أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - منذر علي - الإمارات: دولة الحرب الوظيفية في خدمة الصهيونية والإمبريالية!














المزيد.....

الإمارات: دولة الحرب الوظيفية في خدمة الصهيونية والإمبريالية!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 01:53
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تقدّم دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم نموذجًا واضحًا لما يمكن تسميته بـ "الدولة الوظيفية" في النظام الإقليمي؛ أي تلك الدولة التي لا تُمارس سيادتها من أجل شعبها، بل من أجل خدمة منظومةٍ إمبرياليةٍ شاملة تُعيد إنتاج السيطرة بأدوات محلّية. الخطاب السياسي الإماراتي، كما يظهر في تصريحاتها الرسمية، يتخفّى وراء مفرداتٍ براقة مثل التسامح والسلام والاستقرار، غير أنه يخفي تحت هذا القناع نهجًا عدوانيًا متماهيًا مع مصالح الصهيونية والرأسمالية العالمية، كما عبّر تشومسكي ذات مرة عن قدرة الأنظمة المستبدة على "تجنيد اللغة لتبرير العنف".

التناقض بين الخطاب والممارسة

صرّحت وزيرة الدولة في وزارة الخارجية، لانا نسيبة، بأن هدف التطبيع مع إسرائيل هو "تغيير طريقة التفكير في المنطقة نحو التسامح". هذه العبارة قد تبدو وديعة في ظاهرها، لكنها في جوهرها استراتيجية لغوية لتطبيع الهيمنة. إذ يتم تحويل مفهوم "التسامح" إلى أداةٍ لتبرير التطبيع مع قوة احتلالٍ عنصرية تمارس الإبادة على الشعب الفلسطيني.
وبالطريقة ذاتها، يخرج مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، ليصف سياسة بلاده بأنها "نموذج للعقلانية والاتزان"، ويزعم أنها "شريك في مسيرة الاستقرار والازدهار". غير أن هذه الشعارات لا تُقنع أحدًا حين تُقاس بواقع السياسات الميدانية؛ فالعقلانية المزعومة تُترجَم عمليًا في دعم الميلشييات المسلحة في اليمن والسودان وليبيا، وتمويل شبكات المُرْتَزِقَة في إفريقيا والبحر الأحمر، والمشاركة في مشاريع توسّعية تدمّر استقرار المنطقة برمتها.
يذهب قرقاش أبعد من ذلك حين يبرّر "تسامحه" مع إسرائيل بزعم أن المواجهات المباشرة بين الفلسطينيين والاحتلال قد فشلت، وكأن الفشل ناجم عن ضعف القضية ذاتها لا عن تآمر الأنظمة العربية، المطَبِّع منها وغير المطَبِّع، على المقاومة. لقد نسِي الوزير، أو تجاهل عمدًا، أن تلك المواجهات أُحبطت بفعل التحالفات الأمنية والاقتصادية التي ربطت عواصم الخليج وتل أبيب بواشنطن، حتى أصبحت فلسطين عبئًا بلاغيًا على خطابٍ لا قدرة له على احتمال الحرية.

الادعاءات المزيَّفة عن السلام

تتذرّع الإمارات بأنها عارضت مشاريع الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وأن اتفاقية التطبيع ساهمت في “إيقاف المخطط”. غير أن الوقائع تنفي هذا الادعاء؛ إذ لم يتوقف الاحتلال عن التوسع والقتل والاستيطان، ولم يُسمع للإمارات صوتٌ جاد دفاعًا عن الأرض أو الإنسان. السلام الذي تتحدث عنه أبوظبي ليس سلامًا يقوم على العدالة، بل سلامٌ أمنيٌّ تُحدّده مصالح القُوَى المهيمنة.
الأعجب من ذلك أن الإمارات، باسم "التسامح"، تموّل النزاعات وتغذّي الفوضى الإقليمية؛ فهي تدعم قواتٍ متمرّدة في السودان، وتشعل النار في ليبيا واليمن، وتتنافس على النفوذ في القرن الإفريقي، وتسهّل قيام قواعد عسكرية أجنبية في الجزر اليمنية — من سقطرى وعبد الكوري وميون إلى زقر — كما لو كان البحر الأحمر مستودعًا للمطامع الدولية لا حدودًا وطنية يجب صونها.

فلسفة الهيمنة المقنّعة بالتحضّر

الخطاب الإماراتي يحوّل القوة إلى فضيلة: فهي ترى في التدخلات العسكرية "مبادراتٍ للاستقرار"، وفي تهجير الشعوب "إعادة ترتيبٍ إقليمي"، وفي التحالف مع إسرائيل "خطوة نحو التسامح الحضاري". بهذه اللغة، تُفرغ مفاهيم السلام والدبلوماسية من معناها الأصلي، لتصبح تبريرًا للعنف السياسي. وكما يحلّل تشومسكي، فإن هذا النمط من الخطاب يمارس نوعًا من الهيمنة الإعلامية التي تعيد تشكيل الوعي العام العربي بحيث يُنظر إلى الاحتلال بصفته ممارسة طبيعية، وإلى التبعية كخيارٍ عقلانيٍّ رشيد.

اليمن نموذجًا للوظيفة القتالية

يتجلى الطابع الوظيفي للإمارات بوضوح في اليمن، حيث أقامت قواعد عسكرية على السواحل والجزر اليمنية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، بينما هي في الواقع تُرسّخ وجودًا استراتيجيًا يخدم مصالح القوى الكبرى في مضيق باب المندب. في الوقت ذاته، تُغذّي الصراعات الداخلية وتشجّع الانقسام بين مكونات الشعب اليمني لإدامة حالة اللا-دولة. هذا السلوك لا يشبه سياسات الدول المستقلة، بل يشبه أدوار الشركات الأمنية التي تؤدي وظائف لصالح قوى استعمارية أكبر.

الخلاصة التحليلية

إن ادعاءات الإمارات حول التسامح والسلام والازدهار لا تعدو كونها إطارًا لغويًا لخداع الذات وتبرير موقع التبعية داخل المنظومة الإمبريالية. فالسلوك الواقعي يكشف أنها دولة حربٍ وظيفية، تستثمر اقتصادها ونفوذها السياسي لتخدم مشروع الهيمنة الأمريكية-الصهيونية في المنطقة، وتبرّر ذلك تحت عناوين الحداثة والتحضر والتسامح.
ولذلك، فإن قراءة التجربة الإماراتية لا يجب أن تتوقف عند مظاهرها الاقتصادية أو العمرانية، بل ينبغي أن تُدرَس بوصفها نموذجًا للسلطة النيو ليبرالية التابعة، التي تستخدم الخطاب الناعم لتثبيت العنف الصلب، وتستعير لغة التسامح لتغطية فعل الحرب. هذا التناقض بين القول والفعل، بين الخطاب الأخلاقي والسياسة الفعلية، هو لبّ ما يحذّر منه تشومسكي حين يقول: "حين تحتكر السلطة اللغة، تصبح الجرائم سياسةً، وتتحوّل الأكاذيب إلى مبادئ قومية."



#منذر_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر ترامب للسلام في شرم الشيخ هندسة ماكرة لصراع جديد!
- دونالد ترامب وصناعة الخراب: قراءة في أخلاق القوة والتواطؤ!
- رسالة مفتوحة إلى الأخ عبد الملك الحوثي: نداء للتبصر والمسؤول ...
- رسالة مفتوحة إلى مجلس القيادة الرئاسي اليمني: نداء للتبصر وا ...
- الاعتراف البريطاني بفلسطين: خطوة صائبة لكنها غير كافية!
- قمة الدوحة بين الجدية العربية والعبثية العبرية!
- الصهاينة في عدن: مشهد عبثي في مهد الثورة التحررية!
- العدوان الصهيوني على الدوحة وصنعاء وازدواجية الموقف العربي!
- التافهون الخونة لهم صرختاهم البغيضة أيضًا!
- اليمن في مرمى المشروع الصهيوني!
- هل يجوز نزع سلاح المقاومة اللبنانية؟
- رِهان الحكام العرب على سراب الصهيونية!
- رحيل صنع الله إبراهيم… صوت الذاكرة والاحتجاج!
- الوطنية بين وهم الانتماء وأدلجة الولاء: أيهمَا الأصل وأيهمَا ...
- إسرائيل تفترس سوريا وتعيد هندسة العالم العربي!
- ألا يستحق زعماؤنا جائزة نوبل... للسلام؟
- إيران: إرادة لا تُقهر بين النصر الرمزي وتحديات الهيمنة!
- العدوان الإمبريالي على إيران بين اليسار الحقيقي واليسار الزا ...
- الضمير المستأجر: منابر عربية تُمجّد القاتل وتدين الضحية!
- المفارقة المحزنة: حين يُطلب منك باسم العروبة أن تؤيد إسرائيل ...


المزيد.....




- شباب -جيل زد- بالمغرب يجددون مطالبهم بالإصلاح وإطلاق سراح ال ...
- سوريا.. قوات إسرائيلية تتوغل بالقنيطرة وتطلق قنابل مضيئة
- روبيو: لا مصلحة لإسرائيل في احتلال قطاع غزة
- مقتل شخصين في غارات إسرائيلية جنوب لبنان
- غزة بوابة التحولات الكبرى.. الشرق الأوسط يعيد رسم خرائطه
- غزة.. قراءة في واقع الإدارة والصراع الداخلي
- -رد اعتبار-.. احتفاء بمشاركة محمد سلّام في احتفالية -وطن الس ...
- قبل اجتماعه مع شي.. ترامب يأمل في -اتفاق شامل- مع الصين
- سموتريتش: ترامب سيغير رأيه بشأن ضم الضفة الغربية
- عشية قمة آسيان.. ماليزيا تؤكد غياب أي نقاش حول الخلاف التجا ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - منذر علي - الإمارات: دولة الحرب الوظيفية في خدمة الصهيونية والإمبريالية!