أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لخضر خلفاوي - الوحدة و ضغط الإخفاء: بين الاستثمار النفسي و الاستدمار الذاتي (رأي العلم و العلماء















المزيد.....


الوحدة و ضغط الإخفاء: بين الاستثمار النفسي و الاستدمار الذاتي (رأي العلم و العلماء


لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 17:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


*أعدّ الملف تحريرا و ترجمة: لخضر خلفاوي

*La Solitude et la pression de la dissimulation: Entre investissement psychologique personnel et l’auto-destruction (l avis de la science et des scientifiques)

-
*
-أصبح الإنسان المُعاصر و (المتحضّر) يتعاطى و يتعرّض في آن لمصطلح "الوحدة" بشكل لا نظير له، حتّى خَلُصت العلوم الإنسانية بمختلف تفرعاتها من علم الاجتماع و علم النفس و الأنتروبولوجية و الفلسفة إلى جعل "الوحدة" ثيمة للدراسات النظرية و التطبيقية بل دفعت بأولي الاختصاص إلى إنشاء ورشات دؤوبة مستمرة بحثية تحاول فيها فهم تعقيدات سلوكية لدى بعض الأفراد فيما يتعلق بظاهرة الشعور ب "الوحدة" و "الاعتزال" في كلّيات و معاهد الطب النفسي و العقلي و العصبي.
-للوحدة وجه حميد و وجه خبيث كالأورام تماما نهلعُ و نكترث في بداية التشخيص بل نبتئس كثيرا؛ فنُسعَد بنتيجة التشخيص إذا ثَبتت بالنتيجة أنّها حميدة و ننهار إذا تثبّتَ بالتشخيص أنها خبيثة. الوحدة الخبيثة أراها حسب رأيي ذلك السّرداب، النفق المظلم العميق السّحيق الذي نقعُ فيه و لا نعرف الخلاص للخروج منه. أمّا الوحدة الحميدة الإيجابية فأضم صوتي إلى رأي الفلاسفة بحيث يرون أنّ الوحدة من خلال العزلة فرصة للتأمل والعمل الجاد والاسترخاء والتطور الشخصي. و يرون أن لكل "مزاج" حكمته الخاصة. حتى العزلة (الوحدة) المؤلمة قد تُعلّمنا الكثير عن أنفسنا.
يقول شوبنهاور: تعني العزلة أنني، وإن كنت وحدي، أكون مع شخص آخر (أي نفسي). يعني هذا أنني اثنان في واحد. فلا يمكن للمرء أن يكون نفسه حقًا إلا ما ظلّ وحيدًا؛ لذا، حسب رأي الفيلسوف من لا يحب العزلة لا يحب الحرية، لأن المرء لا يكون حرًا إلا إذا كان وحيدا.
لهذا قليلٌ من العظماء من استحضر فكرة العزلة مثل الكاتب الفيلسوف جون جاك روسو، مؤلف كتاب "أحلام متجوّل وحيد"
‏Rêveries du promeneur solitaire
الشهير. فكثيراً ما نميز، في سياق جملة واحدة، إحدى مراحل حياة الفيلسوف العديدة التي اختار خلالها الانزواء في ذاته ليفكر بشكل أفضل.
في هذا الملف المرجعي الذي انتقيت ثيمتهُ بعناية مستندا إلى ترجمة و قراءة دراسات و بحوث و مقالات لأهل الاختصاص غربيون و ذلك لفهم أفضل (الوحدة)، خصوصا النوع "الخبيث" منها.
-ل.خ
**
*النساء يعانينَ من الوحدة أكثر من الرجال:
-في دراسة تطرّقت لها الفرنسية كليمونس بوير لوضع النقاط حول ظاهرة معاناة االنساء من الوحدة و العزلة حيث أظهرت بعد التقارير التي تؤكد النسب العالية للشعور بالوحدة مقارنة بالرجال حيث أنّ عددًا أكبر منهن يشعر بالوحدة الشديدة في حياتهن اليومية. فلماذا و ما هي مُسببات هذه الظاهرة؟
في فرنسا مثلا يقول التقرير المنشور في ديسمبر 2020 أنه حوالي 7 ملايين شخص في عزلة علاقاتية، وفقًا للتقرير السنوي العاشر حول الوحدة الصادر عن "فونداسيون دو فرونس " إذْ يمثل هذا 14% من السكان، وهي نسبة زادت بشكل ملحوظ خلال عشر سنوات بعد أن كانت لا تتعدى ال 9% فقط عام 2010. تصف الدراسة التي أجراها مركز "كريدوك العزلة العلاقاتية" بأن الديناميكا الإجتماعية لديهن تجعلهم بالكاد يحتفظن بعلاقات عابرة جدًا حيث تصل إلى (بضع مرات في السنة أو أقل) كربط علاقات مع أفراد من الشبكات الاجتماعية الرئيسية الخمس (العائلية، والمهنية، والودية العابرة ، و الجوارية [في سياق جمعية على سبيل المثال]، أو عن طريق الجيرة/الجيران".
-حسب التقارير الدراساتية تشعر واحدة من كل أربع نساء بالوحدة في كثير من الأوقات من يومها و في حياتها بشكل عام. عكس ما كان يُعتقد أن النساء والرجال يعانون من الوحدة بنسب متساوية، يبدو أن النساء الفرنسيات مثلا يعانين منها أكثر إلى درجة وصولهن إلى واحدة من كل أربع نساء يعانين بالوحدة "يوميًا" أو "بشكل متكرر"، مقارنةً بـ 16% فقط من الرجال. وأكثر من واحدة من كل ثلاث نساء يشعرن باستمرار على أنهن "مهجورات"، "متروكات" أو "مستبعدات" أو "عديمات الفائدة"، مقارنةً برجل واحد فقط من كل خمسة رجال الذين قد يشتركون في هذا الشعور المُعيق لحياة اجتماعية طبيعية و متزنة.
لمحاولة تفسير ذلك ذلك، تشير دراسة "فونداسيون دو فرونس " إلى أن العلاقة بالوحدة ليست متماثلة تماما بين النساء والرجال، لسبب من بين الأسباب ك الصور النمطية الجندرية. "قد ينبع هذا الاختلاف في المشاعر من كون العزلة/ أو الشعور بالوحدة هي حالة أقل قبولًا اجتماعيًا لدى النساء: فبالنسبة للرجال، يُربط وجود عدد قليل من الأشخاص حولهم بعلامة على الاستقلالية بينما يُنعت الانعزال أو الوحدة لدى النساء ب الفشل.
*الوحدة، وانعدام الأمن، والصحة النفسية.
-النساء "المعزولات"؛ الشاعرات بالوحدة اللواتي شملهن الاستطلاع في الدراسة هن أكثر عرضة للإبلاغ عن مشاكل صحية، وخاصةً مشاكل الصحة النفسية، من الرجال. رغم أنّهُ لا يمكن الجزم ما إذا هؤلاء النساء كنّ أكثر تأثرًا بالاكتئاب من الرجال، أو ما إذا كان تشخيص حالاتهن أكثر شيوعًا. وأخيرًا، النساء الفرنسيات كأنموذج مجتمعي اللواتي يعانين من العزلة هنّ أكثر عرضة من نظرائهن من الرجال من بين الأسباب مثلا انخفاض دخلهن و بنسبة 41% منهن يعانين من هذا الوضع الإقتصادي. وهي مشكلة مزدوجة أبرزتها الدراسة.
في حين يُؤكّد أن الارتباط بين هشاشة الأوضاع والعزلة أمر ثابت بالنسبة لجميع الأشخاص المعزولين، إلا أن هذا الارتباط أقوى بشكل ملحوظ بين النساء منه بين الرجال، ويسلط الضوء على عدم المساواة بين الجنسين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. حسب ما نُشرَ في موقع(مادموازال) madmoizelle.com
*
أمّا في مقابلة في موقع (24 ساعة-السويسري) بتاريخ أكتوبر 2024 مع طبيب نفسي Udo Rauchfleisch قامت بها "كلوديا بلومير" حيث يقول في خضم حوارها أنّ : "الوحدة ثمنٌ ندفعه من أجل حرية أكبر". لقد أصبحت الوحدة مشكلةً صحية. يشرح عالم النفس "أودو روشفلاش" أسبابها -حسب خبرته- والمواقف التي يُشعر فيها بالوحدة. -
في سويسرا مثلا، يعاني واحد من كل ثلاثة أشخاص من الشعور بالوحدة. وقد ارتفع هذا الرقم بشكل حاد في السنوات الأخيرة، ليس فقط بسبب الجائحة الكوفيدية. فالأشخاص الذين يعانون من الوحدة المزمنة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، بما في ذلك الأمراض العضوية و الجسدية. ولهذا السبب، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها مشكلة حقيقية صحية عالمية. ولكن ما هي الوحدة تحديدًا، ولماذا تتزايد في عالم لم يكن يومًا أكثر ترابطًا من أي وقت مضى؟ لقد ألّف أودو روشفلاش (82 عامًا)، الأستاذ الفخري لعلم النفس السريري بجامعة بازل و الكاتب المستقل حاليًا، كتابًا حول هذا الموضوع بعنوان "الوحدة: تحدي عصرنا". ويتوصل إلى استنتاجات مفاجئة، حيث يشرح -نظريته- ما يمكن لأي شخص فعله لمكافحة الوحدة.
-حول سؤال: العزلة تُثير الهدوء والتأمل والراحة يُعقّب المختص "روشفلاش" بنعم متبوعة ب (لكن):
* في هذه الحالة لا نتحدث عن الوحدة. الوحدة هي تلك الفجوة المؤلمة بين الرغبة والواقع عندما يتعلق الأمر بالتواصل الاجتماعي. أفكار المرء عن الحياة الاجتماعية غير مُشبعة. الوحدة تعني بشكل خاص عند المُصاب بها هذا الانطباع المُهيمن : (لا أشعر بالتقدير، لا أستطيع المشاركة فيما يفعله المجتمع من حولي). حديثكم في مستهل النقاش عن الوحدة ما هو إلا انسحابا اختياريا، إراديا. أما العزلة الحقيقية ليست اختيارًا؛ فالمرء يكون عاجزا أمامها، هي إصابة مفروضة لا إرادية إن أردتم.
-قد نسأل هل هي أقل من كونها وحدة، بل تتعلق أكثر بالجروح والاكتئاب والألم النفسي؟ * الإجابة تكون نعم، الوحدة مؤلمة. في علم النفس، تُصنّف و توصف الوحدة بمعنى سلبي كعبء، مثل تلك الفجوة المُختبرة بين الواقع والرغبة و الأفكار الصّعبة الإشباع. على سبيل المثال في الماضي، سعى -اختيارا و توجّها- الفنانون والفلاسفة والمتدينون إلى ملاذهم المُختار أو المفضل وأشادوا بها، ولكن على مراحل فقط. الخلوة -و ليست العزلة- بحثًا عن السلام والهدوء ، هذا لا علاقة له بمعضلة الوحدة و أعباء الإفلاس و فشل إشباع الرغبات من أفكار موجودة حياتية في الواقع، المبدعون و غيرهم (فنانون ، فلاسفة ، علماء، أو دينيون متعبدون عزلتهم هي عطلة و ليست حالة مرضية نفسية. بالنسبة لهؤلاء هي بالعكس "حالة صحّية جيّدة".
-متى نبدأ بالحديث عن الوحدة إذن؟ *الوحدة شعور ذاتي، لا يمكن قياسه بموضوعية. في سويسرا بحكم أننا نتحدث و نتواجد فيها، فقد رُصِدَ واحد من كل ثلاثة أشخاص يمر بأوقات يشعر فيها بالوحدة. علما و للتوضيح فإنه و في أعماقنا جميعنا نختبر الوحدة و نجربها. فالوحدة من التجارب الأساسية في الحياة البشرية. البعض أكثر دراية بهذا الشعور ويختبرونه لكن بألم أكثر من غيرهم. و بالنسبة للبعض الآخر يمر هذا العبء النفسي بسرعة؛ وبالنسبة لآخرين يصبح الشعور بالوحدة مزمنًا و شاقّاً. هذا يعتمد على عوامل مختلفة. عندما يصبح الشعور بالوحدة مزمنًا، و متعبا حتى ، يمكن أن يكون له عواقب نفسية كالاكتئاب، والعار، والشعور بالذنب. جسديًا، يمكن أن تتأثر جميع الأعضاء. و تؤدي الوحدة إلى التوتر والميل إلى -اتباع نمط حياة -مُنحرف- غير صحي أو غير سليم- ، وقلة ممارسة الرياضة، وتعاطي المخدرات، أو قضاء ليالٍ كاملة أمام الكمبيوتر، و شاشات الهواتف الذكية فتتبعها عواقب مثل آلام الظهر وقلة النوم.
*-ضغط الإخفاء- و علاقته الوطيدة بالوحدة:
أحد العوامل المهمة التي ذكرتها في الكتاب هو ضغط الإخفاء. غالبًا ما يكون لدى الأشخاص الوحيدين نوع من "السرّ أو ما يسمّى ب "الأسرار المظلمة". ولأنهم -مُجتمعياً- غالبًا ما يُدفعون للاعتقاد بأنهم مسؤولون بالفعل عن وضعهم وأن عليهم ببساطة الاستفادة من الفرص التي يوفرها لهم المجتمع، فإنهم يشعرون بالخجل فيعمدون إلى التستّر أو إخفاء ما يعذبهم و ينغّص عليهم حياتهم. نعلم أن عامل -ضغط الإخفاء- هو أحد أكثر أنواع الضغط إزعاجًا بل إضرارا، وله عواقب سلبية مثل القلق بنوعيه (الباطن و الظاهر) ومشاكل احترام الذات (كالإحساس بالدونية المجتمعية) والاكتئاب . ضغط الإخفاء يدفع الأشخاص الوحيدين إلى الانطواء على أنفسهم أكثر فأكثر . يمكنك الشعور بالوحدة حتى عندما تكون محاطًا بالناس في الوسط المهني! ولكن قد يكون الأمر أيضًا أن الأشخاص الوحيدين الذين لديهم وظيفة لديهم حاجة للتواصل بشكل أو بآخر، وأن الوحدة تظهر أكثر فجأة عند -فقدان التواصل- و عند سن التقاعد أو فقدان الوظيفة حيث يتساءل المُصاب بها: "أين ذهبت جميع معارفي؟ ثم هناك تلك اللحظات الاجتياحية بغتة التي تدرك فيها واقعا : الشعور بالوحدة.
من الصعب تصديق أن الأمور كانت أفضل في الماضي. لقد أصبح المجتمع إباحيا-أكثر -. على سبيل المثال، أصبح بإمكان المثليين جنسيًا الإفصاح عن ميولاتهم الجنسية. على عكس في السابق كانوا يعانون من ضغط الاختباء(الإخفاء).. بالطبع -على الصعيد الشخصي الفردي- تحسن وضع هؤلاء الأشخاص رغم تعرضهم للمقاومة المجتمعية و العرفية كظهور المطالب الحقوقية سياسيا، في تصادم في كل مرة مع ظهور رفض جديد لتلك المطالب، مما قد يزيد من الشعور بالوحدة و سطوة -ضغط التخفّي-. يمكن في -مجتمعاتنا الإباحية- للمثليين و المثليات جنسيًا الإفصاح عن ميولهم الجنسية، ولكن عندما يطالبون بالمساواة في الحقوق، تهب عليهم رياح باردة أحيانًا. و هذا الصراع (بين ما كان شاذا و العرف) قد يسبب الشعور بالوحدة نتيجة ذلك الضغط. وبالمثل، قد يشعر نشطاء المناخ بالوحدة عندما يشعرون أن جهودهم لا تُحدث تأثيرًا يُذكر. ولكن يجب القول أيضًا إن المقارنة بالماضي صعبة. في ذلك الوقت، لم يكن أحد مهتمًا حقًا بهذه القضية. كان الناس ببساطة متجذرين في مجتمعات معينة وكانت لديهم رؤية غير مُعقّدة و نظرة أبسط للعالم وللبشر. لم تعد الروابط الأسرية العائلية المجتمعية ككل مهمة كما كانت في السابق. كما أن لها تأثيرًا على مشاعر الوحدة. غالبًا ما ينشغل الآباء بالعمل وتربية الأطفال. و لا يستطيعون إيواء أقاربهم كبار السن نظرًا لضيق المساكن المتاحة. صحيح أن العديد من كبار السن يستطيعون البقاء في منازلهم بفضل مساعدة بناتهم وزوجات أبنائهم. و مع ذلك فإنّ العيش بمفردهم قد يُشعرهم بالوحدة.
ذكرت في الكتاب أن وسائل الإعلام تُروّج للوحدة أيضًا. تُصوّر بعض وسائل الإعلام مدى الوحدة بعبارات أكثر درامية. على سبيل المثال، تُعتبر الوحدة "القاتل الأول". وهذا يزيد من قلق المتضررين. علاوة على ذلك، يُفهمون أنهم مسؤولون عن وضعهم، وأن عليهم استغلال الفرص العديدة المتاحة لهم فقط. السؤال الذي علينا طرحه كيف يُمكن لوسائل الإعلام تناول الموضوع بشكل بنّاء أكثر؟ -أعتقد أنه من المهم كتابة مقالات و مواضيع دون تهاون، بحجج موضوعية، تُحدّد فيها بوضوح الآثار السلبية للوحدة، مع الإشارة في الوقت نفسه إلى إمكانيات التعامل مع -هذه الإصابة النفسية- بشكل بنّاء. لا ينبغي ترك القراء يشعرون بالعجز والذعر. لقد شرعت بالحديث عن الوحدة و قراءتها مهنيا و علميا لمّا تلقيتُ طلبًا من دار نشر. حينها فقط أدركتُ حقًا أنني لا أعرف مريضًا واحدًا لم تُؤثّر عليه الوحدة في مرحلة ما. هذا ما أثار اهتمامي و شغفي بهذا الموضوع. و عليه بودّي الإشارة إلى أننا جميعا نُعاني من الوحدة بشكل أو بآخر . سببان من أشهر الأسباب التي توقع في الوحدة التي تواجدت مع الإنسان مذ وجوده هما الانفصال أو الوفاة.
*
-في موضوع "La solitude et la santé mentale : comprendre les effets sur le bien-être mental
-الوحدة والصحة النفسية: فهم آثارها على الصحة النفسية - و هي مقالة مختصّة راجعتها هيئة (بسيكولوغ.نات/ موقع "عالم النفس" Psychologue.net
في معرض الدراسة ((مارس 2023). و مصدرها: psychologue.net المنقولة للقراء المهتمين و جمهور الباحثين ترى أن "الوحدة" هي حالة ذهنية يشعر بها الجميع ولكن نادرًا ما تتم مناقشتها بما تخفيه مناطق الظل النفسية. و ذلك لاِكتشاف الجوانب المختلفة للوحدة بالإضافة إلى اقتراح طرق للتغلّب عليها. و يمكن اعتبار حالة الوحدة تجربة سلبية للبعض، و يمكن أيضًا إدراكها و التعامل معها بشكل إيجابي من قبل البعض. يواجه الأشخاص أو الأفراد الذين يعيشون بمفردهم الوحدة بشكل مباشر أيضًا، رغم أنّهم اختاروا العيش بمفردهم. لكن قد تختلف آليات التكيف و التعامل معها حسب الموقف. "يمكن تعريف الوحدة بأنها حالة من العزلة أو الانفصال الاجتماعي." -و أنواع الوحدة هي:
-1) الوحدة العاطفية.
-2) الوحدة الجسدية
-3) الوحدة الوجودية.
-4) الوحدة(العلاقاتية) بشكل عام.
لهذا يمكن أن يكون لهذه الأنواع المختلفة من الوحدة عواقب سلبية على الصحة العقلية والجسدية. و لهذا من الأهمّ التعرف على "الوحدة السلبية" ومعالجتها بمجرد حدوثها لمنع العواقب طويلة المدى.
من خلال منبر (مسائل جامعية) الكندي في دراسة نُشرت في فيفري 2019 يستكشف باحثون من العديد من التخصصات الثمن الباهض و المدمر الذي يفرضه الشعور بالوحدة على أفراد المجتمع. القراءة البحثية نقلها و حررها : كيري بانكس.
يُقال عن "الوحدة" أنّها قاتلة صامتة؛ لأن آثارها ليست مرئية على الفور ونادرًا ما تتم مناقشتها. ومع ذلك، فقد عانى جميعنا تقريبًا منه في وقت أو آخر من حياتنا. إنها تُدمّر الناس ببطء ولكن بثبات!. نعم ! هذا المرض الخفي هو الوحدة. طبعاً أنه من المعروف كلاسيكيا منذ فترة طويلة أن الوحدة تسبب ضائقة أو أزمة نفسية ، ففي العقد الماضي فقط بدأ الباحثون في قياس آثارها على الصحة البدنية - وكانت النتائج فظيعة. على سبيل المثال لا الحصر في عام 2015، أجرت أستاذة علم النفس جوليان هولت لونستاد من جامعة بريغهام يونغ تحليلًا لـ 70 دراسة، والتي وجدت أن خطر الوفاة المبكرة المرتبط بنقص أو عدم التواصل الاجتماعي الصّحيح يعادل تدخين 15 سيجارة في اليوم، بل ويتجاوز بعض عوامل نمط الحياة، مثل السمنة ونمط الحياة المستقرة. كما ربطت دراسات حديثة أخرى بين الوحدة والعزلة الاجتماعية ومشاكل صحية متعددة، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وإدمان المخدرات والكحول والسقوط في هاوية الاكتئاب. ما مدى شيوع هذه المعاناة؟ وفقًا لتقرير صدر عام 2014، أفاد حوالي نصف الكنديين الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا بمعاناتهم من الوحدة. ولا يقتصر الأمر على كبار السن فحسب. فقد ظهر استطلاع للرأي أجري عام 2016 على 44000 طالب في جميع أنحاء البلاد أن ثلثيهم شعروا و مروا "بوحدة شديدة" على الأقل مرة واحدة في الأشهر الـ 12 الماضية. إن الرأي القائل بأن الوحدة هي قضية صحية عامة تستحق الاهتمام الوطني والتمويل و الدعم على نطاق واسع في المملكة المتحدة. في يناير 2018، بل ذهبت الحكومة البريطانية أنداك إلى حد تعيين (وزيرا ل الوحدة!) كجزء من استراتيجية صحّية بملايين الدولارات لتقليل عدد زيارات غرف الطوارئ وعيادات الأطباء بسبب عبء الوحدة الفتّاك. يتم الآن تشجيع الأطباء على "وصف" توجيهي لمقترحات الأنشطة، مثل المشاركة في دروس الطبخ أو نادي المشي أو مجموعة فنون مختلفة. ويدعم الكثير من الناس و الرأي العام البريطاني هذا النهج. يقول آمي روكاتش، أخصائي علم النفس السريري وعضو هيئة التدريس المتعاقد في جامعة يورك: "إننا نقدم خدمة جليلة للمجتمع بالتحدث دون لفّ و لا دوران و بمنتهى الصراحة عن الوحدة". يتذكر روكاتش أنه عندما بدأ دراسة الوحدة في ثمانينيات القرن الماضي، لم يأخذها زملاؤه على محمل الجد. "لم يفهموا سبب اهتمامي بها. تساءلوا عما إذا كانت تؤثر عليّ شخصيًا". تطورت المواقف منذ ذلك الحين، واليوم، تثير الوحدة اهتمام الباحثين في مختلف التخصصات، بما في ذلك علم الاجتماع وعلم الأعصاب وعلم النفس وعلم الشيخوخة. ومع ذلك، يقول روكاتش مؤكدا بكلّ أسف "إن الشعور بالعار يبقى ملموسًا لدى من يعانون من الوحدة. "إنه شعور مستمر. يفضل الناس الاعتراف بإصابتهم بالفصام على الاعتراف بشعورهم بالوحدة!". بالنسبة لكبار السن، تُعد المشاكل الحركية و العصبية الجسدية، مثل فقدان القدرة على الحركة و التنقّل بحرية أو ضعف الإدراك، عوامل خطر أيضًا. أما بالنسبة للذين دون سنّ الشيخوخة و الشباب ، يرى ويستر: "غالبًا ما تكون على العموم الوحدة نتيجة خيبات الأمل في العلاقات". و يُفاقم فيسبوك المشكلة، خاصةً لمن يستبدلون العلاقات الافتراضية بالتواصل الشخصي. لأنّ منصّة و تطبيق (الفيسبوك) أيضًا خلقت وهمًا بوجود العديد من الأصدقاء، بينما في الواقع، تكون العديد من هذه العلاقات سطحية للغاية و -لو كانت مُعمّقة-، لأنها تسقط و تنتفي مع مادية الواقع. كما يمكن أن تخلق هذه -التطبيقات-شعورًا بالفشل لدى المستخدمين الذين -حسب انطباعهم الواهم- يبدو أن حياة -الآخرين-أي أصدقائهم هي أكثر إثارة للاهتمام من حياتهم. يشير ماكونيل إلى أن "الوحدة" لها هذا التأثير.
**
*ما علاقة "الوحدة" ب "الإدمان الجنسي أو الهوس بالجنس"؟
-قد يكون ما سلفنا ذكره في خصوص حالة "ضغط الإخفاء" المُسلّط على المُصاب بالوحدة كتحصيل حاصل نفسي؛ كأن تتسبّب الوقيعة في العزلة و "الانطواء" أو الوحدة في أمراض جسدية و نفسية عدة ذكرنا بعضا في هذا الملف منها نضيف الإدمان الجنسي أو الهوس بالجنس من أهم مسببات الوحدة و منه تنشأ تلك الردّة الفعلية الدفاعية السلبية (ضغط الإخفاء) و متاعب تحمّل حياة بوجهين حيث الوجه الخفي يظل متعبا لصاحبه في حيثيات سلوك الوحدة. في هذه الحالة قد يكون مرض الهوس بممارسة الجنس افتراضا و واقعا كمعوّض و كمحفّز لَدودينِ للخسارات الإجتماعية على الصعيد الخاص ناتجا بالتأكيد عن داء الوحدة المستديمة. و قد يكون الهوس أو الإفراط في عوالم الجنس ممارسة و إدمانا يهمش صاحب هذا السلوك و يدفعه إلى أحضان "الوحدة".
-في قراءة إكلينيكية في اختصاص الصحة الذهنية/ العقلية بتاريخ 24 فيفري 2023 نشر الموقع الفرونكوفوني المختص (العيادة الصحية الإلكترونية) la Clinique-e-santé معطياتا تشخيصية لعيّنات و نماذج حالات لها ارتباطها بمتلازمة الإدمان المرضي للجنس و لكل ما لهُ علاقة بعالم الجنس من أفكار و ثِيَم مثيرة لعوالم العلاقة الحميمية الجسدية ك الحديث الشبه غير منقطع عن الجنس. مثلا، يجب ملاحظة تكرار العلاقات الجنسية أو ممارسة العادة السرية القهرية لأكثر من ستة أشهر فما فوق. يضاف إلى هذين العرضين الأولين: هوس التفكير بالعلاقات الجنسية، السعي الدائم للتحفيز الجنسي، و أيضا القيام بمغامرات جنسية محفوفة بالمخاطر، يتزامن ذلك السلوك مع تكرار الشعور بالذنب (منطلق نفسي لحالة عبء -ضغط الإخفاء- خوفا من الفضيحة المجتمعية. فالعزلة الاجتماعية (الوحدة) هنا تأتي كهروب من الاندماج الطبيعي المجتمعي و من العيش لحياة طبيعية دون أسرار مظلمة .. عدم القدرة على تحمل قلة ممارسة الجنس أو تخيّل الحياة دونه هذا ما يؤكد فظاعة استفحال الوحدة و الأمراض المرتبطة بها ارتباطا وثيقا.
—-
‏-*)* Udo Rauchfleisch أودو روشفلاش، أستاذ فخري في علم النفس ومؤلف مستقل، بدراسة أسباب وعواقب الشعور بالوحدة

*
كيري بانكس Kerry Banks: كاتب و محرر و باحث ومصورة فوتوغرافي مقيم في Vancouver فانكوفر (مدينة تقع في غرب كندا) -
*المصادر الأخرى: affairesuniversitaires.ca/ مسائل جامعية / كندا
‏/ causecommune-larevue.fr/ قضية مشتركة. المجلة/فرنسا

*آرثير شوبنهاور
Arthur Schopenhauer، "أمثال حول الحكمة في الحياة"، 1851



#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)       Lakhdar_Khelfaoui#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تيّار محاربة الفضيلة و إشاعة منحى كتابة الفواحش من خلال -خم ...
- *من وجدانيات فلسفة الإفلاس المُطلق: -مُحاكاة الموت-
- * الجرافيتي أذن الجدران الصامتة و لسان الأفكار المهمّشة/ كيف ...
- -الدُّوكسا- Doxa الجنسية: عندما تنزل النساء إلى الشوارع؛لعبة ...
- بعيون غربية ناقدة:Décadentisme littéraire تيار -الانحطاط الر ...
- *مَنْكَحة العَصر: المِسْتَرْ -دودو- و حيوانات أمريكا الأليفة
- *أولاد الزنا و -يشعوبَ و مَشعوبَ-!
- *أفكار فلسفية فكرية:شرّ المخلوقات !
- *حول تجربة الكتابة:محطات من الغرب عن نشأة النزعة الجندرية في ...
- *عُلوّ عِلّيتِي
- *الكائن..
- *أفكار فلسفية/فكرية وجودية: اغتراب ميتافيزيقي
- قابيل يُحاكم القاتلة*!
- *أفكار فلسفية فكرية:موت المرأة الفاضلة و استبدالها ب القَحْش ...
- *أفكار مُعاصرة من فلسفة علم الاجتماع و تنمية الذات: عن الكائ ...
- *-مَصَالح مُحمَّدية- سردية من الواقع
- *أفكار فلسفية فكرية حول الفقه : طبّاخو الحديث !
- -حول تجربة النشر و الكتابة / ***إعلان هام جدا للمهتمين: فرصة ...
- *إطلالة من الزمن الجميل
- *أفكار وجدانية تنموية معاصرة : لا شيء يفيد مع البُغاة و الجا ...


المزيد.....




- فساتين النجمات في حفلات صيف 2025: بين الأناقة والتمرّد على ا ...
- مراسلة CNN تضغط على ترامب بشأن الاجتماع المحتمل مع بوتين
- البرغوثي يعلق على خطة غزة التي أعلنها نتنياهو
- ماذا كشف نتنياهو بخطة غزة الجمعة؟.. إليك ما نعلمه ولا نعلمه ...
- مفاوض سابق عن خطة احتلال غزة: من الصعب نجاحها وستكون باهظة ا ...
- لماذا تقود السعودية حملة دولية للاعتراف بدولة فلسطينية؟
- رفيقك الوفي.. كلبك قد يعيد لك توازنك ويخفف من الضغوط والتوتر ...
- وزير الهجرة اليوناني يشيد بتراجع أعداد الوافدين بعد شهر من ت ...
- فيدان: ناقشت مع الشرع تعميق التعاون والقضايا الأمنية
- حكم قضائي رابع يوقف أمر ترامب بمنع منح الجنسية الأميركية بال ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لخضر خلفاوي - الوحدة و ضغط الإخفاء: بين الاستثمار النفسي و الاستدمار الذاتي (رأي العلم و العلماء