أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد صالح سلوم - عصابات الجولاني ومهرجان البصمات على أوامر الناتو الاستعماري















المزيد.....


عصابات الجولاني ومهرجان البصمات على أوامر الناتو الاستعماري


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 10:08
المحور: كتابات ساخرة
    


يا لها من مسرحية هزلية تدور على خشبة المنطقة العربية، حيث يتقمص أبو محمد الجولاني دور البطل الزائف في عرض كوميدي بعنوان "الجولاني وشركاه: خدمة التوصيل السريع لأجندات الناتو". في هذا العرض المثير للضحك، نرى عصابات "هيئة تحرير الشام" وهي تبصم بالعشرة على كل قرار يصدر من حلف الناتو الاستعماري، بينما يتشارك الاحتلال الصهيوني الأطلسي والاحتلال التركي الأطلسي الأدوار في إخراج هذا المسلسل الكوميدي الطويل، الذي يستهدف سورية، قلب الصمود العربي. فلنرتدي نظارات السخرية، ونغوص في هذا العرض المضحك الذي يحاول، بكل سذاجة، محو ذاكرة شعب جعل من الجولان رمزاً للكرامة، ومن تشرين ملحمة أبكت موشيه دايان.
الجولاني: نجم المسرحية الهزلية
في وسط هذا العرض، يقف الجولاني، ذلك "الثائر" المزعوم الذي يبدو كأنه خرج للتو من ورشة إنتاج هوليوودية ممولة من الناتو. يرتدي عباءته، يلوح بسيفه الخشبي، ويصرخ بشعارات "التحرير"، بينما يتلقى تعليماته مباشرة من مكاتب الاستخبارات الصهيونية عبر خط هاتفي مشفر. هذا الرجل، الذي بدأ مسيرته كمتدرب في تنظيم القاعدة، تحول إلى مدير تنفيذي لشركة "الفوضى السورية المحدودة"، وهي شركة فرعية تابعة للكيان الصهيوني، برعاية تركية أطلسية. يقال إن الجولاني يحمل في جيبه قائمة مهام يومية مكتوبة بخط يد أحد ضباط الموساد، تشمل بنوداً مثل: "إلغاء ذكرى تشرين"، "توزيع منشورات الخوف في إدلب"، و"التقاط صورة سيلفي مع طائرة استطلاع إسرائيلية".لكن دعونا لا نكون قساة على الجولاني. فهو، في النهاية، مجرد ممثل مبتدئ في هذه المسرحية. يتلقى أوامره من كبار المنتجين في الناتو، الذين يديرون العرض من وراء الكواليس. هؤلاء المنتجون، بمساعدة الاحتلال الصهيوني، يزودونه بالدعم اللوجستي والطبي، بل وحتى بوجبات خفيفة أثناء استراحات التصوير في مستشفيات الجولان المحتل. تقارير موثقة (أو ربما غير موثقة، لكن من يهتم في هذه المسرحية؟) كشفت أن مقاتلي الجولاني يتلقون العلاج في إسرائيل، حيث يتم تزويدهم بضمادات وحبوب فيتامين، مع نصيحة ودية: "قاتلوا الجيش السوري، لكن لا تنسوا شرب الماء!"
تشرين: الذكرى التي أزعجت الجميع
تخيلوا المشهد: عام 1973، الجيش العربي السوري، بقيادة حافظ الأسد، يسطر ملحمة تشرين التحريرية، ويجعل موشيه دايان يبكي كطفل فقد لعبته المفضلة. غولدا مائير، في مذكراتها، تصف المشهد وكأنه فيلم كارثي لهوليوود: دبابات محترقة، جنود صهاينة في حالة ذعر، وصوت الانتصار السوري يتردد في الجولان. هذه الذكرى، التي أعادت الكرامة للأمة العربية، كانت بمثابة صفعة على وجه المشروع الصهيوني. فماذا فعل الناتو وحلفاؤه؟ قرروا إلغاء الاحتفال بهذه الذكرى في المناطق التي يسيطر عليها الجولاني ورفاقه، في محاولة يائسة لتحويل تشرين من ملحمة بطولية إلى مجرد فقرة في كتاب تاريخ منسي.الجولاني، بصفته المدير التنفيذي لفوضى الناتو، أصدر مرسوماً مضحكاً: "لا تشرين بعد اليوم!"، وكأن بإمكانه محو ذكرى جعلت العدو يرتجف بمجرد إلغاء إجازة وطنية. لكن المضحك أكثر أن هذا القرار جاء بعد مكالمة هاتفية من أحد المنتجين في تل أبيب، الذين أصروا على أن ذكرى تشرين "تؤذي مشاعر الجمهور الصهيوني". فسارع الجولاني إلى تنفيذ الأوامر، وهو يردد: "حاضر، سيدي! سنحول تشرين إلى يوم عادي، وربما نطلق عليه يوم التسوق العالمي بدلاً من ذلك!"
يوم الشهيد: عندما يصبح التاريخ مزعجاً
ولأن المسرحية الهزلية يجب أن تكتمل، قرر الجولاني وشركاؤه إلغاء إحياء يوم الشهيد، ذلك اليوم الذي يخلّد ذكرى المقاومين السوريين الذين وقفوا في وجه جمال باشا السفاح. هؤلاء الأبطال، الذين رفضوا الخضوع للسلطنة العثمانية، أصبحوا مصدر إزعاج لمنتجي المسرحية الاستعمارية. فكيف يمكن لشعب أن يتذكر أبطالاً قاوموا الظلم، بينما نحن نحاول إقناعهم أن الجولاني هو "بطل الحرية" الجديد؟جمال باشا، ذلك الشخصية التاريخية التي تبدو كأنها خرجت من فيلم كوميدي أسود، لم يكن مجرد سفاح عثماني، بل كان وكيلاً لعائلة روتشيلد، تلك العائلة التي حوّلت السلطنة العثمانية إلى دمية في يدها. منذ ستينيات القرن التاسع عشر، سيطرت روتشيلد على البنك العثماني الإمبراطوري، ومن ثم على قرارات "الرجل المريض". أما الجولاني؟ فهو مجرد إصدار حديث من جمال باشا، يتلقى تعليماته من نفس المنتجين، لكن بتقنية أكثر حداثة: تطبيقات مشفرة بدلاً من الرسائل السرية. يقال إن الجولاني يحتفظ بصورة لروتشيلد في مكتبه، ويردد كل صباح: "سأجعلك فخوراً، سيدي!"
الناتو: المنتج الرئيسي للمسرحية
لكن دعونا لا ننسى النجم الحقيقي لهذا العرض: حلف الناتو الاستعماري، ذلك المنتج الذي يدير كل التفاصيل من وراء الكواليس. الناتو، بمساعدة الاحتلال الصهيوني الأطلسي والاحتلال التركي الأطلسي، يوزع الأدوار بعناية فائقة. إسرائيل تلعب دور المخرج الفني، تركيا تتولى الإنتاج اللوجستي، والجولاني وداعش هما الممثلان الذين يتقمصون شخصيات "الثوار" على المسرح. الهدف؟ تحويل سورية إلى مسرح دائم للفوضى، حيث يتم تفتيت الدولة ومحو هويتها الوطنية.تركيا، التي تحلم بإعادة أمجاد السلطنة العثمانية، تكتفي بدور المساعد الذي ينفذ تعليمات الناتو. في شمال سورية، ترسل قواتها ومرتزقتها لدعم الجولاني، بينما تتظاهر بأنها "تحمي الأمن القومي". لكن الحقيقة المضحكة هي أن تركيا، مثل الجولاني، لا تملك سوى ختم مطاطي يبصم على كل قرار يصدر من واشنطن أو تل أبيب. في إحدى الجلسات السرية (أو ربما ليست سرية، لأن الجميع يعرف القصة)، يقال إن أحد قادة الناتو أرسل رسالة نصية إلى الجولاني وأردوغان معاً: "يا شباب، لا تنسوا إلغاء يوم الشهيد، وإلا لن يتم تجديد عقدكم الموسم القادم!"
داعش والجولاني: توأمان في خدمة الناتو
إذا كان الجولاني هو نجم المسرحية، فإن داعش هي الفرقة الموسيقية التي تضيف الإيقاع الدرامي للعرض. هاتان الجماعتان، رغم اختلاف شعاراتهما، تعملان تحت مظلة واحدة: مظلة الناتو الاستعماري. داعش، التي اشتهرت بأفلامها الدعائية المرعبة، تلعب دور الشرير الذي يخيف الجميع، بينما الجولاني يلعب دور "الثائر الرومانسي" الذي يحلم بـ"تحرير" سورية. لكن في النهاية، كلاهما يقدمان تقاريرهما إلى نفس المدير التنفيذي في تل أبيب.المضحك أن هذه الجماعات، التي تدعي "الجهاد"، تتلقى الدعم من مستشفيات إسرائيلية، وتستخدم أسلحة غربية الصنع، وتتحرك وفق خريطة طريق مرسومة في غرف عمليات الناتو. في إحدى الوثائق المسربة (أو ربما مختلقة، لأن هذه المسرحية لا تحتاج إلى وثائق لتكون مضحكة)، يظهر أن الجولاني وداعش تلقيا تعليمات بإقامة "منطقة آمنة" في جنوب سورية، لكن المنطقة الآمنة الوحيدة كانت للطائرات الإسرائيلية التي تحلق فوق الجولان دون أي اعتراض!
محو الذاكرة: فكرة لم تنجح
في محاولة يائسة لإعادة كتابة التاريخ، قرر الجولاني وشركاؤه محو ذكرى تشرين ويوم الشهيد. لكن هذه الفكرة، التي تبدو كأنها خرجت من اجتماع طارئ في مكتب دعاية الناتو، فشلت فشلاً ذريعاً. الشعب السوري، الذي كتب تاريخه بدماء شهدائه، ليس بحاجة إلى إذن من الجولاني ليتذكر بطولاته. تشرين، تلك الملحمة التي جعلت العدو يرتجف، لا يمكن محوها بقرار إداري من "هيئة تحرير الشام". ويوم الشهيد، الذي يحمل ذكرى المقاومين الذين تحدوا جمال باشا، سيظل منارة تهدي الأجيال، حتى لو حاول الجولاني استبداله بـ"يوم الولاء للناتو".
سورية: البطل الحقيقي
في خضم هذه المسرحية الهزلية، تظل سورية البطل الحقيقي. الجيش العربي السوري، الذي سطر ملحمة تشرين، يواصل قتاله ضد الإرهاب والاحتلال، بينما الشعب السوري يرفض الانصياع لممثلي الناتو المزيفين. الجولاني وداعش، بكل ختمهم المطاطي، لا يستطيعون محو إرادة شعب قرر أن يبقى صامداً. الجولان، ذلك الرمز العربي، سيظل في قلب كل سوري، مهما حاول الناتو وأدواته تزييف الحقائق.
خاتمة: الضحك على المؤامرة
في النهاية، تبقى هذه المسرحية الهزلية مجرد محاولة فاشلة لتحويل سورية إلى مسرح للفوضى. الجولاني، بكل بصماته على أوامر الناتو، لن يستطيع محو تاريخ شعب كتب بطولاته بدماء الشهداء. الاحتلال الصهيوني الأطلسي والاحتلال التركي الأطلسي، بكل أدواتهما القذرة، سيظلان مجرد شخصيات ثانوية في قصة انتصار سورية. فلنضحك على هذه المسرحية، ولنحتفل بتشرين ويوم الشهيد، لأن الجولان، كما فلسطين، سيبقى رمزاً للكرامة العربية، مهما طال أمد العرض الكوميدي!

…………..

التآمر الصهيوني والأدوات الإقليمية في استهداف سورية وتاريخها
النضالي

تمثل سورية رمزا تاريخيا للصمود والمقاومة، لكنها في الوقت ذاته كانت هدفاً لمخططات استعمارية معقدة، حيكت خيوطها على يد قوى استعمارية وصهيونية، استخدمت أدوات إقليمية لتحقيق أهدافها. منذ أن وطئت أقدام الاحتلال الصهيوني أرض فلسطين، وامتدت أطماعه إلى الجولان السوري، بدأت تتكشف فصول مؤامرة طويلة الأمد، لم تقتصر على احتلال الأرض، بل امتدت إلى محو الهوية الوطنية وتزييف التاريخ النضالي للشعب السوري. في هذا السياق، تبرز شخصيات وأحداث تاريخية، كحرب تشرين التحريرية ويوم الشهيد، كرموز للصمود السوري، بينما تظهر أدوات مثل جماعات إرهابية كـ"الجولاني" وداعش، والاحتلال التركي، كواجهات تنفذ أجندات صهيونية واستعمارية.في هذه المادة الصحفية المعمّقة، نغوص في أعماق هذا المخطط، مستعرضين الأحداث التاريخية والسياسية، ومفككين الأدوار التي لعبتها القوى الاستعمارية والصهيونية، من خلال تحليل دقيق يعتمد على الحقائق التاريخية والوثائق المتاحة، لنكشف كيف تم استخدام أدوات إقليمية لتفتيت سورية، ومحو ذاكرتها النضالية، وتثبيت الهيمنة الصهيونية على المنطقة.
الجولان: رمز الصمود ومسرح التآمر
الجولان، ذلك الجزء الغالي من الأرض السورية، لم يكن مجرد هضبة جغرافية، بل رمزاً للصمود العربي في وجه الاحتلال الصهيوني. في حرب تشرين التحريرية عام 1973، سطّر الجيش العربي السوري، بقيادة الرئيس حافظ الأسد، ملحمة بطولية أذهلت العالم، وألحقت هزيمة نكراء بالجيش الصهيوني. شهادات قادة العدو أنفسهم، مثل غولدا مائير، رئيسة وزراء الكيان الصهيوني آنذاك، وثّقت هذا الانتصار، حيث وصفت الدمار الذي أصاب جيشها بأنه "كارثة"، وروت كيف أبكت مشاهد أشلاء جنودهم وزير دفاعها موشيه دايان. هذه الحرب، التي أعادت للأمة العربية كرامتها، لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت تأكيداً على أن سورية، بقوتها وصمودها، قادرة على تحدي المشروع الصهيوني.ومع ذلك، يبدو أن هذا النصر التاريخي أثار حفيظة القوى الصهيونية والاستعمارية، التي سعت منذ ذلك الحين إلى طمس هذه الذكرى المجيدة. إلغاء إحياء ذكرى حرب تشرين في مناطق معينة من سورية، خاصة تلك الخاضعة لسيطرة جماعات إرهابية كـ"هيئة تحرير الشام" بقيادة أبو محمد الجولاني، ليس مجرد قرار محلي، بل جزء من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى محو الذاكرة الوطنية السورية. هذه الجماعات، التي تُصنّف كإرهابية، ليست سوى واجهة تنفذ أوامر الكيان الصهيوني، الذي يسيطر عسكرياً واستخباراتياً على جنوب سورية، ويمتلك نفوذاً غير مباشر على بقية الأراضي السورية من خلال دعم هذه الجماعات.الجولاني، الذي ارتبط اسمه بجماعات إرهابية كالنصرة وداعش، يظهر كأداة في يد الاحتلال الصهيوني، حيث تتيح سيطرته على مناطق في سورية للكيان الصهيوني تحقيق أهدافه دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر. هذه العلاقة ليست جديدة، بل تعود إلى عقود من التعاون الخفي بين الكيان الصهيوني وجماعات إرهابية، حيث كشفت تقارير عديدة عن تقديم إسرائيل الدعم اللوجستي والطبي لمقاتلي هذه الجماعات في الجولان، في محاولة لإضعاف الجيش السوري وتفتيت الجبهة الداخلية.
يوم الشهيد: محو الهوية الوطنية
إلى جانب إلغاء ذكرى حرب تشرين، يبرز إلغاء إحياء يوم الشهيد كمؤشر آخر على محاولات طمس الهوية الوطنية السورية. يوم الشهيد، الذي يُخلّد ذكرى المقاومين السوريين الذين أُعدموا على يد جمال باشا السفاح خلال الاحتلال العثماني، يمثل رمزاً للتضحية والنضال ضد الظلم الاستعماري. هؤلاء المقاومون، الذين وقفوا في وجه السلطنة العثمانية، لم يكونوا مجرد أفراد، بل كانوا تعبيراً عن إرادة شعب رفض الخضوع للاستعمار، سواء كان عثمانياً أو صهيونياً.جمال باشا، الذي كان يُعرف بلقب "السفاح"، لم يكن مجرد ممثل للسلطنة العثمانية، بل كان أداة في يد قوى استعمارية أكبر، لاسيما عائلة روتشيلد، التي سيطرت على الاقتصاد العثماني منذ ستينيات القرن التاسع عشر. هذه العائلة، التي امتلكت الحصة الأكبر في البنك العثماني الإمبراطوري، كانت المهندس الرئيسي للمشروع الصهيوني في المنطقة. من خلال نفوذها المالي والسياسي، مهّدت روتشيلد الطريق لوعد بلفور عام 1917، الذي شكّل اللبنة الأساسية لاحتلال فلسطين. إقامة مستوطنة "ريشون لتسيون" عام 1882، والتي أصبحت لاحقاً أساس الاحتلال الاستيطاني في منطقة غوش دان، كانت خطوة أولية في هذا المخطط الطويل الأمد.السلطنة العثمانية، التي كانت تُعرف في تلك الفترة بـ"الرجل المريض"، لم تكن سوى أداة في يد هذه القوى الاستعمارية. من خلال السيطرة على اقتصادها ومؤسساتها، تمكنت عائلة روتشيلد من توجيه سياساتها لخدمة المشروع الصهيوني. في هذا السياق، يمكن فهم دور جمال باشا ليس كمجرد قائد عثماني، بل كمنفذ لسياسات تهدف إلى قمع أي مقاومة عربية قد تعيق هذا المشروع. إعدام المقاومين السوريين في يوم الشهيد كان جزءاً من هذه الاستراتيجية، التي هدفت إلى كسر إرادة الشعب العربي وتمهيد الطريق للاحتلال الصهيوني.
التآمر الصهيوني-العثماني: تقاسم الأدوار
العلاقة بين الاحتلال العثماني والمشروع الصهيوني لم تكن مجرد صدفة تاريخية، بل كانت نتيجة تقاسم أدوار مدروس بين القوى الاستعمارية. بينما كانت السلطنة العثمانية تُستنزف اقتصادياً وعسكرياً، كانت القوى الصهيونية، بدعم من عائلة روتشيلد، تستعد لتسلم الراية. انسحاب الاحتلال العثماني من فلسطين لم يكن هزيمة عسكرية فحسب، بل كان جزءاً من صفقة غير معلنة، حيث تم تسليم الأرض للكيان الصهيوني ليكمل المشروع الاستعماري.هذا التقاسم للأدوار لم يتوقف عند حدود فلسطين، بل امتد إلى سورية، حيث سعت القوى الصهيونية إلى إضعاف الدولة السورية من خلال دعم جماعات إرهابية واستغلال الاحتلال التركي الحديث. تركيا، التي ورثت إرث السلطنة العثمانية، عادت لتلعب دوراً مشابهاً في سورية، من خلال دعم جماعات إرهابية كـ"الجولاني" و"داعش"، ومحاولة فرض سيطرتها على مناطق في شمال سورية. هذا الدور يتماشى مع الأهداف الصهيونية، حيث تسعى إسرائيل إلى إبقاء سورية في حالة من الفوضى والتفتت، مما يضمن استمرار هيمنتها على الجولان ومنع أي محاولة لتحرير الأراضي المحتلة.
الجولاني وداعش: واجهات للاحتلال
في هذا السياق، تظهر جماعات مثل "هيئة تحرير الشام" و"داعش" كأدوات تنفيذية للمشروع الصهيوني. الجولاني، الذي بدأ مسيرته كقائد في تنظيم القاعدة فرع سورية، تحوّل تدريجياً إلى رأس حربة في يد الكيان الصهيوني. تقارير موثقة كشفت عن لقاءات سرية بين قادة هذه الجماعات ومسؤولين إسرائيليين، فضلاً عن تقديم الدعم العسكري والطبي لمقاتليهم في الجولان. هذه العلاقة ليست مجرد تعاون تكتيكي، بل هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إضعاف سورية ومنعها من استعادة دورها كقوة مقاومة في المنطقة.داعش، من جانبها، لعبت دوراً مشابهاً، حيث استهدفت الجيش السوري والمدنيين، وساهمت في خلق حالة من الفوضى العامة، مما سهّل على إسرائيل تعزيز سيطرتها على الجولان. هذه الجماعات، رغم اختلاف شعاراتها وأيديولوجياتها المعلنة، تتفق في هدفها الأساسي: تدمير النسيج الوطني السوري وإضعاف أي مقاومة محتملة للاحتلال الصهيوني.
محو الذاكرة الوطنية: استراتيجية ممنهجة
إلغاء إحياء ذكرى حرب تشرين ويوم الشهيد ليس مجرد قرارات عشوائية، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى محو الذاكرة الوطنية السورية. هذه الذاكرة، التي تحمل في طياتها قصص الصمود والبطولة، تشكل تهديداً مباشراً للمشروع الصهيوني، الذي يعتمد على كسر إرادة الشعوب وإضعاف هويتها الوطنية. من خلال دعم جماعات إرهابية وفرض سيطرة عسكرية واستخباراتية على جنوب سورية، تسعى إسرائيل إلى تحويل الجولان إلى منطقة منزوعة الهوية، حيث يتم استبدال الرواية الوطنية السورية برواية صهيونية مزيفة.هذه الاستراتيجية ليست جديدة، بل تعود إلى بدايات المشروع الصهيوني، حيث عملت عائلة روتشيلد وأتباعها على إعادة صياغة تاريخ المنطقة ليخدم أهدافهم. إقامة مستوطنات مثل ريشون لتسيون، وتوزيع الأدوار بين الاحتلال العثماني والصهيوني، كانت خطوات أولية في هذا الاتجاه. اليوم، تستمر هذه الاستراتيجية من خلال دعم جماعات إرهابية واستغلال الاحتلال التركي لفرض واقع جديد في سورية.
الدور التركي: استمرارية الإرث العثماني
تركيا الحديثة، بقيادة نظامها الحالي، تلعب دوراً لا يقل أهمية عن الدور الذي لعبته السلطنة العثمانية في الماضي. من خلال دعمها لجماعات إرهابية في شمال سورية، ومحاولتها فرض سيطرة عسكرية على مناطق مثل إدلب، تسعى تركيا إلى إعادة إحياء النفوذ العثماني تحت مسمى "النفوذ الإقليمي". هذا الدور يتماشى مع الأهداف الصهيونية، حيث تساهم تركيا، سواء عن قصد أو دون قصد، في إضعاف سورية وتفتيتها، مما يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة.الاحتلال التركي لمناطق في شمال سورية، ودعمه لجماعات مثل "الجولاني"، يعكس استمرارية الإرث العثماني في خدمة المصالح الاستعمارية. هذا الدور ليس جديداً، بل يعيد إنتاج نفس النموذج الذي استخدمته السلطنة العثمانية في القرن التاسع عشر، حين كانت أداة في يد القوى الاستعمارية لقمع المقاومة العربية وتمهيد الطريق للاحتلال الصهيوني.
سورية: الصمود في وجه المؤامرة
رغم كل هذه المخططات، تظل سورية رمزاً للصمود والمقاومة. الجيش العربي السوري، الذي سطّر ملحمة تشرين، ومازال يقاتل الإرهاب والاحتلال، يمثل الإرادة الوطنية التي رفضت الخضوع. الشعب السوري، الذي قدم آلاف الشهداء في سبيل الحرية والكرامة، يواصل نضاله ضد الاحتلال الصهيوني والتركي، وضد الجماعات الإرهابية التي تُستخدم كأدوات لتدمير الوطن.إن محاولات محو ذكرى حرب تشرين ويوم الشهيد لن تنجح في كسر هذه الإرادة. فالتاريخ السوري، المكتوب بدماء الشهداء، ليس مجرد ذكريات، بل هو وقود للأجيال القادمة التي ستحمل راية المقاومة. إن استعادة الجولان، وتحرير كل شبر من الأرض السورية المحتلة، ليست مجرد حلم، بل هي وعد قطعته سورية لنفسها وللأمة العربية.
خاتمة: المستقبل أمام التحدي
في مواجهة هذا التآمر المعقد، الذي يجمع بين القوى الصهيونية والأدوات الإقليمية، تقف سورية كحصن منيع، يتحدى كل محاولات التفتيت والتدمير. إن استعادة الذاكرة الوطنية، من خلال إحياء ذكرى حرب تشرين ويوم الشهيد، ليست مجرد فعل رمزي، بل هي تأكيد على هوية شعب رفض الخضوع. المستقبل، رغم التحديات، يحمل في طياته أملاً بتحرير الجولان واستعادة سورية لدورها كقلب المقاومة العربية.إن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تملك إرادة الصمود لا تُهزم. سورية، بجيشها العربي السوري الذي سينهض مع شعبها كطائر الفينيق كنا تظل عمليات المقاومة السورية بعلمها بنجمتي الوحدة المصرية السورية ستواصل نضالها حتى تحقيق النصر النهائي، وتقضي على عصابات الخيانة الداعشية واسيادهم الإنكليز والصهاينة في القصر الجمهوري مهما كانت المؤامرات ومهما طال الزمن. فالجولان، كما فلسطين، سيبقى رمزاً للكرامة العربية، وستظل ذكرى تشرين ويوم الشهيد منارة تهدي الأجيال نحو الحرية والاستقلال.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية -حافة الهاوية-
- أمريكا: إمبراطورية الفقاعات وأوهام الدولار السحري..كتابات سا ...
- رواية: رقصة النيل الساخرة
- السلام المزيف: قصة كيف غرقت مصر وفلسطين في بحر من النكات الس ...
- السيرك العالمي يفتتح موسمه الجديد في تل أبيب وواشنطن..كتابات ...
- أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية
- مسرحية : ايقاعات الورك المتمرد
- مجموعة قصصية : أكوام الخيال - الجزء الأول-
- الثقب الأسود الأوكراني: كوميديا جيوسياسية في مسرح العبث
- خيوط الاستعمار الإنكليزي ومحميات الخليج في صلب الفوضى العالم ...
- مسرحية -مدرسة الوحدة العجيبة-
- من إيقاعات النيل إلى أسواق إدلب : رقصة الشرق ضد الإسلام الصه ...
- رواية: خيوط الزيف
- -مسرحية الخيانة: عباس والجولاني في عرضٍ ساخر -
- التاريخ المُعاد كتابته بريشة الروتشيلد وسكين لورانس
- مسرحية: -أزقة باريس تحترق-..كوميديا
- عالم المخدرات العجيب حيث الشعر البرتقالي والعيون الزرقاء تحك ...
- العالم يرقص على إيقاع ترامب العبقري... أو ربما العكس!
- مسرحية -رقصة دولارات الإبادة : عبد الحميد الثالث ودونالد الص ...
- عشرين تريليون أو المشنقة... والمقاومة تضحك أخيراً!


المزيد.....




- جاكلين سلام في كتابها الجديد -دليل الهجرة...خطوات إمرأة بين ...
- سوريا بين الاستثناء الديمقراطي والتمثيل المفقود
- عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة وا ...
- من آثار مصر إلى الثقافة العالمية .. العناني أول مدير عربي لل ...
- اللاوا.. من تراث للشلك إلى رمز وطني في جنوب السودان
- الوزير المغربي السابق سعد العلمي يوقع -الحلم في بطن الحوت- ف ...
- انتخاب وزير الثقافة والآثار السابق المصري خالد العناني مديرا ...
- بعد الفيلم المُرتقب.. الإعلان عن موسمين جديدين من مسلسل -Pea ...
- عاجل.. المصري خالد العناني مديراً لمنظمة اليونسكو
- منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تنتخب ...


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد صالح سلوم - عصابات الجولاني ومهرجان البصمات على أوامر الناتو الاستعماري