لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 18:18
المحور:
الادب والفن
-*(ملف نقدي ساخر ) إعداد و ترجمة بقلم: لخضر خلفاوي
**
-سُئلَ جبريل (غابريال غارسيا) عن رأيه الشخصي من خلال قراءته الذاتية لمَا كتبه من أعمال فأجاب مبتسماً:" "رأيي فيما أكتب؟ هو في الحقيقة لا توجد لدي أي فكرة كوني أراني ناقدا سيئا جدًا لأعمالي."
-هي إجابة متوقعة من كاتب-محترف-، و ليس فيها ما يدعو للغرابة بالنسبة لكل كاتب يضع مسافة معتبرة بينه و بين مستوى النّصوص التي ينتجها؛ و بين الغرور . /فعلى كلّ كاتب حقيقي أن يكون صديقا حميما للشكّ في قيمة كلّ ما يكتبه من ثيم و أفكار(ل.خ)./
Tout véritable écrivain doit être un ami intime du doute sur la valeur de tout ce qu il écrit sur ses thèmes et ses idées (L.K).
**
Every true writer must be a close friend of doubt about the value of everything he writes about his themes and ideas (L.K).
-(...في عام 1949، وخلال أعمال الحفر و التهيئة و التنقيب التي سبقت أشغال البناء، كشفت أطلال أثرية و أساسات مبنى -ديني داخلي للإناث- التابع لِ "دير سانتا كلارا Santa Clara" / couvent/ convent السابق في "قرطاجنة (الهندية)/ دي إندياس*" عن قبو يحتوي على رفات طفلة استمرت جدائل شعرها في النمو منذ أن تمّ دفنها، ليصل مقاسها إلى أكثر من عشرين مترًا.
-لقد تفتت الحجر و انكشف السرّ وظهر شعر حي بلون نحاسي كثيف من ذلك القبو... على الحجر المنحوت الذي التهمته نترات البوتاسيوم لم يكن هناك سوى اسمُها الخالد، حسب تصوّري الشخصي/ يشبه خلوده آلام المسيح/ .. اسم أول بسيط لِ: "سييرفا ماريا دي تودوس لوس أنجلوس" ممددة على قاع الحفرة.. كانت سيرفا ماريا دي تودوس لوس أنجلوس الابنة الوحيدة للثري الماركيز "كاسالدويرو".
كانت "سييرفا" بنت الثانية عشرة من عمرها عندما عضها كلب رمادي اللون ذو قمر أبيض على ناصيته(هكذا لمّا تنزل الأقمار على نواصي الكلاب تخسف الإنسانية/ل.خ). إذْ حُبِست الطفلة في تلك الدير لطرد هذا "الكَلَب".
-رواية "شيء من الحب وشياطين أخرى":
مستلهم بعضها من أحداث قصة حقيقية. و إن حدث اكتشاف رفات طفلة الجدائل النامية لَحقيقي غطاه إعلاميا "غابريال غارسيا ماركيز" عام 1949. كان المركيز (Gabo) وقتها صحفيًا طموحاً شابًا تواجده بسبب تغطية أشغال الحفر بهذه الدير التاريخية المذكورة.
-ومن هذا التفصيل تحديدا يجد الماركيز غابريال (جبريل) غارسيا ذريعة سردية حرّكها فضوله ككاتب ليسافر بالقارئ إلى الماضي البعيد في مرويات مركبة "السّرد-قَصصية" -الغابُويّة- و تحديدا "السفر الرّجعي" إلى تخوم منتصف القرن الثامن عشر.. يحاول الكاتب في مروياته هذه الالتقاء مجددا بصاحبة الجدائل التي لا تعرف التوقف عن النمو فتاة القبو المُكتشف "سييرفا ماريا دي تودوس لوس أنجليس" Sierva María de Todos los Ángeles
-فبعد حصار "قرطاجنة دي إندياس 1742" و هي وصيفة "ولاية غرناطة الجديدة"، حيث أثار كلب مسعور الذعر في منطقة الميناء. (..."من المؤكد أن هذه المدينة عبارة عن مدينتين؛ الأولى مرحة ومزدحمة خلال الأشهر الستة التي ترسو في مينائها مراكب البحّارة و السفن الشراعية، والأخرى عالقة في سباتها، نائمة بقية العام، تنتظر بلهفة عودتهم". )
-كان من بين ضحايا عضاته الفتاة "سيارفا ماريا"، ابنة ماركيز Casalduero كاسالدويرو. كما كان يبدو ورغم عدم ظهور أي أعراض سريرية، إلا أنّ "سييرفا" كانت تبدو متأثرة بشدة من أعراض ما أو بسبب ذلك الوباء.
(...يستخلص أن "في التاريخ كلّه الطويل للبشرية لم ينجُ أي -مسعور-، كاره للماء في أن يحكي الحكاية". ..)
-كان الوقت يمر، ولا يحدث تحسّن و لا شيء إيجابي للمراهقة.. الماركيز كاسالدويرو المنفصل عن زوجته، و الذي كان قد ترك حتى ذلك الحين رعاية تعليم و تربية طفلته الصغيرة لعبيده و خدمه.. كان يرغب في استخدامها لاستعادة صورته التي شوّهها فجوره و فسوقه -بعد أن اكتشف- و معتقدا أن ابنته "سييرفا" قادرة على التحدث بلغات "شيطانية".
- في الواقع هي لغات اليوروبا والماندينغو والكونغو التي كان يستخدمها العبيد الذين جُلِبوا من إفريقيا إلى "قرطاجنة الهندية"(في كولومبيا) - أنّها أُصيبت بنوبات من المسّ الشيطاني - و تمارسُ رقص العبيد - و تتعامل مع إبليس - ؛ كونها تضع قلادات السانتيرياsantería
- (في حين رفض فرضية العدوى "أبرِينونسيو Abrenuncio، الطبيب اليهودي البرتغالي، و هو قارئ من قرّاء فولتير Voltaire المنتفض ضد كهنوت أو دوغم الكنيسة وجميع المؤلفين المغضوب عليهم المدرجين في القائمة السوداء لمحاكم التفتيش الكنيسية أنذاك.. فالرأي الذي رجّحته المسيحية السائدة هو تشخيص سريع خَلُصَ إلى وصفها بحالة متقدمة من -الاستحواذ الشيطاني-".) بينما
(..."كانت "سييرفا" تتصرّف على طبيعتها و تظهرُ نفسها كما هي. ترقص برشاقة وتألق أكثر من رقصة الأفارقة الأصليين أنفسهم ".. وحيث كانت تغنّي باللغات الأفريقية المختلفة و بأصوات مختلفة غير صوتها، كانت كمن استعار أصوات الطيور والحيوانات البرّية التي ظلت في حيرة من أمرها". ..)
.. أُضطرّ المركيز إلى الاستفسار حول سلوك ابنته و ما يجب اتباعه من نصح يأتي بحلول لمعضلته أمام الأسقف دون توريبيو دي كاسيريس إي فيرتوديس don Toribio de Cáceres y Virtudes. ولإرشاده في تعافي الفتاة فأمره الأسقف إدخال ابنته إلى مبنى راهبات "دير سانتا كلارا"، حيث سيُرقيها من تلبّس الشيطان لها و سيطرد جنّها الأب كايتانو ديلاورا Cayetano Delaura..
-فهل يا ترى (...بمقدور و إمكان السعادة تقديم العلاج و الشفاء ما يكون مستعصيا على الطبّ كله...)
-كانت "الصبيّة "سييرفا" محبوسة في قبضة راهبات الكلاريس مع مثيلاتها أو شبيهاتها من "المحاصرات"، و هنّ متهمات من قبل الراهبة المسؤولة Josefa Miranda "جوزيفا ميراندا" بكل الذنوب و الخطايا (كما يسرد غارسيا/ أو غابو Gabo) .. الرّاهبة المتسلطة كنيسيا درّبها "المكتب المقدس" و كيّف عقلها على تنفيذ أوامره دون نقاش التعاليم و التعليمات. يقول كبيرهم:
(..."خذوها بعيدًا عنّي حبًا في ربنا يسوع، لا أريد رؤيتها مرة أخرى في حياتي." ..)
-تجد الطفلة النّامية و الصّاعدة أنوثتها نفسها وسط ذعر و خوف مسلط عليها، حيث استعصى عليها فهم سياق ما تتعرض له من تحرّش كَنيسي ديني متطرّف -حسب التَّوجيه السّردي للروائي-.
-"إنها بارعة في الكذب و التضليل، مما يزيد وضعها سوءًا و تعقيدا". هكذا استخلص يقول في البدء رأيهُ الكاهن Cayetano Delaura الوسيم و رجل الدّين المكلّف بخَلاص روحها البريئة برُقيتها و المُوكل إليه أمر طرد الشيطان من جسدها إلى غير رجعة.
-ربما قد نجح رجل الدّين، المُرقي "كايتانو ديلاورا" في اختراق و دخول -عالم الطفلة المضطربة الآراء و الأفكار و الرؤى في عالم معقّد تسيّره المصالح الشخصية لكل واحد منهم تحت مُسمّيات مختلفة، كلّ حسب مشربه-. طفلة بريئة رغم كل شيء تفجّرت أنوثتها باكراً جدا و قبل أوانها- ؛ دخلهُ هذا الأخير لكنه لم يُخرج منه أحداً .. لم يستطع إخراج نفسه و لم يستطع طرد أو اصطياد أي شيء من جسدها أبداً.. /تفاعل و تداخل الأحداث و هو يتواصل في جسلساته مع الشيطان من خلالها/ جعلته بإغواء شديد ألاَّ يشعر بانسياب روحه و بضياعه فيها و هو معها هناك في هذه الدّير. /. كانت صغيرة المركيز كاسالدويرو على عكس تخميناته مُصابة بنزلة حبّ مُبكّرة، نزلة شرسة سابقة لأوانها أو رُبّما أُصيبت بِ"كلَب الحبّ" و لم تكن لديها في تلك الظروف أيّ وقاية مناعية من عالم الكبار الشرس!/عندما ضعفَ الكاهن و الأب "كايتانو ديلاورا"، و سمح لشيطانه الخاص تغيير هدف مهمته المقدسة و نواياه الدينية و هي -محاولة تخليص طفلة بريئة -من آلامها النفسية و اضطراباتها؛ فكَفَر و وسوست له نفسه باستغلال طفلة قاصر مضطربة نفسيا و عاطفيا وسط تلك الظروف و الضغوط، كان لا يهمه سوى استغلال هشاشة المراهقة الجامحة ليصطاد شهوته و متعته من جسد "سييرفا"، و تُحوّل من أبّ كاهن و مربّي ديني و مرشدا إلى "بيدوفيلي" مُسافح، و يغتصب براءة طفلة عمرها 12 عاما كانت (ناقصة عقل /ناقصة نضج) قبل أن يطمثها ربما قبل كل إنس و كل جان !.
-تلتصق شفاههما ببعض في عناق ساخن:
(..." وما إنّ قبّل فمها لأوّل مرة، ارتجف جسد "سييرفا ماريا" يبث في الأرجاء شكوى أنينه الخاص، كأنه أنين بواكير الاشتهاء، ثمّ اندلعت منه كهُبوبٍ ألطف نسمة بحرية، لتغرق سريعاً في لحظتها مُستسلمة لمصيرها."
--في موقف من هذه المروية، يستحضر طارد الأرواح الشريرة ( "درس الإنجيل عن ليجيون و ألفي خنزير شيطاني". ليليها
"نوع من التواطؤ و الرضا المتستّر ينِ .. الضحية وجلاديها لإدامة غموض اللعبة الضرورية بشكل واضح لتوازن الكل".)
-ربما تعاطف "غابريال غارسيا" المقصود مع بطله الكاهن المرتدّ أخلاقيا و المنحرف عن تعاليم المسيحية الأب "كايتانو ديلاورا" و -صغيرته- الطفلة "سييرفا ماريا" المُستغلة عاطفيا و جسديا لتطابق بعض الشيء مع تجربة الروائي الكولمبي "غارسيا ماركيز" مع -صغيرت- ، حيث كان (غابو) مسيطرا، مستحوذا على مشاعر و عواطف طفلة صغيرة (غير مكتملة النمو و الرّشاد) كان عمرها لا يتعدى ال13 عاما.. طفلة غابريال غارسيا كانت تُدعى "بَرْشة مارسِداس Mercedes Barcha . بعدما مارس مع "مارسداس" كل جنون عشقه و طلب منها أن تتزوجه و هي لم تتخطى سن 13 سنة: "هلاّ تَزوّجتِني؟"، يطلب الشاب "غابريال غارسيا" البالغ و الأكبر سنّا من طفلته القاصر "بَرْشَة مارسدَاس" و هو يراقصها. لم يحدث ذلك وقتها و استمرا معا يمارسان العشق و الحب و تضاعف سنّ العاشقة المعشوقة و بعد 13 سنة أخرى ليعلنا أخيرا شرعية علاقتهما بالزواج عام 1958.
**
-لقد أسرت "سييرفا" و فتنت قلب الأب "كايتانو ديلاورا" و سحرته أنوثتها هو أيضا و وقع بجنون في حب "ماريا" الجميلة اليافعة الهشة القاصرة التي كانت ترى ما يقدمه لها الكاهن المُسافح المتودّد كَ "حُقَن مورفينية"و خلاصا لأسرها و قيودها و عذابها.
وبعد أن وشى به رؤساؤه لمّا -تسرّب خبر علاقته بها- و عرفوا أخيرا بأن كاهنهم مسكون و مُصاب بمسّ حبّ "سييرفا" و أنّهُ لم يخرج الشيطان من جسدها بل هو الذي التحق فيها فتم إنزال مرتبته الكنيسية كعقاب مع نفيه و إبعاده إلى مستعمرة للمصابين بالجذام/ ليس من أُصيب بالهوى كالذي أصابهُ الجذام/.
-"عالقة بين شياطين محاكم التفتيش وهذا الشغف الكبير ب -مُطارد أو صائد الأرواح الشريرة- كايتانو ديلاورا" عشيقها الأربعيني تقريبا، تختبر -طفلة الدّير- العاشقة الصغيرة غراماً سيجرها قُبُلا نحو هلاكها..". كان فارق العمر بين الأب الكاهن و مريضته الطفلة "سييرفا" صغيرة المركيز 27 عاما تقريبا!.
-في غياب الشهوة التي كانت تصنع لها فرحتها تستمرّ "سييرفا ماريا" في تعرّضها لشتى أنواع التعذيب لطرد "شيطان" ما مزعوم يسكن جسدها الفتي؛ مما يؤدي في النهاية إلى وفاتها المأساوية..لفظت أنفاسها و توقّفت حياة "سييرفا ماريا" عن الوجود عبثا و تطرّفا بسبب تسلط "المكتب المقدّس " التابع لدِير Santa Clara "كلارا القديسة"، بينما جدائلها ظلت تحيا لقرون، تنمو كحكاية، كرواية وقعت في قنص "غابريال (جبريل) غارسيا (المركيز) الذي و بتلاعبه السّردي استطاع أن يجسّد -حسب فكره - في الرواية صور الشياطين و يجعلها مرئية للقارئ...).
**
-في معظم أعماله البارزة كما عهده قراءه و محبيه في العالم -الأمريكولاتيني-
Littérature latino-américaine و العالم الغربي و بقية المناطق الأخرى الملتهمين باهتمام شديد لمنجزاته؛ حاول الكاتب الكولومبي "غابريال غارسيا" دون مفاجأة في "شيء من الحبّ و شياطين أخرى" من خلال أسلوبية شِعرية سردية أن "يؤملِك" خطايا شخوصه وفق أفكاره و معتقداته و "يُشيطن" بسخاء سردي -تبْئيري- خصوم فكره، و يُجنّبَ الرواية من تهوّر العاطفة ليُطهّر "شخصياته" من أي شبهة مرتبطة مباشرة بالإنحراف. يُحيل رجل الدّين "طارد الأرواح الشريرة"، الذي قارب الأربعين من عمره، حبه و ولعه بِ"طفلة"(12 عاما؛ مستعدة حسب العرف "الأفروأمريكيلاتيني" أنذاك لممارسة الجنس أو الزواج حتّى) إلى "غارسيلاسو دي لا فيغا" Garcilaso de la Vega، الملقّب بأبي الشعر الإسباني، أينَ يرافق استحواذه و تخديره لها بأبيات الشاعر الخالدة المُتلوّة و الممتزجة بتفاصيل ممارسة العشق الممنوع كسمفونية إيقاعية -شاءها السّارد-.
-من عادة المركيز الكاتب مُضاعفة وجهات نظره المروية و حرصه الشديد على امتناعه عن -إصدار الأحكام المُباشرة- لو فعل ذلك لما اشتهر و لَانفَضَّ جميع القراء و القارئات تحديدا من حوله؛ و هو العليم بما يُحبَّ أن يقرأ، فيحاول أن يجعل من كلماته أكثر تأثيرًا . ينسجمُ بشكل ملفت مع "الكاهن المُغرم" أسير "شهواته" فكفر -سلوكياً- و انحرف عن تعاليم و مبادئ دينه و في ذات الوقت -كما عهدناه- يُدين حسب فكره " تطرّف و اضطهاد العالم المسيحي" قسوة لا نظير لها بالنسبة لحملات "محاكم التفتيش"، التي تُدين كل من شقّ عصا الطاعة و انفلتَ منها. يُشير إلى ثراء الثقافات الأصلية وإيمانه بالتزاوج بينها .. كما تُجسّده سييرفا ماريا "التي -اعتنقت الكاثوليكية جهرا- دون أن تتخلى باطنيا عن إيمانها و معتقدها الإفريقي اليوروبي yoruba". أو عندما يتلَسّن الطبيب، الحكيم الملحد و يقول: "إن الشيء الأساسي هو أن تبقى على قيد الحياة"، وأنه "لا يوجد علاج يشفي ما لا تشفيه السعادة*". و / سعادة النفس/ هنا في هذه الرواية هي الاستسلام لما يطرب الروح و أعماق النفس بالقفز على كل فرصة تنضج فيها أي شهوة و نزوة من شأنها أن تجلب "السعادة" لصاحبها؛ سعادة حسب رأي الكاتب اللامُعلن لكنه واضح في كل أعماله أن يكون متسامح -مع الجميع- و أن يكفر بكل الأطر العرفية المجتمعية و الدينية و الأعراف الأخرى المحددة للحرية التي تُحولُ بين المرء و هواه (في السعادة).
**
*خلاصات من الرّواية:
*1. "الكفر (L’incrédulité) أشد صمودًا و عنادا من الإيمان لأنه مدعوم بالحواس".
-تتناول هذه الفكرة السّردية طبيعة الإيمان مقابل الشك من منظور عِلماني مُشكِّك خالص. فيشير "جبريل" أو Gabo (غابريال غارسيا ماركيز) إلى أن -الكفر- أو -الشك- غالبًا ما يبدوان أكثر تعنّتا و عنادا و صمودا و صلابةً وديمومةً من الإيمان نفسه؛ لأنهما (الكفر و الشّك) مبنيان على ما نراه ونسمعه ونلمسه.
في عالم تتداخل فيه الخوارق مع الحياة اليومية، يشجع هذا الاقتباس الشخصيات والقراء على التساؤل عن محدودية الاعتماد على الحواس وحدها لتحديد الواقع.
**
*2. "لا مجد أعظم من أن تموت في سبيل الحب".
-رُبّما قول "غابريال غارسيا" هنا يتوافق مع حديث -ضعّفه "الدوغم الديني -الكهنوتي" الذي صنع الحديث في التراث الإسلامي- حيث يكتب ابن تيمية عن حديث الرسول : " أن من عشق فعفَّ وكتمَ وصبر، (و لم يكتب له التوفيق في اللقاء بالمُحبّ) ثم مات كان عندَ الله شهيدًا". وهو معروف من رواية يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس.
La citation de Gabriel Garcia s accorde peut-être avec un hadith – affaibli par le dogme religieux, unique inventeur et créateur du patrimoine islamique de l’institution des Hadiths ( paroles prophétiques) – dans lequel Ibn Taymiyyah écrit à propos du hadith du Prophète Mohamed: « Quiconque tombe amoureux, reste chaste, cache en luttant avec patience sa passion pour l’autre bien aimé, et il n’a pas eu l’occasion à rencontrer légalement son amoureux), puis meurt, il sera un martyr aux yeux de Dieu. » Ceci est bien connu grâce à un récit de Yahya al-Qattat, d après Mujahid, d après Ibn Abbas.
**
Gabriel Garcia s quote may be in line with a hadith – weakened by religious dogma, the sole inventor and creator of the Islamic heritage of the institution of Hadith (prophetic sayings) – in which Ibn Taymiyyah writes about the hadith of the Prophet Muhammad: "Whoever falls in love, remains chaste, hides by struggling patiently his passion for the other beloved, and he has not had the opportunity to legally meet his lover), then dies, he will be a martyr in the eyes of God."
-by Yahya al-Qattat, according to Mujahid, according to Ibn Abbas.
-إيمانيا نجده معقولا جدّا هذا الحديث إذا أسقطنا عليه آيات النّص القرآني المتعلّقة بالعفاف و التعفّف. فإذا مات في ساحة القتال المجاهد في سبيل الله أَعتبرهُ النّص الدّيني المقدس "شهيداً"، فما هو جزاء عند الخالق في الذي مات و هو مؤمن و في قلبه حرقة معشوقه الذي لم يظفر به في الحلال لأنّ عفافه منعه و وَزَعَهُ و لم يضعف لأوامر و تشجيعات نفسه و لم يسقط في الخطيئة، و رسولنا الكريم يعتبر "جهاد النفس ضد شهواتها و نزواتها جهاداً أكبرا من جهاد المُسلّحين في ميدان الحروب.فمن هم المفلحون يا ترى؟:
-قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ / الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ / وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ /وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُون/ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ / إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ / فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (سورة المؤمنون).
« Bienheureux sont certes les croyants,/ ceux qui sont humbles dans leur Salat,/ qui se détournent des futilités,/qui s acquittent de la Zakat,/et qui préservent leurs sexes [de tout rapport],/ si ce n est qu avec leurs épouses ou les femmes qu ils possèdent, car là vraiment, on ne peut les blâmer/alors que ceux qui cherchent au-delà de ces-limit-es sont des transgresseurs »
-premiers versets :Sourate AL-Mou’minoun (Saint-Coran).
-إن الميل المشاعري، القلبي العاطفي لا يؤاخذ المرء عليه؛ إذا لم يترتب عن ذلك محظورات شرعية، كون "الهوى/العشق/ الغرام) من وساوس قلبية لا يتحكم و لا يسيطر عليها الإنسان أبداً، و دفعها إذا اجتاحته بات عملاً صعبا للغاية.. لكن يُحرّمُ ما يجرّ إلى تنفيذ و ارتكاب الفاحشة أو -التشجيع عليها-.
-في هذه الصورة البيانية( لا مجد أعظم من أن تموت في سبيل الحب) يوضح الكاتب (غابو Gabo) وفق توجيهه و مشيئته السّردية: العنصر الدرامي الرئيسي للرواية: مدى قوة الحب(الهوى) و قسوة مأساته. كأنّ تجد الشخصيات، وخاصة "سييرفا ماريا" أو "المركيزة الصغيرة" والأب الكاهن "كايتانو"، الإثنين عالقين في حب يعتبره الدين و المجتمع المحافظ محرمًا.
- إذ يوضح هذا التفصيل الحدود التي يبذل الأفراد -في اختراقها- أو حرقها- من أجل الوصول إلى الحب، مشيرًا إلى أن التضحية القصوى(نسف الأطر) مبررة باسم ما -أُصطُلِح عليه سردا- بِالحب، مما يعكس المثالية الرومانسية التي تتخلل القصة.
**
*3. "قد يكون الندم الوحيد المُحتمل حصول الشعور به عند احتضاري؛ هو أنه لم يكن من أجل الحب".
-كما هو الحال في العرض السابق عن عظمة الموت من أجل الحب -حسب منظور و توجيه غارسيا السّردي المعهود-، تبرز هذه الفكرة المسؤولة الاتجاه الرومانسي الذي أراده كعادته الكاتب و هو يحاول إعطاءها قيمة تُعلي و ترفع من شأن مفهومه لِ"الحب فوق كل اعتبار"!.
**
*4. "اِكْتَشَفتْ بسعادة: أنّنا لا نحِبُّ أطفالنا لمجرد أنّنا أنجبناهم، بل للصداقة التي نشأت و رافقتنا و نحنُ نربّيهم".
-في هذه الملاحظة الثاقبة تُشرّح كاشفة بدقّة طبيعة حب الوالدين. وتشير إلى أن الرابطة بين الوالدين والطفل ليست بيولوجية، جينية فحسب، بل تتنمّى، تتغذى وتتعمق من خلال سلسلة مرحلية عمرية من التجارب المشتركة والتفاهم المتبادل. هو اقتباس الكاتب للروابط و العلاقات مستعملا ذكاءه في تشريع ماهية الصداقة الواسعة و ارتباطها التجاوبي مع الروابط الأسرية و القرابة المباشرة بينهما و قداسة كل من صلة الرحم و الصداقة .
**
*الحداثة و التلاعب التضليلي المُخرّب في المفاهيم القِيَمَيّة و الثوابت الأخلاقية في "أدب الانحطاط Décadentisme:
-ما كان مُحرّما و مستنكرا بالأمس أصبح مع الوقت مقبولا، ثمّ مُباحاً ، ثمّ مرغوبا فيه في عالم يسير بخطوات سريعة إلى الإباحة في كل شيء(إنّهم الحداثيون).
لا أفهم صراحة مفهوم "الأخلاق" لدى هذه الأصوات الحداثية في الأدب؛ كونهم -يتحسَّسون-بشكل واضح كلّما حدثناهم عن (الأطر الأخلاقية و القيم) .. هل يعتبرون أنفسهم (فوق مفاهيم الأخلاق و القيم) أو يعتبرون أنفسهم بكل بساطة (لاَأخلاقيون!)؟ و أنّ مسألة الأخلاق و القيم متعلقة حصريا بدور العبادة و بالعُبّاد و بالدّينين و بالمؤمنين ؟
-قارّيا، كانت بعض الأوساط المحافظة في الولايات المتحدة الأمريكية و في أمريكا الجنوبية و حتى عبر العالم تصِفُ فكر "غابريال غارسيا" في كتاباته بأنه فكر "مُخرب للقيم" و كاسر لكل الحدود و الأطر .. ولسنوات طويلة، رفضت سلطات الهجرة الأمريكية منحه تأشيرة الدخول إلى التراب الأمريكي. و عند انتخاب بيل كلينتون رئيسًا للولايات المتحدة عام 1993، رفع هذا الأخير حظر السفر المسلّط على الكاتب المثير (للقيم)، ثم (للجدل)! ، واعتبر وقتها بيل كلينتون منجز "مئة عام من العزلة" من رواياته المفضلة.
**
-"الكاتِشازية أو المدارس المسيحية" المسمّاة بِ
Le catéchisme
هي مؤسسات داخلية تابعة إلى التعليم المنظم للمعتقد المسيحي و كتابه المقدّس ، في حين أن"الكاتِشاز" هي منظومة تعليمية مقترنة بالأولى في إطار نشاط متواصل كنيسي لتبليغ العقيدة و التبشير بها و بالأخلاق المسيحية لجميع الأعمار. و مذ القدم لم يسلم النشاط التعليمي و التبشيري الديني داخل مؤسسات كنيسية حول العالم من حدوث تجاوزات هزّت الأوساط الدينية منها قضايا التحرّش بالصبيان و البنات و حالات لواط و اغتصاب دامت لسنوات أُرتكبت في حقّ الأطفال القصّر المراهقين من الجنسين من قبل (مسؤولين أو رهبان دينيين تابعين للكنيسة) كانوا على اتصال متواصل مع "الأطفال" الذين لم يبلغوا السّن القانونية دينيا و قانونيا. و قد كانت هذه الممارسات متكررة و "François
فرانسوا/ فرنسيس , بابا الفاتيكان السابق" الذي توفى و اسمه الأصلي Jorge Mario Bergoglio كان ضليعاً في قضية (بيدوفيليا)، فجرتها الصحافة الأرجنتينية:
ففي عام 2010، عندما كان "البابا فرنسيس رئيس أساقفة بوينس آيرس" الأرجنتين، استغلّ نفوذه و سلطته و أمر بإجراء تحقيق مضاد لتبرئة "كاهن أرجنتيني" بارز تمّت إدانته بالاعتداء الجنسي على الأطفال القصر. ولأوّل مرة وقتها، أكد قاضٍ أرجنتيني لصحيفة "Mediapart ميديابارت" الفرنسية "وكاش إنفيستيغاشن" Cash Investigation أنه كان هدفًا لمحاولة تأثير من الكنيسة.
*إزدواجية الخطاب الفكر الغربي و كلاسيكيات آدابه الكُبرى:
-شيء من(البيدوفيلية) في رواية(شيء من الحبّ و شياطين أخرى) و أعمال كثيرة أعطت "الأهلية" الجنسية و العاطفية للأطفال القُصّر و زخرفت أدبياً "الجنايات" في حقّ البراءة و الطفولة، بينما نفس هذه الأوساط العلمانية و اللائكية المتشدقة بإعطائنا دروسا في حقوق النساء و في حقوق الطفل و الحرّية و منهم من الحاقدين على الإسلام و على هويتنا من اتهم نبيّنا و رسولنا ب(البيدوفيلية) و استدلوا في ذلك بأم المؤمنين عائشة؛ هذا بسبب خطأ لا يغتفر في -تأليف و ابتداع - كُتب موازية للقرآن و ضد إرادة الرسول إذْ سُمّيت هذه (الأسفار الحديثية) بالصّحاح.. و كما فعل النصارى فكل راوٍ من الرواة كتب عن الرسول سِفرا جامعاً فيه (القيل و القال)!محمّد صلّى الله عليه و سلّم "بيدوفيلي"، يسبي النساء و يغتصب الأطفال القصّر، هذا ما حاول بعض أعداء الأمة الإسلامية ترويجه و قد مشى في خطّهم أبواقهم في داخل الأمة الإسلامية العربية من "المُتعلِّمين المتَعَلْمِنين بالخطإ .. كل هذا بسبب حماقة "كُتّاب" و مُبتدعي الأحاديث؛أن أخطأوا في تقدير و نقل أو تحديد عمر "عائشة" الصحيح عندما زُفّت إلى الرسول، و الأحمق من هذا كلّه أن "رواة الفُرس" مؤسِّسو مؤسسة الحديث و عُلومِهِ أن ابتدعوا حديثا ليبرّئهم -من الشبهة المضللة- باسم عائشة (الطفلة) و ليدعّموا أباطيلهم و هي تروي عن نفسها شهادتها و حديثها عن واقعة تزويجها بالنبي محمد و اختطافها من بين أطفال الحي و إدخالها على رجل قيل عنه أنه رسول و "كهل" .. ثمّ أخبرتها النسوة همساً: هذا (بعلكَ)! بينما هي كانت لا تفهم شيئا مما يحدث لها و مما يقولون!..نفس "الشخصية" أي الطفلة المُراهقة التي أصبحت أم المؤمنين "عائشة" في عمر السابعة وظّفت و دسّت الأساطير باسمها كأم المؤمنين و تمّ باسمها أيضا تحرير معظم الأحاديث و الموزعة على أكثر من "صِحاح"..لو لا ظهور بعض الباحثين المعاصرين و المختصّين المستنيرين و -فكّ شفرة سنّ عائشة و تصحيحه- حين تزوجها الرسول لكان موقفنا ضعيفا و مقززا أمام أعدائنا. و للأمانة العقلية فالمرجّح هو أن عمر عائشة لمّا تزوجها الرسول كان بين (18 و 19) سنة.
**
"القوانين الجزائية و الجنائية:
و مفهوم مصطلح "تحويل طفل قاصر":
LE DÉTOURNEMENT DE MINEUR
يمكن تعريفه دون ضرورة إعطائه بُعدًا جنسيًا.. و بشكل عام، فهو فعل يقوم به شخص بالغ راشد مؤثّر لعزل قاصر و إبعاده عن سلطة والديه و محيطه العائلي. (...) بشكل عام، يمكن تعريف "تحويل قاصر". (...) و لا يسقط مصطلح "الجناية" لدى المشرّع حتى و لو انتقل القاصر بنفسه، بشكل مستقل، للانضمام و الالتحاق بمكان الشخص البالغ و المؤثِّر عليه، و بغض النظر عما إذا كان قد غادر منزله أو محل إقامته بالفعل بمحض إرادته.(...) "ومع ذلك، -في العالم الغربي مثلا- يمكن للقاصرين الرضا و الموافقة على إقامة علاقات حميمية ابتداءا من سن 13 عامًا إذا كان فارق السن مع شريكهم أقل من 5 سنوات." (...) و إن أقل من 15 عامًا: أي علاقة حميمية مع شخص بالغ، أياً كان، محظورة وتعتبر غير معنية قانونا بالرضا و الموافقة." (...) و "إذا كان أصغر شريك يبلغ من العمر 14 أو 15 عامًا، فإنه ضروري بأن يكون فارق السن بين الشريكين هو 5 سنوات كحدّ -أقصى-."(...) و "عليه أي علاقة حميمية، جنسية بين شخص بالغ وقاصر دون سن 15 عامًا بنظر القانون تُعدّ دون شكّ اغتصاباً!."
-علميا: "عدم النضج لدى المراهقين" (عدم بلوغ مرحلة سِنّية لِ الرّشاد)؛ الذين هم في أطوار نمو منظومة عصبية جسدية مستمرة و سريعة في المقام الأول.. التأثير يتمّ على مستوى قسم الدماغ الأمامي (النّاصية) cortex préfrontal و مظهره المعروف (الفص الجبهوي) ، و هو المسؤول عن الوظائف التنفيذية التي تسمح لنا باحتواء و دمج النشاطات العاطفية.
-فالوظائف التنفيذية تعدّل و تُفعّل التغيرات البيولوجية في بنية الدماغ والاتصال -داخل الدماغ- مع زيادة الخبرة والمعرفة والمتطلبات الاجتماعية الجديدة حسب بيئة كل مراهق-، والتي تنتج معًا نموًا إدراكيًا سريعًا. منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تشير البيانات الطولية باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي إلى أن نمو الدماغ يستمر في عملية النخاع، وهي عملية تنطوي على زيادة في المادة البيضاء، حتى سن 20 أو ربما إلى غاية 25 عامًا تقريبًا. إنّ المناطق الأمامية الجبهية (الناصية) هي التي تتطور بشكل أساسي حسب المراحل النُّمُوية العُمرية. وقد أظهرت مجموعة من دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي والسلوكي (IRM) أن نمو الوظائف التنفيذية، كَ المهارات المعرفية التي تسمح بالتحكم في وتنسيق (الفكر والسلوك)، يرتبط عمومًا بِ الفص الجبهي (المتعلّق بناصية المراهق) و تستمر هذه الوظائف التنفيذية -في التطور خلال فترة المراهقة-، أي أنها غير مكتملة النضوج، مما قد يفسر (فيماَبَعْدَية) التحسينات الملحوظة في العديد من المجالات المعرفية المتعلقة بالوظائف التنفيذية.
-سؤال وجيه إلى (الحداثيين كتابا و قراءًا المتقبلين للإباحية)؛ و أدب الانحطاط، أولئك المتشدقون بالتسامح و الحريات الأساسية و خصوصا حرية المرأة و النسوية حقوق الطفل:
-ما موقفهم من هذه الحالات:
-أن يقيم مدرّس/شيخ كتاب/ مدرّب/مُربّي/ طبيب/كاهن/أستاذ/ مدير مؤسسة علاقة مستمرة رومانسية و حميمية جسدية مع طفل من أطفالهم الذين تصل أعمارهم دون سن ال17 أو دون ال15 سنة؟ هل يعتبرون هذه العلاقات هي "حالات حبّ و عشق"، و يجب تمجيدها و تشجيعها و مباركتها و الترحيب بها و لا يجب حشر الأطر القيمية و الدينية و القانونية اللامتسامحة المتطرفة و ترك "مشاعر و عواطف أطفالهم و مُراهقيهم تأخذ مجراها و لا يجب ردع أو منع هؤلاء المتورطين البالغين المؤثرين في أطفالهم و المسيطرين على عقولهم و مشاعرهن ؟
**
*خلاصة تشريحية لثيمة "شيء من الحبّ و شياطين أخرى":
-بصراحة و من خلال وجهة نظري، أنا المدعو "لخضر خلفاوي" انطلاقاً من إيماني أراني أحقّ بِبثّ "الشّك" في أوساط(المشكّكّين)، من أصحاب الفكر (الانحطاطي) ملحدون، يساريون، لا دينيون -مُعلَنون و متستِّرون- و القائمة طويلة و معروفة.
فَليشهد الله والتاريخ في "صحيفتي" أن كثيرا من منجزات الأدب العالمي (الانحطاطي) من روايات شهيرة هي الوجه الآخر لأفلام ال (X)، أي إباحية بورنوغرافية مكتوبة و مجمعة في صفحات كتب تزيّن مكتبات النخب العربية المحسوبة على الثقافة؛ و كثير من الأفلام هي رحيق سيناريوهات مقتبسة من الكتب أيضا. هذه (النُّخمْ= ج.نخمة) -لا تليق بهم لفظة (النخب)؛ ما هم إلا قواعد (خلفية) شرجية لفكر (الانحطاط) المسوّق للمجتمعات المحافظة من خلال (الصورة، الصوت، و الكتابة).
-لو لم يكن لا واعيا؛ لَكان للأدب العربي الإسلامي شأن كبير و أن يتصدّر المشهد العالمي ثقافيا و يصبح مرجعية فكرية، متبوعاً لا تابعاً، مؤثراً لا مؤثّر فيه لو لم تنتكس آخر الخلافات الإسلامية في الأندلس التي أنارت ظلمات العالم الأوروبي و الغربي.. سقطنا في الأندلس أخلاقيا و أدبيا شرّ سقطة حتى وصلنا من "الأدب المثلي" في العصور الإسلامية الوسطى إلى ساق "ولاّدة بنت المستعطي" و نواديها في الأندلس ابنة الخليفة الأموي الفاسق الخامس عشر، ثم تدحرج بنا الانحطاط القاعي لنصل إلى جيل "رابعة تعطي" و سيقان "لاأمين الزّامل" و إلى الثنائي (الأعرج / الأعوج) و إلى "س.يَزَبَّكْ" و "أدوبْليسْ" الذي اعتبره بوقا تغريبيا -تائه في نفسه قبل تيهه في الوطن العربي- مستشرقاً يكتبُ بالعربية سخطه و سمّه ليفهم فكره العالم العربي، و ينتظر أن يكرّمه الغرب، عكس نجيب محفوظ صاحب "أولاد حارتنا" الذي عرف أن يغازل العالم الغربي و أحفاد المستشرقين و بيّن فكره المداهن و التطبيعي مع الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية:" أعمال الأديب نجيب محفوظ الذي ولد في القاهرة عام 1911 "تتحدث إلينا جميعًا" حسب خلاصة بيان لجنة الجائزة النُّوبلية بعد فوز المصري بنوبل في ثمانينات القرن الماضي.. إذن "نوبل هي مؤسسة لا تقيّم حصريا الأعمال الأدبية المرشحة بل تدقّق في توجهات الكاتب السياسية و الجيواستراجية و الفكرية، لو كان حكم اللجنة يقتصر على جودة العمل المرشّح و كاتبه و فقط لكان عميد الأدب العربي وقتها "طه حسين" أو "عباس محمود العقاد" أكثر حظا و أولى بالجائزة و كتاب عرب آخرون يستحقون الاحتفاء بهم.
**
*عُقدة "أُدِيبْ" لسيغموند فرويد و عقدة "أَديبْ" السّرديات العربية:
-في علم النفس خرج Sigmund Freud سيغموند فرويد بمصطلح و نظرية سمّاها
بعقدة "أوديب" complexe d Œdipe هذا المصطلح يصف رغبة الطفل اللاواعية (خاصة الذكور في -المرحلة القضيبية-) في الأم، حيث تتملّكه أحاسيس بالغيرة والعداء نحو الأب و يعتبر والده منافساً له، إلا أنّ هذه الحالة التي تجتاح نفس الطفل المُصاب مع تطوره و نموه الجنسي يعود انسجامه هوِياتَيا مع والده، الشيء نفسه بالنسبة للطفلة التي ترى من خلال هذه "العقدة" أمها منافسة لها على والدها فتكرهها.
-عربيا في الرواية اللاأخلاقية الرذائلية؛ أرى هذا الجيل الجديد من "الكتّاب العرب
يعانون -بعد بلوغهم البيولوجي و ممارستهم للكتابة التعبيرية- من عقدة "أديب": و هي رغبة الكاتبة/الكاتب (الإناث/ الذكور في تبادل الاعترافات و التجارب القضيبية/ المهبلية من خلال جنح الكتابة ) اللاواعية لهدم القيم..القيم شيء نملكه أو لا نملكه؛ و فاقد الشيء عادة لا يعطيه. وتنتهي تجاربهم بتماهي و انسجام مع أدب الانحطاط و الفواحش بغية الحصول على شيء من الشهرة المشبوهة أخلاقيا!.
**
-أضحك بسخرية كبيرة؛ لما أقرأ مناشير من هنا و هناك هذه الأيام -على صفحات الذباب الأزرق- حول ترقب بعض "المبدعين العرب" لجائزة نوبل للأدب و بسذاجة و عاطفة كارتونية سريالية، فيهم من يأمل -دون استحياء- أن ينال (بوق الفكر التغريبي) أو الفوضوي فكريا "أدونيسْ" و يحظى في آخر عمره بنيله الجائزة!
-إن الأمل في حصول كاتب عربي آخر بعد "محفوظ" على "نوبل" معناه أن نكذب على أنفسنا بكذبة أن "مجلس الأمن الدائم" مذ تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية سيقرّ و يصدر بيانا شديد اللهجة لا غبار فيه بإجماع أعضائه الدائمين يطلب -أمراً-من سلطة الاحتلال الإسرائيلي إخلال فلسطين و تركها للعرب و إعلان استقلال فلسطين التام. مؤسسة "نوبل" للأدب تشبه إلى حدّ كبير مجلس الأمن الدائم، و كواليس مجلس الأمن تشبه إلى حدّ ما كواليس مؤسسة الفيدرالية العالمية لكرة القدم "الفيفا"؛ عندما تجتمع و تنتخب البلد الذي سينظم كأس العالم(ل.خ) !.
Espérer qu un autre écrivain arabe après Nadjib Mahfouz remporte le prix Nobel, c est se mentir à soi-même en pensant que le Conseil permanent de sécurité, depuis sa création après la Seconde Guerre mondiale, adopterait à l unanimité et publierait une déclaration ferme et sans équivoque exigeant que l autorité d occupation israélienne évacue la Palestine, la laisse aux Arabes et proclame son indépendance totale. La Fondation du Prix Nobel de Littérature ressemble beaucoup au Conseil permanent de sécurité, et les coulisses du Conseil de sécurité ressemblent quelque peu à celles de la Fédération internationale de football (FIFA), lorsqu elle se réunit pour élire le pays hôte de la Coupe du monde !(L.K)
**
To hope that another Arab writer after Nadjib Mahfouz would win the Nobel Prize is to deceive oneself by thinking that the Permanent Security Council, since its creation after the Second World War, would unanimously adopt and issue a strong and unequivocal statement demanding that the Israeli occupation authority evacuate Palestine, leave it to the Arabs, and proclaim its complete independence. The Nobel Prize Foundation for Literature is very similar to the Permanent Security Council, and the backstage of the Security Council is somewhat similar to that of the International Football Federation (FIFA), when it meets to elect the host country for the World Cup! (L.K)
**
*هؤلاء المتحرِّرون من "القيم و الأخلاق" يريدونها في مجتمعاتنا عِوَجاً كما أرادها أوّل مرة إبليس: "فليكن الجنس؛ طوفان نوح !".. و يرون أن المدن المتحفظة و المحافظة و المتزمتة دينيا حيثُ تخشى العاهرات و البغايا على أنفسهنّ لا يُعوّل عليها.. و لكي تؤنّث هكذا مُدن و تذوّق الفرح -يجب أن يتسع الفرج لطلبة الشهوة المحرّمة- على أن يُعتق و يُفسح سبيل العاهرات فيها و تركهنّ يؤنثن الأمكنة بممارسة الفواحش بكل حرية".. كتبت منظِّرة في الأخلاق التي يجب اتباعها و هي إحدى النسويات الكاتبات.
**
-إنّ الأدب العربي وقع في شرّ "أعماله"، لأنه ارتكز على أنموذجية الآداب الأجنبية، استنسخ ثيمها و أسلوبيتها و في أدقّ التفاصيل تقليدا و تماهيا و تلازما، لم يبدِ أيّ ثورة أو تجديد أو خلق بإمكانه لفت انتباه العوالم الخارجية عن ثقافته، بل صار منتوج الأدب العربي و منه كتابه ينتجون بالعربية كلغة أدباً يليق بالمتلقي الغربي، أو المتلقّي المُستغرِب المحلّي الذي يخفي "لا إيمانه" و كفره بأخلاق و تعاليم الرسالة المحمّدية؛ و لإرضاء المتلقّي الغربي أكثر منه توجيها للمتلقي العربي.. بمعنى آخر بدلا أن يكون أدبا مقاوما، صانع وعي جمعي، مشعّا، مضيفا، مثريا للأدب العالمي و لثقافته و هويته أصبح من خلال كتابه أدبا -انبطاحيا مُدبلجا لتمنيات الفكر التغريبي-.
*
-و بصراحة فأنا أديب و لستُ-كاتبَ أهواء- و لم يخلقني أو وَرّثني الله الحياة في هذه الأرض لأكتب للقراء مسلسل مغامرات ذاكرة حظيظي الخاص أو قاعي (فرجي)، بل لأكتب أدبا ينفلقُ من بنات عقلي الراقي اللامتسامح مع (اللاّأدب) أو قلّته مِمَّن كان و أينماَ كان!.
يقول (غابو Gabo) :""الأشياء الأكثر رعبا أو إثارة للخوف والأكثر جرأة و الأكثر غرابة يجب أن تُقال بأقصى قدر و بأقصى هدوء"، و ها أنا أعمل برأيه في نقد عمله المشهور رواية "شيء من الحبّ و شياطين أخرى"/
——
*): قرطاجنة الهندية / أو كارتاخينا دي إندياس (بالإسبانية: Cartagena de Indias) مدينة في كولومبيا وعاصمة مقاطعة بوليفار. تتموقع على الساحل الشمالي للبلاد، على البحر الكاريبي (أو بحر الأنتيل)، و تبعد بحوالي 120 كيلومترًا من بارانكويلا، وهي مدينة ساحلية. يبلغ عدد سكانها مليونًا و75 ألف نسمة. تأسست المدينة في الأول من يونيو عام 1533 على يد الفاتح بيدرو دي هيريديا. ظلت لما يقرب من ثلاثة قرون معقلًا لمملكة إسبانيا في أمريكا الجنوبية، ولعبت دورًا محوريًا في إدارة الإمبراطورية الإسبانية وتوسيعها. وقد جعلها وجود شخصيات إسبانية ثرية، مقربة من العائلة المالكة ونائب ملك غرناطة الجديدة، مركزًا للنشاط السياسي والاقتصادي.
**) حصار قرطاجنة الهندية: Siège de Carthagène des Indes (1741)
-كان حصار قرطاجنة عملية عسكرية برمائية بين قوات بريطانيا العظمى بقيادة نائب الأدميرال إدوارد فيرنون وقوات إسبانيا بقيادة الأدميرال بلاس دي ليزو. وقع الحصار من مارس إلى مايو 1741 في قرطاجنة، كولومبيا الحالية. على الرغم من نسيانه إلى حد كبير، إلا أنه كان نتيجة إحدى أكبر الحملات البحرية في التاريخ البريطاني.. وأهم معركة في حرب "أذن جنكينز" (التي سبقت حرب الخلافة النمساوية واندمجت معها). أسفر الحصار عن هزيمة ساحقة وخسائر فادحة للبريطانيين: فُقدت 50 سفينة، أو تضررت بشدة بتكبّد خسائر بشرية جسيمة، حيث قُتل 18,000 جنديا وبحارا، ويعزى ذلك جزئيًا إلى الأمراض و الأوبئة ، وخاصة الحمى الصفراء.بحسب المراجع المتاحة إلى يومنا هذا.
**
*) Décadentisme/ الإنحطاطية:
-حركة أدبية وفنية مثيرتان للجدل تطورت في أوروبا والولايات المتحدة بشكل أساسي خلال العشرين عامًا الأخيرة من القرن التاسع عشر وتألفت من انجذاب و-انجراف- نحو اللاعقلانية والموت و التلاعب بالغموض ورفض العلم. ويشار إليها أيضًا باسم "أدب و جماليات" نهاية القرن (الوقت).
———
*1994/ Del amor y otros demonios/ De l amour et autres démons.(Gabo)
——
-(ل.خ) (L.K)
-*لخضر خلفاوي، أديب، مفكّر، إعلامي و فنان تشكيلي (جزائري-فرنسي)
*Lakhdar Khelfaoui, écrivain, penseur, journaliste et artiste peintre (Franco-algérien).
-octobre 2025أكتوبر
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟