أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية














المزيد.....

أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الولايات المتحدة وبريطانيا ، تمثلان اليوم ، رمزين للتراجع الذي يهدد بإعادة رسم خريطة القوى العالمية. الأولى تواجه عجزاً مالياً يهدد أساساتها الإدارية، بينما الثانية تغرق في حلقة مفرغة من الانتخابات والإقالة. هذه الأزمات ليست مصادفات، بل أعراض لانهيار هيكلي أعمق، يتجاوز الإصلاحات السطحية ويستدعي تحولاً جذرياً يرفضه الشعب نفسه. مع تزايد التوترات الخارجية، يلوح في الأفق سيناريو يشبه الانهيار التدريجي للإمبراطوريات التاريخية، حيث يصبح النشاط العسكري الخارجي مجرد هروب يومي نحو النهاية.
العجز المالي الأمريكي: رواتب معلقة ودولة متعثرة
في قلب الاقتصاد العالمي، أصبحت الولايات المتحدة تواجه تحدياً يهز أركانها الداخلية: عدم القدرة على دفع رواتب موظفي الإدارات الحكومية. هذا ليس مجرد تأخير إداري، بل إشارة إلى فشل نظام مالي يعتمد على الديون المتفاقمة والإنفاق العسكري الذي يفوق الإنتاج الاقتصادي. مع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع الثقة في الدولار، يجد ملايين العاملين في القطاع العام أنفسهم أمام شبح الانهيار. التقارير تشير إلى أن هذا العجز ليس مؤقتاً، بل نتيجة لسياسات تراكمت على مدى عقود، حيث أولوية الإنفاق على الدفاع والحروب الخارجية أدت إلى إهمال البنية التحتية الداخلية. في مثل هذه الظروف، يصبح السؤال ليس متى، بل كيف ستتعامل الدولة مع هذا الانهيار الذي يهدد بتعطيل الخدمات الأساسية، من التعليم إلى الرعاية الصحية.
الدوامة البريطانية: شعبويون يأتون ويذهبون في فراغ سياسي
عبر المحيط، تشهد بريطانيا سلسلة من الانتخابات المتسارعة التي تكشف عن فراغ سياسي عميق. ينتخب الشعب رئيس وزراءً شعبوياً يعد بالتغيير الجذري، ليجد نفسه مسقطاً بعد أشهر قليلة، ثم يتكرر المشهد مع خلف آخر. هذه الدورة المفرغة ليست مصيبة فردية، بل انعكاس لأزمات طبقية كثيفة ومعقدة، حيث يتصارع العمال والطبقات الوسطى مع ارتفاع تكاليف المعيشة، بينما يحتكر النخب الاقتصادي الثروة. البريكست، الذي كان يُفترض أنه خطوة نحو الاستقلال، تحول إلى قنبلة موقوتة، مع تراجع التجارة وتفاقم التفاوت الاجتماعي. في هذه الدوامة، يفقد الناخبون الثقة في النظام الديمقراطي نفسه، مما يعزز من خطر الشعبوية المتطرفة كحل سريع، لكنه غير مستدام.
الرفض الشعبي للحل الجذري: يسار شيوعي كمفتاح مفقود
أمام هذه الأزمات الهيكلية، يبرز الحل الوحيد كخيار يتجاوز الإصلاحات الليبرالية: تحول جذري نحو يسار شيوعي يعيد توزيع الثروة ويضمن العدالة الاجتماعية. هذا النهج، الذي نجح تاريخياً في مواجهة الرأسمالية المتوحشة، يتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد من الأساس، بما في ذلك الملكية العامة للوسائل الإنتاجية وتقليص الإنفاق العسكري. ومع ذلك، يرفض الشعب الأمريكي والبريطاني هذا الخيار، مفضلاً الوهم بالعودة إلى "المجد السابق" عبر الشعبوية. هذا الرفض ليس جهلاً، بل نتيجة لدعاية إعلامية وثقافية عميقة ترسم الشيوعية كشبح، مما يدفع المجتمعات نحو حلول جزئية تفاقم الانهيار بدلاً من منعه.
حافة الانتحار الجماعي: من قوى عظمى إلى دول هامشية
بهذا الرفض، تقف الولايات المتحدة وبريطانيا على حافة انتحار جماعي، حيث يؤدي التراجع الاقتصادي والسياسي إلى انزياح تدريجي من صفوف الدول المهمة. تخيل دولة كانت تقود العالم اقتصادياً، اليوم تكافح لدفع رواتب موظفيها، وأخرى كانت إمبراطورية شمسها لا تغيب، تغرق في فوضى داخلية. هذا الانزياح ليس نظرياً؛ إنه يتجلى في فقدان النفوذ الدبلوماسي، تراجع التحالفات، وصعود قوى أخرى في آسيا وأفريقيا. النتيجة هي فقدان القدرة على السيطرة على الأحداث العالمية، مما يجعل هذه الدول عرضة للصدمات الخارجية التي كانت تتحكم بها سابقاً.
المغامرات الخارجية: علامات الموت بالهروب إلى الأمام
في محاولة يائسة لإنقاذ الوهم، تتجه هاتان الدولتان نحو نشاط محموم خارجي، يشبه مغامرات الإمبراطوريات المنهارة في مراحلها الأخيرة. الحروب في أوكرانيا، فلسطين، وإيران ليست مصادفات، بل محاولات للهروب إلى الأمام، حيث يُستخدم النشاط العسكري كوسيلة لتوحيد الداخل الممزق وصرف الانتباه عن الفشل الداخلي. تاريخياً، سبق انهيار روما وبريطانيا العظمى تصعيد الحملات الخارجية، لكنها كانت دائماً علامة الموت الأخيرة. اليوم، يصبح هذا النشاط محموماً أكثر، مع دعم للصراعات التي تستهلك الموارد دون عائد، مما يسرع من الانهيار الداخلي.
سقوط الحلفاء: الكيان والمحميات في مهب الريح
مع هذا الانهيار، لن يقف الأمر عند الحدود الوطنية؛ فالحلفاء والمحميات ستسقط أوتوماتيكياً كأوراق الخريف. الكيان الصهيوني، الذي اعتمد على الدعم الأمريكي اللامحدود، سيجد نفسه معزولاً أمام الضغوط الإقليمية، بينما محميات الخليج، المبنية على الاعتماد الأمني والاقتصادي، ستفقد درعها الرئيسي. هذا السقوط ليس انتقاماً، بل نتيجة منطقية لنظام يعتمد على قوة خارجية هشة. عندما تنهار الإمبراطورية الأم، يفقد التابعون أساس وجودهم، مما يفتح الباب لتحالفات جديدة تعيد تشكيل الشرق الأوسط والعالم.في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستدرك هذه الدول خطورة مسارها قبل فوات الأوان، أم ستستمر في الهروب نحو الهاوية؟ الإجابة تكمن في إرادة الشعوب، التي يمكن أن تحول الكارثة إلى فرصة لولادة جديدة، إذا ما اختارت الطريق الجذري الذي ترفضه اليوم.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية : ايقاعات الورك المتمرد
- مجموعة قصصية : أكوام الخيال - الجزء الأول-
- الثقب الأسود الأوكراني: كوميديا جيوسياسية في مسرح العبث
- خيوط الاستعمار الإنكليزي ومحميات الخليج في صلب الفوضى العالم ...
- مسرحية -مدرسة الوحدة العجيبة-
- من إيقاعات النيل إلى أسواق إدلب : رقصة الشرق ضد الإسلام الصه ...
- رواية: خيوط الزيف
- -مسرحية الخيانة: عباس والجولاني في عرضٍ ساخر -
- التاريخ المُعاد كتابته بريشة الروتشيلد وسكين لورانس
- مسرحية: -أزقة باريس تحترق-..كوميديا
- عالم المخدرات العجيب حيث الشعر البرتقالي والعيون الزرقاء تحك ...
- العالم يرقص على إيقاع ترامب العبقري... أو ربما العكس!
- مسرحية -رقصة دولارات الإبادة : عبد الحميد الثالث ودونالد الص ...
- عشرين تريليون أو المشنقة... والمقاومة تضحك أخيراً!
- أردوغان وترامب: مسرحية الصداقة التجارية بطعم الإبادة
- تفكيك الإنسان في الأدب: قراءة في -سلاسل العقل، أغلال القلب-
- بولندا ترقص على حبل المصالح: من بروكسل إلى بكين
- وعد بلفور يعود بموسيقى تصويرية جديدة..
- مسرحية -عاصفة الاستقلال-
- مسرحية - في معابد الإله الاعظم دولار-


المزيد.....




- شاهد.. طائرات مسيرة تُجبر مطار ميونيخ على الإغلاق
- أوكرانيا تعلن نفوق 13 ألف خنزير بسبب حريق ناتج عن ضربات روسي ...
- إسرائيل تحتجز آخر سفن -أسطول الصمود- وترحّل 4 إيطاليين.. وبن ...
- روبوت لبيئات العمل الخطرة يتحدث أكثر من 70 لغة
- فيديو- حريق ضخم في مصفاة نفط قرب لوس أنجلوس
- البحرية الإسرائيلية تعترض آخر سفن -أسطول الصمود- وسط تنديد د ...
- ألمانيا: مطار ميونيخ يستأنف عملياته بعد تعليقها خلال الليل ب ...
- التغير المناخي يقتلع جذور الواحات الموريتانية
- فرنسا: لوكورنو سيعلن في نهاية الأسبوع تشكيل حكومته الجديدة
- بوتين يصف اعتراض فرنسا ناقلة نفط على ارتباط بروسيا بالـ -قرص ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية