أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - منذر علي - العدوان الإمبريالي على إيران بين اليسار الحقيقي واليسار الزائف!














المزيد.....

العدوان الإمبريالي على إيران بين اليسار الحقيقي واليسار الزائف!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 01:12
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


من الخطأ الفادح أن نقرأ المواقف السياسية بمعزل عن بنيتها الأيديولوجية. فالموقف من العدوان الأمريكي أو الإسرائيلي على دولة مثل إيران ليس مجرد خِيار سياسي، بل اختبار أخلاقي حاسم، يكشف عمق الالتزام الفعلي بمعايير السيادة والعدالة ورفض منطق القوة.

في مثل هذه اللحظات الحاسمة، تنكشف الوجوه.
اليسار الحقيقي في أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وآسيا، بل وحتى في بعض زوايا أوروبا أدان العدوان الصهيوني–الأمريكي على إيران، لا لأنه يتماهى مع النظام الإيراني أو يتبنى مشروعه السياسي، بل لأن المبدأ واضح: لا شرعية لأي عدوان خارجي على دولة ذات سيادة، لا سيما حين يتم خارج أي إطار قانوني دُوَليّ، وبدوافع تُمليها منظومة الهيمنة الإمبريالية لا مبادئ القانون.

وقد عبّر عن هذا الموقف بوضوح الزعيم البريطاني اليساري جيريمي كوربن اليوم، حين قال:
"الهجمات غير القانونية التي تشنها الولايات المتحدة على إيران تتسم بتهور يفوق التصور — وتهدد أمن البشرية في جميع أنحاء العالم. كان من الممكن اللجوء إلى الدبلوماسية، ولكن بدلًا من ذلك، أشعلت دولتان عدوانيتان نوويتان، إسرائيل والولايات المتحدة، حربًا كارثية."

في المقابل، برز ما يمكن أن نُطلق عليه — دون تردد — "اليسار الزائف":
هذا التيار الذي تبنّى شعارات العدالة والمساواة طويلًا، لكنه تهاوى لحظة أن اصطدمت هذه الشعارات مع مصالح النخب الإمبريالية أو مع سرديات القُوَى الرجعية في الخليج.

هؤلاء ليسوا يساريين، بل موظفو خطاب، يؤدون أدوارهم في مسرح السلطة، يلبسون رداء "التحليل"، في حين يعيدون إنتاج منطق الهيمنة بأدوات ناعمة، محمولة على لغة حقوق الإنسان والديمقراطية.

في لحظة القصف، لم يتساءل هؤلاء عن شرعية العدوان، ولا عن رمزيته، ولا عن الرسالة التي يُراد إيصالها للعالم: أن الدولة التي تخرج عن الطاعة، وتبني مشروعًا صناعيًا وعسكريًا مستقلًا، وتدعم القضية الفلسطينية، وتواجه الحصار، يمكن أن تُقصف بلا عقاب.

بل انشغلوا في تبرير الهجوم، مستخدمين مفردات مهترئة:
قالوا إن إيران "ثيوقراطية"، وإنها "تتدخل" وتمزق "الدولة القومية العربية"، وإن "دول الخليج توحد الصف العربي" — وكأن القصف يُقاس بطبيعة النظام، لا بشرعية السلوك الدُّوَليّ.

لكنهم لم يسألوا: من الذي يملك حق الاعتداء؟ من الذي يقرر من يعيش ومن يُمحى؟ من الذي يُقصف ويُطلب منه الصمت؟

إن هؤلاء لا يريدون من إيران الإصلاح، بل الاستسلام. يريدونها أن تُطبّع، أن تنخرط في السوق الحرة، أن تُنكر شيعتها، أن تعتنق "الإسلام السني المناسب" المتوائم مع المِزَاج الإمبريالي، أن تنسى فلسطين، وتصفق حين تُضرب، وتصمت حين تُحاصر.

يريدونها نسخة من أنظمة الخليج: غنية، صامتة، تابعة، ومتعفنة.
نعم، نختلف مع بنية "ولاية الفقيه"، التي أبتكرها آية الله خميني، وننقد ممارسات إيران داخليًا وخارجيًا، لكن لا يمكن أن نغض الطرف عن حقيقة أن طهران تمثل — منذ 1979 — حالة استثنائية في رفضها الانخراط في منظومة الهيمنة الغربية.

لقد نشأت الدولة الإيرانية المعاصرة عن واحدة من أعظم الثورات الجماهيرية الحديثة، واجهت حصارًا مستمرًا، خاضت حروبًا، وتعرضت لعقوبات خنقت اقتصادها، لكنها لم تنهر بل طوّرت منظومتها الصناعية والعسكرية، ورفضت الاعتراف بإسرائيل.

المشكلة ليست في "ثيوقراطيتها"، بل في استقلالها.
اليسار الزائف، ومعه قوميون متكلسون، وإسلاميون طائفيون، اجتمعوا جميعًا على شماتة بائسة، وتبرير ضمني للعدوان، وكأن القصف الأمريكي–الإسرائيلي على إيران هو خطوة نحو "تحرير العرب" أو "مواجهة الانقسام".
زعموا أن دول الخليج "توحد اليمن" و"تحرر السودان" و"تنشر الديمقراطية في تونس والجزائر" و"تحمي لبنان" وتطور الصومال، في حين تتسبب إيران في الانقسام!

لكنهم لم يسألوا أنفسهم: من أقام السجون السرية في اليمن؟
ومن دمّر البنية التحتية؟ ومن ضخّ الأموال وأقام المليشيات لدعم الانقلابات في اليمن بعض البلدان العربية؟
ومن موّل الاحتلال الصهيوني سياسيًا واقتصاديًا؟

وعلى الرغم من كل خلافات إيران البنيوية مع العرب، من وقف إلى جانب فلسطين، ورفض الإبادة في غزة، وأصرّ على أن المقاومة ليست إرهابًا، بل حق مشروع؟

اليسار الزائف لا يملك مشروعًا تحرريًا. يملك فقط خطاب صالونات، مُعقّم، خالٍ من التوترات الحقيقية، يُناسب دوائر التمويل والنشر، لا ساحات النضال.
يدّعي التعددية، لكنه لا يحتمل نموذجًا لا يشبهه. يُدين القمع في طهران، لكنه يصمت عن القصف في صنعاء وغزة ولبنان ودمشق.
و يطعن في إيران، لا لأنها استبدادية، بل لأنها مقاومة.
أما اليسار الحقيقي، فهو الذي يرى في كل عدوان خارجي على دولة مستقلة — مهما كان شكل نظامها — اعتداءً على مبدأ السيادة، وعلى إمكانية بناء عالم محكوم بالقانون والعدالة، لا بموازين القوة والرضا الأمريكي.
إن الاصطفاف مع إيران في هذه اللحظة لا يعني المصادقة على سياساتها، بل يعني أن نُعلن بوضوح أن العدالة لا تتجزأ، وأن الدفاع عن سيادة الدولة ضد الهيمنة هو شرط أخلاقي، لا خيار سياسي.
فالحق في الاستقلال لا يُمنح من واشنطن أو تل أبيب، بل يُنتزع، ويُصان، ويُدافع عنه.
المجد للشعب الإيراني المقاوم للعدوان الإمبريالي والصهيوني!



#منذر_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضمير المستأجر: منابر عربية تُمجّد القاتل وتدين الضحية!
- المفارقة المحزنة: حين يُطلب منك باسم العروبة أن تؤيد إسرائيل ...
- كيف يفكر الأوغاد صباح الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
- هل نحن على أعتاب ضربة ضد إيران؟
- نداء عاجل لوقف الحرب على الشعب اليمني
- عدوان صهيوني–إمبريالي شامل ووشيك على اليمن بين صمت السلطة وت ...
- يا عمال العالم، اتحدوا!
- الإمبريالية الأمريكية تناصر الإبادة الجماعية!
- الطغيان الأمريكي والعجز العربي: قراءة في موازين القوة!
- الاشتراكيون اليمنيون... مع مَنْ؟
- التحية بحجم السماء إلى المرأة في عيدها العالمي المجيد!!
- الصهيونية تزحف بخطى متسارعة على العالم العربي!
- الإمبريالية تؤجج الصراعات ثم تستثمرها: أوكرانيا واليمن نموذج ...
- ما معنى أن يكون المرء يساريًا ؟
- إسقاط الأسد وتنصيب الذئب!
- سوريا في قلب العاصفة: هل فقد العالم بوصلته؟
- هل يتعلم العرب مما يجري في اليمن و سوريا؟
- التحديات الداخلية والخارجية أمام الدولة السورية!
- العرب بين المساوم والمقاوم!
- لبنان انتصر على الألم، فهل سينتصر محور المقاومة؟


المزيد.....




- حرب أمريكا وإسرائيل على ايران وتداعياتها. ندوة سياسية لمنظمة ...
- حزب التقدم والاشتراكية يستقبل وفداً من المنظمة المغربية لحقو ...
- تحركات في الكونغرس الأميركي لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية ...
- غدًا تجديد حبس القيادي العمالي شادي محمد وشباب قضية “بانر فل ...
- النظام المصري يواصل حبس المتضامنين مع فلسطين
- احتجاج بلا تصعيد، وغضب بلا قيادة: وقفة نقابة المحامين تكشف ع ...
- بيان لصحفيين مصريين: الاعتداء الأمريكي على إيران من أرض عربي ...
- المحامين قالوا كلمتهم.. نعم للإضراب
- المستأجرون يقررون مواصلة النضال لاسقاط مشروع القانون ويطالبو ...
- “أمن الدولة” تستكمل التحقيقات مع يحيى عبد الهادي


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - منذر علي - العدوان الإمبريالي على إيران بين اليسار الحقيقي واليسار الزائف!