نادية الإبراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 18:19
المحور:
الادب والفن
استيقظت وهي تتأرجح بين دفء الفراش الذي يتشبث بها وثقل النهار الذي يجرّها إلى الأعمال. جسدها المحفور بتجاعيد الأيام بدا كأرض استسلمت لريح طويلة. نظرت حولها... الجدران صامتة، والنافذة تُفضي إلى صمت أكبر. بيتها منذ رحيله صار سجنا بلا سجّان.
لفت انتباهها غلاف أنيق فوق الطاولة يعلوه ورق صغير: «أمي... آن لك أن تتصالحي مع المرآة. ابتسامتك تستحق أن تُرى. عيد أم سعيد».
ارتعشت يدها وهي تزيح الغلاف، ظهرت مرآة كبيرة بإطار خشبي عتيق محفور برسوم قديمة. حدّقت... لم تتعرف على هذا الوجه المنطفئة ملامحه! بدا لها أنها تنظر إلى غريبة تسكن جسدها، لم يعد عقلها يتذكر آخر مرة التقت صورتها.
تهاوت فجأة في الذكرى: آخر عناق له، آخر ابتسامة وهو يغادر، آخر مرة عاد... لكن في تابوت مكلّل برايات الشّهداء. غصّت بدمعها، همست: «هذا الانعكاس ليس لي ،صورتي رحلت معه، ما أراه الآن ظلّ مهزوم ينتظر الفناء.»
وضعت ابنتها يدها على كتفها، بصوت مبلل بالإيمان قالت: «أمي... اشتقنا إليك. أبي يزورني كل ليلة، يطلب منك أن تكفّي عن البكاء. قال إنه سيأتيك إن نفذت وصيته.»
رفعت الأم رأسها، تنقلت عيناها بين وجه ابنتها وانكسار المرآة... وهناك على الحافة بين الوهم واليقين لمحته واقفا بجانبهما يبتسم.
لأول مرة منذ غيابه، بدا لها أن الانعكاس حقيقي.
#نادية_الإبراهيمي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟