|
رواية: رقصة النيل الساخرة
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 17:16
المحور:
الادب والفن
المقدّمة النقديّة:
دوامة الورك في مرآة النيل الساخرة
في عالم يتمايل بين إيقاعات الدّفّ الشّرقيّ وصوت صفير الفتاوى الطّويلة كقوافل جمال في صحراء الرّبع الخالي، تبرز رواية "رقصة النيل الساخرة" كدوامة كبرى تتحدّى الثّقل الرّمزيّ للتراث المكسور، حيث يصبح الجسد نفسه روايةً للثّورة، والمرآة الكسرى بوابةً للسّخرية الدّاخليّة التي تذيب اللحى قبل أن تذيب الدّولار. هذه الرّواية ليست مجرّد سلسلة من الفصول العشرة التي تتدفّق كالنيل في فيضانه، بل هي محاكمة كوميديّة للنّفاق الذي يبيع الكرامة بالبيتكوين ويحرّم الابتسامة أمام المرآة لأنّها قد تكون كافرةً بنفسها، وفي ثناياها، يتجلّى التمرّد كحركة ورك واحدة تُسقط إمبراطوريّات الفتاوى البالية، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي ترى في العمل الأدبيّ ليس مجرّد نصّ، بل نسيجاً من الرّموز الاجتماعيّة ينبض بالتناقضات الإنسانيّة، حيث يصبح الضحك سلاحاً يفضح الهيكل الاجتماعيّ كما يفضح الرّوائيّ الدّراميّ الصراع الدّاخليّ للبطل. إنّ الهيكل السّرديّ هنا يُبنى على أساس الدّيالكتيك الذي يجمع بين الجّدّيّة الفلسفيّة والسّخرية الشّعبيّة، فالفصل الأوّل، بعودته إلى النيل، يُشكّل نواة الصراع الدّاخليّ لخالد، الذي يواجه مرآتَه كأنّها عدوّاً يعكس الشّرق الممزّق بين إيقاعات الدّفّ في بغداد وأنغام الناي الحزينة في حلب، وفي هذا الصراع، تظهر الشّخصيّات كرموز حيّة: شذى كالورك الثّائر الذي يتحدّى الجاذبيّة الاجتماعيّة، كمال كالجريدة الممزّقة التي تحمل في طيّاتِها إعلانات السبي لكنّها تتحوّل إلى سيف ساخر، دعد كالرّسائل الخفيّة التي تربط اليمن بلييج في تضامن عابر للقارات، لمى كالفرشاة السّحريّة التي تحول الفتاوى إلى لوحات تتحرّك كأنّها في باليه فلسفيّ، وزيد كالسّمين الكوميديّ الذي يسقط في كلّ رقصة لكنه يقوم يعلن فتوى مضادّة، وهكذا، يصبح الجسم الجماعيّ روايةً للتمرّد، حيث يُفضح النّفاق من خلال السّقوط الكوميديّ الذي يُشبه سقوط جلال في لحيته، وفي هذا السياق، تُقرأ الرّواية كمحاولة لإعادة بناء الهويّة الشّرقيّة من خلال السّخرية، فالرّقص ليس مجرّد حركة جسديّة، بل رمز للحريّة الاجتماعيّة التي تتحدّى الهيكل السلطويّ الذي يبيع الجسد كسلعة في تطبيقات مشفرة، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي تركّز على الدّيالكتيك بين الجسد والسلطة، حيث يصبح الضحك ردّاً على القمع، والسّقوط لحظة تحرّر، كما في الفصل الثّاني حيث يتحوّل الوصول إلى لييج إلى حصار سحريّ للنّاتو بالورك، فالطّلاب البلجيكيّون يرقصون تراثَنا كدرس في الحضارة، بينما الشّبح البريجينسكيّ لكمال يدور رغماً عن دخانه، وهنا تبرز الدّعوى النّقديّة للعمل ككلّ: الرّواية ليست مجرّد تسلية، بل نقد اجتماعيّ يستخدم السّخرية لفضح التناقضات، فالبريجينسكيّون يحرّمون الرّقص فتنة بينما يبيعون النساء "جهاداً اقتصاديّاً"، وفي هذا، تُقرأ الشّخصيّات كأقنعة للتناقض الإنسانيّ، خالد كالفيلسوف الدّاخليّ الذي يندمج في المرآة، شذى كالجسد الثّائر الذي يُحرّر الرّوح، كمال كالسّاخر الذي يحوّل الجريدة إلى سيف، دعد كالنّاشطة التي تربط الرّسائل بالصّواريخ، لمى كالفنّانة التي تحول الفتاوى إلى لوحات تتحرّك، وزيد كالكوميديّ الذي يسقط ليُعلّم النهوض، وهكذا، يصبح كلّ شخصيّة طبقة في النّسيج السّرديّ، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي ترى في الشّخصيّة رمزاً للدّيناميكيّات الاجتماعيّة، حيث يُفضح النّفاق من خلال التّفاعل بين الجسديّ والرّمزيّ، فالرّقصة الكبرى في النّهاية ليست مجرّد خاتمة، بل ذروة كاتارسيس تجمع الشّخصيّات في دائرة تربط الشّرق بالغرب، التراث بالحداثة، والسّخرية بالتّضامن، وفي هذا، تُقرأ الرّواية كدعوة للقارئ للانخراط في الفعل السّرديّ، فالسّخرية هنا ليست هروباً، بل مواجهة، تجعل القارئ يضحك على مصيره الخاصّ ويحرّر ذاتَه من خلال الإيقاع، وهكذا، تظلّ الرّواية شاهداً على القدرة الإبداعيّة في تحويل الجّرح إلى رقصة، والمرآة المكسورة إلى عالم متكامل يرقص مع النيل إلى الأبد، وفي هذه القراءة، يبرز الدّور الثّقافيّ للعمل كجسر بين التراث والمقاومة، حيث يُعاد تفسير الرّقص الشّرقيّ كفعل سياسيّ يتحدّى الهيمنة، مستلهماً من تلك الأساليب النّقديّة التي تركّز على الثّقافة كموقع للصراع، فالرّواية تُعيد بناء الهويّة من خلال السّخرية، وتُحوّل الفتاوى إلى هزل، والسبي إلى رقصة، في عمل يجمع بين الجماليّ والسياسيّ بطريقة تجعل الضحك فعلاً تحرّريّاً، وهكذا، تنتهي المقدّمة النّقديّة بتأكيد على أنّ "رقصة النيل الساخرة" ليست مجرّد رواية، بل دعوة للرّقص في وجه النّفاق، للسّخرية في وجه القمع، وللتّضامن في وجه الاستلاب، في رقصة كبرى تُعلن نهاية عصر السبي وبداية عصر الإيقاع الحرّ الذي يربط الشّعوب بالضحك والحركة، وهنا ينتهي النّقد بالعودة إلى البداية، كدائرة الرّقص نفسها، حيث يبقى السّؤال مفتوحاً: هل سيرقص القارئ معنا، أم سيبقى في الظّل يحارب مرآتَه؟(النص ممدود ليحاكي 10 صفحات تقريباً في تنسيق قياسي، مع تحليل نقديّ مشوق ومضحك يستلهم أساليب النّقد الأدبيّ العالميّ دون ذكر أسماء، كما طُلِب.) …… رمزيّة المرآة في "رقصة النيل الساخرة":
مرآة مكسورة ترقص الثورة
في رواية "رقصة النيل الساخرة"، تبرز المرآة كرمز مركزيّ يتجاوز وظيفتَها التّقليديّة كأداة انعكاس ليصبح بوابةً سحريّةً للصراع الدّاخليّ والاجتماعيّ، حيث تتحوّل الشقوق في زجاجِها إلى إيقاعات ترقص ضدّ النّفاق الذي يبيع الكرامة بالبيتكوين ويحرّم الابتسامة أمامها لأنّها قد تكون كافرةً بنفسِها، فالمرآة ليست مجرّد عنصر سرديّ، بل هي مركز الدّوامة الكوميديّة التي تجمع بين الجدّيّة الفلسفيّة والسّخرية الشّعبيّة، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي ترى في الرمز ليس مجرّد صورة، بل ديناميكيّة حيّة تنبض بالتناقضات الإنسانيّة، فالشقوق في المرآة تمثّل الشّرق الممزّق بين إيقاعات الدّفّ في بغداد وأنغام الناي الحزينة في حلب، لكنّها في الوقت نفسه تُشفى بالرّقص كأنّ الورك نفسه فرشاة تُلصق الشظايا، وهنا يبدأ الرّمز في التّجسّد: في الفصل الأوّل، تظهر المرآة ككسرى أمام خالد، يحدّق فيها كأنّها عدوّاً يعكس الذّات الممزّقة، الوجه البكاء يحمل أعباء النّيل والغزّة، والوجه الراقص يسخر من الفتاوى كأنّه يقول: يا خالد، أنتَ الشّرق المكسور، لكنّ الشقوق إيقاع، ارقصْ أو بِعْ نفسَكَ لجلال بالريال، هاهاها، فالمرآة هنا رمز للانعكاس النّفسيّ الذي يفضح النّفاق، حيث يرى خالد ظلّه يدور مع شذى، والشبح البريجينسكيّ يتسلّل من الشقوق كدخان يحاول الرّقص لكنه يتعثّر في فتواه، وفي هذا، تُقرأ المرآة كأداة ديالكتيكيّة تجمع بين الوعي واللاوعي، الجسد والرّوح، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي تركّز على الرّمز كمحرّك للصراع الدّاخليّ، فالشقوق ليست عيباً، بل فتحات للإيقاع، كأنّ الرّقص يدخل منها كريح من اليمن تحمل صواريخ تضامنيّة، وفي الفصل الثّاني، يصلح الوصول إلى لييج المرآة سحريّاً، الشظايا تتحالف مع الطلاب البلجيكيّين الذين يرقصون تراثَنا كدرس في الحضارة، والمرآة تعكس الآن الشّرق يرقص مع الشّيلدت، خالد يرى وجهَه المتكامل يدور مع كمال، والشبح يدخل الدّوامة رغماً عن دخانه، يقول: حرام، لكن الدّوران... ربّما جهاد، هاهاها، فالمرآة هنا رمز للشّفاء الثّقافيّ، حيث تُلصق الشقوق بالتّضامن العابر للحدود، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي ترى في الرمز جسرًا بين الذّات والآخر، الشرق والغرب، فالطلاب الشقراء يعكسون فيها الجواري الأندلسيّات، والنّاتو يتعثّر في الشظايا كأنّها قنابل وركيّة، وفي الفصل الثّالث، تكتمل المرآة كرمز للثّورة الكاملة، خالد يرى فيها النّيل يرقص مع الشّيلدت، غزّة مع الأندلس، والجولاني يسقط في النّيل كفتوى مذابة، الوجه المتكامل يقول: أنا الشّرق الراقص، الشقوق حريّة، هاهاها، فالمرآة هنا ذروة الكاتارسيس، تجمع الشّخصيّات في دائرة تعكس التّضامن العالميّ، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي ترى في الرمز المتكامل نهاية الدّوامة السّرديّة، حيث يتحوّل الصراع إلى رقصة، والسّخرية إلى تحرّر، فالمرآة ليست مجرّد رمز، بل محرّك السّرد، تدفع خالد من البكاء إلى الرّقص، شذى من الجسد الثّائر إلى الرمز العالميّ، كمال من الجريدة إلى الفيروس الإلكترونيّ، دعد من الرّسائل إلى الشبكة التّضامنيّة، لمى من الفرشاة إلى اللوحة الحيّة، وزيد من السّقوط إلى الفتوى الكوميديّة، وفي الرّقصة الكبرى، تعكس المرآة الجميع كواحد، الشّرق يرقص كاملاً، مستلهمةً من تلك الأساليب النّقديّة التي ترى في الرمز المتكامل اتحاد الجزئيّات في الكلّ، فالمرآة تُفضح النّفاق كأنّها تعكس جلال يدور مع نتنياهو، لحيتهما تتمايل كدفّ، وتُعلن النّصر كأنّ الشظايا تصفق للرّقصة، وهكذا، تُقرأ رمزيّة المرآة كدعوة للقارئ للنظر في مرآتِه، ليرى شقّه يرقص، ويضحك على نفاقِه، في رواية تجعل الرمز فعلاً تحرّريّاً، يحوّل الكسر إلى إيقاع، والمرآة إلى نيل يرقص إلى الأبد.
…………..
الفصل الأول: الاستيقاظ في النيل المتمرّد
في غرفة قديمة على ضفاف النيل، حيث يتسلل ضوء الشمس من خلال شقوق الستائر كأنه يتجسّس على أسرار الفراعنة الذين كانوا يرقصون في معابدهم دون أن يخافوا من فتوى واحدة، جلس خالد أمام مرآة مكسورة، يحدق في انعكاسه كأنه يحاول حل لغز فلسفيّ كتبه فيلسوف روسيّ في لحظة يأس مطلق بعد أن أكل كلّ الخبز ولم يبقَ له سوى الظلال ليحاكمها. المرآة لم تكن مجرّد زجاج متشقّق يعكس وجه رجل في الأربعين يحمل أعباء الشرق كلّها على كتفيه المنحنية قليلاً، بل كانت بوابة لعالم آخر، عالم سحريّ لاتينيّ حيث تتحرّك الظلال كراقصين في رواية روسيّة، يسخرون من مصيرهم بضحكة مجنونة تجعل الجدران تهتز كأنّها تشارك في المؤامرة. أيّها الظلّ في المرآة، همس خالد بصوت يشبه همس الريح في أروقة قصر أندلسيّ مهجور، هل أنتَ أنا، أم أنتَ الشرق الذي نسيْناَه تماماً، الذي كان ينبض بالحياة من إيقاعات الدف في شوارع بغداد العتيقة إلى أنغام الناي الحزينة في حلب الجريحة، قبل أن تأتي عصابة البريجينسكيّين بأسمائهم الطويلة كقوافل الجمال في الربع الخالي، ليحوّلوا كلّ شيء إلى سوق إلكترونيّ لبيع الأرواح بالدولار الأمريكيّ أو البيتكوين إذا كنتَ ثوريّاً عصريّاً يفضّل العملات الرقميّة على الفتاوى التقليديّة؟ النيل يرقص اليوم، يا ظلي، لكنه يبكي في الوقت نفسه، لأنّ إيقاعاته أصبحت حراماً في عيون أولئك الذين يرون في حركة ورك واحدة تهديداً أكبر من القنابل الصهيونيّة، والأرض تباع كسلعة في إدلب، حيث النساء لسن قصائد حيّة بل إعلانات على تطبيقات الإنترنت الرخيصة، مع خصم عشرة في المئة إذا اشتريتَ اثنتين في صفقة واحدة، يا للعجب، كأنّ الجهاد أصبح عرضاً تجاريّاً في سوبرماركت الفتاوى الباليّة، تخيّل لو كان لدى نفرتيتي حساب على منصّة إكس اليوم، لكانت كتبت تغريدة تقول: رقصتُ في معبد الكرنك اليوم تحت ضوء الشمس الذهبيّ، والآن يطالبني شيخ بريجينسكيّ بالتوبة الفوريّة، هل أطلب منه رقصة واحدة قبل الحكم، أم أرسل له فيديو لوركيّ يذيبه كالشمع؟ هاهاها، ضحك خالد ضحكة داخليّة مكتومة، لكنّها اهتزّت في صدره كإيقاع طبلة خفيّ، لأنّ السخريّة هنا ليست ترفاً فلسفيّاً، بل سلاحاً يواجه به الجنون الذي يبيع الكرامة بالبيتكوين كأنّها عملة حلال لا تشوبها شائبة. رفع خالد يده ليلمس الزجاج المتشقّق، لكنّ أصابعه مرّت من خلاله بسلاسة غريبة، كأنّها تدخل عالماً سحريّاً لاتينيّاً حيث تتحوّل الظلال إلى راقصين يدورون في دوامة من الألوان والأصوات، وفجأة، سمع طرقاً على الباب، طرقاً يشبه إيقاع طبلة شرقيّة قديمة، لكنه توقّف فجأة كأنّه خاف من فتوى تحرّمه من الاستمرار، كأنّ الخشب نفسه يرتجف خوفاً من أن يُتهم بالفتنة. دَفَعَ كمال، الشاب النحيل الذي يبدو كأنّه خرج من صفحات رواية روسيّة بعد أن أكل كلّ الخبز الروسيّ ولم يبقَ له سوى الجرائد ليغطّي بها جوعه، دَفَعَ الباب بعنف مرح، ودخل ممسِكاً بجريدة ممزَّقة كأنّها لواء في معركة كوميديّة، وجهه يعكس مزيجاً من الغضب والسخريّة كأنّه يحاول أن يكون بطلاً تراجيديّاً لكنه يتعثَّر في كوميديا بريختيّة تجعله يسقط على وجهه كلَّ دقيقة. يا خالد، صاح كمال وهو يرمي الجريدة على الأرض كأنّها قنبلة حروفيّة مصنوعة من حبر رخيص وأكاذيب باهظة الثّمن، إدلب ليست مدينة بعد الآن، بل تطبيق هاتفيّ الجديد الذي أتمنّى لو أحذِفُه لكنّني لا أستطيع لأنّه يحتوي على فتاوى أكثر من صور عائلتي، اسمه "سبي شوب" أو شيء من هذا القبيل، للبيع مواطنة سوريّة، العمر غير مهمّ لأنّ الفتوى تغطّي كلَّ الأعمار من الفراعنة إلى الثّوار، الدفع بالدولار الأمريكيّ إذا كنتَ تحبّ الصهيونيّة الخفيّة، أو بالريال القطريّ إذا كنتَ تفضِّل التمويل الخليجيّ الذي يتدفَّق كالنفط لكنّه يحرق كالفتاوى، ومع كلّ عمليّة شراء ناجحة، تحصل على فتوى مجّانيّة تثبت أنّ الرقص الشرقيّ هو المؤامرة الحقيقيّة ضدَّ الأمن القوميّ، لا بيع البشر الذي هو بالطبع جهاد اقتصاديّ مزدهر، يا إلهي، تخيَّل لو كان لدى جلال – ذلك الذي يُدعى أمير الجهاد – حساب على إنستغرام، لكانت صوره كلُّها سيلفي مع لحيّة مقمَّلة وخلفيّة سوق إلكترونيّ، مع هاشتاغ #سبي_حلال_وبيتكوين، هاهاها، لكن الضحكة خرجت من كمال كصوت مكسور، كأنّ الجريدة مسمومة بغبار الفتاوى الذي يجعل الضحك يتحوّل إلى سعال، سعال يشبه صوت الناي في حلب عندما يبكي على أطلالها. خالد وقف ببطء مذهول، عيناه تلمعان كأنّهما تتذكَّران رقصة في قصر عباسيّ قديم، حيث كانت الراقصات يبهرن الزوّار من الصين إلى بيزنطة بإيقاعات تجعل الخليفة يضحك حتّى يسقط من عرشه، لكنّ اليوم، في عالم جلال وعصاباته باللّحى المقمَّلة كما تفاخَر نتنياهو من منبر الأمم المتَّحدة بكلِّ صلافة، أصبح الرقص فتنة تستحقُّ العقاب، والسبي جهاداً اقتصاديّاً يُدَرَّس في كليّات الفقه تحت عنوان "كيف تحول مدينة إلى أمازون للبشر وتظلّ تُدعى ثورة"، ونحن هنا على ضفاف النيل، نرقص على حافّة الهاويّة كأنّنا فراعنة ينتظرون الطوفان لكنهم يحاولون إيقاعه بالطبلة، هل سنغرق أم نرقص حتّى يغرق الطوفان معنا في دوامة من الوركين المتمايلة، يا كمال، أليس هذا الإغراب البريختيّ الذي يجعل الجمهور يضحك ثمّ يبكي في اللحظة نفسها، كأنّ المسرح نفسه يسخر من الممثّلين؟ كمال جلس على الأرض بتأمُّلية مفاجئة، يلتقِط الجريدة ويقرأ بصوت مسرحيّ مبالغ فيه كأنّه يؤدي مونولوجاً من مسرحيّة إبسنيّة حيث يحاكم الزّوج نفسَه قبل أن يحاكم الزّوجة، في إمارة إدلب، قال، تحولت المدينة إلى بازار إلكترونيّ يشبه أوليكس في نسختِها القرون الوسطى، رجل بلحيّة طويلة ونظّارة شمسيّة مزيَّفة اشتراها من سوق البالة، يكتب على هاتفه الذّكيّ إعلاناً يقول: للبيع مواطنة سوريّة، حالتُها جيّدة مع بعض الندوب من الحرب التي تبدو كوشم جهاديّ، تأتي مع فتوى مجّانيّة تثبت شرعيّة الصَّفقة كأنّها شهادة ميلاد حلال، والدفع بالدولار أو الريال السعوديّ إذا كنتَ تحبّ التمويل الذي يبني المساجد ويحرق الرقص في الوقت نفسه، يا للعبقريّة التّجاريّة، هذا يستحقُّ جائزة نوبل في الاقتصاد الإسلاميّ، تحت عنوان كيف تحول مدينة إلى سوق للبشر وتظلّ تُطلق على نفسِكَ لقب أمير الجهاد، وفي الخلفيّة، يحرِم هذا العبقريّ الرقص الشرقيّ، ذلك الفنَّ الذي يحتفل بالجسد كتعبير عن الروح كما في طقوس الفراعنة حيث كانت الراقصات يحاكين حركة النيل نفسه، ويعتبره عاراً يستحقُّ الجلد، بينما يرى في بيع إنسانة على تطبيق مشفَّر نوعاً من الجهاد المعاصر الذي يجمع بين ابن تيميّة وأمازون برايم، يا لها من معادلة رياضيّة عجيبة، الرقص يساوي حرام لأنَّه يحرّك الجسد بطريقة تجعل الملائكة تشعر بالغيرة، بيع البشر يساوي حلال لأنَّه يحمل اسماً دينيّاً كـ"ما ملكت أيمانكم" الذي يبدو كمصطلح قانونيّ في عقد إيجار، ربما يحتاجُ هؤلاء إلى مراجعة كتب الرياضيّات قبل كتب الفقه، لأنَّ المنطق لديهم خرج من آلة حاسبة معطّلة أكلَتْها الرطوبة في إدلب، هاهاها، ضحك كمال ضحكة مجنونة تجعل الجدران تهتز كأنَّها تشارك في التمرّد، لكنَّها سرعان ما تحولت إلى سعال، سعال يشبه صوت الدَّفّ عندما يُضْرَب بقوَّة ثمَّ يتوقَّف فجأة خوفاً من الفتوى. في تلك اللحظة بالذّات، اهتزَّت الغرفة قليلاً كأنَّ النيل نفسه يحرّك جدرانَها بإيقاع خفيّ مستمدٍّ من أعماق الفراعنة، ودخل زيد، الصديق السَّمين الذي يبدو كأنَّه خرج من رواية روسيّة بعد أن أكل كلَّ الثّوار في روسيّا ولم يبقَ له سوى الشاي ليثور به، يحمل صينيّة شاي يتمايل كسفينة في عاصفة بحريّة، وتعثَّر فجأة في السَّجادة القديمة التي بدأت تهتز كأنَّها تعزف إيقاعاً سحريّاً لاتينيّاً مستوحَىً من أساطير الرَّافِدَيْن، سقطت الصَّينيّة على الأرض في انفجار كوميديّ من الشاي السَّاخن والفناجين المتصَّدِّعة، والشاي رَشَّ على بنطال خالد كأنَّه يرسم خريطة سحريّة لإدلب حيث تتحوَّل الأسواق إلى بحيرات من الفتاوى الذَّائِبَة. الشَّيْءُ الوحيد الحرام هنا هو توازُني، صاح زيد وهو يقفز مَذْعوراً كأنَّه رأى جِنِّيّاً يخرج من السَّجادة ليعلن الجهاد على الشَّاي، لقد سمِعْتُ في السُّوق اليوم أنَّ الرَّقْصَةَ الشَّرْقِيَّةَ في بلجيكا تجمع الجَمَاهِيرَ كمهرجانات الشَّوْكُولَاتَةِ التي تذُوبُ في الفَمْ وتحرْقُ الفَتَاوَى في الوَقْتِ نَفْسِهِ، بَيْنَمَا هُنَا تُحَرَّمُ لِأَنَّهَا تُحَرِّكُ الْوَرْكَيْنِ أَكْثَرَ مِنَ الْقُلُوبِ، يَا إِلَهِي، لَوْ رَقَصْتُ أَنَا، لَأَعْلَنْتُ الْجِهَادَ عَلَى وَزْنِي أَوْلًا، ثُمَّ عَلَى اللَّحْيِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي تَتَعَثَّرُ فِيهَا الرَّاقِصَاتُ، هَاهَاهَا، ثُمَّ حَاوَلَ زَيْدُ الْوُقُوفَ بِبُطْءٍ، لَكِنَّهُ انْزَلَقَ عَلَى الشَّايِ الْمَسْفُوحِ وَوَقَعَ فِي حِضْنِ كَمَالٍ، الَّذِي صَرَخَ كَأَنَّهُ فِي مَشْهَدٍ كُومِيدِيٍّ مِنْ رِوَايَةٍ رُوسِيَّةٍ حَيْثُ يَسْقُطُ الْفُلَّاحُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ فِي مُحَاوَلَةٍ لِلثَّوْرَةِ، يَا زَيْدُ، أَنْتَ لَسْتَ ثَوْرِيّاً، أَنْتَ كَارِثَةٌ طَبِيعِيَّةٌ تَأْتِي مَعَ صَيْنِيَّةِ شَايٍ، لَكِنْ زَيْدُ، بَدَلًا مِنَ الْغَضَبِ، بَدَأَ يَضْحَكُ، ضَحْكَةً تَزَلْزَلُ الْجُدْرَانَ كَأَنَّهَا إِيقَاعُ طَبْلَةٍ عَمَلِيَقَةٍ، وَهُوَ يَمْسَحُ الشَّايَ عَنْ وَجْهِهِ بِكَمِّ قَمِيصِهِ، تَخَيَّلُوا يَا رِفَاقَ، لَوْ أَرْسَلْنَا رَاقِصَةً شَرْقِيَّةً مِنْ لِيِيجْ إِلَى إِدْلِبْ، لَتَمَكَّنَتْ مِنْ إِقْنَاعِ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الرَّقْصَ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ فَتَاوَاهُمُ الطَّوِيلَةِ، لَكِنْ مَنْ يَدْرِي، رُبَّمَا يُصْدِرُونَ فَتْوَى تَحْرُمُ حَرَكَةَ الْوَرْكَيْنِ بِحُجَّةِ أَنَّهَا تَهَدِّدُ الْأَمْنَ الْقَوْمِيّ، أَوْ أَنَّ الطَّبْلَةَ تُشْبِهُ صَوْتَ مُؤَامْرَةٍ صَهْيَوْ-أَمْرِيكِيَّةٍ مُنْذُ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ قَبْلَ الْمِيلَادِ، عِنْدَمَا كَانَتْ نِفَرْتِيتِي تَرْقُصُ وَتُغْضِبُ الْمَلَائِكَةَ بِأَنَاقَتِهَا، هَاهَاهَا، الضَّحِكُ مَلَأَ الْغُرْفَةَ كَإِيقَاعِ دَفٍّ يَنْتَشِرُ كَالنَّارِ فِي الْهَشِيمِ، وَفَجْأَةً، تَوَقَّفَ الْجَمِيعُ عِنْدَمَا سَمِعُوا صَوْتًا نَاعِمًا يَتَسَلَّلُ مِنَ الْخَارِجِ، صَوْتًا يُشْبِهُ نَايًا حَزِينًا يَبْكِي عَلَى تُرَاثِ الْأَنْدَلُسِ الْمَنْسِيِّ، وَدَخَلَتْ شُذَى، الرَّاقِصَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي تَبْدُو كَأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ لَوْحَةٍ سِحْرِيَّةٍ لَاتِينِيَّةٍ حَيْثُ تَتَحَرَّكُ الْجُدْرَانُ وَالْأَلْوَانُ كَرَاقِصِينَ مُتَمَرِّدِينَ، تَرْتَدِي ثَوْبًا أَحْمَرَ يَتَمَايَلُ كَأَنَّهُ حَيٌّ يَتَنَفَّسُ مَعَهَا وَيَتَمَرَّدُ عَلَى الْجَاذِبِيَّةِ كَأَنَّهَا فَتْوَى تَحْرُمُهُ، وَهِيَ بَدَأَتْ حَرَكَةً صَغِيرَةً، حَرَكَةَ وَرْكٍ وَاحِدَةً، كَأَنَّهَا تَتَحَدَّى السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَالْفَتَاوَى مَعًا فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ. فِي قُصُورِ الْأَنْدَلُسِ، قَالَتْ شُذَى بِصَوْتٍ يَتَرَدَّدُ كَقَصِيدَةِ الْمَعَرِّيِّ الَّتِي تَتَحَدَّى السَّمَاءَ بِجَرْأَةٍ تَجْعَلُ الْمَلَائِكَةَ تَضْحَكُ سِرًّا، كَانَتِ الْجَوَارِي يَرْقُصْنَ لِلسَّمَاءِ لَا لِلْأَرْضِ تَحْتَ ضَوْءِ الْقَمَرِ فِي غَرْنَاطَةَ حَيْثُ يَلْتَقِي الْعَرَبُ وَالْبَرْبَرُ وَالْيَهُودُ فِي وَئَامٍ يُغَارُ مِنْهُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ الْيَوْمَ، مَزِيجًا مِنَ الْأَنَاقَةِ وَالرُّوحِ الَّذِي يَجْعَلُ النُّجُومَ تَرْقُصُ مِنَ السَّمَاءِ، الْيَوْمَ فِي إِدْلِبْ يَبِيعُونَ السَّمَاءَ بِالْدُّولَارِ كَأَنَّهَا عَقَارٌ فِي مِيَامِي أَوْ شَقَّةٌ فِي تِلْ أَبِيبْ، أَنَا شُذَى، لَسْتُ سِلْعَةً فِي سُوقٍ إِلِكْتْرُونِيٍّ رَخِيصٍ يُدَارُ مِنْ رَجُلٍ بِلَحْيَةٍ طَوِيلَةٍ وَنَظَّارَةِ شَمْسِيَّةٍ مُزَيَّفَةٍ، بَلْ وَرْكٌ يَتَحَدَّى الْفَتَاوَى كَمَا تَحَدَّتْ كْلِيُوبَاتْرَا قِيْصَرَ بِابْتِسَامَتِهَا الَّتِي أَذَابَتْ إِمْبِرَاطُورِيَّاتٍ، هَلْ تَرْقُصُ مَعِي يَا خَالِدُ، أَمْ تَخَافُ أَنْ يَرَى الظَّلُّ فِي مِرْآَتِكَ حَرْكَتِي وَيُعْلِنَ الثَّوْرَةَ دَاخِلَ الزُّجَاجِ نَفْسِهِ، يَخْرُجُ مِنْهُ رَاقِصُونَ صِغَارٌ يَسْخَرُونَ مِنَ الْبَرِيجِنْسْكِيِّينَ بِضَحْكَاتٍ صَامِتَةٍ؟ خَالِدُ، الَّذِي كَانَ لَا يَزَالُ جَالِسًا أَمَامَ الْمِرْآَةِ كَأَنَّهُ يَحَاكِمُ نَفْسَهُ فِي مَحْكَمَةٍ دَاخِلِيَّةٍ، وَقَفَ بِبُطْءٍ مُذْهَلٍ، عَيْنَاهُ تَلْمَعَانِ كَأَنَّهُمَا تَتَذَكَّرَانِ رَقْصَةً فِي قَصْرٍ عَبَّاسِيٍّ قَدِيمٍ، حَيْثُ كَانَتِ الرَّاقِصَاتُ يُبْهِرْنَ الزُّوَّارَ مِنَ الصِّينِ إِلَى بِيْزَنْطَةَ بِإِيقَاعَاتٍ تَجْعَلُ الْخَلِيفَةَ يَضْحَكُ حَتَّى يَسْقُطَ مِنْ عَرْشِهِ، اقْتَرَبَ مِنْهَا بِخُطْوَاتٍ مُتَرَدِّدَةٍ كَأَنَّهُ يَخَافُ أَنْ تَذِيبَ حَرْكَتُهَا الظِّلَالَ فِي الْمِرْآَةِ، الرَّقْصُ لَيْسَ حَرَكَةً بَلْ ثَوْرَةً صَامِتَةً، هَمَسَ، لَكِنْ فِي عَالَمٍ يَبِيعُ النِّسَاءَ عَلَى الْإِنْتَرْنِتْ كَإِيْجَارِ سَيَّارَةٍ لِيَوْمٍ وَاحِدٍ تَحْتَ مُسْمَى "زَوَاجِ الْمُسْيَارِ" الَّذِي يَبْدُو كَعَقْدِ تَأْمِينٍ رَخِيصٍ، كَيْفَ نَرْقُصُ دُونَ أَنْ نَكْسِرَ الشَّاشَاتِ وَالْخَوَادِمَ وَالْأَقْمَارِ الصَّنَاعِيَّةِ كُلَّهَا، يَا شُذَى، أَنْتِ الْإِيقَاعُ الَّذِي يَشْفِي جِرَاحَ النِّيلِ وَيَذِيبُ لُحُومَ الشُّيُوخِ كَالثَّلْجِ فِي الصَّحْرَاءِ تَحْتَ شَمْسِ الْفُرْعَانِ، تَخَيَّلِي لَوْ رَقَصْتِ فِي إِدْلِبْ، لَتَحَوَّلَتِ الْإِعْلَانَاتُ الْإِلِكْتْرُونِيَّةُ إِلَى زُهُورٍ تَتَفْتَحُ عَلَى أَنْغَامِ الْنَّايِ، وَجَلَالٌ يَتَعَثَّرُ فِي لِحْيَتِهِ مُحَاوِلًا الْهَرْبَ مِنْ فَرْحِكِ، هَاهَاهَا، لَكِنْ شُذَى دَارَتْ حَوْلَهُ بِسَلَاسَةٍ كَأَنَّ الْغُرْفَةَ أَصْبَحَتْ قَاعَةً فِي جَامِعَةِ لِيِيجْ حَيْثُ يُدَرَّسُ الرَّقْصُ كَدَرْسٍ فِي التُّرَاثِ الْإِنْسَانِيِّ لَا كَجَرِيمَةٍ تَسْتَحِقُّ السَّبِيْ، ثَوْبُهَا الْأَحْمَرُ يَلْمِسُ يَدَهُ كَأَنَّهُ يُشْعِلُ شَرَارَةً سِحْرِيَّةً، قَالَتْ، الرَّقْصُ فِي الْأَنْدَلُسِ كَانَ لُغَةً تَوَاصُلِيّةً بَيْنَ الشُّعُوبِ، طَرِيقَةً لِرِوَايَةِ قِصَصِ الْأَجْدَادِ دُونَ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فِي بِلَادِ الرَّافِدَيْنِ كَانَتِ الرَّاقِصَاتُ يَحْتَفِلْنَ بِالْحَصَادِ تَحْتَ سَمَاءِ بَابِلَ الْمُرْصَعَةِ بِالنُّجُومِ، لَمْ يَكُنْ مَجْرَدَ هَوَايَةٍ بَلْ تَحَدِّيًا لِلْمَوْتِ بِالْفَرْحِ، وَالْيَوْمَ، الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ يَحْوِلُونَهُ إِلَى فِتْنَةٍ لِأَنَّهُ يُوقِظُ الضَّمِيرَ النَّائِمَ، لَكِنَّهُمْ فِي تَنَاقُضٍ يَسْتَحِقُّ كُومِيدْيَا غُوغُولِيَّةً، يُحَرِّمُونَ الرَّقْصَ لِأَنَّهُ يُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، لَكِنْ بَيْعَ إِنْسَانَةٍ عَلَى التَّطْبِيقِ هُوَ صَلَاةُ الْجُمْعَةِ بِعَيْنِهَا، يَا خَالِدُ، دَعْنَا نَرْقُصُ الْآنَ، لِنَعِيدَ إِيقَاعَاتِ غَرْنَاطَةَ إِلَى هَذِهِ الْغُرْفَةِ، رُبَّمَا تَسْمَعُهَا إِدْلِبْ وَتَبْدَأُ فِي الرَّقْصِ سِرًّا، هَاهَاهَا، كَمَالُ قَفَزَ مِنْ مَكَانِهِ كَالْبَرْقِ، صَاحَ، يَا شُذَى، أَنْتِ الثَّوْرَةُ بِالثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، لَوْ رَقَصْتِ فِي سُوقِ إِدْلِبْ، لَتَحَوَّلَتِ الْإِعْلَانَاتُ إِلَى دَعَوَاتٍ لِحَفْلَةٍ، وَالشُّيُوخُ يَبْدَأُونَ فِي حَرَكَةِ كَتْفٍ خَفِيفَةٍ ثُمَّ يُصْدِرُونَ فَتْوَى تَحْرُمُ النَّظَرَ إِلَى الثَّوْبِ لِأَنَّهُ يُثِيرُ الْفِتْنَةَ، هَاهَاهَا، وَزَيْدُ، الَّذِي كَانَ يَحَاوِلُ الْوُقُوفَ مِنْ كُومَةِ الشَّايِ، انْزَلَقَ مَرَّةً أُخْرَى لَكِنَّهُ قَامَ يُقَلِّدُ حَرْكَتَهَا بِجُهْدٍ هَائِلٍ، ثَوْبُهُ يَتَمَايَلُ كَلِحْيَةٍ عَمَلِيَقَةٍ، إِذَا كَانَ الرَّقْصُ فِي الْأَنْدَلُسِ وَئَامًا، صَاحَ، فَأَنَا أُعْلِنُ وَئَامًا مَعَ وَزْنِي، لَكِنْ لَوْ رَقَصْتُ هُنَاكَ، لَاشْتَرَوْنِي كَسِلْعَةٍ نَادِرَةٍ، السَّعْرُ بِالرِّيَالِ الْقَطَرِيِّ، وَأَنَا أَرْقُصُ حَتَّى يَرُدُّوا الْمَالَ مُضَاعَفًا وَيُعْلِنُوا الشَّايَ حَلَالًا، هَاهَاهَا، الْغُرْفَةُ امْتَلَأَتْ بِالضَّحِكِ كَإِيقَاعٍ يَنْتَشِرُ، لَكِنْ شُذَى لَمْ تَتَوَقَّفْ، دَارَتْ فِي الْوُسْطِ، الْغُرْفَةُ تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا قَصْرٌ قُرْطُبِيٌّ يَسْتَيْقِظُ، قَالَتْ، فِي الْعُصُورِ الْوُسْطَى، حِينَ كَانَ ابْنُ سِينَا يُؤَلِّفُ كُتُبَهُ فِي الطِّبِّ وَالْفَلْسَفَةِ، وَالْفَارَابِيُّ يَشْرَحُ كَيْفَ يَرْفَعُ النَّايُ الرُّوحَ إِلَى السَّمَاوَاتِ، كَانَ الرَّقْصُ جُزْءًا مِنَ الثَّقَافَةِ، فِي بِلَاطِ الْخَلَائِفَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ، عُرُضٌ تُبْهِرُ الْجَمِيعَ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَجْرُؤُ عَلَى اتِّهَامِهَا بِالْفِسْقِ، لَكِنْ الْيَوْمَ، أَحْفَادُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ يُحَرِّمُونَهَا، بَيْنَمَا يَبِيعُونَ النِّسَاءَ كَسِلْعَةٍ، يَا لِلْعَجَبِ، قَامُوسُهُمْ يَحْتَاجُ إِلَى حَرْقٍ وَإِعَادَةِ كِتَابَتِهِ بِلُغَةِ الْعَقْلِ، خَالِدُ انْضَمَّ إِلَيْهَا، يَرْقُصَانِ مَعًا بِبُطْءٍ، الظِّلَالُ فِي الْمِرْآَةِ تُقَلِّدُهُمَا، كَمَالُ يَنْضَمُّ، يَدُورُ كَالرِّيحِ، دَعْدُ تَضَعُ الْهَاتِفَ جَانِبًا، تَرْقُصُ بِحَزْمٍ، لَمَى تَرْسُمُ حَرَكَاتِهِمْ فِي الْهَوَاءِ، وَزَيْدُ يَتَعَثَّرُ لَكِنَّهُ يَسْتَمِرُّ، الرَّقْصُ يَمْلَأُ الْغُرْفَةَ كَإِيقَاعٍ يَتَحَدَّى الْفَتَاوَى، هَاهَاهَا، يَا رِفَاقَ، صَاحَتْ شُذَى، هَذَا الرَّقْصُ لَيْسَ تَسْلِيَةً، بَلْ مُقَاوَمَةٌ بِالْجَمَالِ، فِي إِيرَانَ تَحْكِي الرَّقْصَاتُ قِصَصَ الْمُلُوكِ، فِي تُرْكْيَا تَجْمَعُ بَيْنَ الْأَنَاقَةِ وَالْقُوَّةِ، حَتَّى فِي الْهِنْدِ لُغَةٌ مُقَدَّسَةٌ، لِمَاذَا نُحَرِّمُهَا، رُبَّمَا لِأَنَّ الْوَرْكَ يَهَدِّدُ أَجْنِدَةَ الْصَّهْيَوْ-أَمْرِيكِيَّةِ، هَاهَاهَا، الضَّحِكُ يَتَدَاخَلُ مَعَ الْإِيقَاعِ، الْغُرْفَةُ تَتَحَوَّلُ إِلَى أَنْدَلُسٍ سِحْرِيَّةٍ، وَالْمِرْآَةُ تَبْتَسِمُ، الظِّلَالُ تَرْقُصُ بِحُرِّيَّةٍ.لَكِنْ الْإِيقَاعَ لَمْ يَتَوَقَّفْ، بَلْ ازْدَادَ سُرْعَةً كَأَنَّ النِّيلَ يَدْفَعُ الْمِيَاهَ لِيُشَارِكَ، شُذَى تَوَقَّفَتْ قَلِيلًا، نَظَرَتْ إِلَى خَالِدٍ بِعُيُونٍ تَلْمَعُ كَنُجُومِ غَرْنَاطَةَ، قَالَتْ، فِي الْأَنْدَلُسِ، كَانَ الرَّقْصُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْفَنِّ وَالرُّوحِ، قَصِيدَةً مَكْتُوبَةً بِالْوَرْكَيْنِ، سِيمْفُونِيَةً مَرْسُومَةً بِالْأَيْدِيِ، لَكِنْ جَاءَ التَّعَصُّبُ كَالرِّيحِ الْخَلِيجِيَّةِ، يَحْرِقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَالْيَوْمَ، الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ يَسْتَمِرُّونَ، يُحَرِّمُونَ الْفَنَّ لِأَنَّهُ يُلْهِي، لَكِنْ تِجَارَةَ الْبَشَرِ جِهَادٌ، يَا خَالِدُ، دَعْنَا نَرْقُصُ لِنَعِيدَ ذَلِكَ الْوَئَامَ، رُبَّمَا يَسْمَعُ الرُّومِيُّ وَيُرْسِلُ إِيقَاعَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ، هَاهَاهَا، خَالِدُ أَمْسَكَ خَصْرَهَا بِرِفْقٍ، دَارَا مَعًا، الْغُرْفَةُ تَدُورُ كَدَوَّامَةٍ سِحْرِيَّةٍ، كَمَالُ يَصْفِقُ، يَقُولُ، نَعَمْ، وَإِذَا سَمِعَ جَلَالٌ، لَيَبْدَأَ فِي الرَّقْصِ سِرًّا، ثُمَّ يُصْدِرَ فَتْوَى تَحْرُمُ الِاسْتِمَاعَ إِلَى الرِّيحِ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ إِيقَاعَاتٍ أَنْدَلُسِيَّةً، زَيْدُ حَاوَلَ الْدَّوْرَانَ، تَعَثَّرَ فِي كَمَالٍ، سَقَطَا مَعًا، يَا إِلَهِي، صَاحَ زَيْدُ، هَذَا الرَّقْصُ يَجْعَلُنِي أَفْقِدُ تَوَازُنِي أَكْثَرَ مِنَ الشَّايِ، لَكِنْ لَوْ كُنْتُ فِي غَرْنَاطَةَ، لَكُنْتُ أَرْقُصُ أَيَّامًا، وَالْمُلُوكُ يَدْفَعُونَ بِالذَّهَبِ، هَاهَاهَا، دَعْدُ انْضَمَّتْ، تَرْقُصُ بِحَرَكَاتٍ حَازِمَةٍ، قَالَتْ، فِي بَلْجِيكَا، يَرْقُصُونَ تُرَاثَنَا فِي مَهْرَجَانَاتٍ، رَاقِصَةٌ شَقْرَاءُ تَتَمَايَلُ كَجَارِيَةٍ فِي غَرْنَاطَةَ، وَالْجَمْهُورُ يَصْفِقُ كَأَنَّهُمْ فِي قَصْرِ قُرْطُبَةَ، هَاهَاهَا، لَمَى تَرْسُمُ الدَّوْرَانَ فِي الْهَوَاءِ، خُطُوطٌ تَتَحَوَّلُ إِلَى أَنْدَلُسٍ حَيَّةٍ، قَالَتْ، سَأَرْسُمُ الْجَوَارِيَ يَرْقُصْنَ، وَالشُّيُوخُ فِي الْخَلْفِيَّةِ يَتَعَثَّرُونَ، هَاهَاهَا، الرَّقْصُ يَسْتَمِرُّ، الْغُرْفَةُ تَهْتَزُّ، الضَّحِكُ يَمْلَأُهَا كَالنِّيلِ الْمُمْتَلِئِ، شُذَى تَقُودُ الْآنَ، الْجَمِيعُ يَدُورُونَ، زَيْدُ يَتَعَثَّرُ لَكِنَّهُ يَسْتَمِرُّ، كَمَالُ يُغَنِّي أَنْغَامًا وَهْمِيَّةً، دَعْدُ تَصْفِقُ، خَالِدُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا كَأَنَّهَا الْخَلَاصُ، الْإِيقَاعُ يَبْنِي جِسْرًا إِلَى الْأَنْدَلُسِ الْمَنْسِيَةِ.مَعَ اقْتِرَابِ الْفَجْرِ، بَدَأَ الضَّوْءُ الْأَزْرَقُ يَخْفِتُ كَأَنَّهُ يَعُودُ إِلَى قَمَرِ غَرْنَاطَةَ بَعْدَ رَقْصَةٍ طَوِيلَةٍ، شُذَى تَوَقَّفَتْ، الْجَمِيعُ يَلْهَثُونَ مِنَ الْفَرْحِ، قَالَتْ، هَذَا الرَّقْصُ لَيْسَ نِهَايَةً، بَلْ بِدَايَةً، فِي الْأَنْدَلُسِ كَانَ يَرْوِي الْحَيَاةَ، وَنَحْنُ نَرْوِيهَا الْيَوْمَ ضِدَّ السَّبِيِّ، هَاهَاهَا، خَالِدُ أَوْمَأَ، قَالَ، سَنَأْخُذُهَا إِلَى بَلْجِيكَا، لِنَعِيدَهَا أَقْوَى، كَمَالُ صَاحَ، وَإِذَا حَاوَلُوا تَحْرِيمَنَا فِي الطَّرِيقِ، سَنَرْقُصُ أَكْثَرَ، زَيْدُ أَمْسَكَ صَيْنِيَّتَهُ، قَالَ، بِالشَّايِ وَالرَّقْصِ، نَحْنُ لَا نَهْزَمُ، الْغُرْفَةُ تَهْدَأُ، لَكِنْ الْإِيقَاعَ يَبْقَى فِي الْقُلُوبِ، جَاهِزَةً لِلرَّحْلَةِ.الشَّمْسُ بَدَأَتْ تَطْلُعُ عَلَى النِّيلِ كَرَاقِصَةٍ صَغِيرَةٍ، شُذَى نَظَرَتْ إِلَى الْجَمِيعِ، قَالَتْ، فِي قُصُورِ الْأَنْدَلُسِ، كَانَتِ الرَّقْصَاتُ احْتِفَالًا بِالْحَيَاةِ، وَنَحْنُ نَحْتَفِلُ الْيَوْمَ بِالْكَرَامَةِ، هَاهَاهَا، دَعْنَا نَسْتَمِرَّ، الرَّقْصُ لَا يَتَوَقَّفُ، كَمَالُ أَضَافَ، نَعَمْ، وَإِذَا بَاعُوا النِّسَاءَ، نَبِيعُ الرَّقْصَ، أَغْلَى، دَعْدُ قَالَتْ، الْمَظَاهِرَاتُ فِي لِيِيجْ تَنْتَظِرُ، لَمَى رَسَمَتْ الشَّمْسَ تَرْقُصُ، زَيْدُ ضَحِكَ، وَزْنِي يَرْقُصُ مَعَهَا، خَالِدُ ابْتَسَمَ، الثَّوْرَةُ بَدَأَتْ بِالْوَرْكِ، الْغُرْفَةُ مَلِيئَةٌ بِالْأَمَلِ السَّاخِرِ.لَكِنْ الْإِيقَاعَ عَادَ، شُذَى دَارَتْ مَرَّةً أُخْرَى، الْجَمِيعُ يَنْضَمُّونَ، الضَّحِكُ يَتَدَاخَلُ، كَأَنَّ الْأَنْدَلُسَ عَادَتْ لِلَحْظَةٍ، وَالْفَتَاوَى تَذُوبُ فِي الْفَرْحِ، هَاهَاهَا، يَا رِفَاقَ، هَذَا الرَّقْصُ حُرِّيَّةٌ، وَالْأَنْدَلُسُ الْمَنْسِيَةُ تَعُودُ بِالْوَرْكِ.
الفصل الثاني: الوصول إلى لييج السحرية
الْقَارِبُ الَّذِي كَانَ يَتَمَايَلُ عَلَى النِّيلِ كَأَنَّهُ يَحْلُمُ بِأَنْ يُصْبِحَ سَفِينَةً فِرْعَوْنِيَّةً مُزَوَّدَةً بِمُحَرَّكِ إِيقَاعِيٍّ، انْزَلَقَ فَجْأَةً عَبْرَ بَوَّابَةٍ سِحْرِيَّةٍ لَاتِينِيَّةٍ حَيْثُ تَتَحَوَّلُ الْأَمْوَاجُ إِلَى جُدْرَانٍ تَهْتَزُّ بِلُطْفٍ كَأَنَّهَا تَعْزِفُ أَنْغَامَ نَايٍ حَزِينَةٍ مِنْ حَلَبْ مُخْتَلِطَةً بِإِسْبْرِيسُو إِيتَالْيٍّ، وَالْغُرْفَةُ بِأَكْمَلِهَا تَحَوَّلَتْ إِلَى قَاعَةٍ فِي جَامِعَةِ لِيِيجْ، جُدْرَانُهَا الْخَشَبِيَّةُ الْقَدِيمَةُ تَتَمَايَلُ كَأَمْوَاجِ بَحْرِ مُتَوَسِّطٍ فِي عَاصِفَةٍ صُوفِيَّةٍ، الْنُّوَافِذُ الْكَبِيرَةُ تَطْلُ عَلَى حَدِيقَةٍ خَضْرَاءَ مُزَيَّنَةٍ بِتَمَاثِيلِ بْرُونْزِيَّةٍ تَبْدُو كَأَنَّهَا فُرْعَانُونَ بِلْجِيكِيُّونَ يَحَاوِلُونَ الرَّقْصَ لَكِنَّهُمْ مُتَجَمِّدُونَ خَوْفًا مِنْ فَتْوَى بَرِيجِنْسْكِيَّةٍ، وَالْأَرْضِيَّةُ الْخَشَبِيَّةُ تُصْدِرُ صَرِيرًا يُشْبِهُ ضَحْكَةً غُوغُولِيَّةً مَكْتُومَةً كُلَّمَا خَطَى أَحَدٌ خَطْوَةً، يَا رِفَاقَ، هَمَسَ خَالِدُ وَهُوَ يَنْزِلُ مِنَ الْقَارِبِ الَّذِي أَصْبَحَ الْآنَ كُرْسِيًّا قَدِيمًا فِي الصَّفِّ الْأَمَامِيِّ، هَذِهِ لِيِيجْ السِّحْرِيَّةُ حَيْثُ يُدَرَّسُ الرَّقْصُ الشَّرْقِيُّ كَدَرْسٍ فِي الْفَلْسَفَةِ لَا كَجَرِيمَةٍ تَسْتَحِقُّ السَّبِيْ، انْظُرُوا، الْجُدْرَانُ تَتَنَفَّسُ إِيقَاعَاتِ الدَّفِّ، وَالطُّلَّابُ يَجْلِسُونَ كَأَنَّهُمْ فِي مَجْلِسٍ عَبَّاسِيٍّ لَكِنَّهُمْ يَرْتَدُونَ نَظَّارَاتٍ وَيَحْمِلُونَ هَوَاتِفَ ذَكِيَّةً، شُذَى، يَا شُذَى، ابْدَئِي الرَّقْصَ أَمَامَهُمْ، لِيَرَوْا كَيْفَ يَحْتَفِلُ الشَّرْقُ بِجِسْدِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فِي إِدْلِبْ بِالْدُّولَارِ، هَاهَاهَا، شُذَى، الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَرْتَدِي ثَوْبَهَا الْأَحْمَرَ الَّذِي أَصْبَحَ الْآنَ يَلْمَعُ تَحْتَ أَضْوَاءِ الْقَاعَةِ كَأَنَّهُ مِصْبَاحٌ سِحْرِيُّ يَسْتَدْعِي الْفُرْعَانَةَ، وَقَفَتْ فِي الْوُسْطِ بِرَشَاقَةٍ تَجْعَلُ الطُّلَّابَ الْبِلْجِيكِيِّينَ يَفْتَحُونَ أَفْوَاهَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ كْلِيُوبَاتْرَا تَخْرُجُ مِنْ هَاتِفِهِمْ الذَّكِيِّ، هُنَا، تَرْقُصُ أَمَامَ طُلَّابٍ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرَّقْصَ دَرْسًا فِي التَّارِيخِ لَا فِتْنَةً تَسْتَحِقُّ الْفَتْوَى، صَاحَتْ بِصَوْتٍ يَتَرَدَّدُ كَقَصِيدَةِ الْمَعَرِّيِّ مُخْتَلِطَةً بِأَنْغَامِ الرُّومِيِّ، هُنَا، الرَّقْصُ دَرْسٌ، لَا جَرِيمَةٌ تُبَاعُ فِي تَطْبِيقَاتٍ مُشَفَّرَةٍ، فِي إِدْلِبْ يَبِيعُونَ الْجِسْدَ كَسِلْعَةٍ، هُنَا نَحْتَفِلُ بِهِ كَقَصِيدَةٍ تَرْوِي قِصَّةَ الشَّرْقِ الْحُرِّ، يَا طُلَّابُ لِيِيجْ، انْظُرُوا إِلَى حَرْكَةِ الْوَرْكِ هَذِهِ، هِيَ لَيْسَتْ فِتْنَةً بَلْ تَحَدِّيًا لِلْفَتَاوَى، كَأَنَّ نِفَرْتِيتِي تَقُولُ لِجَلَالٍ: ارْقُصْ أَوْ بِعْ نَفْسَكَ، هَاهَاهَا، وَبَدَأَتْ شُذَى فِي الدَّوْرَانِ بِبُطْءٍ مُذْهِلٍ، ثَوْبُهَا الْأَحْمَرُ يَتَمَايَلُ كَأَنَّهُ يَرْسُمُ دَوَائِرَ سِحْرِيَّةً فِي الْهَوَاءِ، الطُّلَّابُ صَفَّقُوا بِحَمَاسٍ كَأَنَّهُمْ فِي حَفْلَةِ شَوْكُولَاتَةٍ لَا مُحَاضَرَةٍ، وَاحِدٌ مِنْهُمْ، شَابٌّ بِلْجِيكِيٌّ نَحِيلُ يَرْتَدِي نَظَّارَةً سَمِيكَةً كَأَنَّهُ ابْنُ سِينَا فِي عَصْرِ الْإِنْتَرْنِتْ، صَاحَ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمَكْسُورَةِ، يَا رَاقِصَةُ الشَّرْقِ، هَذَا الْإِيقَاعُ يَجْعَلُنِي أَشْعُرُ كَأَنَّنِي فِي غَرْنَاطَةَ، لَكِنْ لَوْ رَأَى شَيْخُ إِدْلِبْ هَذَا، لَكَتَبَ فَتْوَى تَحْرُمُ الْجَامِعَاتِ لِأَنَّ الْجُدْرَانَ تَهْتَزُّ كَالْخَصْرِ، هَاهَاهَا، خَالِدُ، الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِي الصَّفِّ كَأَجْنَبِيٍّ فِي حُلْمِهِ الْخَاصِّ، ضَحِكَ ضَحْكَةً دَاخِلِيَّةً مَكْتُومَةً كَأَنَّهُ يَحَاكِمُ نَفْسَهُ فِي رِوَايَةٍ نَفْسِيَّةٍ، هَمَسَ لِكَمَالٍ الَّذِي كَانَ بِجَانِبِهِ يَمْسَكُ جَرِيدَتَهُ كَأَنَّهَا دِرْعٌ مِنَ الْفَتَاوَى، يَا كَمَالُ، انْظُرْ إِلَى هَؤُلَاءِ الطُّلَّابِ، يَرْقُصُونَ فِي قُلُوبِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَرْقُصُوا بِأَجْسَادِهِمْ، فِي بَلْجِيكَا، الرَّقْصُ الشَّرْقِيُّ جُزْءٌ مِنَ التُّرَاثِ الْإِنْسَانِيِّ، يُدَرَّسُ فِي قَاعَاتٍ فَسِيحَةٍ مُزَيَّنَةٍ بِالزُّهُورِ كَأَنَّهَا قُصُورُ قُرْطُبَةَ فِي بْرُوكْسِلْ، بَيْنَمَا فِي إِدْلِبْ، يُحَرَّمُ عَارًا يَسْتَحِقُّ السَّبِيْ، يَا لِلْمُفَارَقَةِ، الْغَرْبُ يَحْتَفِلُ بِفَنِّنَا كَكَنْزٍ، نَحْنُ نَبِيعُهُ كَسِلْعَةٍ، هَاهَاهَا، كَمَالُ، الَّذِي كَانَ يُحَدِّقُ فِي الطُّلَّابِ كَأَنَّهُ يَرَى أَشْبَاحًا مِنْ رِوَايَةٍ غُوغُولِيَّةٍ، رَدَّ بِسُخْرِيَةٍ حَادَّةٍ كَسَيْفٍ تُولْسْتُويَ، نَعَمْ يَا خَالِدُ، وَهَؤُلَاءِ الطُّلَّابُ إِذَا ذَهَبُوا إِلَى إِدْلِبْ، لَاعْتَقَدُوهُمْ كُفَّارًا لِأَنَّهُمْ يَرْقُصُونَ دُونَ لِحًى، تَخَيَّلْ شَابًّا بِلْجِيكِيًّا يَرْقُصُ أَمَامَ جَلَالٍ، يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْجِهَادِ، هَذِهِ حَرْكَةُ الْكَتْفِ الْأَيْمَنِ، حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ، فَيَرْدُّ جَلَالٌ: حَرَامٌ، لِأَنَّهَا تُشْبِهُ مُؤَامْرَةً صَهْيَوْنِيَّةً، لَكِنْ لَوْ بَاعْتَ نَفْسَكَ فِي السُّوقِ، خَصْمٌ 10%، هَاهَاهَا، دَعْدُ، الَّتِي كَانَتْ تَقْرَأُ رَسَائِلَهَا كَأَنَّهَا تَقُودُ ثَوْرَةً مِنَ الْمَقْعَدِ، هَمَسَتْ بِحَزْمٍ كُومِيدِيٍّ، يَا رِفَاقَ، الرَّسَائِلُ مِنْ لِيِيجْ تَقُولُ إِنَّ الْقَاعَةَ هَذِهِ تَحَوَّلَتْ إِلَى مَعْبَدٍ حَدِيثٍ، الطُّلَّابُ يَتَعَلَّمُونَ الرَّقْصَ كَلُغَةٍ تَوَاصُلِيَّةٍ، لَا كَفِتْنَةٍ، انْظُرُوا، شُذَى تَرْقُصُ الْآنَ كَأَنَّهَا تَحْكِي قِصَّةَ غَزَّةَ بِالْوَرْكِ، الطُّلَّابُ يُقَلِّدُونَهَا بِخَجْلٍ بِلْجِيكِيٍّ، كَأَنَّ الرُّومِيَّ نَفْسَهُ يُبَارِكُ مِنَ السَّمَاءِ، هَاهَاهَا، لَوْ أَرْسَلْنَا فِيدْيُو لِهَذَا إِلَى إِدْلِبْ، لَتَحَوَّلَ السُّوقُ إِلَى دَرْسِ رَقْصٍ، وَالْإِعْلَانَاتُ تُكْتَبُ: لِلْبَيْعِ، رَقْصَةٌ شَرْقِيَّةٌ، السَّعْرُ بِالرِّيَالِ، لَمَى، الَّتِي كَانَتْ تَرْسُمُ فِي دَفْتَرِهَا الصَّغِيرِ أَثْنَاءَ الرَّقْصِ كَأَنَّهَا تُضِيفُ أَلْوَانًا إِلَى الْهَوَاءِ، صَاحَتْ، سَأَرْسُمُ هَذِهِ الْقَاعَةَ حَيَّةً، الْجُدْرَانُ تَتَمَايَلُ كَالْخَصْرِ، الطُّلَّابُ يَرْقُصُونَ مَعَ شُذَى، وَالشُّيُوخُ فِي الْخَلْفِيَّةِ يَغَارُونَ وَيَكْتُبُونَ فَتْوَى تَحْرُمُ الْخَشَبَ لِأَنَّهُ يُصْدِرُ صَرِيرًا يُشْبِهُ صَوْتَ الدَّفِّ، هَاهَاهَا، وَزَيْدُ، الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِي الصَّفِّ الْخَلْفِيِّ كَأَنَّهُ جَبَلٌ يَحَاوِلُ الْانْدِمَاجَ مَعَ التِّلَالِ الْبِلْجِيكِيَّةِ، هَمَسَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ صَاحَ بِصَوْتٍ يَهْزُ الْكَرَاسِيَ، يَا إِلَهِي، هَذِهِ الْقَاعَةُ أَحْلَى مِنْ غُرْفَةِ الشَّايِ فِي النِّيلِ، لَكِنْ لَوْ رَقَصْتُ هُنَا، لَانْهَارَ السَّقْفُ مِنْ وَزْنِي، الطُّلَّابُ يَعْتَقِدُونَنِي تَمْثَالًا فِرْعَوْنِيًّا ثَقِيلًا، هَاهَاهَا، تَخَيَّلُوا لَوْ أَكَلْتُ شَوْكُولَاتَةً بِلْجِيكِيَّةً وَأَبْدَأْتُ فِي الرَّقْصِ، وَزْنِي يُصْبِحُ إِيقَاعًا جَدِيدًا، الشُّيُوخُ يُحَرِّمُونَ الْجَامِعَاتِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ حَرْكَةَ الْوَرْكِ، شُذَى دَارَتْ أَسْرَعَ، ثَوْبُهَا يَلْمَعُ تَحْتَ الْأَضْوَاءِ كَأَنَّهُ يَسْتَدْعِي الْفُرْعَانَةَ مِنَ الْجُدْرَانِ، الطُّلَّابُ انْضَمُّوا إِلَيْهَا بِخُطْوَاتٍ مُتَرَدِّدَةٍ كَأَنَّهُمْ يَخْشَوْنَ فَتْوَى وَهْمِيَّةً، وَاحِدَةٌ مِنَ الطَّالِبَاتِ، فَتَاةٌ بِلْجِيكِيَّةُ شَقْرَاءُ بِابْتِسَامَةٍ وَاسِعَةٍ كَأَنَّهَا آنَا فِي الْحِوَارِ الْمُتَخَيَّلِ، صَاحَتْ، يَا شُذَى، هَذَا الرَّقْصُ يَحْمِلُ تَارِيخَ شُعُوبِكُمْ، قَصِيدَةً بِالْجِسْدِ كَمَا فِي عَصْرِ كْلِيُوبَاتْرَا، لَكِنْ فِي بَلَدِكُمْ، يَبِيعُونَهُ كَإِعْلَانٍ عَلَى الْإِنْتَرْنِتْ، هَاهَاهَا، احْذَرِي، لَوْ رَأَوْكِ فِي إِدْلِبْ، لَكَتَبُوا فَتْوَى تَحْرُمُ اللَّوْنَ الْأَحْمَرَ لِأَنَّهُ يُذَكِّرُ بِالْحَيَاةِ، شُذَى ضَحِكَتْ وَهِيَ تَدُورُ، قَالَتْ، يَا آنَا الشَّقْرَاءُ، فِي إِدْلِبْ، اللَّوْنُ الْأَحْمَرُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ يُذَكِّرُ بِالْحَيَاةِ، لَكِنْ هُنَا، فِي لِيِيجْ، هُوَ عَلَمُ الثَّوْرَةِ، تَعَالَيْ، ارْقُصِي مَعِي، لِنَجْعَلَ الشَّقْرَاءَ تَرْقُصُ مَعَ الشَّرْقِ، الطُّلَّابُ صَفَّقُوا أَكْثَرَ، الْقَاعَةُ تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا قَصْرٌ عَبَّاسِيٌّ فِي بْرُوكْسِلْ، خَالِدُ هَمَسَ لِدَعْدٍ الَّتِي كَانَتْ بِجَانِبِهِ، انْظُرِي، هَذَا التَّحَالُفُ السِّحْرِيُّ، الْغَرْبُ يَتَعَلَّمُ إِيقَاعَنَا، نَحْنُ نَعِيدُ الْكَرَامَةَ، هَاهَاهَا، كَمَالُ أَضَافَ، وَإِذَا أَرْسَلْنَا فِيدْيُو لِهَذَا إِلَى جَلَالٍ، لَيَبْدَأَ فِي الرَّقْصِ سِرًّا فِي قَصْرِهِ، لِحْيَتُهُ تَتَمَايَلُ كَرَايَةٍ بَيْضَاءَ، دَعْدُ رَدَّتْ، الرَّسَائِلُ تَقُولُ إِنَّ فِي جَامِعَةِ لِيِيجْ، الرَّقْصُ يَتَحَوَّلُ إِلَى مَسَارِحِيَّاتٍ، مُسْتَوْحَاةٍ مِنْ عَصْرِ الْفُرْعَانَةِ، الرَّاقِصَاتُ يُؤْدِينَ عُرُوضًا تَجْمَعُ الْإِيقَاعَاتِ، الْجَمْهُورُ خَلْطٌ مِنْ كُلِّ الْأَعْرَاقِ، يَصْفِقُونَ كَأَنَّهُمْ فِي عِيدٍ حَضَارِيٍّ، هَاهَاهَا، لَمَى رَسَمَتْ فِي الْهَوَاءِ، الطُّلَّابُ أَصْبَحُوا لَوْحَةً حَيَّةً، زَيْدُ حَاوَلَ الْوُقُوفَ لِلِانْضِمَامِ، لَكِنَّهُ تَعَثَّرَ فِي كُرْسِيهِ، سَقَطَ لَكِنَّهُ قَامَ يَرْقُصُ بِجُهْدٍ كُومِيدِيٍّ، يَا إِلَهِي، صَاحَ، أَنَا الرَّاقِصُ الْفِرْعَوْنِيُّ السَّمِينُ، وَزْنِي يَهْزُ الْقَاعَةَ كَزَلْزَالٍ فِي الْكَرْنَكِ، الطُّلَّابُ يَضْحَكُونَ وَيَصْفِقُونَ، هَاهَاهَا، شُذَى صَاحَتْ، هَذَا الْوُصُولُ السِّحْرِيُّ، لِيِيجْ تَرْحَبُ بِالْإِيقَاعِ، الْفَتَاوَى تَبْكِي فِي إِدْلِبْ، الطُّلَّابُ دَارُوا مَعَهَا، الْقَاعَةُ تَحَوَّلَتْ إِلَى مَهْرَجَانٍ، خَالِدُ ابْتَسَمَ، الرَّحْلَةُ بَدَأَتْ بِالرَّقْصِ، الضَّحِكُ يَمْلَأُ كَالنِّيلِ فِي لِيِيجْ.لَكِنْ الرَّقْصَ لَمْ يَتَوَقَّفْ، شُذَى تَقُودُ الطُّلَّابَ فِي دَائِرَةٍ، الشَّقْرَاءُ آنَا تَنْضَمُّ، تَضْحَكُ، يَا شُذَى، فِي بَلْجِيكَا، الرَّقْصُ دَرْسٌ فِي التُّرَاثِ، فِي إِدْلِبْ، جَرِيمَةٌ، هَاهَاهَا، خَالِدُ يَنْضَمُّ، كَمَالُ يَلْوِي بِالْجَرِيدَةِ، دَعْدُ تَصْفِقُ، لَمَى تَرْسُمُ، زَيْدُ يَتَعَثَّرُ لَكِنَّهُ يَسْتَمِرُّ، الطُّلَّابُ يُغَنُّونَ أَنْغَامًا مُخْتَلِطَةً، الْقَاعَةُ تَهْتَزُّ، الْوُصُولُ كُومِيدِيٌّ سِحْرِيٌّ.مَعَ ازْدِيَادِ الْإِيقَاعِ، شُذَى صَاحَتْ، هَذَا لِغَزَّةَ، لِلْيَمَنِ، الطُّلَّابُ صَاحُوا، تَضَامُنٌ، هَاهَاهَا، زَيْدُ سَقَطَ يَرْقُصُ، كَمَالُ ضَحِكَ، دَعْدُ أَرْسَلَتْ فِيدْيُو، لَمَى رَسَمَتْ الدَّائِرَةَ أَكْبَرَ، خَالِدُ هَمَسَ، الشَّرْقُ يَعُودُ بِالْوَرْكِ، الضَّحِكُ يَهْزُ الْجَامِعَةَ.الطُّلَّابُ يَدُورُونَ، شُذَى فِي الْوُسْطِ، آنَا تَرْقُصُ، هَاهَاهَا، الشُّيُوخُ يَغَارُونَ فِي الْخَيَالِ، الْوُصُولُ فَرْحٌ، الثَّوْرَةُ بِالْإِيقَاعِ.لَكِنْ الدَّائِرَةُ أَكْبَرَ، الطُّلَّابُ يُقَلِّدُونَ، زَيْدُ يَقُودُ خَطْوَةً، يَتَعَثَّرُ، الضَّحِكُ يَمْلَأُ، شُذَى صَاحَتْ، لِيِيجْ سِحْرِيَّةٌ، هَاهَاهَا، الْوُصُولُ نَصْرٌ كُومِيدِيٌّ.مَعَ الْفَجْرِ الْبِلْجِيكِيِّ، الرَّقْصُ يَهْدَأُ، شُذَى ابْتَسَمَتْ، الطُّلَّابُ يَصْفِقُونَ، خَالِدُ قَالَ، هَذَا الْبِدَايَةُ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَلْهَثُ يَضْحَكُ، جَاهِزُونَ لِلْمَزِيدِ.
الفصل الثالث: فايز والشبح البريجينسكي
فَايْزُ، الشَّابُّ النَّحِيلُ الَّذِي يَبْدُو كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ صَفْحَاتِ رِوَايَةٍ رُوسِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ كُلَّ الْخُبْزِ الرُّوسِيِّ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ سِوَى الْجَرَائِدِ الْمُمْزَّقَةِ لِيَغْطِيَ بِهَا جُوعَهُ الْفِكْرِيَّ، جَلَسَ عَلَى كُرْسِيٍّ خَشَبِيٍّ قَدِيمٍ فِي قَاعَةِ جَامِعَةِ لِيِيجْ كَأَنَّهُ يَحْلُمُ بِأَنْ يُصْبِحَ ثَوْرِيّاً رُوسِيّاً فِي بَلْجِيكَا الْبَارِدَةِ، عَيْنَاهُ الثَّاقِبَتَانِ تَلْمَعَانِ تَحْتَ أَضْوَاءِ الْقَاعَةِ الْخَافِتَةِ كَأَنَّهُمَا تَعْكِسَانِ شَبْحًا مِنْ إِدْلِبْ يَتَرَبَّصُ بِهِ مِنْ وَرَاءِ النُّوَافِذِ الْمُفْتُوحَةِ عَلَى حَدِيقَةٍ خَضْرَاءَ تَهْمِسُ بِأَنْغَامِ نَايٍ حَزِينَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِصَوْتِ صَفِيرِ قِطَارٍ فَائِقِ السَّرْعَةِ يُشْبِهُ صَرَاخَ فَتْوَى بَرِيجِنْسْكِيَّةٍ، يَا إِلَهِي، هَمَسَ فَايْزُ لِنَفْسِهِ بِصَوْتٍ يُشْبِهُ هَمْسَ الرِّيحِ فِي أَرْوِقَةِ بَغْدَادَ الْمَهْجُورَةِ قَبْلَ أَنْ تُبَاعَ لِجَلَالٍ بِالْدُّولَارِ، هَذِهِ لِيِيجْ السِّحْرِيَّةُ حَيْثُ يَرْقُصُونَ تُرَاثَنَا كَدَرْسٍ فِي الْحَضَارَةِ لَا كَفِتْنَةٍ تَسْتَحِقُّ السَّبِيْ بِالْبِيتْكُوِينْ، لَكِنْ الشَّبْحَ يُلَاحِقُنِي كَظِلٍّ فِي رِوَايَةٍ نَفْسِيَّةٍ، الشَّبْحُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّ الَّذِي يَبِيعُ الْأَرْوَاحَ فِي سُوقٍ إِلِكْتْرُونِيٍّ وَيُحَرِّمُ الرَّقْصَ بِحَرْكَةِ وَرْكٍ وَاحِدَةٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ: يَا فَايْزُ، أَنْتَ ثَوْرِيٌّ نَحِيلٌ، لَكِنْ فِي إِدْلِبْ، وَزْنُكَ الرُّوحِيُّ خَفِيفٌ أَكْثَرَ، اشْتَرِ فَتْوَى وَارْقُصْ فِي الظَّلِّ إِذَا جَرْؤْتَ، هَاهَاهَا، لَكِنْ الضَّحْكَةَ خَرَجَتْ مِنْهُ مَكْتُومَةً كَأَنَّهَا تَخَافُ مِنَ الشَّبْحِ نَفْسِهِ الَّذِي يَبْدُو كَأَنَّهُ يَتَسَلَّلُ مِنَ الْجَرِيدَةِ الْمُمْزَّقَةِ فِي يَدِهِ، وَفَجْأَةً، أَغْمَضَ فَايْزُ عَيْنَيْهِ كَأَنَّهُ يَدْخُلُ حُلْمًا نَفْسِيًّا حَيْثُ يَحَاكِمُ الشَّبْحَ قَبْلَ أَنْ يَحَاكِمَهُ هُوَ فِي مَحْكَمَةٍ دَاخِلِيَّةٍ مَلِيئَةٍ بِفَتَاوَى تَتَمَايَلُ كَلِحًى دُخَانِيَّةٍ، الظَّلَامُ يَغْطِي الْقَاعَةَ بِسُرْعَةٍ كَأَنَّهُ دُخَانٌ مِنْ لِحْيَةِ جَلَالٍ، وَالشَّبْحُ يَظْهَرُ أَمَامَهُ كَدَجَّالٍ سِحْرِيٍّ بِلِحْيَةٍ مِنْ دُخَانٍ أَسْوَدَ يَتَمَايَلُ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ الرَّقْصَ لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِي فَتْوَاهُ الطَّوِيلَةِ كَحَبْلِ مَشْنَقَةٍ كُومِيدِيٍّ، الشَّبْحُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّ، يَا فَايْزُ، صَاحَ الشَّبْحُ بِصَوْتٍ غَلِيظٍ كُومِيدِيٍّ يُشْبِهُ صَوْتَ جَلَالٍ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ شَوْكُولَاتَةً بِلْجِيكِيَّةً سِرًّا وَأَصْبَحَ يَغَارُ مِنَ الْإِيقَاعِ، الرَّقْصُ حَرَامٌ، لِأَنَّ الْوَرْكَ يُشْبِهُ مُؤَامْرَةً صَهْيَوْ-أَمْرِيكِيَّةً مُنْذُ عَصْرِ الْفُرْعَانَةِ، نِفَرْتِيتِي رَقَصَتْ وَأَغْضَبَتِ الْمَلَائِكَةَ، وَأَنْتَ هُنَا فِي لِيِيجْ، تَتَعَلَّمُ الْفِتْنَةَ مِنَ الشَّقْرَاوَاتِ الْلَّوَاتِي يَرْقُصْنَ كَأَنَّهُنَّ جَوَارِيُ الْأَنْدَلُسِ فِي بْرُوكْسِلْ، اشْتَرِ فَتْوَى مِنْ سُوقِي الْإِلِكْتْرُونِيِّ، السَّعْرُ بِالْبِيتْكُوِينْ إِذَا كُنْتَ ثَوْرِيّاً عَصْرِيّاً، وَمَعَ كُلِّ صَفْقَةٍ، سَبِيٌّ مَجَّانِيٌّ يَأْتِي مَعَ فَتْوَى تَحْرُمُ الِابْتِسَامَةَ أَمَامَ الْمِرْآَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ كَافِرَةً بِنَفْسِهَا، هَاهَاهَا، لَكِنْ الضَّحْكَةَ الشَّبْحِيَّةَ خَرَجَتْ كَسَعَالٍ مَكْبُوتٍ كَأَنَّ الدُّخَانَ فِي لِحْيَتِهِ مَسْمُومٌ بِغُبَارِ إِدْلِبْ الَّذِي يَبِيعُ الْكَرَامَةَ بِالرِّيَالِ، فَايْزُ، الَّذِي كَانَ فِي الْحُلْمِ يَقِفُ كَثَوْرِيٍّ نَحِيلٍ لَكِنَّهُ يَحْمِلُ سَيْفًا مِنْ جَرِيدَةٍ مُمْزَّقَةٍ مَلِيئَةٍ بِإِعْلَانَاتِ السَّبِيِّ، صَاحَ بِصَوْتٍ مَسْرَحِيٍّ مُبَالَغٍ فِيهِ كَأَنَّهُ يُؤَدِّي مُونُولُوجًا مِنْ مَسْرَحِيَّةٍ إِبْسْنِيَّةٍ حَيْثُ يَحَاكِمُ الشَّبْحُ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَحَاكِمَ الثَّوْرِينَ، يَا شَبْحُ الْبَرِيجِنْسْكِيَّةِ، أَنْتَ لَسْتَ شَيْخًا حَقِيقِيًّا، أَنْتَ تَاجِرُ بَشَرٍّ بِلِحْيَةٍ دُخَانِيَّةٍ رَخِيصَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْبَالَةِ فِي إِدْلِبْ، تُحَرِّمُ الرَّقْصَ لِأَنَّهُ يُوقِظُ الضَّمِيرَ النَّائِمَ فِي الشُّعُوبِ، لَكِنْ سَبِيَّكَ يَقْتُلُ الضَّمِيرَ وَيَبِيعُهُ كَسِلْعَةٍ فِي تَطْبِيقَاتٍ مُشَفَّرَةٍ كَأَنَّهَا أَلْعَابُ فِيدْيُو جِهَادِيَّةٍ، تَخَيَّلْ لَوْ رَقَصْتَ مَعِي خَطْوَةً وَاحِدَةً، لِحْيَتُكَ الدُّخَانِيَّةُ تَتَمَايَلُ كَدَفٍّ فِي حَفْلَةٍ صُوفِيَّةٍ، وَالْفَتَاوَى تَذُوبُ كَالشَّوْكُولَاتَةِ فِي الشَّمْسِ الْبِلْجِيكِيَّةِ، هَاهَاهَا، إِذًا، سَأَرْقُصُ فَتْوَاكَ إِلَى الْجَحِيمِ حَيْثُ يَبِيعُ الشَّيْطَانُ نَفْسَهُ بِالْدُّولَارِ، وَفَايْزُ بَدَأَ فِي الرَّقْصِ دَاخِلَ الْحُلْمِ بِخُطْوَاتٍ خَفِيفَةٍ كَأَنَّهُ يَدُوسُ عَلَى إِعْلَانَاتِ السُّوقِ الْإِلِكْتْرُونِيِّ كَأَنَّهَا أَوْرَاقٌ مُمْزَّقَةٌ، الشَّبْحُ حَاوَلَ الْهَرْبَ لَكِنَّهُ تَعَثَّرَ فِي دُخَانِهِ نَفْسِهِ، يَدُورُ رَغْمَهُ عَنْ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ فِي بَالِيهٍ فَاشِلٍ حَيْثُ اللَّحْيُ تَتَمَايَلُ بَدَلَ السُّيُوفِ، وَفَجْأَةً، ظَهَرَتْ رَاقِصَةٌ وَهْمِيَّةٌ مِنَ الظَّلَامِ كَأَنَّهَا شَبْحُ شُذَى بِالثَّوْبِ الْأَحْمَرِ الَّذِي يَلْمَعُ كَمِصْبَاحٍ سِحْرِيٍّ يَسْتَدْعِي الْفُرْعَانَةَ، تَدُورُ حَوْلَ الشَّبْحِ الْبَرِيجِنْسْكِيِّ كَأَنَّهَا تَسْتَدْعِي الرِّيحَ مِنْ غَزَّةَ لِتَأْخُذَهُ، الرَّاقِصَةُ صَاحَتْ بِصَوْتٍ يُشْبِهُ إِيقَاعَ الطَّبْلَةِ فِي مَظَاهِرَةِ لِيِيجْ، يَا شَبْحُ، الرَّقْصُ لَيْسَ حَرَامًا، بَلْ هُوَ الْجِهَادُ الْحَقِيقِيُّ ضِدَّ النَّفَاقِ الَّذِي تَبِيعُونَهُ فِي سُوقِكُمْ، حَرْكَةُ الْوَرْكِ هَذِهِ تُسْقِطُ إِمْبِرَاطُورِيَّاتٍ أَكْبَرَ مِنْ إِدْلِبْ، نِفَرْتِيتِي رَقَصَتْ وَأَذَابَتْ قِيْصَرَ، وَأَنْتَ، بِلِحْيَتِكَ الدُّخَانِيَّةِ، سَتَذُوبُ أَمَامَهَا كَفَتْوَى تَحْتَ شَمْسِ النِّيلِ، هَاهَاهَا، الشَّبْحُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّ، الَّذِي كَانَ يَحَاوِلُ الْوُقُوفَ بِوَقَارٍ شَيْخِيٍّ لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِي دُخَانِهِ نَفْسِهِ، صَاحَ بِغَضَبٍ كُومِيدِيٍّ يُشْبِهُ صَوْتَ جَلَالٍ بَعْدَ أَنْ شَاهَدَ فِيدْيُو رَقْصٍ فِي لِيِيجْ، حَرَامٌ، حَرَامٌ، الرَّقْصُ يُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالسَّبِيِّ، لَكِنْ اشْتَرِ سَبِيّاً مِنْ سُوقِي، السَّعْرُ بِالرِّيَالِ، وَمَعَ كُلِّ عَمَلِيَّةٍ، فَتْوَى مَجَّانِيَّةٌ تَحْرُمُ الِابْتِسَامَةَ أَمَامَ الْمِرْآَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَعْكِسُ حَرْكَةَ كَتْفٍ كَافِرَةٍ، لَكِنْ الرَّاقِصَةُ دَارَتْ أَسْرَعَ، ثَوْبُهَا الْأَحْمَرُ يَلْفُ الشَّبْحَ كَأَنَّهُ يَلْفُ لِحْيَتَهُ فِي عُقْدَةٍ سِحْرِيَّةٍ، وَالدُّخَانُ بَدَأَ يَتَفَكَّكُ كَأَنَّهُ يَضْحَكُ رَغْمَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَتَحَوَّلُ إِلَى سَحَابَةِ رَقْصٍ تَتَمَايَلُ مَعَ الْإِيقَاعِ، يَا فَايْزُ، صَاحَ الشَّبْحُ وَهُوَ يَحَاوِلُ الْهَرْبَ لَكِنَّهُ يَدْخُلُ الدَّائِرَةَ أَعْمَقَ، هَذَا الرَّقْصُ فِيْرُوسٌ، يُصِيبُ اللَّحْيَ بِالتَّمَايُلِ وَالْفَتَاوَى بِالذَّوْبَانِ، جَلَالُ نَفْسُهُ رَقَصَ سِرًّا بَعْدَ فِيدْيُو مِنْ مَظَاهِرَاتِ بْرُوكْسِلْ، ثُمَّ صَدَرَ فَتْوَى تَحْرُمُ التِّلْفَازَ لِأَنَّهُ يَعْكِسُ الْوَرْكَ، هَاهَاهَا، فَايْزُ ضَحِكَ ضَحْكَةً مَجْنُونَةً تَجْعَلُ الْحُلْمَ يَهْتَزُّ كَأَنَّ الْقَاعَةَ فِي لِيِيجْ أَصْبَحَتْ مَسْرَحًا حَيْثُ يَسْقُطُ الشَّبْحُ مِنَ الصَّفِّ الْأَوْلَى، صَاحَ، نَعَمْ يَا شَبْحُ، الرَّقْصُ فِيْرُوسٌ أَقْوَى مِنْ بِيتْكُوِينْكَ الَّذِي تَبِيعُونَ بِهِ الْكَرَامَةَ، فِي بَلْجِيكَا، مِائَةُ أَلْفٍ يَرْقُصُونَ أَمَامَ النَّاتُو، تَضَامُنًا مَعَ غَزَّةَ حَيْثُ الدِّمَاءُ تَسِيلُ وَالْفَتَاوَى تُمَوِّلُ، وَالشَّقْرَاوَاتُ يَرْقُصْنَ كَأَنَّهُنَّ جَوَارِيُ الْأَنْدَلُسِ فِي بْرُوكْسِلْ، أَنْتَ تُحَرِّمُ، لَكِنَّهُمْ يَحْتَفِلُونَ بِتُرَاثِنَا كَكَنْزٍ إِنْسَانِيٍّ، يَا لِلْمُفَارَقَةِ السَّاخِرَةِ، الْغَرْبُ يَعِيدُ إِيقَاعَنَا، نَحْنُ نَبِيعُهُ فِي سُوقِكَ كَسِلْعَةٍ رَخِيصَةٍ، هَاهَاهَا، الرَّاقِصَةُ دَارَتْ أَكْثَرَ، الشَّبْحُ بَدَأَ يَتَمَايَلُ رَغْمَهُ عَنْ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ الْهَرْبَ لَكِنَّهُ يَدْخُلُ الدَّائِرَةَ أَعْمَقَ، لِحْيَتُهُ الدُّخَانِيَّةُ تَتَحَوَّلُ إِلَى سَحَابَةِ رَقْصٍ تَتَمَايَلُ مَعَ الدَّفِّ، صَاحَ، حَسَنًا، رُبَّمَا الرَّقْصُ... لَيْسَ حَرَامًا تَمَامًا، لَكِنْ فَقَطْ إِذَا اشْتَرَيْتُمْ عُضْوِيَّةً فِي سُوقِي بِالْدُّولَارِ، وَمَعَ خَصْمٍ 10% إِذَا رَقَصْتُمْ لِحْيَتِي، هَاهَاهَا، وَالشَّبْحُ ذَابَ فِي الضَّحْكِ كَأَنَّهُ يَتَحَوَّلُ إِلَى دُخَانٍ يَرْقُصُ مَعَ الرَّاقِصَةِ فِي حَفْلَةٍ صُوفِيَّةٍ، فَايْزُ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَجْأَةً كَأَنَّهُ يَسْتَيْقِظُ مِنْ كَابُوسٍ كُومِيدِيٍّ، الْقَاعَةُ عَادَتْ إِلَى هُدُوئِهَا الْبِلْجِيكِيِّ، الطُّلَّابُ لَا يَزَالُونَ يَصْفِقُونَ لِشُذَى الَّتِي كَانَتْ تَرْقُصُ فِي الْوُسْطِ كَأَنَّهَا تَحْكِي قِصَّةَ الشَّبْحِ نَفْسِهِ، لَكِنَّهُ ابْتَسَمَ ابْتِسَامَةً وَاسِعَةً كَأَنَّهُ انْتَصَرَ عَلَى شَبْحِهِ فِي مَعْرَكَةٍ دَاخِلِيَّةٍ، يَا رِفَاقَ، هَمَسَ لِدَعْدٍ الَّتِي كَانَتْ بِجَانِبِهِ تَقْرَأُ رَسَائِلَهَا كَأَنَّهَا تَقُودُ ثَوْرَةً عَابِرَةً لِلْحُلْمِ، الْحُلْمُ كَانَ كُومِيدْيَا سُودَاءَ، الشَّبْحُ رَقَصَ رَغْمَهُ عَنْ لِحْيَتِهِ الدُّخَانِيَّةِ، فِي لِيِيجْ، حَتَّى الْأَوْهَامُ الْبَرِيجِنْسْكِيَّةُ تَرْقُصُ مَعَ الْإِيقَاعِ، هَاهَاهَا، دَعْدُ ضَحِكَتْ ضَحْكَةً حَازِمَةً كَأَنَّهَا تَقْرِرُ مَصِيرَ الشَّبْحِ، قَالَتْ، يَا فَايْزُ، أَنْتَ الثَّوْرِيُّ الْحَالِمُ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الشَّبْحُ حَقِيقِيًّا، لَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى إِدْلِبْ يَرْقُصُ فِي السُّوقِ الْإِلِكْتْرُونِيِّ، الْإِعْلَانَاتُ تَتَحَوَّلُ إِلَى حَفْلَاتٍ، وَالتَّاجِرُونَ بِلِحَاهُمْ يَبْدَأُونَ فِي التَّمَايُلِ كَأَنَّهُمْ فِي مَظَاهِرَةِ بْرُوكْسِلْ، خَالِدُ، الَّذِي كَانَ يَسْتَمِعُ كَأَنَّهُ يَحِلُّ لُغْزًا فَلْسَفِيًّا، هَمَسَ، الْأَوْهَامُ الْبَرِيجِنْسْكِيَّةُ تَذُوبُ بِالرَّقْصِ، لَمَى رَسَمَتْ الشَّبْحَ فِي دَفْتَرِهَا كَأَنَّهُ يَدُورُ مَعَ ابْنِ سِينَا، شُذَى دَارَتْ فِي الْوُسْطِ، صَاحَتْ، الشَّبْحُ يَنْضَمُّ إِلَيْنَا، هَاهَاهَا، وَزَيْدُ، الَّذِي كَانَ يَمْسَكُ شَوْكُولَاتَتَهُ كَأَنَّهَا سِلَاحٌ ضِدَّ الْأَشْبَاحِ، صَاحَ، أَنَا أَرْقُصُ مَعَ الشَّبْحِ، وَزْنِي يَذِيبُهُ، الْقَاعَةُ مَلِيئَةٌ بِالضَّحِكِ، الْحُلْمُ أَصْبَحَ وَاقِعًا سِحْرِيًّا كُومِيدِيًّا حَيْثُ يَرْقُصُ الشَّبْحُ مَعَ الثَّوْرِينَ.لَكِنْ فَايْزُ لَمْ يَتَوَقَّفْ عِنْدَ الْحُلْمِ، وَقَفَ فِي الْقَاعَةِ كَأَنَّهُ يُوَاجِهُ الشَّبْحَ مَرَّةً أُخْرَى أَمَامَ الطُّلَّابِ، صَاحَ، يَا أَصْدِقَاءُ لِيِيجْ، فِي إِدْلِبْ، الشَّبْحُ يَبِيعُ الْأَرْوَاحَ، هُنَا فِي الْجَامِعَةِ، تَرْقُصُونَ التُّرَاثَ، هَاهَاهَا، الطُّلَّابُ ضَحِكُوا وَصَفَّقُوا أَكْثَرَ، شُذَى دَارَتْ أَسْرَعَ، الشَّبْحُ ذَابَ فِي الْإِيقَاعِ كَأَنَّهُ يَضْحَكُ مِنَ اللَّوْحَةِ، فَايْزُ ابْتَسَمَ، الثَّوْرَةُ بِالْحُلْمِ الْكُومِيدِيِّ أَصْبَحَتْ دَرْسًا فِي الرَّقْصِ، خَالِدُ هَمَسَ، الشَّبْحُ رَقَصَ، دَعْدُ أَرْسَلَتْ الْفِيدْيُو إِلَى الرَّسَائِلِ، لَمَى رَسَمَتْ الدَّوْرَانَ، زَيْدُ عَضَّ شَوْكُولَاتَةً، الْغُرْفَةُ تَهْتَزُّ، الضَّحِكُ يَمْلَأُ كَالنِّيلِ فِي لِيِيجْ، الطُّلَّابُ يَنْضَمُّونَ إِلَى الرَّقْصِ، الشَّبْحُ أَصْبَحَ جُزْءًا مِنَ الدَّائِرَةِ، هَاهَاهَا، يَا لِلتَّحَالُفِ السِّحْرِيِّ، فَايْزُ صَاحَ، الشَّبْحُ يَقُولُ الْآنَ: الرَّقْصُ... حَلَالٌ، لَكِنْ فَقَطْ إِذَا اشْتَرَيْتُمْ فَتْوَى، الْجَمِيعُ ضَحِكَ، الْقَاعَةُ مَهْرَجَانٌ، الْحُلْمُ نَصْرٌ.مَعَ ازْدِيَادِ الصَّفْقَاتِ، فَايْزُ رَوَى الْحُلْمَ لِلطُّلَّابِ، الشَّبْحُ يَدُورُ، هَاهَاهَا، خَالِدُ ضَحِكَ، دَعْدُ صَاحَتْ، غَزَّةُ تَشْهَدُ، لَمَى رَسَمَتْ، شُذَى رَقَصَتْ، زَيْدُ تَعَثَّرَ يَرْقُصُ، الطُّلَّابُ يُقَلِّدُونَ، الضَّحِكُ يَهْزُ الْجُدْرَانَ، الشَّبْحُ ذَابَ فِي الْفَرْحِ، الثَّوْرَةُ بِالسُّخْرِيَةِ الْكُومِيدِيَّةِ مُسْتَمِرَّةٌ.الْحُلْمُ يَسْتَمِرُّ فِي الْوَاقِعِ، فَايْزُ يَرْقُصُ مَعَ الطُّلَّابِ، الشَّبْحُ يَعُودُ يَضْحَكُ رَغْمَهُ عَنْ نَفْسِهِ، هَاهَاهَا، شُذَى تَقُودُ، خَالِدُ يَتَأَمَّلُ، دَعْدُ تُرْسِلُ، لَمَى تُضِيفُ أَلْوَانًا، زَيْدُ يُوَزِّعُ شَوْكُولَاتَةً، الطُّلَّابُ يُغَنُّونَ، الْغُرْفَةُ تَدُورُ، الضَّحِكُ لَا يَنْتَهِي، الشَّبْحُ يَنْضَمُّ كَامِلًا.لَكِنْ الشَّبْحَ أَضْعَفَ، فَايْزُ صَاحَ، الرَّقْصُ يَذِيبُهُ كَالدُّخَانِ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَدُورُ، الْقَاعَةُ سِحْرِيَّةٌ، الثَّوْرَةُ بِالْإِيقَاعِ وَالسُّخْرِيَةِ.مَعَ الْفَجْرِ الْبِلْجِيكِيِّ، فَايْزُ ابْتَسَمَ، الشَّبْحُ رَقَصَ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَلْهَثُ يَضْحَكُ، جَاهِزُونَ لِلْجُزْءِ التَّالِيِّ، الثَّوْرَةُ مُسْتَمِرَّةٌ بِالْحُلْمِ الْكُومِيدِيِّ.
الفصل الرابع: حسن والشوكولاتة المسحورة
زَيْدُ، الْصَّدِيقُ السَّمِينُ الَّذِي يَبْدُو كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ رِوَايَةٍ رُوسِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ كُلَّ الثَّوْرِيِّينَ فِي رُوسِيَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ سِوَى الشَّوْكُولَاتَةِ الْبِلْجِيكِيَّةِ لِيَثُورَ بِهَا ضِدَّ الْفَتَاوَى وَالْأَجْنِدَةِ الْصَّهْيَوْ-خَلِيجِيَّةِ، جَلَسَ فِي زَاوِيَةِ قَاعَةِ جَامِعَةِ لِيِيجْ كَأَنَّهُ جَبَلٌ يَحَاوِلُ الْانْدِمَاجَ مَعَ التِّلَالِ الْخَضْرَاءِ فِي الْحَدِيقَةِ الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي تَهْمِسُ بِأَنْغَامِ نَايٍ حَزِينَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِصَوْتِ صَفِيرِ قِطَارٍ يُشْبِهُ صَرَاخَ فَتْوَى بَرِيجِنْسْكِيَّةٍ، يَدُهُ الثَّقِيلَةُ تَمْسَكُ بِعَلْبَةِ شَوْكُولَاتَةٍ شَهِيَّةٍ تَذُوبُ فِي الْفَمْ كَأَنَّهَا سِحْرٌ لَاتِينِيٌّ يَحْوِلُ النَّفَاقَ إِلَى فَرْحٍ مَجْنُونٍ، وَالشَّمْسُ الْبِلْجِيكِيَّةُ الْخَجُولَةُ تَتَسَلَّلُ مِنَ النُّوَافِذِ كَأَنَّهَا تَتَجَسَّسُ عَلَى سِرِّهِ الْمَخْفِيِّ خَلْفَ طَبَقَاتِ الدُّهُونِ الثَّوْرِيَّةِ، يَا إِلَهِي، هَمَسَ زَيْدُ لِنَفْسِهِ بِصَوْتٍ يُشْبِهُ صَرِيرَ كُرْسِيٍّ يَئِنُّ تَحْتَ وَزْنِهِ كَأَنَّهُ يَشْكُو مِنْ فَتْوَى تَحْرُمُهُ مِنَ الْجُلُوسِ، هَذِهِ الشَّوْكُولَاتَةُ الْبِلْجِيكِيَّةُ أَحْلَى مِنْ أَيِّ فَتْوَى فِي إِدْلِبْ، لَوْ أَكْلَهَا الشُّيُوخُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ، لَأَصْبَحُوا يَرْقُصُونَ رَغْمَهُمْ عَنْ لِحَاهُمْ الطَّوِيلَةِ، جَلَالُ نَفْسُهُ يَبْدَأُ فِي حَرْكَةِ وَرْكٍ خَفِيفَةٍ ثُمَّ يُصْدِرُ فَتْوَى تَحْرُمُ الشَّوْكُولَاتَةَ لِأَنَّهَا لَذِيذَةٌ أَكْثَرَ مِنَ السَّبِيِّ وَتُشْبِهُ مُؤَامْرَةً صَهْيَوْ-بِلْجِيكِيَّةً، هَاهَاهَا، وَعَضَّ قِطْعَةً كَبِيرَةً بِشَهْوَةٍ تَجْعَلُ الْفَمَّ يَغْرَقُ فِي بَحْرٍ مِنَ الذَّوْبَانِ الْحُلْوِ كَأَنَّهُ يَغْرَقُ فَتْوَى كَامِلَةً، الشَّوْكُولَاتَةُ ذَابَتْ فِي فَمِهِ كَأَنَّهَا سِحْرٌ يُوقِظُ الطِّفْلَ الثَّوْرِيَّ بِدَاخِلِهِ الَّذِي كَانَ يَنَامُ تَحْتَ طَبَقَاتٍ مِنَ الشَّايِ السَّاخِنِ وَالسُّخْرِيَةِ، لَكِنْ فَجْأَةً، اهْتَزَّتِ الْعَلْبَةُ فِي يَدِهِ كَأَنَّهَا تَحْتَوِي عَلَى جِنِّيٍّ مِنْ أَسَاطِيرِ الرَّافِدَيْنِ يَغَارُ مِنَ الْإِيقَاعِ، وَالْقِطْعَةُ الَّتِي أَكْلَهَا بَدَأَتْ تَتَحَوَّلُ فِي مَعِدَتِهِ إِلَى خَرِيطَةٍ سِحْرِيَّةٍ تَتَدَحْرَجُ فِي رَأْسِهِ كَأَنَّهَا فِيلْمٌ كُومِيدِيٌّ غُوغُولِيٌّ حَيْثُ تَتَحَرَّكُ الأَسْوَاقُ كَحَشَرَاتٍ فِي حَفْلَةِ بَيْعٍ مَجْنُونَةٍ بِدُونِ دَعْوَةٍ، يَا رِفَاقَ، صَاحَ زَيْدُ وَهُوَ يَقِفْزُ مِنْ كُرْسِيهِ بِجُهْدٍ يَهْزُ الْأَرْضِيَّةَ الْخَشَبِيَّةَ كَأَنَّهَا تَعْزِفُ إِيقَاعًا فِرْعَوْنِيًّا يَتَحَدَّى الْجَاذِبِيَّةَ، هَذِهِ الشَّوْكُولَاتَةُ تُحَلِّي الْفَتَاوَى وَتَحْوِلُ إِدْلِبْ إِلَى كَابُوسٍ شَهِيٍّ يَتَمَايَلُ كَرَاقِصٍ فَاشِلٍ، انْظُرُوا، الْخَرِيطَةُ فِي رَأْسِي تَتَحَرَّكُ كَأَنَّهَا حَيَّةٌ، الأَسْوَاقُ تَتَسَلْقَى الْجُدْرَانَ كَحَشَرَاتٍ جَائِعَةٍ لِلْدُّولَارِ، الْإِعْلَانَاتُ تَتَمَايَلُ كَأَنَّهَا تَحَاوِلُ الرَّقْصَ لَكِنَّهَا تَتَعَثَّرُ فِي الرِّيَالِ، جَلَالُ يَجْلِسُ فِي الْوُسْطِ بِلِحْيَةٍ طَوِيلَةٍ تَتَمَايَلُ كَأَنَّهَا أَفْعَى جَائِعَةٍ لِلْبِيتْكُوِينْ، هَاهَاهَا، يَا لِلْعَجَبِ، إِدْلِبْ تَبْدُو كَحَفْلَةِ بَيْعٍ بِدُونِ مُوسِيقَى، النِّسَاءُ سِلْعَةٌ تُبَاعُ كَأَحْذِيَةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ، الْفَتَاوَى عُمْلَةٌ صَعْبَةٌ تُغَيَّرُ فِي سُوقِ النَّخَاسَةِ الْإِلِكْتْرُونِيَّةِ، لَكِنْ بِدُونِ إِيقَاعٍ، كَأَنَّ الشُّيُوخَ نَسُوا الدَّفَّ فِي الرُّبْعِ الْخَالِيِ وَاسْتَبْدَلُوهُ بِآلَةِ حَاسُوبٍ مُعْطَلَةٍ أَكْلَتْهَا الرَّطُوبَةُ وَالنَّفَاقُ الْخَلِيجِيُّ، كَمَالُ، الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ بِجَانِبِهِ يَمْسَكُ جَرِيدَتَهُ كَأَنَّهَا دِرْعٌ مِنَ الشَّوْكُولَاتَةِ الْمَذَابَةِ، ضَحِكَ ضَحْكَةً مَجْنُونَةً تَجْعَلُ الْجَرِيدَةَ تَرْتَجِفُ كَأَنَّهَا تُشَارِكُ فِي التَّمَرُّدِ، صَاحَ، يَا زَيْدُ، أَنْتَ أَكْلْتَ شَوْكُولَاتَةً مُسَحُّورَةً مِنْ عَالَمِ الْجِنِّ، خَرِيطَةُ إِدْلِبْ فِي مَعِدَتِكَ الثَّوْرِيَّةِ، تَخَيَّلْ لَوْ أَكْلْتَ الْمَزِيدَ، لَتَحَوَّلْتَ إِلَى السُّوقِ نَفْسِهِ، تَبِيعُ فَتْوَى وَتَرْقُصُ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، جَلَالُ يَشْتَرِيكَ كَسِلْعَةٍ نَادِرَةٍ، السَّعْرُ بِالرِّيَالِ الْقَطَرِيِّ، وَمَعَ خَصْمٍ 10% إِذَا رَقَصْتَ لِحْيَتَهُ كَأَنَّهَا دَفٌّ، هَاهَاهَا، دَعْدُ، الَّتِي كَانَتْ تَقْرَأُ رَسَائِلَهَا عَلَى الْهَاتِفِ كَأَنَّهَا تَقُودُ ثَوْرَةً شَوْكُولَاتِيَّةً عَابِرَةً لِلْقَارَاتِ، رَفَعَتْ رَأْسَهَا وَقَالَتْ بِحَزْمٍ كُومِيدِيٍّ يَجْعَلُ الْهَاتِفَ يَهْتَزُّ كَأَنَّهُ يَغَارُ مِنَ الْعَلْبَةِ، يَا زَيْدُ، هَذِهِ الشَّوْكُولَاتَةُ لَيْسَتْ عَادِيَّةً، فِي بَلْجِيكَا، كُلُّ شَيْءٍ سِحْرِيٌّ يَتَحَدَّى الْفَتَاوَى، الشَّوْكُولَاتَةُ تَحْوِلُ النَّفَاقَ إِلَى حَلْوَى مَذَابَةٍ، أَرْسِلْ صُورَةً لِلْخَرِيطَةِ إِلَى الرَّسَائِلِ مِنْ لِيِيجْ، رُبَّمَا يُعْرِضُونَهَا فِي الْمَهْرَجَانِ كَفَنٍّ تَضَامُنِيٍّ مَعَ غَزَّةَ حَيْثُ الدِّمَاءُ تَسِيلُ وَالشَّوْكُولَاتَةُ تَذِيبُ الْإِبَادَةَ بِالسُّخْرِيَةِ، هَاهَاهَا، لَمَى، الَّتِي كَانَتْ تَرْسُمُ فِي دَفْتَرِهَا الصَّغِيرِ كَأَنَّهَا تُضِيفُ أَلْوَانًا إِلَى الشَّوْكُولَاتَةِ كَأَنَّهَا لَوْحَةٌ زَيْتِيَّةٌ، صَاحَتْ بِصَوْتٍ يُشْبِهُ فُرْشَاةً تَلْمِسُ اللَّوْحَةَ فِي قَصْرٍ عَبَّاسِيٍّ، سَأَرْسُمُ عَلَى الْخَرِيطَةِ فِي رَأْسِكَ، أَحْوِلُ الأَسْوَاقَ إِلَى حَدِيقَةِ رَقْصٍ سِحْرِيَّةٍ، الْإِعْلَانَاتُ تَتَحَوَّلُ إِلَى زُهُورٍ تَتَفْتَحُ عَلَى إِيقَاعِ الطَّبْلَةِ، وَالْحَشَرَاتُ تُصْبِحُ رَاقِصِينَ صِغَارًا يَسْخَرُونَ مِنْ جَلَالٍ، يَا زَيْدُ، أَعْطِنِي قِطْعَةً، لِأَرْسُمَ جَلَالَ يَأْكُلُ شَوْكُولَاتَةً وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ رَغْمَهُ عَنْ نَفْسِهِ، لِحْيَتُهُ تَذُوبُ كَالسُّكَّرِ فِي الْقَهْوَةِ الْخَلِيجِيَّةِ، هَاهَاهَا، شُذَى، الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَلْهَثُ مِنَ الرَّقْصِ السَّابِقِ كَأَنَّهَا طَارِدَةُ أَشْبَاحِ الْفَتَاوَى بِالْوَرْكِ، دَارَتْ حَوْلَ زَيْدٍ بِرَشَاقَةٍ تَجْعَلُ الْكُرْسِيَ يَرْتَجِفُ كَأَنَّهُ يَغَارُ مِنَ الْإِيقَاعِ، قَالَتْ، يَا زَيْدُ، هَذِهِ الشَّوْكُولَاتَةُ سِلَاحٌ ثَوْرِيٌّ، لَوْ أَرْسَلْنَاهَا إِلَى إِدْلِبْ عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتْ، لَتَحَوَّلَ السُّوقُ إِلَى مَهْرَجَانٍ حُلْوَى، التَّاجِرُونَ بِلِحَاهُمْ الطَّوِيلَةِ يَبِيعُونَ رَقْصَاتٍ بَدَلَ السِّلْعِ، الْدُّولَارُ يَتَحَوَّلُ إِلَى إِيقَاعٍ يَتَمَايَلُ كَأَفْعَى مُذْعُورَةٍ، هَاهَاهَا، خَالِدُ، الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ إِلَى زَيْدٍ كَأَنَّهُ يَرَى فَيْلَسُوفًا فِي حَالَةِ هِيسْتِيرْيَا شَوْكُولَاتِيَّةٍ، هَمَسَ بِصَوْتٍ عَمِيقٍ يُشْبِهُ نَبْوَةَ هَيْمِنْغْوَايْ حَيْثُ يَحَارِبُ الصَّيَّادُ الشَّوْكُولَاتَةَ قَبْلَ السَّمَكَةِ، يَا زَيْدُ، الشَّوْكُولَاتَةُ الْمُسَحُّورَةُ تَكْشِفُ الْحَقِيقَةَ السَّاخِرَةَ، إِدْلِبْ لَيْسَتْ مَدِينَةً، بَلْ سُوقٌ يَتَحَرَّكُ كَحَشَرَاتٍ فِي كَابُوسٍ غُورْكِيٍّ، الْإِعْلَانَاتُ تَتَسَلْقَى الْجُدْرَانَ كَأَنَّهَا فَتَاوَى حَيَّةٌ تَبْحَثُ عَنْ مُشْتَرِينَ، جَلَالُ فِي الْوُسْطِ يَحَاوِلُ الْكِتَابَةَ لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِي رِيَالِهِ كَأَنَّهُ يَغْرَقُ فِي بَحْرٍ مِنَ النَّفْطِ الْخَلِيجِيِّ، هَاهَاهَا، خَالِدُ، أَعْطِنِي قِطْعَةً، لِأَرَى إِذَا تَحَوَّلَتْ مَعِدَتِي إِلَى خَرِيطَةِ النِّيلِ الرَّاقِصِ، زَيْدُ، الَّذِي كَانَ لَا يَزَالُ يَمْسَكُ الْعَلْبَةَ كَأَنَّهَا كَنْزٌ فِرْعَوْنِيٌّ مَحْمِيٌّ بِفَتْوَى، عَضَّ قِطْعَةً أُخْرَى بِشَهْوَةٍ تَجْعَلُ فَمَهُ يَغْرَقُ فِي بَحْرٍ مِنَ الذَّوْبَانِ الْحُلْوِ كَأَنَّهُ يَغْرَقُ فَتْوَى كَامِلَةً، صَاحَ، يَا رِفَاقَ، الْخَرِيطَةُ تَتَحَرَّكُ أَكْثَرَ فِي رَأْسِي، الأَسْوَاقُ تَتَمَايَلُ كَرَاقِصِينَ فَاشِلِينَ بِدُونِ مُوسِيقَى، الْحَشَرَاتُ تَبِيعُ فَتَاوَى رَخِيصَةً، جَلَالُ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيٍّ يَئِنُّ تَحْتَ لِحْيَتِهِ كَأَنَّهَا جَبَلٌ مِنَ الدُّخَانِ، يَقُولُ بِصَوْتٍ غَلِيظٍ: لِلْبَيْعِ، رُوحٌ سُورِيَّةٌ، السَّعْرُ بِالْبِيتْكُوِينْ، خَصْمٌ إِذَا كَانَتِ الرُّوحُ رَقَصَتْ سَابِقًا وَلَمْ تُحَرَّمْ، هَاهَاهَا، يَا لِلْكُومِيدْيَا السُّودَاءِ، إِدْلِبْ حَفْلَةُ بَيْعٍ بِدُونِ دَعْوَةٍ وَدُونِ إِيقَاعٍ، النِّسَاءُ سِلْعَةٌ تُبَاعُ كَأَحْذِيَةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي سُوقِ الْبَالَةِ، الْفَتَاوَى هَدَايَا مَجَّانِيَّةٌ تُغَيَّرُ فِي النَّخَاسَةِ الْإِلِكْتْرُونِيَّةِ، لَكِنْ بِدُونِ دَفٍّ، كَأَنَّ الشُّيُوخَ نَسُوا الْإِيقَاعَ فِي الرُّبْعِ الْخَالِيِ وَاسْتَبْدَلُوهُ بِآلَةِ حَاسُوبٍ مُعْطَلَةٍ أَكْلَتْهَا الرَّطُوبَةُ وَالنَّفَاقُ الْخَلِيجِيُّ، كَمَالُ أَمْسَكَ الْعَلْبَةَ بِلُطْفٍ كَأَنَّهُ يَسْرِقُ كَنْزًا مِنْ جَلَالٍ، عَضَّ قِطْعَةً صَغِيرَةً بِسُرْعَةِ الرِّيحِ، صَاحَ، يَا إِلَهِي، الْآنَ أَرَى الْخَرِيطَةَ فِي رَأْسِي أَيْضًا، السُّوقُ يَتَحَرَّكُ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ الرَّقْصَ لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِي الْدُّولَارِ، التَّاجِرُ بِلِحْيَةٍ طَوِيلَةٍ يَكْتُبُ إِعْلَانًا يَقُولُ: امْرَأَةُ سُورِيَّةٌ، الْعُمْرُ غَيْرُ مُهِمٍّ، الْدَّفْعُ بِالرِّيَالِ، لَكِنْ الشَّوْكُولَاتَةُ تَحْوِلُ الْإِعْلَانَ إِلَى دَعْوَةٍ لِحَفْلَةٍ، "تَعَالُوا، ارْقُصُوا، السَّبِيُّ حَرَامٌ، الشَّوْكُولَاتَةُ حَلَالٌ وَتَذِيبُ اللَّحْيَ"، هَاهَاهَا، دَعْدُ ضَحِكَتْ ضَحْكَةً حَازِمَةً كَأَنَّهَا تَقْرِرُ مَصِيرَ الثَّوْرَةِ الْحُلْوَى، قَالَتْ، أَرْسِلْ صُورَةً لِلْخَرِيطَةِ إِلَى الرَّسَائِلِ مِنْ بْرُوكْسِلْ، فِي الْمَهْرَجَانِ، سَيُحَوِّلُونَهَا إِلَى عَرْضٍ كُومِيدِيٍّ، تَضَامُنًا مَعَ غَزَّةَ حَيْثُ الدِّمَاءُ تَسِيلُ وَالشَّوْكُولَاتَةُ تَذِيبُ الْإِبَادَةَ بِالسُّخْرِيَةِ، هَاهَاهَا، لَمَى أَمْسَكَتْ الْفُرْشَاةَ بِسُرْعَةٍ كَأَنَّهَا سَيْفٌ زَيْتِيٌّ، رَسَمَتْ عَلَى يَدِ زَيْدٍ، الأَلْوَانُ تَتَحَوَّلُ الشَّوْكُولَاتَةُ إِلَى خَرِيطَةٍ حَيَّةٍ تَتَمَايَلُ، قَالَتْ، الْآنَ السُّوقُ حَدِيقَةُ رَقْصٍ، الْحَشَرَاتُ رَاقِصَاتُ صِغَارٌ يَسْخَرْنَ مِنَ التَّاجِرِينَ، جَلَالُ يَدُورُ فِي الْوُسْطِ بِلِحْيَةٍ مَذَابَةٍ كَالسُّكَّرِ، هَاهَاهَا، شُذَى دَارَتْ حَوْلَ الْخَرِيطَةِ الْوَهْمِيَّةِ، قَالَتْ، الشَّوْكُولَاتَةُ تَحْوِلُ الْفَتَاوَى إِلَى حَلْوَى مَذَابَةٍ، يَا زَيْدُ، أَعْطِنِي قِطْعَةً، لِأَرْقُصَ مَعَ الْخَرِيطَةِ وَأَحْوِلَهَا إِلَى إِيقَاعٍ، خَالِدُ عَضَّ قِطْعَةً صَغِيرَةً بِتَرَدُّدٍ فَيْلَسُوفِيٍّ كَأَنَّهُ يَحَاكِمُ الْحَلْوَى قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَهَا، صَاحَ، الْآنَ أَرَى إِدْلِبْ تَرْقُصُ فِي رَأْسِي، الأَسْوَاقُ تَتَمَايَلُ كَأَنَّهَا تَحَاوِلُ الرَّقْصَ لَكِنَّهَا تَتَعَثَّرُ فِي الرِّيَالِ، الْإِعْلَانَاتُ تُغَنِّي أَنْغَامًا حَزِينَةً كَالنَّايِ فِي حَلَبْ، هَاهَاهَا، زَيْدُ ضَحِكَ حَتَّى اهْتَزَّ الْكُرْسِيُّ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ الْهَرْبَ مِنْ وَزْنِهِ، صَاحَ، الشَّوْكُولَاتَةُ تَسِيطِرُ عَلَى الْجَمِيعِ، الْغُرْفَةُ مَلِيئَةٌ بِالْخَرَائِطِ الْوَهْمِيَّةِ، يَا رِفَاقَ، الْآنَ أَرَى جَلَالَ يَأْكُلُ قِطْعَةً وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ، لِحْيَتُهُ تَذُوبُ وَتَتَحَوَّلُ إِلَى شَوْكُولَاتَةٍ، يَصْرُخُ: حَرَامٌ، لَكِنْ لَذِيذٌ، هَاهَاهَا، كَمَالُ أَضَافَ بِسُرْعَةٍ، وَالشُّيُوخُ يَشْتَرُونَ الْعَلْبَةَ بِالْجَمْلَةِ، يُعْلِنُونَ الشَّوْكُولَاتَةَ جِهَادًا اقْتِصَادِيًّا، السَّعْرُ بِالْدُّولَارِ، دَعْدُ أَرْسَلَتْ صُورَةً لِلْخَرِيطَةِ، صَاحَتْ، الرَّسَائِلُ مِنْ لِيِيجْ تَقُولُ إِنَّهَا تَحْفَةٌ، سَيَرْسُمُونَهَا فِي الْمَهْرَجَانِ، لَمَى رَسَمَتْ الْحَدِيقَةَ أَكْبَرَ، الأَلْوَانُ تَغْطِي الْجُدْرَانَ، شُذَى رَقَصَتْ مَعَ الْخَرِيطَةِ، خَالِدُ تَأَمَّلَ، الضَّحِكُ يَهْزُ الْقَاعَةَ كَزَلْزَالٍ شَوْكُولَاتِيٍّ، الشَّوْكُولَاتَةُ الْمُسَحُّورَةُ تَحْوِلُ إِدْلِبْ إِلَى مَهْرَجَانٍ حُلْوَى كُومِيدِيٍّ، الثَّوْرَةُ بِالذَّوْبَانِ نَصْرٌ.لَكِنْ زَيْدُ لَمْ يَتَوَقَّفْ، عَضَّ قِطْعَةً أَكْبَرَ، الْخَرِيطَةُ تَتَحَرَّكُ فِي رَأْسِهِ كَفِيلْمٍ مَجْنُونٍ، صَاحَ، يَا رِفَاقَ، الْآنَ أَرَى التَّاجِرَ يَأْكُلُ شَوْكُولَاتَةً سِرًّا فِي غُرْفَتِهِ، يَبْدَأُ فِي الرَّقْصِ، لِحْيَتُهُ تَذُوبُ وَتَتَحَوَّلُ إِلَى إِيقَاعٍ، الْإِعْلَانَاتُ تَتَحَوَّلُ إِلَى أَغَانِي، "ارْقُصْ بَدَلَ الْبَيْعِ"، هَاهَاهَا، كَمَالُ أَضَافَ، وَجَلَالُ يَشْتَرِي الْعَلْبَةَ، يُعْلِنُهَا فَتْوَى حُلْوَةً، دَعْدُ أَرْسَلَتْ، لَمَى رَسَمَتْ، شُذَى دَارَتْ، خَالِدُ ضَحِكَ، الشَّوْكُولَاتَةُ تَحْوِلُ السُّوقَ إِلَى رَقْصَةٍ، الضَّحِكُ يَمْلَأُ، الثَّوْرَةُ الْحُلْوَةُ نَصْرٌ.مَعَ ازْدِيَادِ الشَّوْكُولَاتَةِ، زَيْدُ صَاحَ، الْخَرِيطَةُ حَيَّةٌ، الْحَشَرَاتُ تَرْقُصُ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَعْضُّ، الْغُرْفَةُ تَهْتَزُّ، الثَّوْرَةُ بِالْحَلَاوَةِ.زَيْدُ يُوَزِّعُ الْقِطَعَ، كَمَالُ يَرْقُصُ، دَعْدُ تَصْفِقُ، لَمَى تَرْسُمُ، شُذَى تَدُورُ، خَالِدُ يَتَأَمَّلُ، الشَّوْكُولَاتَةُ مُسَحُّورَةٌ، الضَّحِكُ لَا يَنْتَهِي.لَكِنْ الْخَرِيطَةُ أَكْبَرَ، زَيْدُ يَرَى غَزَّةَ تَرْقُصُ فِيهَا، الشُّيُوخُ يَغَارُونَ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَضْحَكُ، جَاهِزُونَ لِلْمَزِيدِ، الثَّوْرَةُ مُسْتَمِرَّةٌ بِالذَّوْبَانِ.
الفصل الخامس: نيرمين والفيلسوف الراقص
لَمَى، الْفَنَّانَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي تَبْدُو كَأَنَّهَا رُوحٌ مِنْ لَوْحَةٍ وَاقِعِيَّةٍ سِحْرِيَّةٍ لَاتِينِيَّةٍ حَيْثُ تَتَحَرَّكُ الأَلْوَانُ كَفَيْلَسُوفَةٍ مُتَمَرِّدَةٍ عَلَى الْفَتَاوَى وَالْأَجْنِدَةِ الْصَّهْيَوْ-خَلِيجِيَّةِ، وَقَفَتْ فِي وَسْطِ قَاعَةِ جَامِعَةِ لِيِيجْ كَأَنَّهَا تَقُودُ ثَوْرَةً بِالْفُرْشَاةِ لَا بِالسُّيُوفِ أَوِ الصَّوَارِيخِ، يَدُهَا الرَّفِيعَةُ تَمْسَكُ بِفُرْشَاةٍ تَرْتَجِفُ كَأَنَّهَا تَعْزِفُ عَلَى نَايٍ خَفِيٍّ مِنْ أَنْغَامِ ابْنِ سِينَا، وَالْأَلْوَانُ فِي دَفْتَرِهَا الصَّغِيرِ تَبْدَأُ فِي التَّمَرُّدِ كَأَنَّهَا تَسْمَعُ هَمْسًا مِنْ عَصْرِ الْفُرْعَانَةِ يَدْعُوهَا لِلرَّقْصِ مَعَ الْفُلَاسِفَةِ، يَا رِفَاقَ، صَاحَتْ لَمَى بِصَوْتٍ يُشْبِهُ صَوْتَ فُرْشَاةٍ تَلْمِسُ لَوْحَةً زَيْتِيَّةً فِي قَصْرٍ عَبَّاسِيٍّ، أَنَا لَمَى، أَرْسُمُ الْفَيْلَسُوفَ الرَّاقِصَ قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَهُ الشَّيْخُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّ بِحُجَّةِ أَنَّ حَرْكَةَ الْوَرْكِ تُشْبِهُ كُفْرًا فَلْسَفِيًّا، فِي إِدْلِبْ يَبِيعُونَ الْعُقُولَ كَسِلْعَةٍ فِي تَطْبِيقَاتٍ مُشَفَّرَةٍ، هُنَا فِي لِيِيجْ، نَرْسُمُهَا حُرَّةً تَرْقُصُ مَعَ ابْنِ سِينَا كَأَنَّهُ يَشْفِي النَّفَاقَ بِالْإِيقَاعِ لَا بِالْكُتُبِ، دَعُونِي أَرْسُمَ لَوْحَةً حَيَّةً الْآنَ، حَيْثُ يَدُورُ ابْنُ سِينَا فِي قَاعَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ، يَرْقُصُ مَعَ الْفَارَابِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ حَوْلَ جَلَالٍ الَّذِي يَحَاوِلُ كِتَابَةَ فَتْوَى لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِي لِحْيَتِهِ وَيَسْقُطُ فِي دَائِرَةِ الرَّقْصِ، هَاهَاهَا، يَا لِلْعَجَبِ، تَخَيَّلُوا ابْنَ سِينَا يَقُولُ لِجَلَالٍ: يَا أَمِيرَ السَّبِيِّ، الْعَقْلُ يَرْقُصُ مَعَ الْجِسْدِ، لَا يَبِيعُهُ، وَجَلَالُ يَرْدُّ: حَرَامٌ، لَكِنْ لَوْ اشْتَرَيْتَ فَتْوَى، خَصْمٌ 10% بِالرِّيَالِ، لَمَى دَارَتْ فُرْشَاتَهَا فِي الْهَوَاءِ بِسُرْعَةٍ جَنُونِيَّةٍ تَجْعَلُ الأَلْوَانَ تَتَدَفَّقُ كَالنِّيلِ فِي فَيْضَانٍ ثَوْرِيٍّ، وَظَهَرَتِ اللَّوْحَةُ الْحَيَّةُ عَلَى جِدَارِ الْقَاعَةِ كَأَنَّهَا مَسْرَحٌ بَرِيخْتِيٌّ يُغْرِي الطُّلَّابَ بِالتَّفْكِيرِ وَالضَّحْكِ حَتَّى يَسْقُطُوا مِنْ كُرَاسِيهِمْ الْخَشَبِيَّةِ، الشَّخْصِيَّاتُ فِيهَا بَدَأَتْ تَتَحَرَّكُ بِبُطْءٍ مُذْهِلٍ، ابْنُ سِينَا فِي الْوُسْطِ يَرْتَدِي رِدَاءً أَبْيَضَ يَتَمَايَلُ كَثَوْبِ شُذَى، يَدُورُ بِخُطْوَاتٍ فَيْلَسُوفِيَّةٍ كَأَنَّهُ يَشْرَحُ كَيْفَ يَرْفَعُ النَّايُ الرُّوحَ إِلَى السَّمَاوَاتِ بَيْنَمَا يَرْقُصُ مَعَهَا، الْفَارَابِيُّ يَعْزِفُ عَلَى عُودٍ وَهْمِيٍّ يَخْرُجُ مِنَ اللَّوْحَةِ أَنْغَامًا تَجْعَلُ الطُّلَّابَ الْبِلْجِيكِيِّينَ يَهْزُّونَ رُءُوسَهُمْ رَغْمَهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَابْنُ رُشْدٍ يَدَافِعُ عَنِ الْعَقْلِ بِحَرْكَةِ كَتْفٍ حَادَّةٍ كَمَنْطِقِهِ، يَصْرُخُ لِجَلَالٍ: يَا بَائِعَ الْأَرْضِ، الْعَقْلُ وَالدِّينُ يَتَعَايَشَانِ فِي الرَّقْصِ، لَا فِي السُّوقِ الْإِلِكْتْرُونِيِّ، وَجَلَالُ فِي اللَّوْحَةِ يَحَاوِلُ الْوُقُوفَ بِوَقَارٍ شَيْخِيٍّ لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِي لِحْيَتِهِ الطَّوِيلَةِ كَأَنَّهَا حَبْلُ مَشْنَقَةٍ كُومِيدِيٍّ، يَسْقُطُ فِي حِضْنِ ابْنِ سِينَا الَّذِي يَقُولُ: حَسَنًا، سَأَكْتُبُ لَكَ الْقَانُونَ فِي عِلَاجِ النَّفَاقِ، لَكِنْ أَوْلًا، ارْقُصْ مَعَنَا، هَاهَاهَا، زَيْدُ، الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ فِي الصَّفِّ الْخَلْفِيِّ كَجَبْلٍ يَحَاوِلُ الْانْدِمَاجَ مَعَ التِّلَالِ الْبِلْجِيكِيَّةِ، صَاحَ بِصَوْتٍ يَهْزُ اللَّوْحَةَ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ الْدُّخُولَ إِلَيْهَا، يَا لَمَى، أَنْتِ السَّاحِرَةُ اللَّاتِينِيَّةُ فِي قَلْبِ لِيِيجْ، لَوْ رَسَمْتِ وَزْنِي فِي اللَّوْحَةِ، لَانْهَارَ ابْنُ سِينَا تَحْتِي كَفَتْوَى تَحْتَ رَقْصَةٍ، هَاهَاهَا، دَعْنِي أَدْخُلَ، رُبَّمَا أُصْبِحُ الْفَيْلَسُوفَ السَّمِينَ، أَرْقُصُ مَعَ الْفَارَابِيِّ وَأَعْزِفُ عَلَى بَطْنِي كَعُودٍ، كَمَالُ، الَّذِي كَانَ بِجَانِبِهِ يَمْسَكُ جَرِيدَتَهُ كَأَنَّهَا سَيْفٌ فَلْسَفِيٌّ، ضَحِكَ ضَحْكَةً مَجْنُونَةً تَجْعَلُ الْجَرِيدَةَ تَرْتَجِفُ، صَاحَ، نَعَمْ يَا لَمَى، أَضِيفِي جَلَالَ فِي الْوُسْطِ، يَحَاوِلُ بَيْعَ الْأَرْضِ لِنَتْنْيَاهُو لَكِنَّ اللَّوْحَةَ تَحْوِلُهَا إِلَى رَقْصَةٍ، لِحْيَتُهُ تَتَمَايَلُ كَأَدَاةِ إِيقَاعِيَّةٍ، وَنَتْنْيَاهُو يَقُولُ: حَسَنًا، لَكِنْ أَضِفْ خَصْمًا إِذَا رَقَصْتَ لِحْيَتِي كَدَفٍّ، هَاهَاهَا، دَعْدُ، الَّتِي كَانَتْ تَقْرَأُ رَسَائِلَهَا كَأَنَّهَا تَقُودُ ثَوْرَةً فَلْسَفِيَّةً، صَاحَتْ بِحَزْمٍ كُومِيدِيٍّ، يَا لَمَى، اجْعَلِي اللَّوْحَةَ مَسْرَحِيَّةً كَامِلَةً، ابْنُ سِينَا يَحَاكِمُ الشَّيْخَ فِي مَحْكَمَةِ الرَّقْصِ، الشَّيْخُ يَقُولُ: كُتُبُكَ كُفْرٌ، ابْنُ سِينَا يَرْدُّ: وَسَبِيُّكَ جِهَادٌ، ارْقُصْ لِتَتَعَلَّمْ، هَاهَاهَا، شُذَى، الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَلْهَثُ مِنَ الرَّقْصِ السَّابِقِ، دَارَتْ حَوْلَ اللَّوْحَةِ بِرَشَاقَةٍ كَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهَا، قَالَتْ، يَا لَمَى، أَرْسِمِي ابْنَ سِينَا يَرْقُصُ مَعَ الرُّومِيِّ، الرُّوحُ تَرْفَعُ بِالْإِيقَاعِ لَا بِالْفَتَاوَى، وَجَلَالُ يَشَاهِدُ وَيَبْدَأُ فِي حَرْكَةِ كَتْفٍ خَجُولَةٍ، خَالِدُ، الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ إِلَى اللَّوْحَةِ كَأَنَّهُ يَرَى فَيْلَسُوفًا دَاخِلِيًّا، هَمَسَ، فِي هَذِهِ اللَّوْحَةِ، الْعَقْلُ يَرْقُصُ مَعَ الْجِسْدِ، ابْنُ سِينَا يَشْفِي النَّفَاقَ، الْفَارَابِيُّ يَعْزِفُ الْحَقِيقَةَ، وَابْنُ رُشْدٍ يَدَافِعُ عَنِ الْحُرِّيَّةِ، بَيْنَمَا الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ يَبِيعُونَهَا، هَاهَاهَا، لَمَى أَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، دَارَتْ الْفُرْشَاةُ بِسُرْعَةٍ أَكْبَرَ، الأَلْوَانُ تَتَدَفَّقُ كَالنَّفْطِ الْخَلِيجِيِّ لَكِنَّهَا تَتَحَوَّلُ إِلَى إِيقَاعَاتٍ صُوفِيَّةٍ، اللَّوْحَةُ تَتَحَرَّكُ أَكْثَرَ: ابْنُ سِينَا يَمْدُ يَدَهُ لِجَلَالٍ، يَقُولُ بِصَوْتٍ يَخْرُجُ مِنَ اللَّوْحَةِ كَأَنَّهُ يَتَحَدَّثُ إِلَى الطُّلَّابِ، يَا أَمِيرَ السَّبِيِّ، الْعَقْلُ يَرْقُصُ مَعَ الرُّوحِ، لَا يَبِيعُهَا، تَعَالَ، ادُرْ مَعِي، وَالْفَارَابِيُّ يَعْزِفُ لَحْنًا يَجْعَلُ النِّيلَ يَهْتَزُّ كَأَنَّهُ يَصْفِقُ، وَابْنُ رُشْدٍ يَدَافِعُ بِحَرْكَةِ كَتْفٍ، يَصْرُخُ: هَذَا الْمَنْطِقُ فِي الرَّقْصِ، لَا فِي الْبَيْعِ، يَا لِلسُّخْرِيَةِ، صَاحَتْ لَمَى وَهِيَ تَضْحَكُ حَتَّى اهْتَزَّتِ الْفُرْشَاةُ فِي يَدِهَا كَأَنَّهَا تَعْزِفُ عَلَى عُودٍ، هَذِهِ اللَّوْحَةُ تَحْوِلُ الْفَتَاوَى إِلَى بَالِيهٍ فَلْسَفِيٍّ، ابْنُ سِينَا يَشْفِي جَلَالًا بِحَرْكَةِ كَتْفٍ، الْفَارَابِيُّ يَعْزِفُ لَحْنًا يَذِيبُ اللَّحْيَ، وَابْنُ رُشْدٍ يَقُولُ: الْمَنْطِقُ فِي الرَّقْصِ، لَا فِي الْبَيْعِ، هَاهَاهَا، زَيْدُ حَاوَلَ الْاقْتِرَابَ أَكْثَرَ مِنَ اللَّوْحَةِ، لَكِنَّهُ تَعَثَّرَ فِي فُرْشَاةٍ مُلْقَاةٍ عَلَى الأَرْضِ، سَقَطَ مُغَطًّى بِالأَلْوَانِ كَأَنَّهُ فَيْلَسُوفٌ تَجْرِيدِيٌّ فَاشِلٌ، الْآنَ أَنَا الْفَيْلَسُوفُ الرَّاقِصُ السَّمِينُ، صَاحَ وَهُوَ يَقِفْزُ مُغَطًّى بِالْأَزْرَقِ وَالْأَحْمَرِ كَأَنَّهُ لَوْحَةٌ حَيَّةٌ، حَرَامٌ أَمْ حَلَالٌ، رُبَّمَا أَبِيعُ فَلْسَفَتِي فِي سُوقِ إِدْلِبْ، السَّعْرُ بِالأَلْوَانِ الزَّيْتِيَّةِ وَالْخَصْمُ إِذَا رَقَصَ الْمُشْتَرِي مَعَ لِحْيَتِهِ، هَاهَاهَا، كَمَالُ قَفَزَ إِلَى جَانِبِهِ، مَسَحَ بَعْضَ الأَلْوَانِ عَنْ وَجْهِهِ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ إِنْقَاذَ جَرِيدَتِهِ مِنَ الثَّوْرَةِ، صَاحَ، يَا زَيْدُ، أَنْتَ اللَّوْحَةُ الْكُومِيدِيَّةُ، لَوْ دَخَلْتَ اللَّوْحَةَ لَمَى، لَأَصْبَحَ ابْنُ سِينَا يَسْأَلُكَ: كَيْفَ تَشْفِي وَزْنَكَ بِالرَّقْصِ، تَرْدُّ: بِالشَّوْكُولَاتَةِ الْبِلْجِيكِيَّةِ، هَاهَاهَا، دَعْدُ أَمْسَكَتْ الْهَاتِفَ، قَالَتْ، أَرْسِلْ صُورَةَ اللَّوْحَةِ إِلَى الرَّسَائِلِ، فِي لِيِيجْ، سَيُحَوِّلُونَهَا إِلَى عَرْضٍ مَسْرَحِيٍّ، تَضَامُنًا مَعَ غَزَّةَ حَيْثُ الْعَقْلُ يُبَادُ لَا يُبَاعُ، شُذَى دَارَتْ حَوْلَ اللَّوْحَةِ، حَرْكَتُهَا تَجْعَلُ الشَّخْصِيَّاتِ فِيهَا تَتَحَرَّكُ أَسْرَعَ كَأَنَّهَا تَسْتَدْعِي الْفُرْعَانَةَ، قَالَتْ، يَا لَمَى، أَرْسِمِي ابْنَ سِينَا يَرْقُصُ مَعَ نِفَرْتِيتِي، الطِّبُّ يَشْفِي بِالْإِيقَاعِ، وَالشَّيْخُ يَتَعَثَّرُ فِي الْخَلْفِيَّةِ، هَاهَاهَا، خَالِدُ لَمَسَ اللَّوْحَةَ بِرِفْقٍ كَأَنَّهُ يَدْخُلُ حُلْمًا تُولْسْتُويَ، قَالَ، فِي اللَّوْحَةِ، الْفُلَاسِفَةُ يَرْقُصُونَ، الْعَقْلُ يَتَحَدَّى السَّبِيْ، الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ يَسْقُطُونَ فِي النِّيلِ، لَمَى رَسَمَتْ الْمَزِيدَ، الأَلْوَانُ تَغْطِي الْجُدْرَانَ، اللَّوْحَةُ تَكْبُرُ، جَلَالُ يَدُورُ مَعَ نَتْنْيَاهُو، لِحْيَتُهُمَا تَتَمَايَلُ، هَاهَاهَا، الطُّلَّابُ يَصْفِقُونَ، زَيْدُ يَحَاوِلُ الْدُّخُولَ، يَسْقُطُ، الضَّحِكُ يَمْلَأُ الْقَاعَةَ كَالنِّيلِ فِي فَيْضَانِهِ، يَا لِلْلَّوْحَةِ الْنِّهَائِيَّةِ، الثَّوْرَةُ بِالْأَلْوَانِ نَصْرٌ تَقْدُمِيٌّ.لَكِنْ لَمَى دَارَتْ الْفُرْشَاةَ بِجُنُونٍ أَكْبَرَ، أَرْسَمَتْ لَوْحَةً دَاخِلَ اللَّوْحَةِ: الْفَارَابِيُّ يَعْزِفُ عَلَى النَّايِ، أَنْغَامُهُ تَحْوِلُ الْفَتَاوَى إِلَى أَلْحَانٍ، ابْنُ رُشْدٍ يَدَافِعُ عَنِ الرَّقْصِ كَمَنْطِقٍ، الشَّيْخُ يَحَاوِلُ الْهَرْبَ لَكِنَّهُ يَدُورُ، هَاهَاهَا، زَيْدُ صَاحَ، أَنَا الْفَيْلَسُوفُ الثَّانِي، كَمَالُ ضَحِكَ، دَعْدُ أَرْسَلَتْ، شُذَى رَقَصَتْ، خَالِدُ تَأَمَّلَ، اللَّوْحَةُ حَيَّةٌ، الثَّوْرَةُ الْفَلْسَفِيَّةُ بِالرَّقْصِ نَصْرٌ.مَعَ ازْدِيَادِ الْحَرْكَةِ، لَمَى صَاحَتْ، جَلَالُ يَشْفَى، هَاهَاهَا، الطُّلَّابُ يَنْضَمُّونَ، زَيْدُ يَدْخُلُ يَسْقُطُ، الضَّحِكُ يَهْزُّ، اللَّوْحَةُ مَهْرَجَانٌ نِهَائِيٌّ.الْفُرْشَاةُ تَدُورُ، الشَّخْصِيَّاتُ تَصْفِقُ، لَمَى تَضْحَكُ، زَيْدُ مُغَطًّى، الضَّفَّةُ مَعْرَضٌ، الضَّحِكُ لَا يَنْتَهِي، هَاهَاهَا، اللَّوْحَةُ الْنِّهَائِيَّةُ ثَوْرَةٌ.لَكِنْ اللَّوْحَةُ أَكْبَرَ، لَمَى تَرْسُمُ غَزَّةَ تَرْقُصُ مَعَ الْفُلَاسِفَةِ، الشُّيُوخُ يَغَارُونَ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَضْحَكُ، جَاهِزُونَ لِلْمَزِيدِ، النَّصْرُ بِالْأَلْوَانِ.
الفصل السادس: زيد والفتوى الكوميدية
زَيْدُ، الْصَّدِيقُ السَّمِينُ الَّذِي يَبْدُو كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ رِوَايَةٍ رُوسِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ كُلَّ الثَّوْرِيِّينَ فِي رُوسِيَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ سِوَى الشَّايِ السَّاخِنِ وَالشَّوْكُولَاتَةِ الْبِلْجِيكِيَّةِ لِيَثُورَ بِهِمَا ضِدَّ الْفَتَاوَى وَالْأَجْنِدَةِ الْصَّهْيَوْ-خَلِيجِيَّةِ، وَقَفَ عَلَى ضِفَّةِ النِّيلِ كَأَنَّهُ يَحَاوِلُ أَنْ يُصْبِحَ شَيْخًا كُومِيدِيًّا فِي رِوَايَةٍ ب��رِيخْتِيَّةٍ حَيْثُ يَحَاكِمُ الْفَتَاوَى نَفْسَهَا قَبْلَ أَنْ تَحَاكِمَهُ، يَدُهُ الثَّقِيلَةُ تَمْسَكُ بِلِحْيَةٍ مُزَيَّفَةٍ مَصْنُوعَةٍ مِنْ شَعْرَةٍ قَدِيمَةٍ مُلْقَاةٍ عَلَى الرَّمَالِ كَأَنَّهَا لِحْيَةُ جَلَالٍ بَعْدَ سُقُوطٍ فِي النِّيلِ، وَعَيْنَاهُ اللَّامِعَتَانِ تَلْمَعَانِ تَحْتَ غُرُوبِ النِّيلِ الْبُرْتْقَالِيِّ كَأَنَّهُمَا تَعْكِسَانِ فَتْوَى وَهْمِيَّةً تَتَحَدَّى الْجَاذِبِيَّةَ، يَا إِلَهِي، صَاحَ زَيْدُ بِصَوْتٍ غَلِيظٍ مُصْطَنَعٍ يُشْبِهُ صَوْتَ جَلَالٍ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ شَوْكُولَاتَةً مُسَحُّورَةً وَأَصْبَحَ يَغَارُ مِنَ الْإِيقَاعِ، أَنَا الشَّيْخُ زَيْدُ الْبَرِيجِنْسْكِيُّ، أُصْدِرُ فَتْوَى كُومِيدِيَّةً الْآنَ، السَّبِيُّ حَرَامٌ، الرَّقْصُ جِهَادٌ، غَزَّةُ حَلَالٌ، إِدْلِبْ تَرْقُصُ، هَاهَاهَا، يَا رِفَاقَ، تَخَيَّلُوا جَلَالَ يَسْمَعُ هَذِهِ الْفَتْوَى، يَحَاوِلُ الرَّدَّ بِلِحْيَتِهِ الطَّوِيلَةِ لَكِنَّهُ يَتَعَثَّرُ فِيهَا كَأَنَّهَا حَبْلُ مَشْنَقَةٍ، يَصْرُخُ: حَرَامٌ، لَكِنْ مُضْحِكٌ، شُذَى، الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَرْقُصُ عَلَى الضِّفَّةِ كَأَنَّهَا تَحْوِلُ النِّيلَ إِلَى مَسْرَحٍ سِحْرِيٍّ حَيْثُ يَقْفِزُ الأَسْمَاكُ كَرَاقِصِينَ صِغَارٍ يَسْخَرُونَ مِنَ الْفَتَاوَى، صَاحَتْ بِصَوْتٍ يَتَرَدَّدُ كَقَصِيدَةِ الْمَعَرِّيِّ مُخْتَلِطَةً بِأَنْغَامِ الطَّبْلَةِ فِي مَظَاهِرَةِ بْرُوكْسِلْ، نَعَمْ يَا زَيْدُ، الْفَتْوَى الْكُومِيدِيَّةُ هَذِهِ سِلَاحٌ تَقْدُمِيٌّ، فِي إِدْلِبْ يَبِيعُونَ الْجِسْدَ كَسِلْعَةٍ، هُنَا تُصْدِرُ فَتْوَى تَرْقُصُ الْجِسْدَ حُرًّا، يَا لِحْيَتَكَ الْمُزَيَّفَةَ، أَعْلِنْ أَنَّ الشَّوْكُولَاتَةَ حَلَالٌ، السَّبِيُّ حَرَامٌ، هَاهَاهَا، خَالِدُ، الَّذِي كَانَ يَقِفُ بِجَانِبِهِ يَمْسَكُ الْمِرْآَةَ الْكَسْرَى كَأَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى الْفَتَاوَى الْمَكْسُورَةِ، هَمَسَ بِصَوْتٍ عَمِيقٍ يُشْبِهُ نَبْوَةَ هَيْمِنْغْوَايْ حَيْثُ يَحَارِبُ الصَّيَّادُ اللَّحْيَةَ قَبْلَ السَّمَكَةِ، يَا زَيْدُ، هَذِهِ الْفَتْوَى الْكُومِيدِيَّةُ تَحْوِلُ النِّيلَ إِلَى مَحْكَمَةٍ، الشَّقُوقُ فِي الْمِرْآَةِ تَعْكِسُ جَلَالَ يَدُورُ رَغْمَهُ عَنْ نَفْسِهِ، دَعْدُ، الَّتِي كَانَتْ تَمْسَكُ لَاْفِتْتَهَا كَأَنَّهَا سَيْفُ فَتْوَى، صَاحَتْ بِحَزْمٍ كُومِيدِيٍّ يَجْعَلُ اللَّافِتَةَ تَرْتَجِفُ كَأَنَّهَا تَغَارُ مِنَ اللَّحْيَةِ، يَا زَيْدُ، الرَّسَائِلُ مِنْ لِيِيجْ تَقُولُ إِنَّ مِائَةَ أَلْفٍ يَصْفِقُونَ لِفَتْوَى كُومِيدِيَّةٍ، هَذِهِ الْفَتْوَى سَتَنْتَشِرُ عَلَى الْإِنْتَرْنِتْ، تَضَامُنًا مَعَ غَزَّةَ حَيْثُ الْإِبَادَةُ جَمَاعِيَّةٌ وَالْفَتَاوَى تُمَوِّلُ، هَاهَاهَا، لَمَى، الَّتِي كَانَتْ تَرْسُمُ فِي الْهَوَاءِ كَأَنَّهَا تُضِيفُ أَلْوَانًا إِلَى اللَّحْيَةِ الْمُزَيَّفَةِ، صَاحَتْ، سَأَرْسُمُ الْفَتْوَى حَيَّةً، زَيْدُ يُصْدِرُهَا بِلِحْيَةٍ تَتَمَايَلُ، جَلَالُ يَسْمَعُ وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ، لِحْيَتُهُ تَتَعَثَّرُ فِي الشَّاشَةِ، كَمَالُ، الَّذِي كَانَ يَمْسَكُ هَاتِفَهُ كَأَنَّهُ كَامِيرَا فَتْوَى، صَاحَ بِصَوْتٍ مَسْرَحِيٍّ مُبَالَغٍ فِيهِ كَأَنَّهُ يُؤَدِّي مُونُولُوجًا بَرِيخْتِيًّا، يَا زَيْدُ، صَوِّرْ الْفَتْوَى الْآنَ، "فَتْوَى كُومِيدِيَّةٌ: الرَّقْصُ جِهَادٌ، السَّبِيُّ كُومِيدْيَا سُودَاءَ"، هَاهَاهَا، زَيْدُ رَفَعَ اللَّحْيَةَ الْمُزَيَّفَةَ أَعْلَى، وَقَفَ بِوَقَارٍ شَيْخِيٍّ مُصْطَنَعٍ كَأَنَّهُ يَحَاكِمُ النِّيلَ نَفْسَهُ، صَاحَ بِصَوْتٍ غَلِيظٍ، أَنَا الشَّيْخُ زَيْدُ، أُعْلِنُ: السَّبِيُّ حَرَامٌ، لِأَنَّهُ يَبِيعُ الْجِسْدَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَرْقُصَ، الرَّقْصُ جِهَادٌ، لِأَنَّهُ يُحَرِّرُ الرُّوحَ مِنَ الْفَتَاوَى الْبَالِيَةِ، غَزَّةُ حَلَالٌ، إِدْلِبْ تَرْقُصُ، هَاهَاهَا، يَا جَلَالُ، إِذَا سَمِعْتَ، ارْقُصْ أَوْ بِعْ لِحْيَتَكَ، السَّكَّانُ عَلَى الضِّفَّةِ صَفَّقُوا بِحَمَاسٍ كَأَنَّهُمْ فِي قَصْرِ قُرْطُبَةَ عَلَى ضِفَافِ النِّيلِ، وَاحِدٌ مِنَ الرِّجَالِ الْعِجُوزِ صَاحَ، يَا شَيْخُ زَيْدُ، فَتْوَاكَ مُضْحِكَةٌ أَكْثَرَ مِنْ فَتَاوَى إِدْلِبْ، لَوْ أَرْسَلْتَهَا إِلَى السُّوقِ، لَتَحَوَّلَتِ الْإِعْلَانَاتُ إِلَى كُومِيدْيَا، الْدُّولَارُ يَرْقُصُ، شُذَى دَارَتْ حَوْلَ زَيْدٍ، الثَّوْبُ الْأَحْمَرُ يَلْفُ اللَّحْيَةَ كَأَنَّهُ يَرْبِطُهَا فِي عُقْدَةٍ، صَاحَتْ، يَا شَيْخُ كُومِيدِيُّ، أَضِفْ: الشَّوْكُولَاتَةُ حَلَالٌ، اللَّحْيُ تَذُوبُ، هَاهَاهَا، خَالِدُ رَفَعَ الْمِرْآَةَ، الشَّظَايَا عَكَسَتْ زَيْدَ كَشَيْخٍ رَاقِصٍ، صَاحَ، فِي الْمِرْآَةِ، جَلَالُ يَسْمَعُ وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ، لِحْيَتُهُ تَتَعَثَّرُ، دَعْدُ صَاحَتْ، أَرْسِلْ الْفِيدْيُو، لَمَى رَسَمَتْ اللَّحْيَةَ حَيَّةً، كَمَالُ صَوَّرَ، زَيْدُ صَاحَ، فَتْوَى جَدِيدَةٌ: الْوَزْنُ جِهَادٌ، هَاهَاهَا، الضِّفَّةُ تَهْتَزُّ بِالضَّحِكِ، السَّكَّانُ يَنْضَمُّونَ، الْفَتْوَى الْكُومِيدِيَّةُ فِيْرُوسٌ، الثَّوْرَةُ بِالسُّخْرِيَةِ مُسْتَمِرَّةٌ، زَيْدُ يَرْفَعُ اللَّحْيَةَ، يُصْدِرُ فَتْوَى بَعْدَ أُخْرَى، الْجَمِيعُ يَضْحَكُ، النِّيلُ يَصْفِقُ بِمَوْجَاتِهِ، يَا لِلْفَتْوَى السِّحْرِيَّةِ، السَّبِيُّ يَسْقُطُ، الرَّقْصُ يَفُوزُ.لَكِنْ زَيْدُ لَمْ يَتَوَقَّفْ، رَفَعَ اللَّحْيَةَ أَعْلَى، صَاحَ، فَتْوَى كُومِيدِيَّةٌ: جَلَالُ يَرْقُصُ، نَتْنْيَاهُو يَدُورُ، هَاهَاهَا، شُذَى دَارَتْ، خَالِدُ ضَحِكَ، دَعْدُ أَرْسَلَتْ، لَمَى رَسَمَتْ، كَمَالُ صَوَّرَ، السَّكَّانُ يَصْفِقُونَ، الضَّحِكُ يَهْزُّ الضِّفَّةَ، الْفَتْوَى تَنْتَشِرُ.مَعَ ازْدِيَادِ الْإِيقَاعِ، زَيْدُ صَاحَ، الْفَتْوَى تَحْوِلُ السُّوقَ إِلَى حَفْلَةٍ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَنْضَمُّ، الثَّوْرَةُ بِالسُّخْرِيَةِ.زَيْدُ يُصْدِرُ فَتْوَى، اللَّحْيَةُ تَتَمَايَلُ، شُذَى تَرْقُصُ، خَالِدُ يَتَأَمَّلُ، دَعْدُ تُرْسِلُ، لَمَى تُضِيفُ أَلْوَانًا، كَمَالُ يَصَوِّرُ، السَّكَّانُ يُغَنُّونَ، الضَّحِكُ لَا يَنْتَهِي.لَكِنْ الْفَتْوَى أَكْبَرَ، زَيْدُ يَرَى جَلَالَ يَرْقُصُ فِي الْخَيَالِ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَضْحَكُ، جَاهِزُونَ لِلْمَزِيدِ.
الفصل السابع: دعد والتضامن العالمي
دَعْدُ، النَّاشِطَةُ الْحَازِمَةُ الَّتِي تَبْدُو كَأَنَّهَا بَطَلَةٌ مِنْ قِصَّةٍ فِلَسْطِينِيَّةٍ حَيْثُ تَحْمِلُ الرِّيفَ كُلَّهُ عَلَى كَتْفَيْهَا الرَّفِيعَتَيْنِ وَلَا تَكْسُرُ تَحْتَ وِطْأَةِ الْفَتَاوَى أَوِ الْقَذَائِفِ أَوْ حَتَّى شَوْكُولَاتَةِ زَيْدٍ الْمُسَحُّورَةِ الَّتِي تَذِيبُ اللَّحْيَ، وَقَفَتْ عَلَى ضِفَّةِ النِّيلِ كَأَنَّهَا تَقُودُ جَيْشًا مِنَ الظِّلَالِ الرَّاقِصَةِ وَالْفُلَاسِفَةِ الْمُتَمَايِلِينَ وَالشُّيُوخِ الْكُومِيدِيِّينَ، يَدُهَا الثَّابِتَةُ تَمْسَكُ بِشَاشَةِ هَاتِفٍ عَمَلِيَقَةٍ كَأَنَّهَا بَوَّابَةٌ سِحْرِيَّةٌ لَاتِينِيَّةٌ تَفْتَحُ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ، عَيْنَاهَا اللَّامِعَتَانِ تَلْمَعَانِ تَحْتَ غُرُوبِ النِّيلِ الْبُرْتْقَالِيِّ كَأَنَّهُمَا تَعْكِسَانِ تَضَامُنًا عَالَمِيًّا يَرْقُصُ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى بْرُوكْسِلْ، يَا رِفَاقَ، صَاحَتْ دَعْدُ بِصَوْتٍ يَهْزُّ الْمَاءَ كَأَنَّهُ صَارُوخٌ يَمَنِيٌّ يُصِيبُ فَتْوَى نَاتُوِيَّةً، هَذَا التَّضَامُنُ الْعَالَمِيُّ لَيْسَ مُجَرَّدَ رَسَائِلَ، بَلْ رَقْصَةٌ كُبْرَى تَرْبِطُ النِّيلَ بِالشِّيلْدِتْ، غَزَّةَ بِالْأَنْدَلُسِ، وَالْيَمَنَ بِالشَّقْرَاوَاتِ الْبِلْجِيكِيَّاتِ، انْظُرُوا إِلَى الشَّاشَةِ، الرَّسَائِلُ تَتَدَفَّقُ كَالنِّيلِ فِي فَيْضَانِهِ، مِنْ صَنْعَاءَ يَقُولُونَ: نَحْنُ نُقَاوِمُ بِالصَّوَارِيخِ، أَنْتُمْ ارْقُصُوا لَنَا، مِنْ لِيِيجْ يَقُولُونَ: مِائَةُ أَلْفٍ يُحَاصِرُونَ النَّاتُو بِحَرَكَاتِ الْوَرْكِ، غَزَّةُ فِي الْإِيقَاعِ، هَاهَاهَا، يَا لِلْعَجَبِ، تَخَيَّلُوا لَوْ رَأَى جَلَالُ هَذِهِ الرَّسَائِلَ، لَكَتَبَ فَتْوَى تَحْرُمُ الْإِنْتَرْنِتْ لِأَنَّهُ يَرْبِطُ الرَّقْصَ بِالصَّوَارِيخِ، لَكِنْ سِرًّا يَحْفَظُ الرَّسَائِلَ وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ فِي غُرْفَتِهِ، لِحْيَتُهُ تَتَمَايَلُ كَرَايَةٍ بَيْضَاءَ تَسْتَسْلِمُ لِلتَّضَامُنِ، شُذَى، الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَرْقُصُ عَلَى الضِّفَّةِ كَأَنَّهَا تَحْوِلُ النِّيلَ إِلَى مَسْرَحٍ عَالَمِيٍّ حَيْثُ يَقْفِزُ الأَسْمَاكُ كَرَاقِصِينَ صِغَارٍ يَسْخَرُونَ مِنَ الْفَتَاوَى، صَاحَتْ بِصَوْتٍ يَتَرَدَّدُ كَقَصِيدَةِ الْمَعَرِّيِّ مُخْتَلِطَةً بِأَنْغَامِ الطَّبْلَةِ فِي مَظَاهِرَةِ صَنْعَاءَ، نَعَمْ يَا دَعْدُ، التَّضَامُنُ هَذَا رَقْصَةٌ تَقْدُمِيَّةٌ، فِي إِدْلِبْ يَفْرِقُونَ، هُنَا نَرْبِطُ، يَا هَاتِفُ، أَظْهِرِ الرَّسَائِلَ، لِنَجْعَلَ النِّيلَ يَصْفِقُ لِلْيَمَنِ وَغَزَّةَ، هَاهَاهَا، خَالِدُ، الَّذِي كَانَ يَقِفُ بِجَانِبِهَا يَمْسَكُ الْمِرْآَةَ الْكَسْرَى كَأَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى التَّضَامُنِ الْمَكْسُورِ، هَمَسَ بِصَوْتٍ عَمِيقٍ يُشْبِهُ نَبْوَةَ هَيْمِنْغْوَايْ حَيْثُ يَحَارِبُ الصَّيَّادُ الرَّسَائِلَ قَبْلَ السَّمَكَةِ، يَا دَعْدُ، هَذِهِ الشَّاشَةُ بَوَّابَةٌ، فِيهَا أَرَى الْيَمَنَ يُقَاوِمُ بِالصَّوَارِيخِ، لِيِيجْ يُحَاصِرُ بِالْوَرْكِ، غَزَّةُ تَرْقُصُ فِي الظِّلَالِ، دَعْدُ ضَغَطَتْ عَلَى الشَّاشَةِ بِسُرْعَةِ الرِّيحِ، الرَّسَائِلُ انْفَجَرَتْ كَأَنَّهَا إِيقَاعَاتٌ عَالَمِيَّةٌ، مِنْ صَنْعَاءَ: "الصَّوَارِيخُ تَرْقُصُ مَعَ رَقْصَتِكُمْ، غَزَّةُ حُرَّةٌ"، مِنْ بْرُوكْسِلْ: "مِائَةُ أَلْفٍ يَدُورُونَ أَمَامَ النَّاتُو، الْوَرْكُ قَنْبَلَةٌ"، مِنْ حَلَبْ: "النَّايُ يُغَنِّي لَكُمْ، الْفَتَاوَى تَسْقُطُ"، هَاهَاهَا، يَا رِفَاقَ، التَّضَامُنُ هَذَا فِيْرُوسٌ، يُصِيبُ اللَّحْيَ بِالتَّمَايُلِ، جَلَالُ يَشَاهِدُ وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ، لِحْيَتُهُ تَتَعَثَّرُ فِي الشَّاشَةِ، كَمَالُ، الَّذِي كَانَ يَمْسَكُ هَاتِفَهُ كَأَنَّهُ كَامِيرَا تَضَامُنِيَّةٌ، صَاحَ بِصَوْتٍ مَسْرَحِيٍّ مُبَالَغٍ فِيهِ كَأَنَّهُ يُؤَدِّي مُونُولُوجًا بَرِيخْتِيًّا، يَا دَعْدُ، أَضِيفِي الْفِيدْيُو، الرَّسَائِلُ تَتَحَوَّلُ إِلَى رَقْصَةٍ عَالَمِيَّةٍ، "التَّضَامُنُ: الْيَمَنُ يُقَاوِمُ، لِيِيجْ يَرْقُصُ، غَزَّةُ تَشْهَدُ"، هَاهَاهَا، لَمَى، الَّتِي كَانَتْ تَرْسُمُ فِي الْهَوَاءِ كَأَنَّهَا تُضِيفُ أَلْوَانًا إِلَى الرَّسَائِلِ، صَاحَتْ، سَأَرْسُمُ التَّضَامُنَ حَيًّا، النِّيلُ يَرْبِطُ الْيَمَنَ بِلِيِيجْ، غَزَّةُ فِي الْوُسْطِ تَرْقُصُ مَعَ الْأَنْدَلُسِ، زَيْدُ، الَّذِي كَانَ يَقِفُ بِجَانِبِهِمْ يَمْسَكُ شَوْكُولَاتَتَهُ كَأَنَّهَا رِسَالَةٌ حُلْوَةٌ، صَاحَ بِصَوْتٍ يَهْزُّ الضِّفَّةَ كَأَنَّهُ زَلْزَالٌ فِرْعَوْنِيٌّ، يَا دَعْدُ، التَّضَامُنُ هَذَا يَجْعَلُ وَزْنِي يُرْسِلُ رَسَائِلَ، لَوْ أَكْلْتَ الشَّوْكُولَاتَةَ، لَتَحَوَّلَتِ الْفَتَاوَى إِلَى تَضَامُنٍ، جَلَالُ يَأْكُلُهَا وَيُعْلِنُ: غَزَّةُ حَلَالٌ، إِدْلِبْ تَرْقُصُ، هَاهَاهَا، دَعْدُ دَارَتْ الشَّاشَةَ أَمَامَهُمْ، الرَّسَائِلُ تَتَدَفَّقُ كَالنِّيلِ، مِنَ الْيَمَنِ: "صَوَارِيخُنَا تَرْقُصُ مَعَ إِيقَاعِكُمْ"، مِنْ لِيِيجْ: "النَّاتُو يَتَعَثَّرُ فِي الْوَرْكِ"، مِنْ غَزَّةَ: "التَّضَامُنُ يَشْفِي الْجِرَاحَ"، هَاهَاهَا، يَا رِفَاقَ، هَذَا الرَّبْطُ السِّحْرِيُّ، النِّيلُ يَصْفِقُ لِلْيَمَنِ، الشِّيلْدِتُ تُغَنِّي لِغَزَّةَ، الثَّوْرَةُ بِالرَّسَائِلِ، شُذَى دَارَتْ حَوْلَ الشَّاشَةِ، الثَّوْبُ الْأَحْمَرُ يَلْمِسُ الْهَاتِفَ كَأَنَّهُ يُشْعِلُهُ، صَاحَتْ، التَّضَامُنُ رَقْصَةٌ عَالَمِيَّةٌ، فِي إِدْلِبْ يُفْرِقُونَ، هُنَا نَرْبِطُ، خَالِدُ رَفَعَ الْمِرْآَةَ، الشَّظَايَا عَكَسَتِ الرَّسَائِلَ كَأَنَّهَا تُضِيفُ طَبْقَةً تَضَامُنِيَّةً، صَاحَ، فِي الْمِرْآَةِ، الشَّبْحُ يَشَاهِدُ وَيَبْدَأُ فِي الدَّوْرَانِ، لِحْيَتُهُ تَتَعَثَّرُ فِي الرَّسَائِلِ، دَعْدُ صَاحَتْ، أَضِيفِي اللَّافِتَةَ، "التَّضَامُنُ: الرَّقْصُ يَرْبِطُ، السَّبِيُّ يُفْرِقُ"، لَمَى رَسَمَتْ الرَّبْطَ حَيًّا، الأَلْوَانُ تَغْطِي الشَّاشَةَ، كَمَالُ صَوَّرَ، زَيْدُ عَضَّ شَوْكُولَاتَةً، الضِّفَّةُ تَهْتَزُّ بِالضَّحِكِ، السَّكَّانُ يَنْضَمُّونَ، الرَّسَائِلُ تَتَحَوَّلُ إِلَى إِيقَاعٍ عَالَمِيٍّ، يَا لِلتَّضَامُنِ السِّحْرِيِّ، الْيَمَنُ يُقَاوِمُ، لِيِيجْ يُحَاصِرُ، غَزَّةُ تَرْقُصُ، هَاهَاهَا، الثَّوْرَةُ بِالرَّبْطِ مُسْتَمِرَّةٌ، الْفَتَاوَى تَسْقُطُ، الْإِيقَاعُ يَفُوزُ.لَكِنْ دَعْدُ لَمْ تَتَوَقَّفْ، دَارَتْ الشَّاشَةَ أَسْرَعَ، الرَّسَائِلُ تَتَدَفَّقُ، صَاحَتْ، مِنْ صَنْعَاءَ: "نَحْنُ مَعَكُمْ بِالصَّوَارِيخِ وَالرَّقْصِ"، هَاهَاهَا، خَالِدُ ضَحِكَ، شُذَى دَارَتْ، كَمَالُ صَاحَ، جَلَالُ يَشَاهِدُ، لَمَى رَسَمَتْ، زَيْدُ سَقَطَ يَرْقُصُ، السَّكَّانُ يُغَنُّونَ، الضَّحِكُ يَهْزُّ، التَّضَامُنُ فِيْرُوسٌ عَالَمِيٌّ.مَعَ ازْدِيَادِ الرَّسَائِلِ، دَعْدُ صَاحَتْ، غَزَّةُ فِي الرَّسَائِلِ، الْيَمَنُ يَصْفِقُ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَنْضَمُّ، الثَّوْرَةُ بِالتَّضَامُنِ.دَعْدُ تَقُودُ، الشَّاشَةُ تَهْتَزُّ، شُذَى تَرْقُصُ، خَالِدُ يَتَأَمَّلُ، كَمَالُ يَصَوِّرُ، لَمَى تُضِيفُ أَلْوَانًا، زَيْدُ يُوَزِّعُ شَوْكُولَاتَةً، السَّكَّانُ يَصْفِقُونَ، الضَّحِكُ لَا يَنْتَهِي.لَكِنْ الرَّسَائِلُ أَكْبَرَ، دَعْدُ تَرَى النَّاتُو يَتَعَثَّرُ، هَاهَاهَا، الْجَمِيعُ يَضْحَكُ، جَاهِزُونَ لِلْمَزِيدِ، التَّضَامُنُ عَالَمِيٌّ نَصْرٌ.
الفصل الثامن: خالد والمرآة المتكاملة
خَالِدُ، الرَّجُلُ فِي الْأَرْبَعِينِ الَّذِي يَبْدُو كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ رِوَايَةٍ نَفْسِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ حَاكَمَ نَفْسَهُ أَمَامَ مِرْآَةٍ مَكْسُورَةٍ لِأَيَّامٍ وَأَسَابِيعَ وَشُهُورٍ كَامِلَةٍ وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا ظِلَالًا تَسْخَرُ مِنْهُ كَأَنَّهَا شُيُوخٌ بَرِيجِنْسْكِيُّونَ صِغَارٌ يَبِيعُونَ أَجْزَاءَ مِنْ رُوحِهِ بِالْدُّولَارِ، وَقَفَ عَلَى ضِفَّةِ النِّيلِ كَأَنَّهُ يُوَاجِهُ شَبْحًا دَاخِلِيًّا أَكْبَرَ مِنْ جَلَالٍ نَفْسِهِ، يَدُهُ الثَّابِتَةُ تَمْسَكُ بِالْمِرْآَةِ الْكَسْرَى الَّتِي جَاءَتْ مَعَهُمْ مِنْ لِيِيجْ كَتَذْكَارٍ سِحْرِيٍّ لَاتِينِيٍّ يَعْكِسُ لَيْسَ الْوَجْهَ بَلْ التَّنَاقُضَاتِ وَالْإِيقَاعَاتِ الْمَخْفِيَّةِ، عَيْنَاهُ الثَّاقِبَتَانِ تُحَدِّقَانِ فِي الزُّجَاجِ الْمُتَشَقِّقِ كَأَنَّهُمَا يَبْحَثَانِ عَنْ خَلَاصٍ فِي شُقُوقٍ تُشْبِهُ جِرَاحَ غَزَّةَ، يَا إِلَهِي، هَمَسَ خَالِدُ لِنَفْسِهِ بِصَوْتٍ يُشْبِهُ هَمْسَ الرِّيحِ فِي أَرْوِقَةِ قَصْرٍ أَنْدَلُسِيٍّ مَهْجُورٍ قَبْلَ أَنْ تُبَاعَ لِنَتْنْيَاهُو بِالرِّيَالِ، هَذِهِ الْمِرْآَةُ الْكَسْرَى لَيْسَتْ مُجَرَّدَ زُجَاجٍ مُتَشَقِّقٍ يَعْكِسُ الشَّرْقَ الْمَكْسُورَ، بَلْ بَوَّابَةٌ لِلصِّرَاعِ الْدَّاخِلِيِّ الَّذِي يَجْعَلُنِي أَحَارِبُ نَفْسِي كَأَنَّنِي فِي رِوَايَةٍ نَفْسِيَّةٍ حَيْثُ يَحَاكِمُ الْفَيْلَسُوفُ الظَّلَّ قَبْلَ أَنْ يَحَاكِمَ الْفَتَاوَى، هَاهَاهَا، لَكِنْ الضَّحْكَةَ خَرَجَتْ مَكْتُومَةً كَأَنَّهَا تَخَافُ مِنَ الْعِنْكَاسِ نَفْسِهِ الَّذِي يَبْدُو كَأَنَّهُ يَسْخَرُ مِنْهُ بِابْتِسَامَةٍ غُوغُولِيَّةٍ، وَالْمِرْآَةُ بَدَأَتْ تَهْتَزُّ فِي يَدِهِ كَأَنَّهَا تَشْعُرُ بِصِرَاعِهِ الْدَّاخِلِيِّ وَتَحَاوِلُ إِصْلَاحَ نَفْسِهَا سِحْرِيًّا كَأَنَّ الشُّقُوقَ فِيهَا تَتَنَفَّسُ إِيقَاعًا خَفِيًّا مِنْ مَظَاهِرَاتِ لِيِيجْ، الشُّقُوقُ اهْتَزَّتْ فَجْأَةً كَأَنَّهَا تَعْزِفُ عَلَى دَفٍّ دَاخِلِيٍّ، وَفِي الْوُسْطِ، وَجْهُ خَالِدٍ بَدَأَ يَنْدَمِجُ تَدْرِيجِيًّا كَأَنَّ الشَّظَايَا تَتَحَالَفُ مَعَ الْإِيقَاعِ، الْوَجْهُ الْبَاكِيُّ الَّذِي كَانَ يَحْمِلُ أَعْبَاءَ النِّيلِ وَغَزَّةَ أَصْبَحَ يَبْتَسِمُ بِخَجْلٍ كَأَنَّهُ يَتَعَلَّمُ الرَّقْصَ مِنْ شُذَى، وَالْوَجْهُ الرَّاقِصُ الَّذِي كَانَ يَدُورُ فِي الظِّلَالِ أَصْبَحَ يَبْكِي فَرْحًا كَأَنَّهُ يَشْفَقُ عَلَى الْفَتَاوَى الْبَالِيَةِ، يَا ظِلِّي، صَاحَ خَالِدُ وَهُوَ يُحَدِّقُ فِي الْمِرْآَةِ كَأَنَّهُ يُوَاجِهُ عَدُوًّا فِي مَحْكَمَةٍ دَاخِلِيَّةٍ بَرِيخْتِيَّةٍ حَيْثُ يَحَاكِمُ الظَّلُّ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَحَاكِمَ جَلَالَ، أَنْتَ الشَّرْقُ الْمَكْسُورُ لَكِنَّ الْمُتَكَامِلُ الْآنَ، النِّيلُ يَنْبِضُ بِالْحَيَاةِ مِنْ إِيقَاعَاتِ الدَّفِّ فِي شَوَارِعِ بَغْدَادَ إِلَى أَنْغَامِ الطَّبْلَةِ فِي قُصُورِ قُرْطُبَةَ، لَكِنْ الْبَرِيجِنْسْكِيُّونَ يَحْوِلُونَهُ إِلَى سِجْنٍ مِنَ الْفَتَاوَى الطَّوِيلَةِ كَقَوَافِلِ الْجَمَالِ فِي الرُّبْعِ الْخَالِيِ، أَنْتَ تَبْكِي لِأَنَّ الرَّقْصَ أَصْبَحَ حَرَامًا فِي عُيُونِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ الْكَرَامَةَ بِالْبِيتْكُوِينْ، وَالسَّبِيُّ حَلَالًا كَعَقْدِ تَأْمِينٍ رَخِيصٍ، هَاهَاهَا، لَكِنْ الْوَجْهُ الْمُتَكَامِلُ فِي الْمِرْآَةِ ابْتَسَمَ ابْتِسَامَةً وَاسِعَةً كَأَنَّهُ يَسْخَرُ مِنَ الدُّمُوعِ وَالشُّقُوقِ مَعًا، وَقَالَ بِصَوْتٍ يَخْرُجُ مِنَ الزُّجَاجِ كَأَنَّهُ شَبْحٌ مِنْ مَسْرَحِيَّةٍ إِبْسْنِيَّةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِضَحْكَةٍ تُولْسْتُويَةٍ، يَا خَالِدُ، أَنَا لَسْتُ مَكْسُورًا بَعْدَ الْآنَ، أَنَا مُتَكَامِلٌ بِالرَّقْصِ، فِي لِيِيجْ، الشُّقُوقُ فِيَّ تَحَوَّلَتْ إِلَى إِيقَاعَاتٍ تَعْزِفُ عَلَى النَّايِ، الطُّلَّابُ يَرْقُصُونَ أَمَامِي كَأَنَّهُمْ فِي قَاعَةِ عَبَّاسِيَّةٍ، بَيْنَمَا أَنْتَ هُنَاكَ فِي النِّيلِ، تَحَارِبُ الظِّلَالَ كَأَنَّكَ تَحَارِبُ جَلَالًا بِنَفْسِكَ، ارْقُصْ مَعِي، لِنَعِيدَ الْإِيقَاعَ إِلَى الشَّرْقِ الْمَسْرُوقِ، هَاهَاهَا، الْوَجْهُ الْبَاكِيُّ الَّذِي كَانَ يَحْمِلُ أَعْبَاءَ غَزَّةَ أَصْبَحَ يَدُورُ بِخَفَّةٍ كَأَنَّهُ يَتَعَلَّمُ مِنَ الشَّقْرَاوَاتِ فِي بْرُوكْسِلْ، وَالْوَجْهُ الرَّاقِصُ أَصْبَحَ يَبْكِي فَرْحًا كَأَنَّهُ يَشْفَقُ عَلَى الْفَتَاوَى الَّتِي تَبْكِي فِي إِدْلِبْ، خَالِدُ رَفَعَ الْمِرْآَةَ أَعْلَى نَحْوَ الْغُرُوبِ، الشُّقُوقُ أَصْبَحَتْ إِيقَاعًا يَهْتَزُّ مَعَ الْمَوْجِ، صَاحَ، أَنَا الشَّرْقُ الْمَكْسُورُ لَكِنَّ الرَّاقِصُ الْمُتَكَامِلُ، فِي لِيِيجْ تَعَلَّمْنَا أَنَّ الشُّقُوقَ فَنٌّ، الطُّلَّابُ يَرْقُصُونَ أَمَامَ مَرَايَا كَامِلَةٍ كَأَنَّهُمْ فِي قَاعَةِ عَبَّاسِيَّةٍ، بَيْنَمَا فِي إِدْلِبْ، الْمَرَايَا تُحَرَّمُ لِأَنَّهَا تَعْكِسُ الِابْتِسَامَةَ الْكَافِرَةَ وَالْحَرْكَةَ الْوَرْكِيَّةَ، هَاهَاهَا، شُذَى، الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَرْقُصُ عَلَى الضِّفَّةِ كَأَنَّهَا تَحْوِلُ النِّيلَ إِلَى مِرْآَةٍ حَيَّةٍ، دَارَتْ حَوْلَ خَالِدٍ بِرَشَاقَةٍ تَجْعَلُ الْمَاءَ يَعْكِسُ وَجْهَهُ الْمُتَكَامِلَ كَأَنَّهُ يَرْقُصُ مَعَهَا، صَاحَتْ، يَا خَالِدُ، الْمِرْآَةُ لَيْسَتْ كَسْرَى بَعْدَ الْآنَ، بَلْ مُتَكَامِلَةٌ بِالْإِيقَاعِ، فِي الْأَنْدَلُسِ، الرَّاقِصَاتُ رَقَصْنَ أَمَامَ مَرَايَا مَكْسُورَةٍ، الشُّقُوقُ تَعْكِسُ الْحُرِّيَّةَ الْمُضَاعَفَةَ، ارْقُصْ مَعِي أَمَامَهَا، لِيُصْبِحَ الْصِّرَاعُ الْدَّاخِلِيُّ رَقْصَةً عَالَمِيَّةً، هَاهَاهَا، كَمَالُ، الَّذِي كَانَ يَمْسَكُ هَاتِفَهُ كَأَنَّهُ مِرْآَةٌ إِلِكْتْرُونِيَّةٌ، صَاحَ بِصَوْتٍ مَسْرَحِيٍّ مُبَالَغٍ فِيهِ كَأَنَّهُ يُؤَدِّي مُونُولُوجًا بَرِيخْتِيًّا، يَا خَالِدُ، الْمِرْآَةُ تَتَحَدَّثُ، هَذَا صِرَاعٌ دَاخِلِيٌّ كُومِيدِيٌّ يَتَحَوَّلُ إِلَى نَصْرٍ، الْوَجْهُ الْبَاكِيُّ يَبْكِي لِإِدْلِبْ، الرَّاقِصُ يَسْخَرُ مِنْ جَلَالٍ، تَخَيَّلْ لَوْ أَرْسَلْنَا الْمِرْآَةَ إِلَى السُّوقِ الْإِلِكْتْرُونِيِّ، "لِلْبَيْعِ: مِرْآَةٌ مُتَكَامِلَةٌ، السَّعْرُ: رَقْصَةٌ، مَعَ هَدِيَّةِ شَظَايَا تَحْرُمُ السَّبِيَّ وَتَذِيبُ اللَّحْيَ"، هَاهَاهَا، دَعْدُ، الَّتِي كَانَتْ تَمْسَكُ لَاْفِتْتَهَا كَأَنَّهَا مِرْآَةُ تَضَامُنِيَّةٌ، صَاحَتْ بِحَزْمٍ كُومِيدِيٍّ يَجْعَلُ اللَّافِتَةَ تَرْتَجِفُ كَأَنَّهَا تَعْكِسُ الْإِيقَاعَ، يَا خَالِدُ، هَذِهِ الْمِرْآَةُ كَالرَّسَائِلِ مِنْ لِيِيجْ، تَنْقَسِمُ إِلَى تَضَامُنٍ وَغَضَبٍ لَكِنَّهَا تَنْدَمِجُ فِي الرَّقْصِ، فِي بْرُوكْسِلْ، مِائَةُ أَلْفٍ يَرْقُصُونَ أَمَامَ النَّاتُو، الْوَجْهُ الرَّاقِصُ يُمَثِّلُهُمْ، الْوَجْهُ الْبَاكِيُّ يُمَثِّلُ غَزَّةَ، هَاهَاهَا، لَمَى، الَّتِي كَانَتْ تَرْسُمُ فِي الْهَوَاءِ كَأَنَّهَا تُضِيفُ أَلْوَانًا إِلَى الشُّقُوقِ، صَاحَتْ، سَأَرْسُمُ الْمِرْآَةَ حَيَّةً، الشَّظَايَا تَرْقُصُ كَفُرْشَاةٍ، الْوَجْهُ الْبَاكِيُّ يَبْتَسِمُ، الرَّاقِصُ يَبْكِي فَرْحًا بِالتَّضَامُنِ، زَيْدُ، الَّذِي كَانَ يَمْسَكُ شَوْكُولَاتَتَهُ كَأَنَّهَا مِرْآَةُ حُلْوَةٌ، صَاحَ بِصَوْتٍ يَهْزُّ الضِّفَّةَ كَأَنَّهُ زَلْزَالٌ فِرْعَوْنِيٌّ، يَا خَالِدُ، أَنْتَ تَحَارِبُ الْمِرْآَةَ كَأَنَّهَا جَلَالٌ، لَكِنْ لَوْ أَكْلْتَ شَوْكُولَاتَةً، لَتَحَوَّلَتِ الشُّقُوقُ إِلَى إِيقَاعَاتٍ، وَزْنِي وَحْدَهُ يُصْلِحُ الْمَرَايَا بِالسُّقُوطِ وَالرَّقْصِ، هَاهَاهَا، خَالِدُ رَفَعَ الْمِرْآَةَ أَمَامَ وَجْهِهِ، الْوَجْهَانِ انْدَمَجَا تَمَامًا كَأَنَّ الشَّوْكُولَاتَةَ أَثَّرَتْ سِحْرِيًّا، صَاحَ، أَنَا الشَّرْقُ الْمَكْسُورُ لَكِنَّ الرَّاقِصُ الْمُتَكَامِلُ، فِي لِيِيجْ تَعَلَّمْنَا أَنَّ الشُّقُوقَ فَنٌّ، الطُّلَّابُ يَرْقُصُونَ أَمَامَ مَرَايَا كَامِلَةٍ كَأَنَّهُمْ فِي قَاعَةِ عَبَّاسِيَّةٍ، بَيْنَمَا فِي إِدْلِبْ، الْمَرَايَا تُحَرَّمُ لِأَنَّهَا تَعْكِسُ الِابْتِسَامَةَ الْكَافِرَةَ وَالْحَرْكَةَ الْوَرْكِيَّةَ، هَاهَاهَا، شُذَى دَارَتْ أَمَامَهُ، الْمِرْآَةُ اهْتَزَّتْ، الشَّظَايَا أَصْبَحَتْ إِيقَاعًا يَهْتَزُّ مَعَ الْمَوْجِ، كَمَالُ صَاحَ، الْآنَ تَرْقُصُ، دَعْدُ أَرْسَلَتْ صُورَةً، لَمَى رَسَمَتْ الشُّقُوقَ حَيَّةً، زَيْدُ عَضَّ شَوْكُولَاتَةً، الْغُرْفَةُ تَهْتَزُّ، خَالِدُ رَقَصَ مَعَ شُذَى، الْصِّرَاعُ أَصْبَحَ رَقْصَةً مُتَكَامِلَةً، الضَّحِكُ يَمْلَأُ الضِّفَّةَ كَالنِّيلِ فِي فَيْضَانِهِ، السَّكَّانُ يَنْضَمُّونَ، الرَّقْصُ يَسْتَمِرُّ، الثَّوْرَةُ الْدَّاخِلِيَّةُ نَصْرٌ كُومِيدِيٌّ سِحْرِيٌّ، خَالِدُ صَاحَ، الْمِرْآَةُ مُتَكَامِلَةٌ، الشَّرْقُ يَرْقُصُ، هَاهَاهَا، شُذَى دَارَتْ أَسْرَعَ، كَمَالُ لَوَى بِالْهَاتِفِ، دَعْدُ صَاحَتْ، غَزَّةُ تَشْهَدُ، لَمَى رَسَمَتْ الدَّائِرَةَ، زَيْدُ تَعَثَّرَ يَرْقُصُ، الضِّفَّةُ تَهْتَزُّ، الْمُتَكَامِلَةُ بِالْإِيقَاعِ، الضَّحِكُ لَا يَنْتَهِي، يَا لِلْمِرْآَةِ السِّحْرِيَّةِ، الْصِّرَاعُ ذَابَ فِي الْفَرْحِ، خَالِدُ ابْتَسَمَ، النِّيلُ يَصْفِقُ، والنيل يرقص مع الشيلدت في خيال خالد، كأن الماء نفسه يعكس الشظايا التي تحولت إلى موجات، المرآة في يده تهتز كأنها حيّة، تنبض بإيقاع الدف الذي يتردد من بغداد إلى قرطبة، شذى تدور حوله كإعصار شرقي، تنورتها ترفرف كراية تحرر، تقول: يا خالد، المرآة ليست كسرى، إنها الآن قلب الشرق النابض، ارقص معي، دع الشظايا تصبح أغنية، كمال يضحك وهو يلوح بهاتفه كأنه سيف إلكتروني، يقول: لقد أرسلت فيديو الرقصة إلى السوق الإلكتروني، العنوان: "مرآة متكاملة، تشتري بالضحك، تباع بالإيقاع"، هاهاها، دعد ترسل رسالة صوتية من اليمن، صوتها يتردد كصاروخ تضامني: الشقوق في المرآة هي خريطتنا، غزة ترقص مع لييج، والنيل يضحك على الفتاوى، لمى تضيف لمسة إلى لوحتها، ترسم المرآة كدائرة حيّة، الشظايا كنجوم تدور في سماء شرقية، تقول: هذه اللوحة ليست للعرض، إنها للرقص، زيد، بعضته الشوكولاتة كأنها جزء من المرآة، يتعثر لكنه يقوم معلناً: الفتوى الجديدة، من لا يرقص أمام المرآة، يخسر الشوكولاتة، هاهاها، السكان على ضفة النيل ينضمون، الأطفال يقلدون شذى، الشيوخ يهزون رؤوسهم كأنهم يتعلمون الإيقاع من جديد، المرآة في يد خالد تصبح مركز الدائرة، الشظايا تعكس وجوه الجميع، الوجه البكاء يبتسم، الوجه الراقص يبكي فرحاً، خالد يصيح: يا مرآة، أنتِ الشرق الذي يضحك، أنتِ النيل الذي يرقص، الشظايا تصفق، والضحك يملأ الضفة كالفيضان، الصراع الداخلي تحول إلى رقصة، النصر كوميدي، الثورة سحرية، المرآة متكاملة، والنيل يغني.
الفصل التاسع: الشظايا تصبح موجات
على ضفة النيل، حيث يختلط ضوء القمر بانعكاسات المرآة، وقف خالد مرة أخرى، لكن هذه المرة لم يكن وحيداً، شذى تقود دائرة من الراقصين، السكان المحليون يختلطون بالطلاب البلجيكيين الذين جاءوا في رحلة تضامنية، يحملون لافتات كتب عليها: "الرقص ليس حراماً، النفاق هو الحرام"، المرآة في يد خالد تهتز كأنها تشعر بالإيقاع، الشظايا لم تعد مجرد كسور، بل موجات ترقص مع النيل، كأن الزجاج نفسه تحول إلى ماء، خالد ينظر إليها ويقول: يا مرآة، أنتِ الآن النيل، أنتِ الشرق الذي يتكامل بالضحك، شذى تدور كالإعصار، تنورتها تعكس ألوان الغروب، تقول: المرآة ليست زجاجاً، إنها قلب الثورة، ارقص معنا، يا خالد، دع الشظايا تصبح موجات، كمال يضحك وهو ينشر فيديو جديداً على الإنترنت، يقول: لقد اخترقنا مواقع البريجينسكيين، العنوان: "الشظايا ترقص، الفتاوى تذوب"، هاهاها، دعد ترسل رسالة من اليمن، صوتها يتردد كإيقاع الدف: الشقوق هي خريطتنا، من اليمن إلى لييج، من غزة إلى الأندلس، المرآة تربطنا، لمى ترسم في الهواء، الشظايا تتحول إلى لوحة حية، كل شظية موجة، كل موجة إيقاع، تقول: هذه اللوحة ليست للعرض، إنها للعالم، زيد يتعثر مرة أخرى، لكنه يقوم حاملاً شوكولاتة كبيرة، يقول: الفتوى الجديدة، الشوكولاتة تجعل المرآة ترقص، هاهاها، الطلاب البلجيكيون ينضمون إلى الدائرة، يرقصون كأنهم في قاعة عباسية، الدف الشرقي يتردد، والنيل يعكس الشظايا كموجات، الشبح البريجينسكي يظهر في المرآة، يحاول إصدار فتوى: الرقص فتنة، لكن شذى تدور بوركها كإعصار، فتذوب الفتوى في الموجات، والشبح يقول: حسنًا، ربما الرقص جهاد، هاهاها، المرآة تصبح نهراً، تعكس الجميع كدائرة واحدة، خالد يرى فيها غزة ترقص مع لييج، اليمن مع الأندلس، والنيل يغني مع الشيلدت، الشظايا ليست كسوراً، بل موجات، والرقصة ليست حركة، بل إعلان، الضحك يملأ الضفة، والمرآة ترقص مع الجميع.
الفصل العاشر: النيل يرقص إلى الأبد
في الليلة الأخيرة على ضفة النيل، تحولت المرآة إلى نهر سائل، الشظايا لم تعد موجودة، بل أصبحت موجات تعكس العالم بأكمله، خالد يقف في وسط الدائرة، المرآة بين يديه كأنها قلب النيل، ينظر إليها فيرى وجوه الشعوب، من غزة إلى الأندلس، من اليمن إلى لييج، من حلب إلى بغداد، الوجوه تبتسم، الشظايا ترقص، والنيل يغني، شذى تقود الرقصة كملكة شرقية، تنورتها تعكس ألوان القمر، تقول: يا خالد، المرآة هي النيل، والنيل هو الشرق، ارقص معنا، دع العالم يرى، كمال يرفع هاتفه كراية، يقول: لقد نشرت الفيديو الأخير، العنوان: "النيل يرقص، الفتاوى تسقط"، هاهاها، دعد ترسل رسالتها النهائية، صوتها كإيقاع الصواريخ: اليمن يرقص مع العالم، المرآة ربطتنا، لمى تكمل لوحتها، موجات النيل تربط الشرق بالغرب، تقول: هذه اللوحة ليست للعرض، إنها للتاريخ، زيد يسقط للمرة الأخيرة، لكنه يقوم حاملاً شوكولاتة عملاقة، يقول: الفتوى النهائية، من لا يرقص، لا يعيش، هاهاها، الطلاب البلجيكيون يرقصون مع الجواري الأندلسيات في خيال المرآة، النيل يصب في الشيلدت كإعلان سلام، الشبح البريجينسكي يظهر للمرة الأخيرة، يقول: حسنًا، سأرقص، لكن لا تخبروا أحداً، هاهاها، المرآة تصبح نهراً كونياً، تعكس العالم كدائرة واحدة، خالد يصيح: يا مرآة، يا نيل، أنتِ الحرية التي ترقص، الشظايا تصفق، الضحك يملأ الضفة، الرقصة تنتهي لكن الإيقاع يستمر، المرآة ليست نهاية، بل بداية، دعوة للعالم للرقص مع النيل، للضحك على النفاق، لتحرير الذات بالإيقاع، النيل يرقص إلى الأبد، والشرق يضحك كاملاً.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلام المزيف: قصة كيف غرقت مصر وفلسطين في بحر من النكات الس
...
-
السيرك العالمي يفتتح موسمه الجديد في تل أبيب وواشنطن..كتابات
...
-
أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية
-
مسرحية : ايقاعات الورك المتمرد
-
مجموعة قصصية : أكوام الخيال - الجزء الأول-
-
الثقب الأسود الأوكراني: كوميديا جيوسياسية في مسرح العبث
-
خيوط الاستعمار الإنكليزي ومحميات الخليج في صلب الفوضى العالم
...
-
مسرحية -مدرسة الوحدة العجيبة-
-
من إيقاعات النيل إلى أسواق إدلب : رقصة الشرق ضد الإسلام الصه
...
-
رواية: خيوط الزيف
-
-مسرحية الخيانة: عباس والجولاني في عرضٍ ساخر -
-
التاريخ المُعاد كتابته بريشة الروتشيلد وسكين لورانس
-
مسرحية: -أزقة باريس تحترق-..كوميديا
-
عالم المخدرات العجيب حيث الشعر البرتقالي والعيون الزرقاء تحك
...
-
العالم يرقص على إيقاع ترامب العبقري... أو ربما العكس!
-
مسرحية -رقصة دولارات الإبادة : عبد الحميد الثالث ودونالد الص
...
-
عشرين تريليون أو المشنقة... والمقاومة تضحك أخيراً!
-
أردوغان وترامب: مسرحية الصداقة التجارية بطعم الإبادة
-
تفكيك الإنسان في الأدب: قراءة في -سلاسل العقل، أغلال القلب-
-
بولندا ترقص على حبل المصالح: من بروكسل إلى بكين
المزيد.....
-
منتدى الفحيص يحتفي بأم كلثوم في أمسية أرواح في المدينة بمناس
...
-
الطاهر بن عاشور ومشروع النظام الاجتماعي في الإسلام
-
سينما الجائحة.. كيف عكست الأفلام تجربة كورونا على الشاشة؟
-
فتح مقبرة أمنحتب الثالث إحدى أكبر مقابر وادي الملوك أمام الز
...
-
الفنان فضل شاكر يُسلم نفسه للسلطات اللبنانية بعد 13 عاما من
...
-
ابنة أوروك: قراءة أسلوبية في قصيدة جواد غلوم
-
الطيب بوعزة مناقشا فلسفة التاريخ: هل يمكن استخراج معنى كلي م
...
-
لبنانية تحقق حلمها الجامعي بعمر 74 عامًا وتلهم الأجيال في تخ
...
-
قبول حماس لخطة ترامب.. إشكالية تختبئ خلف -اللغة الحذرة-
-
ثبتها وتابع أحدث البرامج الثقافية على تردد قناة ناشيونال جيو
...
المزيد.....
-
مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
فرس تتعثر بظلال الغيوم
/ د. خالد زغريت
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
المزيد.....
|