أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ابن باديس والتنوير: الأذهان أولاً , ثم الأوطان .














المزيد.....

مقامة ابن باديس والتنوير: الأذهان أولاً , ثم الأوطان .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 17:41
المحور: الادب والفن
    


تعليق مهم لصديقة الصفحة الدائمة ( أم حنين ) : (( قول ابن باديس تحرير الاذهان مُقدم على تحرير الاوطان , اذا اردنا الاستقلال فعلينا تحرير انفسنا اولا )) , وعبد الحميد بن باديس هو الإمام المُصْلِحُ المُجدِّدُ الشيخُ عبدُ الحميد بنُ محمَّد المصطفى بنِ المكِّي بنِ باديسَ القسنطينيُّ الجزائريُّ , رئيسُ جمعيةِ العُلَماءِ المسلمين بالجزائر, ورائدُ النهضةِ الفكرية والإصلاحية , والقدوةُ الروحيةُ لحربِ التحرير الجزائرية , ومقولته الشهيرة آنفا تعني أن تحرير عقول الناس من الاستعمار الثقافي والفكري يجب أن يسبق التحرير السياسي والجسدي للوطن , لأن العقلية المتحررة هي التي ستتمكن من بناء استقلال الوطن وتوطيده وحمايته من السيطرة الجديدة , كما طبقها الإمام في مقاومة الاستعمار الفرنسي للجزائر, و المقولة تعني أن تحقيق الاستقلال لا يقتصر على الجوانب الخارجية مثل تحرير الأرض من الاحتلال , بل يتطلب أيضاً تحرير الذات من الداخل , عبر تحرير العقول من التبعية والجمود الفكري وتحقيق التطور الاجتماعي والفكري والثقافي , الاستقلال الحقيقي هو عملية شاملة تبدأ بتحقيق الاستقلال الذاتي للفرد من خلال بناء الثقة بالنفس واتخاذ القرارات.

تحرير الذات الداخلية , أو تحرير العقل, يعني التحرر من الأفكار السلبية والموروثات الخاطئة والتفكير النقدي في المحيط , الذي يقود الى التنوير , هذا التحول الداخلي , أو التنوير الذي قصده ابن باديس, هو ما تؤكد عليه القيادات المعاصرة أيضاً , كما أكّد الرئيس المصري ( السيسي ) ,الحاجةَ إلى (( خطاب ديني مستنير , وفكرٍ رشيد , وكلمة مسؤولة )) , مشدداً على أن (( تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا على أيدي دعاة مستنيرين , أغنياء بالعلم , واسعي الأفق , مدركين التحديات , أمناء على الدين والوطن , قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس , تداوي مشكلاتهم , وتتصدى لتحدياتهم , بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة )) .

أن النتيجة المباشرة للأذهان غير المحررة , تنتج مجتمعات منشغلة بالغابرات أمام مجتمعات أخرى تعمل بالآنيات , والفرق شاسع بين الحالتين , فالأولى تتقهقر والثانية تتطور, الأولى تنظر إلى الأفق البعيد والثانية نظراتها لا تفارق أقدامها , الأولى تفكر تكنولوجيا والثانية همجيا , فكيف تصح المقارنة بين الثرى والثريا ؟ مجتمعات يطمرها التراب وأخرى تسير فوق السحاب , دول تترجم (( الوقت سيف إن لم تقطعه يقطعك )) , وأخرى تندحر في نقاط زمنية وتنكر دوران الأرض وتبدل الأحوال , فالوجود في عرفها نقطة خامدة جامدة تندحر فيها القرون وكأنها الثقب الأسود المتوحش الإفتراس , بلدان منشغلة بما لا يأمن من خوف ولا يطعم من جوع , وغيرها منكبة بصناعة الأمجاد ورسم خرائط الحياة الواعدة , فئويات , طائفيات , مذهبيات , عشائريات , مناطقيات , تحزبيات , وتصارعات بينية على الإنتماءات والهوية , و(( من هالمال حمل اجمال )) , و(( الدنيا وين والناس وين )) , شعوب ضد ذاتها , وسلّحها بالبنادق الأوتوماتيكية لتتقاتل وتردي بعضها , فهذه بطولاتها وإنجازاتها الأبية , وإنتصاراتها الغبية , لا تعترف بوطن ولا وطنية , وتستثمر في الإفقار والأمية , ثرية وحياتها رزية , فقر مدقع , ورشاش ومدفع , فالقتل والخطف وظيفة عبقرية , وتعبير عن الإيمان بالقضية , واللعنة على أصحاب الدعوات الطائفية , الخانسين في أوعية التبعية , فهل ذهبت فضاع الشعب والعرب , وتداعت نحو أمتنا النُكَب ؟

إن غياب التنوير الذي نادى به ابن باديس هو ما قاد مجتمعاتنا إلى حال التناقض الصارخ هذا, حيث يموت في بلادنا المثقفون العلمانيون التنويريون (جماعة ابن باديس ) فقراء , ولا يتركون شيئا من متاع الدنيا , ويموت المشايخ والدعاة وفي أرصدتهم الملايير , وأبناؤهم في أرقى معاهد وجامعات الغرب , ولكن في النهاية نسمع أن العلمانيين ماديون تهمهم الدنيا , والدعاة يحرصون على الآخرة , ورغم أن اللعبة مكشوفة تماما منذ قرون , إلا أن الناس يفضلون الغفلة مع الطمأنينة المغشوشة , على اليقظة والوعي مع قلق السؤال , وفي قراءه في فكر فيلسوف تنويري : (( في فضاء تغلفه الظلمات الرمادية , حيث الأصوات تتشابه , والمعاني تتبدد في هواء ملوث بالأيديولوجيا , ينبثق صوت التنويري ككوكب مستقل المدار , لا يحاكي غير ضوء ذاته , ولا يتكئ إلا على وعي تشكل في محراب السؤال ونار المواجهة , إنه من ذلك الطراز النادر من المفكرين الذين لا يكتفون بإنتاج المعرفة , بل يعيشونها كمسؤولية , ويحملون وجع الواقع ويجعلون من القلم سلاحا ضد التحجر والانغلاق , ويبرز كصوت عقلاني جريء لا يهاب اقتحام المسكوت عنه , ولا يتردد في تفكيك البنى الراسخة , و كصوت مختلف , لا يخشى ارتياد المجهول , ولا يأنف من مقارعة السائد , واستطاع ان ينحت لنفسه مكانا في صميم الفكر العربي , لا من خلال التكرار أو التلقين , بل عبر خلخلة المفاهيم , وإعادة بناء الذات )) .

رحم الله أبن باديس , فكلما آمنا أن الإنسان لا يكتمل إلا بفكر حر وقلب لا يخاف , كلما كتبنا بحرية , ورفضنا القيد .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الفصام .
- مقامة العطارين : أسرار عمرها 4600 عام .
- مَقَامَةُ حِكَايَاتِ النَّمْلِ .
- مقامةُ الرجاءِ في زمنِ الحيْصَ بيْص .
- مقامة السلطة والفكر .
- مقامة غادة وغسان : حقيقة الحب ووهم الوصال .
- مقامة اكسير الشباب .
- مقامةُ الشَّيخِ في ذمِّ الرَّشوةِ وتزيينِها بالهديَّة .
- مقامة دزني .
- مقامة لعّابة الصبر : العراق و سَوْط حقيقة الحكايات الصارخ .
- مقامة الخطو للوراء .
- مقامة جيل Z: رؤيا شيخ في آخر الزمان .
- مقامة المندلاوي في (( نَجْوَى الصَّمْتِ الهَادِي )) .
- مقامة الى أبو أيفانكا : في ذمّ الادارة غير الجادة وغير المسؤ ...
- مقامة الرضا في مقهى بغداد الفاضلة .
- مَقَامَةُ الجُهَّال .
- مقامة طوبى : في ذكر حال الأنام والآمال العِظام .
- المقامة الإقصائية .
- المقامة الإسلاسية .
- مقامة ترانيم الخريف .


المزيد.....




- قناة مائية قديمة في ذمار تكشف عبقرية -حضارة الماء والحجر-
- ما أبرز الرسائل والمخرجات عن القمة الصينية الأمريكية؟
- توفيا أثناء تأدية عملهما.. رحيل المصورين ماجد هلال وكيرلس صل ...
- وزيرة الثقافة الفرنسية تمثل ماكرون في افتتاح المتحف المصري ا ...
- صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتح أبوابه أمام الزائرين
- العبودية الناعمة ووهم الحرية في عصر العلمنة الحديث
- كلاكيت: الذكاء الاصطناعي في السينما
- صدر حديثا. رواية للقطط نصيب معلوم
- أمستردام.. أكبر مهرجان وثائقي يتبنى المقاطعة ويرفض اعتماد صن ...
- كاتب نيجيري حائز نوبل للآداب يؤكد أن الولايات المتحدة ألغت ت ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ابن باديس والتنوير: الأذهان أولاً , ثم الأوطان .