أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - منذر علي - الاعتراف البريطاني بفلسطين: خطوة صائبة لكنها غير كافية!














المزيد.....

الاعتراف البريطاني بفلسطين: خطوة صائبة لكنها غير كافية!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 23:13
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


إنَّ اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين يمثل قرارًا سياسيًا صائبًا، جاء بعد تردد ومراوغة طويلة، وكأنه نتيجة ضغوط غير مرئية أكثر من كونه تعبيرًا عن قناعة أخلاقية أو سياسية راسخة. ورغم أنَّ هذا القرار يُعد تحولًا جريئًا وغير مألوف في السياسة البريطانية، لا يمكن أن يُنسب بالكامل إلى حكمة القيادة الحالية بقيادة كير ستارمر. بل إن هذا الاعتراف لم يكن ليحدث لولا تضافر جملة من العوامل التاريخية والسياسية والاجتماعية التي جعلت الحكومة البريطانية أمام خِيار لا يمكنها التهرب منه.
العوامل الحاسمة وراء الاعتراف:
1. صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة
لا يمكن فهم هذا التحول البريطاني دون الإشارة إلى صمود الشعب الفلسطيني الأسطوري، الذي لا نظير له في التاريخ الإنساني. إن تمسك الفلسطينيين بأرضهم ومقاومتهم لكل أشكال القمع والاحتلال هو محور هذا الحدث. لقد أثبت الشعب الفلسطيني، رُغم كل محاولات الإبادة والاقتلاع، أنه لا يزال حاضرًا على أرضه، وأن مقاومته تتجاوز حدود السلاح لتشمل وجوده ذاته، بصفته حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاوزها.
2. فاشية الحكومة الإسرائيلية وفضيحتها الأخلاقية
إنَّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بقيادتها الحالية التي تجاوزت كل الحدود في فاشيتها، أسقطت القناع عن الوجه الحقيقي للصهيونية العالمية. لقد تجاهلت هذه الحكومة القوانين الدولية والقيم الإنسانية، مما جعلها فضيحة علنية أمام الضمير العالمي. حتى داخل الكيان الصهيوني نفسه، وبين صفوف اليهود الشرفاء في العالم، تصاعد الغضب والاحتجاج ضد هذه السياسة العنصرية التي لم تعد قابلة للتبرير.
3. الضغط اليساري المتنامي في بريطانيا
لا يمكن إغفال دور القُوَى اليسارية البريطانية في هذا الاعتراف. السياسيون مثل جيرمي كوربن، وريتشارد بورجون، وزهرة سلطانا، وابتسام محمد، إلى جانب ناشطين إعلاميين مثل أوين جونز ورياضيين بارزين مثل غاري لينكر، أدون دورًا محوريًا في إثارة الرأي العام وحشد التأييد للقضية الفلسطينية. كما أنَّ النقابات ومنظمات المجتمع المدني كانت حاضرة بقوة، مما جعل القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان الشعب البريطاني.
4. احتجاجات الشارع البريطاني
الشارع البريطاني لم يكن صامتًا أمام المشاهد المروعة للإبادة الجماعية والتجويع والتصفية العرقية التي تُمارس بحق الشعب الفلسطيني. التظاهرات واسعة النطاق، التي اجتاحت المدن البريطانية كانت بمنزلة صوت صارخ يطالب الحكومة باتخاذ موقف واضح وصريح.
5. الاحتجاجات العالمية المتزايدة
الاعتراف البريطاني لم يكن ممكنًا دون التأثير الكبير للاحتجاجات العالمية، خاصة في دول مثل إيرلندا، وإسبانيا، وروسيا، والصين، والبرازيل، وجنوب وإفريقيَا، والجزائر، واليمن ، و البرتغال، والدنمارك، والنرويج. هذه الدول، بدرجات متفاوتة، ضغطت بشكل مباشر وغير مباشر على الحكومات الغربية، لتعيد النظر في سياساتها تجاه القضية الفلسطينية.
الاعتراف وحده لا يكفي: عبء التاريخ والواجبات القادمة
ورغم أهمية هذا الاعتراف، فإنه لا يعفي بريطانيا من المسؤولية التاريخية التي تتحملها بسبب وعد بلفور المشؤوم عام 1917. ذلك الوعد الذي منح أرض فلسطين للصهيونية العالمية، وفتح الباب أمام استعمار استيطاني جاء بالمستوطنين من بولندا وألمانيا وأوكرانيا وبريطانيا وفرنسا وأمريكا، وزرعهم في أرض ليست لهم.
إن هذا الاعتراف، رُغم رمزيته، لن يُغفر لبريطانيا خطيئتها التاريخية ما لم تتخذ خطوات عملية تعكس التزامًا حقيقيًا:
• وقف تسليح إسرائيل فورًا: يجب على بريطانيا أن تنهي دعمها العسكري لدولة الاحتلال التي تستخدم هذه الأسلحة لقتل الأبرياء وتهجيرهم.
• فرض عقوبات اقتصادية صارمة: يجب أن تُفرض عقوبات تُجبر إسرائيل على احترام القوانين الدولية ووقف سياساتها الإجرامية.
• محاسبة مجرمي الحرب: على بريطانيا أن تتخذ موقفًا حاسمًا بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، مثل بنيامين نتنياهو وأركان حكومته وجيشه، حين تطأ أقدامهم الأراضي البريطانية.
• دعم محكمة العدل الدولية: يجب أن تدعم بريطانيا قرارات محكمة العدل الدولية المتعلقة بجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
خاتمة: الاعتراف خطوة على الطريق، لكن الطريق طويل
إنَّ الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين هو بلا شك حدث مهم وقرار صائب، لكنه لا يكفي. إنه خطوة أولى يجب أن تتبعها خطوات أكثر جرأة ووضوحًا. فالاعتراف وحده لن يغفر لبريطانيا خطيئة وعد بلفور، ولن يُبرئها في محكمة التاريخ.
إنَّ ما يحتاجه العالم هو التزام حقيقي وملموس من بريطانيا، ليس فقط بالاعتراف، بل باتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وقانونية تعزز من حقوق الشعب الفلسطيني وتضع حدًا للإجرام الإسرائيلي.
فهل ستتحلى بريطانيا بالشجاعة اللازمة لتجاوز عبء تاريخها الاستعماري، وتتحول من مجرد معترف إلى فاعل حقيقي في نصرة العدالة؟
الإجابة عن هذا السؤال ليست فقط مرهونة بإرادة الحكومة البريطانية، بل بإرادة الشعوب والضمائر الحية التي ترفض الصمت أمام الظلم.
إن الاعتراف وحده مرحلة، لكنه ليس النهاية. لأن النهاية الحقيقية هي حين يتحقق التحرر الكامل لفلسطين، وحين تُعيد بريطانيا، والعالم بأسره، تعريف معنى العدالة في ضوء التاريخ والإنسانية.



#منذر_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة الدوحة بين الجدية العربية والعبثية العبرية!
- الصهاينة في عدن: مشهد عبثي في مهد الثورة التحررية!
- العدوان الصهيوني على الدوحة وصنعاء وازدواجية الموقف العربي!
- التافهون الخونة لهم صرختاهم البغيضة أيضًا!
- اليمن في مرمى المشروع الصهيوني!
- هل يجوز نزع سلاح المقاومة اللبنانية؟
- رِهان الحكام العرب على سراب الصهيونية!
- رحيل صنع الله إبراهيم… صوت الذاكرة والاحتجاج!
- الوطنية بين وهم الانتماء وأدلجة الولاء: أيهمَا الأصل وأيهمَا ...
- إسرائيل تفترس سوريا وتعيد هندسة العالم العربي!
- ألا يستحق زعماؤنا جائزة نوبل... للسلام؟
- إيران: إرادة لا تُقهر بين النصر الرمزي وتحديات الهيمنة!
- العدوان الإمبريالي على إيران بين اليسار الحقيقي واليسار الزا ...
- الضمير المستأجر: منابر عربية تُمجّد القاتل وتدين الضحية!
- المفارقة المحزنة: حين يُطلب منك باسم العروبة أن تؤيد إسرائيل ...
- كيف يفكر الأوغاد صباح الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
- هل نحن على أعتاب ضربة ضد إيران؟
- نداء عاجل لوقف الحرب على الشعب اليمني
- عدوان صهيوني–إمبريالي شامل ووشيك على اليمن بين صمت السلطة وت ...
- يا عمال العالم، اتحدوا!


المزيد.....




- حزب الشعب الجمهوري التركي يجدد ثقته في أوزغور أوزال وسط معار ...
- تصاعد الحراك الشعبي في النمسا رفضا لحرب الإبادة على غزة
- صدامات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين ضد الفساد في البيرو
- شاهد.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مناهضين للفساد في الفلب ...
- الرفيق عبد الله الحريف في الذكرى 55 لتأسيس منظمة “إلى الأمام ...
- انتخاب معارض لأردوغان زعيما لحزب الشعب الجمهوري في تركيا
- الجبهة الديمقراطية: اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا بدولة فل ...
- الشيوعي السوداني: الصراع في السودان تسبب في أسوأ أزمة إنساني ...
- م.م.ن.ص// من تاونات: شعبنا يواصل الحركة الاحتجاجية على واقع ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب.. ابعدوا التعليم عن المحاصصة والا ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - منذر علي - الاعتراف البريطاني بفلسطين: خطوة صائبة لكنها غير كافية!