لستُ من هنا وليس لي موطىء قدم هناك , أغزل المنافي غرزة غرزة , احلم ان أمدّ قدم السكون , ويستريح مجذافي تحت الشمس , اسير بمحاذاة خساراتي , ابتسم لها فهي نذوري التي أوفيها حين شعّ خلال الخريف ظل طيفك , كتب قصة مبتورة القدمين , لكنني توسلت المسير , أخطو للوراء علّي ألتقط اشياءاً ضاعت مني , احتفظ للشمس صورة بذهني , ألقمتني شعاعها فرسمتها أشعة مؤجلة , اترك بقلبي غصة لهاث الظلام جمرة الحبر الزرقاء , تلك الماسة المتوهجة حرفاً انا اصل االحكاية )) , صدق من قال هناكَ في وصف الشعر, ما يُمتع ويُقنع , يقول الدكتور محمود الطناحي: (( والشِّعرُ ما عرفْتَ : بَوْحُ العاشق , ونَفْثةُ المصدُور, وحنين الغريب , وأنينُ الفاقد , وبهجةُ الواجد ,ومَرْثيةُ العزيز , وآهةُ المُلْتاع , وتجربة الحكيم )) .

المقدمة ذكرتني بمحمود درويش وهو يقول : (( أنا من هناك , أنا من هنا , ولستُ هناك ولستُ هنا , لِيَ اسمان يلتقيان ويفترقان , ولي لُغَتان نسيتُ بأيِّهما كنتَ أحلَمُ)) , ثم كأني أسمع قاريء المقام وهو ينوح بشعر ابن الفارض : (( زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً وارحمْ حشى ً بلظي هواكَ تسعَّراً , وإذا سألتكَ أنْ أراكَ حقيقة ً فاسمَحْ , ولا تجعلْ جوابي لن تَرَى )) , هذا هو التفريغ المؤدب فبدلا من أن تلقم الشفاه , ها هي الشمس تلقمك الشعاع , يتردد في خاطري (( آنه مصلوب ويه طولك.. عطش وسنينك ربيع )) , تيقنت اليوم بأني أعاني من ذلك الشاب الحيوي الخالد في أعماق النفس غير الآبه بمرور السنين وتقدم العمر, وكأنه يلبد في العشرين , فالذي يشيخ هو الجسد اما الروح فهي تتمرد على ذلك الجسد مع ان الجسد سلطته اقوى .

انت تسيربمحاذاة الخسارات ؟ يعني انك سقطتُ في نتائج الحب الحتمية , وأفلتت الأمور من يديك , وهنا الغلطة القاتلة عندما تتنازل عن ذاتك , وتلجأ الى الآخر حتى لو كان المحبوب , بحثا عن السعادة والمعنى من خلاله ، وتغدو مرتهنا سجينا لديه , وهذه واحدة من نتائج الحب التي تنتزعك من الإطار اليومي العادي وتقدم لك التفاحة المحرمة , وتصبح غير قادر على التراجع وتقبل مألوف الحياة , الحنين هو نداء الروح الى جنونها , ومن المؤسف تقلص مساحة الجنون في حياتنا التي افترسها جبروت العقل , و الحب جنون رافض للعالم الأرضي , ودخول شيفرة سرية تقتلع المألوف والعادي وجبروت العقل من الحياة , الحب مساحة شاسعة تحتوي الحياة اليومية وتمنحها ألوان وطعم ومعنى جديد , هل للحب بُعد كوني آخر يحيط بنا ويخترقنا وفق شروطه ؟

الخطو للوراء ؟ الى تلك اللحظة التي يهزنا فيها زلزال الحب لأول مرة , الى اللحظة الأجمل في حياتنا , التي نحب أن يتوقف الزمن عندها , لأنه يبدو من المستحيل أن تتكرر مثل هذه اللحظة بنفس الجمال , أذن فتلك هي القصة المبتورة القدمين , وذلك حلم من كان عقله نقيًا , وكان حبه نقيًا , ليمضي مع شيخوخة الحب بأقصى درجات الدفء والإخلاص , هل أصدمك اذا أقول انني حين تأملت أشعار قيس بن الملوح , تبين بأنها أساطير أوهام لا غير , فما كان يرى ليلى التي هي كأي فتاة في زمانها , وربما ذات بياض ناصع وعيون كعيون المها لا غير , بل كان يرى ما قدحته في مخيلته من صور , فراح يطارد وهمه.

آه من غصة القلب , وآه من الوهم عندما يتغلب على وعي البشر , يمتلكه , ويسخره لغاياته القاسية المروعة , ومعلوم ان لكل وهم أدواته , وصاحب الوهم قد يكون عاشقا مفتونا بأوهامه الملونة والمتلآلئة في فضاءات ما يرى ويحس , والأوهام بأنواعها تغدولذيذة وتستلب الألباب وتسخر المبتلين بها ان يغصوا بلهاث الظلام , من هنا تبدأ الأمنيات تتحطم , وتغمرنا اللحظات التي لا نعرف فيها كيف نطلب الحب من كل هذا , ونضطر آسفين أن نحكم على الرغبات بأن تعدم على مقصلة الصبر , ونعيش من أجل ان تستمرالحياة ونهرب من إعلان خيبتنا مع وهم توأم الروح .

أريد أن أبدي أعجابي بنص صديقي السبعيني , لأقول أنه مازال يتوارد في الذهن وما زلتُ أردِّد بإعجابٍ ما قال ابن قتيبة عن الشعر: (( الشعر مَعْدِنُ عِلْم العرب , وسِفْرُ حِكمتِها , وديوانُ أخبارِها , ومستَوْدعُ أيامِها , والسُّورُ المضروبُ على مآثرها , والخَندَقُ المحجوزُ على مفاخرها , والشاهدُ العَدْلُ يومَ النَّفار, والحُجةُ القاطِعةُ عند الخِصَام , ومن لم يقم عندهم على شَرَفه وما يدَّعِيه لسلفه من المناقب الكريمة والفَعَال الحميد بيت منه , شَذّتْ مَساعيه وإن كانت مشهورة , ودَرَسَت على مُرور الأيّام وإن كانت جِساماً , ومن قَيَّدَها بقوافي الشعر , وأوثقها بأوزانه , وأشهَرها بالبيت النادر, والمَثَل السائر, والمعنى اللطيف , أخلدها على الدهر, وأخلصها من الجَحْد , ورفع عنها كَيْدَ العَدُوّ, وغضَّ عينَ الحسود )) , وأنهي ببيت شعر ابن الفارض : (( وكفى غراماً أنْ أبيتَ مُتيَّماً *** شوقي أمَاميَ والقضاءُ وَرَائي )) .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .
- مقامة المندلاوي في (( نَجْوَى الصَّمْتِ الهَادِي )) .
- مقامة الى أبو أيفانكا : في ذمّ الادارة غير الجادة وغير المسؤ ...
- مقامة الرضا في مقهى بغداد الفاضلة .
- مَقَامَةُ الجُهَّال .
- مقامة طوبى : في ذكر حال الأنام والآمال العِظام .
- المقامة الإقصائية .
- المقامة الإسلاسية .
- مقامة ترانيم الخريف .
- مقامة فن الصياغة : الوافي بوفيات الصفدي مثلا .
- مقامة حَرْقِ الكُبُودِ على عراقٍ مَغْزُو .
- مقامة حديث خرافة يا أم عمرو!
- مقامة النوارزمية : فصلُ النورِ وحُجَّةُ الخوارزمِ .
- مقامة (( لعم )) .
- مقامة الخطو وحيدا .
- مَقَامَةُ إِخْوَانِ الصَّفَا وَخِلَّانِ الوَفَا .
- مقامة رماد القدر.
- مقامة الأباطيل والأكاذيب : حين يكتب السيف .
- مقامة مال السُّوَّال .
- مقامة معادن غريبة .


المزيد.....




- جودي فوستر: السينما العربية غائبة في أمريكا
- -غزال- العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير ال ...
- الممثل التركي بوراك أوزجيفيت يُنتخب -ملكًا- من معجبيه في روس ...
- المخرج التونسي محمد علي النهدي يخوض -معركة الحياة- في -الجول ...
- سقوط الرواية الطائفية في جريمة زيدل بحمص.. ما الحقيقة؟
- منى زكي تعلّق على الآراء المتباينة حول الإعلان الترويجي لفيل ...
- ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
- المغرب : مهرجان مراكش الدولي للسينما يستهل فعالياته في نسخته ...
- تكريم مستحق لراوية المغربية في خامس أيام مهرجان مراكش
- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الخطو للوراء .