|
الثقب الأسود الأوكراني: كوميديا جيوسياسية في مسرح العبث
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 22:58
المحور:
كتابات ساخرة
ينكشف الصراع الأوكراني كمسرحية هزلية لا تخلو من مأساة. هذا النزاع، الذي بدأ كمشاجرة إقليمية بين جيران لا يتفقون على حدود الحديقة، تحول إلى ثقب أسود جيوسياسي يبتلع الموارد والأحلام الأوروبية بنهمٍ لا يعرف الكلل. في هذا العرض الكوميدي المرير، يلعب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دور المخرج الماكر، الذي يوزع الأدوار ببراعة ليترك الأوروبيين يتحملون فاتورة هذا العرض بينما يجلس هو في الصف الأول، يحتسي القهوة ويحسب الأرباح.ترامب: المخرج الذي يحب الفوضى دونالد ترامب، بعبقريته الدرامية وسحره المثير للجدل، لاحظ مبكرًا أن الصراع الأوكراني ليس سوى حفرة مالية لا قاع لها. بينما كانت واشنطن ترمي بمئات المليارات من الدولارات في هذا المستنقع، كان ترامب يفكر: "لماذا نضيع فلوسنا على مسرحية لا نهاية لها؟ دعونا ندع الأوروبيين يلعبون دور الأبطال!" وهكذا، وبشعاره الخالد "أمريكا أولًا"، قرر أن يحول هزيمة الناتو في أوكرانيا إلى عرض أوروبي خالص. النتيجة؟ دول الناتو الأوروبية، من ألمانيا إلى فرنسا، باتت تضخ تريليونات اليورو في هذا الثقب الأسود، بينما المجمع الصناعي العسكري الأمريكي يفرك يديه فرحًا، يوقع عقود الأسلحة ويرسل الفواتير مع ابتسامة عريضة. واشنطن؟ تقف بعيدًا، تشاهد العرض وتصفق للأوروبيين: "قاتلوا، يا أبطال! روسيا لن ترحمكم، لكن لا بأس، نحن ندعمكم... من بعيد!"الثقب الأسود: أوكرانيا تأكل أوروبا الصراع الأوكراني، الذي بدأ كمشكلة صغيرة، أصبح مثل ضيف غير مدعو في حفلة أوروبية راقية: يأكل كل شيء، يشرب كل شيء، ويرفض المغادرة. الدول الأوروبية، التي كانت تحلم بإجازات صيفية هادئة وميزانيات متوازنة، وجدت نفسها ترمي أموالها في جيب أوكرانيا الذي لا يشبع. ألمانيا، فرنسا، بولندا، وغيرها، باتت تمول هذا العرض بمبالغ خيالية، بينما صناديق الضمان الاجتماعي تنهار تحت وطأة التضخم والإنفاق العسكري. المواطن الأوروبي، الذي كان يخطط لتقاعد هادئ مع كأس نبيذ، يجد نفسه الآن يتساءل: "هل سأتقاعد في شقة صغيرة أم في خيمة بسبب فواتير زيلينسكي؟"زيلينسكي: البطل المثير للجدل في قلب هذا العرض، يقف فولوديمير زيلينسكي، الممثل الذي تحول من كوميدي تلفزيوني إلى بطل مأساوي... أو ربما نجم فيلم هزلي. بينما يراه البعض رمزًا للمقاومة، يتهمه آخرون بأنه يستغل الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية. شائعات عن قصور فاخرة في لندن تثير ضحكة ساخرة: هل يشتري زيلينسكي عقارات ديلوكس بأموال المساعدات؟ لا أحد يعلم، لكن الفكرة نفسها كافية لجعل دافع الضرائب الأوروبي يتساءل: "هل أموالي تمول مقاومة أوكرانيا أم تجديد ديكور قصر زيلينسكي؟" سواء كانت هذه الاتهامات صحيحة أم لا، فإنها تضيف طبقة أخرى من السخرية إلى هذه المسرحية، حيث يجد الأوروبيون أنفسهم مضطرين لدعم نجم لا يعرفون إن كان بطلًا أم ممثلًا بارعًا في استغلال الأزمات.أمريكا: الماكرة التي تصنع الفوضى لا يمكننا مناقشة هذا العرض دون الإشارة إلى الولايات المتحدة، المخرجة الماكرة التي صممت المسرحية منذ البداية. شخصيات مثل فيكتوريا نولاند وجورج سوروس، بمثابة كتاب السيناريو، عملوا على توريط أوروبا في هذا الفخ الجيوسياسي. توسع الناتو شرقًا، الذي دعمته واشنطن، كان بمثابة دعوة لروسيا للدخول إلى المسرح، والآن، بينما الأوروبيون يتصارعون مع العواقب، تقف أمريكا في الكواليس، تضحك وتقول: "لماذا نقاتل الدب الروسي بأنفسنا؟ دعوا الأوروبيين يفعلون ذلك!" ترامب، ببراعته المعهودة، يدرك أن مواجهة روسيا مباشرة قد تكلف أمريكا الكثير، خاصة مع ترسانة موسكو التي تحمل أسلحة تكنولوجية تجعل الأسلحة الأمريكية تبدو كألعاب أطفال. فلماذا تعرض أمريكا عرشها بينما يمكنها الاستمتاع بالعرض من بعيد؟إيران: نجمة صاعدة في مسرح الرعب وفي خضم هذه الكوميديا، تظهر إيران كنجمة صاعدة في مسرح الرعب الجيوسياسي. تقارير غير مؤكدة – ولكنها ممتعة للغاية – تتحدث عن هجمات إيرانية دقيقة ضد إسرائيل، حيث أدت طائرات مسيرة وذكاء اصطناعي إلى تدمير ثلث تل أبيب وحيفا، وقتل 1237 من جنرالات وطيارين وعلماء إسرائيليين. هذا العرض، لو صح، يكشف عن مفارقة ساخرة: بينما تتباهى إسرائيل بأنظمة دفاع جوي مدعومة من أمريكا وأوروبا، جاءت إيران بمسيراتها المتواضعة لتقول: "آسفين، لكن دفاعاتكم بحاجة إلى تحديث!" إذا كانت إيران قادرة على فعل هذا، فماذا عن روسيا، التي تمتلك ترسانة تجعل إيران تبدو كهاوية في عالم التكنولوجيا العسكرية؟ الأوروبيون، المذهولون بهذا العرض، يتساءلون: "هل سنكون التاليين في قائمة المدمرين؟"استونيا: الممثل الصغير ذو الأحلام الكبيرة وفي زاوية المسرح، تظهر استونيا، الدولة الصغيرة التي تحلم بلعب دور البطل الكبير. باتهاماتها المتكررة بأن طائرات روسية مسيرة تخترق مجالها الجوي، تبدو استونيا كطفل يصرخ "الذئب!" لجذب الانتباه. هذه الادعاءات، التي تفتقر إلى أي دليل يذكر، تجعل المرء يتساءل: هل نسيت استونيا أن لروسيا أقمارًا صناعية ترى حتى النملة في حديقة رئيس الوزراء؟ أما زيلينسكي، فهو يشارك في هذه اللعبة ببراعة، حيث يُزعم أنه يستخدم طائرات روسية معدلة لشن هجمات رمزية، محاولًا جر الناتو إلى حلبة الرقص مع الدب الروسي. هذه الخدعة، إن صحت، تجعلنا نضحك ونبكي في آنٍ واحد: هل هذه مسرحية هزلية أم مأساة وشيكة؟النهاية: عرض بلا ستارة في النهاية، الصراع الأوكراني ليس سوى مسرحية عبثية تكشف عن هشاشة التحالف الغربي. الأوروبيون، المحاصرون في هذا العرض، يواجهون خيارًا مستحيلًا: إما مواصلة تمويل هذه المسرحية على حساب استقرارهم الاقتصادي، أو البحث عن مخرج دبلوماسي قد يكلفهم غاليًا سياسيًا. أما الولايات المتحدة، بقيادة مخرجين مثل ترامب، فتستمتع بالعرض من بعيد، تحصي الأرباح وتتجنب الفوضى. السؤال الكبير يبقى معلقًا في الهواء مثل ستارة لم تسقط بعد: إلى متى يمكن لأوروبا تحمل هذا الثقب الأسود؟ وهل ستخرج من هذه الدوامة دون أن تتحول إلى مجرد ذكرى في كتب التاريخ؟ انتظروا المشهد القادم، فقد يكون الأكثر إثارة... أو الأكثر كارثية!
.............
الإنكليز، محميات الخليج، وترامب: الكوميديا الشيطانية في مسرح العالم
في قاعة المسرح العالمي الكبرى، حيث تصمم خيوط السياسة والمصالح الاستعمارية في عرض كوميدي يجعل مونتي بايثون يبدون كمبتدئين في نادي المسرح المدرسي، يجلس المايسترو الإنكليزي في مكتبه الفاخر بلندن، يرتشف شايًا بنكهة الأفيون الاستعماري، ويحرك خيوط دمى أكثر من فرقة سيرك عالمية. من سوريا إلى اليمن، ومن غزة إلى كشمير، يدير هذا العقل المدبر عرضًا يمزج بين الهزل المقيت والمأساة الدامية، بمساعدة عصاباته المحلية، من إخوان مسلمين وقاعدة وداعش، إلى ميليشيات مسيحية صهيونية كجعجع والكتائب، إلى محميات الخليج الصهيو-أمريكية التي تُلقب نفسها دولاً، بينما هي في الحقيقة مزارع نفطية تتلقى أوامرها عبر إشارات دخان من لندن وواشنطن. وفي قلب هذا العرض، يظهر دونالد ترامب، بشعره البرتقالي وقبعته الحمراء، كنجم المسرحية الذي قرر أن يأخذ كتيّب الإنكليز الاستعماري ويضيف إليه لمسة شيطانية، لدعم الكيان الصهيوني في جرائم تفوق النازية عشرة أضعاف، بينما يُفوّض توني بلير، المجرم الذي يُفترض أن يكون في السجن بتهمة تدمير العراق وليبيا، لإدارة الفتنة "على الناعم" في سوريا وغزة. هذه المادة، في ثلاثين صفحة من السخرية العالمية، تكشف كيف تُنسج هذه الكوميديا السوداء بعناية فائقة.تخيلوا المشهد: رجل بريطاني أنيق، ببدلة مخططة وقبعة كلاسيكية، يجلس على مكتب مزخرف، يمسك قلم رصاص وخريطة العالم، يرسم خطوطًا عشوائية كما لو كان طفلاً يعبث بلوحة ألوان في ورشة فنية. سوريا؟ فلنقسمها إلى سنة، علويين، دروز، شيعة، فلسطينيين، ثم نرمي فتاتًا ليتقاتلوا عليه كالدجاج في مزرعة. فلسطين؟ كيان صهيوني يجعل هتلر يبدو كمبتدئ في مدرسة الإبادة. الهند؟ باكستان هنا، كشمير هناك. الصين؟ تايوان وهونغ كونغ كفيلتان بإثارة صداع يدوم لقرون. وفي الخلفية، محميات الخليج، تلك المزارع النفطية التي تُسمي نفسها دولاً، توزع الأموال على العصابات الطائفية كما لو كانت توزع كتيبات دعائية في معرض سياحي. إنه عرض كوميدي يجعلك تضحك حتى تبكي، لأن الدماء التي تُراق هي دماء حقيقية، بينما المايسترو يتفرج من شرفة مكتبه، يحتسي الشاي ويتبادل النكات مع أصدقائه في واشنطن.لنبدأ بالسعودية، تلك المحمية الصهيو-أمريكية التي تُعتبر البنك المتنقل لكل من يريد إشعال فتنة أو تفجير شارع. جعجع وكتائبه الفاشية؟ هؤلاء الذين يرفعون الصليب كشعار بينما يحلمون بحرب أهلية أبدية؟ لا تظنوا أن تمويلهم يأتي من تبرعات الكنيسة أو من بيع بسكويت العيد. السعودية، بأوامر من لندن وواشنطن، تُرسل شيكات بملايين الدولارات لتسليح هؤلاء "الصليبيين الجدد"، لأن لا شيء يُضحك الإنكليز أكثر من رؤية طوائف تتصارع باسم الدين بينما هم يتفرجون من شرفاتهم الفاخرة، يتبادلون النكات حول "الشرق الأوسط المتوحش". السعودية، بكل بساطة، هي المحفظة التي لا تنام، تموّل كل شيء من ميليشيات جعجع إلى أحزاب يمينية أوروبية عنصرية عبر صفقات أسلحة تجعل تجار السلاح يرقصون فرحًا في شوارع واشنطن.ثم هناك قطر، تلك الدولة الصغيرة التي قررت أن تكون الراعي الرسمي للإخوان المسلمين، أولئك الذين يرتدون بدلات أنيقة ويتحدثون عن "الديمقراطية الإسلامية" بينما يتلقون الأوامر من الدوحة، التي بدورها تتلقى التعليمات من لندن عبر بريد إلكتروني بعنوان "الخطة اليومية للفوضى". قطر توزع الأموال كما لو كانت في مهرجان خيري، من تونس إلى مصر إلى سوريا، لدعم الإخوان الذين يظنون أنفسهم ثوريين، بينما هم مجرد دمى في يد المايسترو الإنكليزي. تخيلوا شيخًا قطريًا يجلس في مكتب مكيف، يوقّع شيكًا للإخوان بينما يشاهد مباراة كرة قدم، وهو يعتقد أنه يغيّر العالم بينما هو مجرد موظف في شركة المايسترو الإنكليزي.والإمارات؟ أوه، الإمارات هي الفتى الذهبي في نادي الصهيو-أمريكيين، الذي قرر أن يكون الممول الأنيق لكل فوضى في المنطقة. في اليمن، حيث تُمزق البلاد بين انفصاليين وطائفيين ومرتزقة، الإمارات تلعب دور البنك المتنقل. عصابات انفصالية في الجنوب؟ شيك بمليون دولار. ميليشيات تُقاتل باسم القبيلة؟ شيك آخر. لكن الإمارات لا تكتفي بتمويل العصابات المحلية، بل تمد يدها إلى أوروبا وأمريكا، حيث تشتري الأسلحة بمليارات الدولارات، وتدعم لوبيات السلاح التي تُموّل أحزابًا يمينية عنصرية بنهج نيوليبرالي. إنهم يسمونها "دبلوماسية اقتصادية"، لكنها في الحقيقة رشوة بطابع خليجي، تُدار بأوامر أمريكية مباشرة. تخيلوا إماراتيًا يرتدي دشداشة بيضاء ناصعة، يوقّع صفقة أسلحة مع شركة أمريكية، ثم يذهب لتناول العشاء في مطعم فاخر في باريس، وهو يعتقد أنه يدير العالم بينما هو مجرد وسيط في مسرحية المايسترو.والآن، دعونا نرحب بالنجم الجديد في هذه الكوميديا: دونالد ترامب، الرجل الذي يبدو كأنه خرج من فيلم كوميدي رديء من الثمانينيات، بشعره البرتقالي وخطاباته التي تجعل الكوميديين المحترفين يشعرون بالغيرة. ترامب قرر أن يأخذ كتيّب الإنكليز الاستعماري ويضيف إليه لمسة شيطانية، لدعم الكيان الصهيوني في جرائم تفوق النازية عشرة أضعاف. نتنياهو، الذي يجعل هتلر يبدو كمبتدئ في فنون التجويع والقتل، يجد في ترامب الشريك المثالي. في غزة، ينفذ الكيان الصهيوني إبادة جماعية تتجاوز في عدد الضحايا من الأطفال والمدنيين كل ما شهدته الحرب العالمية الثانية، مع حصار وتجويع يجعلان معتقلات أوشفيتز تبدو كمنتجع سياحي. ترامب، الذي يُصوّر نفسه كبطل الكيان، يحلم بتحويل المنطقة إلى "ريفييرا" فساد على نمط جزر إبستين، تلك الجزر التي كانت ملعبًا للإجرام الجنسي لنخب الولايات المتحدة. ترامب، الذي عيّن نفسه "إمبراطور ريفييرا إبستين-ترامب-غزة"، يفوض توني بلير لإدارة الفتنة "على الناعم"، بينما يوزع الأدوار على دمى مثل كلير حجاج وغيرها من نجوم المسرحية الهزلية. بلير، الذي يُفترض أن يكون في السجن بتهمة تدمير العراق وليبيا، يعود كمدير تنفيذي للفوضى، يوزع النصائح حول كيفية إشعال الفتن بابتسامة هوليوودية.والمخدرات؟ أوه، هذه هي الكرزة على كعكة هذه المسرحية. السي آي إيه، بمساعدة المخابرات البريطانية، تدير تجارة المخدرات كما لو كانت شركة مدرجة في بورصة نيويورك. من الأفيون في أفغانستان إلى "الزومبي" في شوارع أمريكا، حيث يموت سبعون ألفًا سنويًا، المخدرات هي السلاح المفضل لتدمير الشباب وإضعاف المجتمعات. في سوريا، تُستخدم المخدرات لإغراق المقاومة في دوامة الإدمان، بينما في اليمن تُوزع كمكافأة للمرتزقة. والمحميات الخليجية؟ هم الوسطاء المثاليون، ينقلون الأموال والمواد بكفاءة مدهشة. تخيلوا شيخًا خليجيًا يحمل حقيبة مليئة بالدولارات في يد، وحقيبة مليئة بالمخدرات في اليد الأخرى، وهو يبتسم للكاميرا ويقول: "نحن هنا لنشر السلام والرفاهية"، بينما يوزع السموم كما يوزع الحلوى في عيد الهالوين.في سوريا، يستمر العرض بكل حماس. من السويداء إلى الساحل، ومن المخيمات إلى المدن، يزرع الإنكليز الفتنة كما يزرع الفلاح البذور في موسم الربيع. السنة يقاتلون العلويين، الدروز يقاتلون الشيعة، والفلسطينيون يُتركون ليتقاتلوا على الفتات. وفي الخلفية، جعجع يرفع صليبه، والإخوان يرفعون شعاراتهم، وداعش تطلق النار على الجميع، بينما السعودية وقطر والإمارات يرسلون الأموال كالمطر في عاصفة استوائية. إنه مشهد يجعلك تتساءل: هل هذه حرب أهلية أم حفلة تنكرية نظمها مدير إنتاج مبتدئ؟لكن وسط هذا العبث، هناك من يرفض أن يكون دمية. المقاومة السورية، التي ضربت موقعًا صهيونيًا في جنوب سوريا المحتل، تُذكرنا بأن الشعب السوري ليس مجرد ممثل في هذه المسرحية. هذه العملية، التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من جنود الاحتلال، هي بمثابة صفعة على وجه المايسترو الإنكليزي. لكن الكيان الصهيوني، تلك الدمية الأخرى التي صنعها الإنكليز، يحاول التستر على خسائره برشاوى لعائلات الجنود. "خذوا بعض الشيكلات واصمتوا"، هكذا يقولون، وكأن الحياة يمكن شراؤها بكيس حلوى أو بضعة دولارات.في اليمن، المسرحية لا تقل عبثية. الإمارات تموّل عصابات انفصالية، السعودية تدعم ميليشيات طائفية، وقطر ترسل شيكات لمن تبقى. النتيجة؟ بلد ممزق يقاتل فيه الجميع الجميع، بينما الإنكليز يجلسون في مكاتبهم ويضحكون. والمضحك أكثر؟ هذه المحميات الخليجية تمد يدها إلى أوروبا وأمريكا، تموّل أحزابًا يمينية عنصرية عبر صفقات أسلحة تجعل تجار السلاح يرقصون في شوارع واشنطن. إنهم يسمونها "استثمارات"، لكنها في الحقيقة رشاوى للحفاظ على العرض مستمرًا.والصين؟ أوه، الصين هي الطالب الذكي الذي أفسد المسرحية. عندما حاول الإنكليز تحويل شعبها إلى مدمنين على الأفيون، قالت: "شكرًا، لكننا نفضل الشاي بدون سم". الحزب الشيوعي الصيني طرد المحتل، وحوّل الصين إلى قوة عظمى، بينما لندن أصبحت تبدو كقرية صغيرة تحلم بأمجادها الاستعمارية. تايوان؟ مجرد محاولة يائسة لإعادة الكرة، لكن الصينيين يعرفون كيف يضحكون على هذه النكتة القديمة، وهم يتناولون الديم سوم في هدوء.في النهاية، المسرحية مستمرة، لكن الجمهور بدأ يمل. الشعب السوري، إذا توحد، يستطيع أن يسدل الستار على هذا العرض الممل. تخيلوا اليوم الذي يقف فيه السوريون معًا، يرفضون الفتن الطائفية، ويطردون الإنكليز ومحمياتهم الخليجية وعصاباتهم من إخوان وداعش وكتائب. عندها، سينتهي العرض، وسيصبح المايسترو الإنكليزي مجرد رجل عجوز يحتسي الشاي وحيدًا، يتذكر أيام كان العالم يصفق له. وترامب؟ سيعود إلى ريفييراه، يحلم بأيام كان فيها نجمًا في مسرحية لم يكتبها، بينما المحميات الخليجية تعود إلى مزارعها النفطية، تحلم بيوم كانت فيه جزءًا من عرض لم يفهموه أبدًا. ونتنياهو؟ ربما ينتهي به الأمر في متحف للنازيين الجدد، بجانب صورة ترامب وشيك من السعودية، كتذكار لعرض لم يكن مضحكًا إلا لمن كتبوه في لندن.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيوط الاستعمار الإنكليزي ومحميات الخليج في صلب الفوضى العالم
...
-
مسرحية -مدرسة الوحدة العجيبة-
-
من إيقاعات النيل إلى أسواق إدلب : رقصة الشرق ضد الإسلام الصه
...
-
رواية: خيوط الزيف
-
-مسرحية الخيانة: عباس والجولاني في عرضٍ ساخر -
-
التاريخ المُعاد كتابته بريشة الروتشيلد وسكين لورانس
-
مسرحية: -أزقة باريس تحترق-..كوميديا
-
عالم المخدرات العجيب حيث الشعر البرتقالي والعيون الزرقاء تحك
...
-
العالم يرقص على إيقاع ترامب العبقري... أو ربما العكس!
-
مسرحية -رقصة دولارات الإبادة : عبد الحميد الثالث ودونالد الص
...
-
عشرين تريليون أو المشنقة... والمقاومة تضحك أخيراً!
-
أردوغان وترامب: مسرحية الصداقة التجارية بطعم الإبادة
-
تفكيك الإنسان في الأدب: قراءة في -سلاسل العقل، أغلال القلب-
-
بولندا ترقص على حبل المصالح: من بروكسل إلى بكين
-
وعد بلفور يعود بموسيقى تصويرية جديدة..
-
مسرحية -عاصفة الاستقلال-
-
مسرحية - في معابد الإله الاعظم دولار-
-
مسرحية: -عباءة الطابور الخامس-..كوميديا
-
مسرحية: الحقيقة تتألق بين الانقاض..-Veritas in Ruinas-
-
مسرحية -إمبراطورية التكفير-
المزيد.....
-
آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى
...
-
آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
-
ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق
...
-
دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
-
جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي
...
-
أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس
...
-
-جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
-
ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
-
روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
-
تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
المزيد.....
-
رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج
/ د. خالد زغريت
-
صديقي الذي صار عنزة
/ د. خالد زغريت
-
حرف العين الذي فقأ عيني
/ د. خالد زغريت
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
المزيد.....
|