لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 20:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
-ترجمة و إعداد: لخضر خلفاوي
-
ينشأ أو يحدث هذا "النبض الاندفاعي" الذي نسميه نحن البشر بالحب عندما يمتلئ الدماغ ب(الفينيليثيلامين )= (الأمفيتامين الذي يفرزه الجسم)، والذي يستجيب له عن طريق إطلاق النواقل العصبية مثل (الدوبامين والنورإبينفرين والأوكسيتوسين). تنخفض مستويات السيروتونين ويفرز الدماغ أيضًا الأدرينالين، الذي يتخلّل مجرى الدم ويؤدي إلى زيادة في معدل ضربات القلب و خفقانه. فيخلق مزيج هذه المواد رابطة عاطفية مع الآخرين وتظهر أعراض ما اصطلحت عليه كل ثقافات المجتمعات بحالة نموذجية للحبّ: تسارع معدل ضربات القلب و خفقانه فتصبح الأعصاب شديدة الحساسية (على حافة الهاوية/ التَّهاوي)، فيشعر أصحاب هذه الحالة ب(فراشات في المعدة)، كناية عن صعقة عاطفية محبوبة تُفسّر بحالة حبّ.
*الحب إدمان مثل المخدرات:
كما نعلم جميعا أن كل شخص لا يمكنه البقاء بمفرده، لهذا فهو يحفّز نفسه ساعيا لإقامة العلاقات من هذا النوع . لماذا يا ترى و ماذا يقول العلم؟
-: عندما يقع شخص في "الحب"، فإن الدوبامين الذي يتم إفرازه يبدأ في ممارسة تأثيراته. النشوة والرغبة والرضا واللذة والامتلاء و هي نتائج عمل هذا الهرمون المرجوة حسب هذه الآلية الهرمونية، و من خلال الناقل العصبي، الذي ينشط نفس مناطق الدماغ مثل الكحول والتبغ وغيرها من المواد المسببة للإدمان!. ووفقا لدراسة أجرتها عالمة الأنثروبولوجيا هيلين فيشر عام 2010، فإن المخدرات والحب يسببان نفس الشعور بالمتعة. ولهذا السبب عندما يختفي الدوبامين، نلاحظ نفس أعراض متلازمة الانسحاب/ أو الإقلاع التي تظهر مع المخدرات.
*الحب من النظرة الأولى موجود؟
في حانة، في الشارع أو في المترو، قد تتقابل بالصدفة عيون شخص مع عيونك و قد يحصل عندك هكذا انطباع: "لقد وقعت للتو في الحب". فإذا كنت رجلاً، فمن المحتمل أنك على حق. أمّا إذا كنت امرأة، فالأمر مختلف. وأشارت الدكتورة الباحثة هيلين فيشر إلى أن المرأة عند الوقوع في الحب تبدأ بإفراز مادة الدوبامين -وتنشيط أجزاء الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتذكر-. ولهذا السبب تحديدا يستغرق الأمر وقتًا أطول للوقوع في الحب مقارنة بالرجال، لأن النساء بحاجة إلى مزيد من التفاعل مع الجنس المضاد. بينما يقوم الرجال بتنشيط مناطق الدماغ التي تتوافق مع المحفزات البصرية. ل الجانب البصري أهمية قصوى إذ يسمح بإطلاق هذه المادة فيهم، ولهذا السبب نجد أن الرجال يميلون إلى الوقوع في ما سُمّيَ ب الحب بسرعة أكبر من نظرائهم النساء.
من ناحية أخرى يمكننا أن نضيف إلى ذلك أيضا -نظرية تطورية- مفادها أن الرجال يبحثون عن شخص مُعيّن يمكن أن ينجبوا منه ذرية سليمة وفق معايير شخصية، و ذلك ل ضمان مرور المعلومات الوراثية إلى الجيل التالي، كما تؤكده بريندا إسكينازي، مديرة مركز أبحاث الصحة البيئية للأطفال (كلية الصحة العامة)، في جامعة كاليفورنيا. في حين و على العكس من ذلك، تبحث النساء عن شخص يكون صحبة جيدة لتربية النسل و القيام بمسؤولياتها.
*الأشخاص الجميلون والغامضون "جذّابون":
و حسب بحوث و دراسات الأخصائية هيلين فيشر؛ "نحن نقع في حب الأشخاص الذين يتبين أنهم غامضون." وذلك لأن الغموض يرتبط بالحداثة، وبالتالي بالدوبامين. بالإضافة إلى ذلك، وفقا لدراسة أجرتها في ذات الصدد جامعة نيو مكسيكو في عام 2011، ينجذب البشر إلى التناظر. وهذا يعني أن الوجوه المتناظرة تنشط مناطق الدماغ المسؤولة عن الوقوع في الإعجاب إلى ما يليه كمحطة عاطفية نهائية الارتباط تحت مُسمّى "الحب".
*الهوس بالشخص الآخر:
-يبدو أن الحب ينطوي على شيء من الهوس. -كأن-لا يمكننا إخراج الشخص الآخر من رؤوسنا، أو طرده من تفكيرنا، وإذا -كان تذكر أصغر تفاصيل تاريخك الأول يبدو أمرًا جنونيًا للوهلة الأولى-، فهناك بالفعل تفسير لذلك. فالواقع العلمي أنه :ينتج الدماغ الواقع في الحب نفس الناقلات العصبية التي تنتجها المواد المسببة للإدمان: "المستويات العالية من "النورإبينفرين" حيث تنتج النشوة وفقدان الشهية، في حين أن المستويات المنخفضة من السيروتونين لها علاقة بهوس التواجد مع الشخص المعشوق أو "المحبوب"، تؤكد في شرحها الدكتورة هيلين فيشر في إحدى مقابلاتها.
*الحب أعمى:
نعم هذه العبارة الشائعة صحيحة من خلال التبريرات العلمية والسبب هو أن "العاطفة الجارفة الأولية تتميز بتعطيل مناطق الدماغ، مثل الواجهة الأمامية، المسؤولة عن المنطق والاستدلال"، كما يقول إجناسيو مورجادو.
*الحب المُحرّم/أو الممنوع هو الأغلى تكلفة:
فكم قصة سمعناها عن الحب المستحيل المحبط، حيث يعاني أبطاله وأصحابه من عدم وجودهم مع الآخر؟ معضلة "لماذا لا يقلبون الصفحة و هم يواجهون و يُكابدون مشاعريا و عاطفيا صعوبة كبيرة في تجاوز تلك القصة الآسرة لهم؟ فيبدو للعيان و للمتأمّل لهكذا حالات تورّط عاطفي أن الأمر لا يعني أنهم لا يريدون ذلك، بل -أنهم لا يستطيعون ذلك-.فرق بين لا يريد و لا يستطيع!.
فمادة الدوبامين، المادة التي يتم إفرازها عند الوقوع في "الحب"، تقوم بالتحفيز والسلوك لتحقيق هدف ملموس. وجود عائق ما يزيد من ضخ و إفراز مستويات الدوبامين. فكلما ظهرت و ازدادت العوائق تزداد الحاجة إلى تحقيق الهدف فتلاعب و تشتدّ المشاعر. ولهذا السبب عندما (نمنعُ الهدف)، يصبح لا إراديا أكثر جاذبية و أكثر طلبا عليه و رغبة. المسرحية الشهيرة "روميو و جولييت "ترسم جليا هذه التأثيرات و التفاعلات لهذه الدراما العاطفية.
*تنطفئ الشعلة:
-"لم يعد الأمر كما كان من قبل"، "لقد وقعنا في الروتين"، "لم تعد السعادة كما كانت"... هذه عبارات كثيرًا ما تُردّد و نسمعها من الأزواج المتماسكين، وهي صحيحة. وفقًا لإدواردو كاليكستو، رئيس قسم علم الأعصاب في معهد رامون دي لا فوينتي مونييز الوطني للطب النفسي، فإن مرور الوقت يتسبب في فقدان المستقبلات للحساسية. و في أقل من ثلاث سنوات، يتوقفون عن الاستجابة للمنبهات ويختفي الشعور اللطيف بالحب. وبديله هو الأوكسيتوسين الذي يرتبط ب"الشعور بالارتباط".
*أنت لا تعرف ما لديك حتى تفقده:
-دائما و وفقًا للإختصاصية هيلين فيشر، عندما ينفصل شخص ما عنا، فإننا نختبر "قوة الإحباط". وهذا يعني أننا نبدأ في الشعور بالعاطفة مرة أخرى والتي لم تعد موجودة في نهاية العلاقة الرومانسية. فمن الطبيعي جدا بعد ذلك أن يقرر الشخص مواصلة العلاقة، حتى لو انقطعت، محاولاً بكل الوسائل استعادة شريكه، لأنه في وقت الانفصال يتم تنشيط منطقة الدماغ التي تفرز الدوبامين. وهذا يعني أنها تتصرف بنفس الطريقة التي كانت عليها في بداية العلاقة، كما في اليوم الأول.
*فائدة تمزيق صور ذكرياتك العاطفية وحرق رسائلك:
-على التخلص من الأشياء التي تذكرنا بالآخرين لكي ننساها بشكل أفضل "هي عادة تمارس منذ بداية العالم". قد يظن من لم يفعل ذلك قط أن ذلك رد فعل ازدراء، وأن من أهمل يمزق الصور من شدة الألم. قد يكون هذا صحيحًا في بعض الحالات، لكنه في الواقع غالبًا ما يكون وسيلة لحماية النّفس المتضرّرة. و تؤكد هيلين فيشر، أن هذا "الحب" هو إدمان حقيقي. مما يعني أنه لقلب الصفحة عليك أن تقطع و تستأصل الجذر، كما هو الحال عندما تريد فطم نفسك عن أي مادة مسببة للإدمان. يتعلق الأمر بتجنب أي شيء قد يذكرنا بالشخص الآخر.
*بين الحب و الكراهية، هناك خطوة واحدة:
فقط. الحب والكراهية مرتبطان ارتباطًا وثيقًا لأنهما ينتجان نفس المواد الكيميائية. ومن هنا جاء التعبير المشهور. كل ما يتطلبه الأمر هو "صعقة" تفصيلة صغيرة للانتقال من شعور إلى نقيضه بطريقة جذرية راديكالية. ومن الأمثلة الواضحة على هذا النوع من التفاصيل هو الانفصال. من المرجح أن -تصاعد الكراهية- بين شخصين مرا بفترة انفصال صعبة ينتقل من صفر إلى مائة في غضون ثوان.
*تشبّث غالبية النساء بعد العلاقة الحميمية (الجنس):
-الحب والجنس مختلفان لأنهما مستقلان، ويعملان ويعتمدان على آليات الدماغ والهرمونات التي على الرغم من تداخلها، هي أيضًا مختلفة تمامًا إلى حد كبير"، كما يقول إجناسيو مورجادو، من جامعة برشلونة المستقلة. وبالمثل، يوضح إدواردو كاليكستو أن منطقة إطلاق الدوبامين يتم تنشيطها أثناء الجماع، وحقيقة أنها أكبر بنسبة 70٪ لدى النساء منها لدى الرجال يمكن أن تجعلهن أكثر انخراطًا و تمسّكا عاطفيًا.
*غير مخلص فطريا (بطبيعته):
- من منظور تطوري، فإن أحد الاهتمامات البيولوجية الرئيسية للبشر هو نقل الحمض النووي ADN الخاص بهم إلى الأجيال اللاحقة. ولا يبدو أن الزواج الأحادي (غير متعدد) هو الخيار الأفضل لتحقيق هذا الهدف. ولهذا يمكننا أن نؤكد أن البشر بطبيعتهم غير مخلصين لمصالحهم و حاجياتهم البيولوجية.
الأخصّائي و الطبيب في علم النفس كريستوفر رايان لمجلة Quo، فإن تعدد الزوجات سيكون سلوكًا تطوريًا، في حين أن الزواج الأحادي سيكون سلوكًا اجتماعيًا: "قبل أن تكون مستقرة، فلم يكن الإنجاب مقتصرًا على شريك واحد، ومن خلال وجود المزيد من الشركاء، كانت لدى النساء فرص أكبر لإنجاب طفل". فالزواج الأحادي سيكون مسألة سيطرة، تمامًا مثل النظام النباتي، وفقًا ما صرّح به الدكتور كريستوفر.
فقد تم الوصول على سببين لتفسير تطور البشر نحو الزواج الأحادي. الأول، الذي نشر في دراسة من جامعة كامبريدج، ينص على أن حماية الأنثى هي تجنب المنافسة مع الذكور الآخرين. ويؤكد الثاني، المنشور في "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، أن الثدييات أحادية الزواج تُجنّب وأد الأطفال، كمنع الذكور الآخرين من قتل الطفل للإنجاب مع الأم.
*يتأذى الرجل من الخيانة الجنسية(زنا) والمرأة من الخيانة العاطفية:
-يقول إجناسيو مورجادو: "على الرغم من أنه لا شرط على الأزواج البقاء متحدين مدى الحياة، إلا أن الحب يخلق الانطباع بأن هذا هو الحال ويساعد على استقرار الاتحاد. وتساعد الغيرة على منع هذه الالتزامات من الانهيار".
و عليه يمكننا بعد ذلك أن نستنتج أنه "من وجهة نظر تطورية، الفكرة هي أن المرأة ستتأثر بالخيانة الرومانسية لشريكها (...) أكثر من خيانته الجنسية، لأن الرومانسية ستفقدها كل الدعم الذي تحتاجه في مهمتها الإنجابية. وعلى العكس من ذلك، فإن الرجل يخاطر أكثر من خلال الخيانة الجنسية لشريكته أكثر من الرومانسية، لأن هذا من شأنه أن يدفعه إلى استثمار الطاقة والوقت لتربية طفل ليس له بيولوجيا".
——
4/4/2025
*عن دراسة في موقع:psychologue.net
منشورة في : 13 أبريل 2018
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟