نادية الإبراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 16:47
المحور:
الادب والفن
ربّما تسكنني« بنيلوب» دون أن أدري، تلك التي كانت تنسج الصبر خيطا خيطا، لتؤجّل النهاية حتى يعود من غاب.
وأحيانا.. حين يثقل الليل على صدري، أشعر أنني شهرزاد أخرى، أروي للحياة حكاية جديدة
كي لا تقتلني الغربة،كي يؤجل الحزن سيفه ليلة أخرى.
ما رضيت بغيابك..
لكنني تعلّمت أن أعيش على الفتات الذي يتركه حضورك في الذاكرة، أن أزرع الوهم كما زرعت «بنيلوب» الرجاء، وأن أقاوم النسيان كما
قاومت «شهرزاد »الموت بالكلمة.
ما رضيت بغيابك... لكنني تعوّدت
كنت أظن أن الصبر حياة أخرى،حتى فهمت أنّه شكل من أشكال الموت المؤجّل.
قال لي ظلّ مرّ بي ذات حلم:
«اعتياد الغياب ليس نسيانا، بل تحوّل القلب إلى حجر يتذكّر دون أن ينزف.»
ومنذ تلك الليلةصار قلبي معبدا صغيرا، تتردّد فيه أصداء اسمك.
ما رضيت بغيابك..
لكنني تعوّدت أن أراك في المرايا المطفأة، في ظلال الممرّات، في نغمة الريح التي تمرّ بي ولا تناديني.
صرتَ طقسا من طقوس المساء،كصوت الناي حين يفتّش عن صدر يبكيه. كإله نائم في ذاكرة الأساطير، يُبعث كلّ فجر على هيئة غيم ثمّ يذوب.
وفي لحظة غريبة تشبه الحكمة،صرتُ أعرف أن التعوّد ليس استسلاما،بل مهارة العيش في غياب لا يُشفى منه..
تعلّمت كيف يسير بي —كما يسير الضوء في آخر النّفق ضعيفا لكنّه لا ينطفئ.
تعلّمت أن أرتّب أيامي كما يرتّب المنفي حقيبته،يدّعي الرحيل وهو يخبئ في جيبه تذكرة عودة مستحيلة.
تعلّمت أن أروض الحنين،كما يروض الحالم وهمه كي لا يستيقظ فجأة،وأن أخفي وجعي كما تخفي الأرض رمادها بعد المطر.
ربما تعوّدت..
لكنّ التّعوّد نفسه غياب آخر،يتسلّل ببطء حتى يصبح جلدي، فيغدو الغياب أنتَ، وأنا، والهواء الذي بيننا.
#نادية_الإبراهيمي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟