منذر علي
الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 01:07
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
مع أنَّ التاريخ الحديث والذاكرة الجماعية للعرب مثقلان بالشواهد الدامية على أنَّ المشروع الصهيوني ليس سوى امتداد عضوي للبنية الاستعمارية الغربية، فإنِّ بعض الحكومات العربية ما تزال تراهن على ما تسميه "حسن نوايا" إسرائيل، وكأنها تتعامى عن الوقائع وتستبدل بها أساطير سياسية مريحة.
لقد قامت دولة الاحتلال على أنقاض فلسطين عام 1948 بتهجير شعبها قسرًا، وبمصادرة أرضه وطمس هويته، وكل ذلك تحت رعاية القُوَى الإمبريالية الكبرى، من دون أنْ تكون هناك حرب استباقية أو استفزاز مباشر من العرب. ثم مضت في احتلال أراضٍ عربية في مصر وسوريا والأردن ولبنان، غير عابئة بالشرعية الدولية أو بالعهود والمواثيق، وكأن تاريخها سلسلة متصلة من الغزو والتوسع لا يحدها سوى ما تستطيع القوة العسكرية فرضه.
ومع ذلك، يخرج علينا بعض الساسة العرب بخطاب يتسم بالسذاجة إنْ لم نقل بالانتحار السياسي، إذْ يزعمون أنَّ تجريد المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا من سلاحها، ومنع أي عمل مسلح ضد "دولة إسرائيل"، وفتح الأبواب أمام العلاقات الدبلوماسية والتطبيع الاقتصادي والثقافي، سيجلب "السلام الدافئ" ويضمن احترام السيادة العربية، بل وربما يجعل إسرائيل شريكًا في "حماية المنطقة" من عدو آخر، تُصوّره هذه الحكومات على أنه أخطر من المشروع الصهيوني نفسه!
لكن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أسقط هذا الوهم بخطاب واضح وصريح يوم أمسِ، حين أعلن أنَّ رؤيته التاريخية والروحية تتمثل في إقامة "إسرائيل الكبرى". إنَّ ما يصرح به نتنياهو، وما تمارسه قوات الاحتلال يوميًا في غزة والضفة وسوريا وجنوب لبنان، يعرّي تمامًا أسطورة السلام الموعود، ويكشف أن المشروع الصهيوني لا يعرف سوى منطق التوسع والهيمنة.
إذن، فالسؤال ليس: هل نصدق نتنياهو أم الحكومات العربية؟ بل: إلى متى سيظل بعض العرب أسرى أوهام سياسية بائسة، يفسرون التاريخ بعكس منطقه، ويتجاهلون أنَّ إسرائيل لا تحتاج إلى استفزاز كي تغتصب الأرض، ولا إلى ذريعة كي تمارس قمعها، لأنَّ مشروعها التوسعي قائم في جوهره على محو كل ما يقف في طريقه؟
#منذر_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟