أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - البؤس العربي وفقدان الحياء: صرخة في وجه الرذيلة














المزيد.....

البؤس العربي وفقدان الحياء: صرخة في وجه الرذيلة


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 11:39
المحور: قضايا ثقافية
    


أقف مذهولًا أمام ما آل إليه حالنا، أراقب صاحب العقال العربي، ذلك الرجل الذي يفترض أن يحمل في جبينه وعقله جزءًا من الهيبة والكرامة، وهو يقبل راقصة قجرية بلا خجل، بينما تتراقص الأجساد على أنغام الجوبي، وتعلو الضحكات في حفل يُقال إنه في بابل، وأنا أتساءل: هل نسي أمته ونساءها وأمهاته وأخواته؟ هل شعر للحظة أنه محرر أمة تُذبح من الوريد إلى الوريد، أم كان يظن نفسه بطلاً اباحيًا، يعلّم الشرق درسًا في الجهر بالسوء؟..الحياء يا سادة، ليس مجرد عادة قديمة أو عبء ثقيل، بل هو صمام أمان للأخلاق وللعلاقات الإنسانية. حياء عثمان وحياء مريم ليسا شعارات فارغة، بل هما علامات النبل التي تصون المجتمعات وتحميها من الانحدار. أما نحن، فنرى اليوم مشهدًا يخجل فيه المرء من نفسه، ونرى رجلاً يعلن عن رذيلته كأنها انتصار، بينما بلده يسكنه الجوع والفقر، وأمة تتألم من الحرمان والموت، وهو يبحث عن لحظة تسلية في حفل رقص وفضائح...أين الغيرة على العرض؟ وأين الحياء الذي يرفع الإنسان عن الصغائر؟ أليست هناك أخوات وأمهات، أو نساء سيصيبهن الضرر من مثل هذه الفظاعات؟ أم أن الغياب الكامل للحياء أصبح معيارًا للرجولة عند البعض؟ هل أصبح التفاخر بالفساد مقياسًا للشهامة، أم أننا فقدنا القدرة على التمييز بين الكبرياء والشرف والوقاحة؟..تذكروا أمثلة الرجال الذين حملوا رايات الشرف قبلنا: الخلفاء والأمراء الذين صانوا الأعراض والأرواح، العلماء والحكماء الذين صانوا المجتمعات بفضائلهم، لا بفسادهم في ساحات الرقص والجوبي. تذكروا حياء الأمومة الذي جعل مريم تتوارى عن الأعين، وحياء الصحابة الذي جعل عثمان يقف بحزم أمام الفساد، وكيف كانت الأمة تُبنى على الكرامة قبل أن تتحول إلى مهزلة في ساحات اللهو.أما اليوم، فنشهد فرجًا يُعرض على الملأ، وشبابًا يتباهون بما يُفترض أن يُستتر، وكأن الجوع والفقر والموت لم تكن لتعلمهم شيئًا عن قيمة الشرف والحياء. كل قبلة علنية، كل ضحكة في حفلة الرقص، هي صرخة صامتة: "لقد فقدنا حياءنا، وصرنا أمة بلا شعور بالعار، بلا كرامة، بلا غيرة على العرض، بلا إحساس بالمسؤولية".وليس هذا مجرد قسوة على فرد، بل انعكاس لحال مجتمع يهرول نحو الدناءة والخسة، مجتمع يُفرّغ تاريخ أمهاتنا وأجدادنا من معانيه، مجتمع يستهتر بالعفة والحياء كما لو كانت عاطفة ثانوية لا قيمة لها. ولنسأل أنفسنا: إلى أين وصلنا من الخسة والدناءة؟ هل هذه هي البطولة العربية؟ هل هذه هي الحرية التي ننشدها؟ أم أننا ضحكنا على تاريخنا، على أمهاتنا، وعلى أنفسنا، لنصبح أمة بلا حياء، وأفرادًا بلا شرف، وبلدًا بلا مستقبل؟.الحياء ليس رفاهية، وليس زينة ميتة في كتب التاريخ، بل هو جوهر الكرامة. هو ما يجعل الإنسان يرفع رأسه في وجه الفساد، ويحمي عرضه وروحه، ويحفظ أمته من الانحدار. كل لحظة تُهدر فيها الكرامة علنًا هي لحظة تقتل من الأمة شيئًا عميقًا، وتزرع في النفوس الخسة والخذلان.أيها العرب، حان الوقت لتذكر حيائنا. لنقف، ولو للحظة واحدة، أمام أنفسنا، أمام التاريخ، أمام الخالق. لنضع الحدود للفساد قبل أن يلتهم ما تبقى من كرامتنا. لنصون العرض قبل أن يصبح مجرد ترف للضحك، ولنحفظ الحياء قبل أن يتحول إلى ذكرى مهزومة في صفحات التاريخ.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بين دم الأرض وحديد السماء: تأملات في صراع القوى ومآل الإنسا ...
- نهداكِ… حين يغنّي البنفسج
- تراتيل الرماد فوق معبد اليورانيوم المكسور
- أشباح الموت في وطن الطوائف
- دول المذهب وعرش الدم
- كارثة الأشباح والعبيد في عراق الهدر
- ملحمة السيوف والنار… ذكرى الرد العراقي على العدوان الإيراني
- -مهرجان بغداد السينمائي… احتفال بالصدى الفارغ-
- مأساة المبدع بين حياةٍ يُغتال فيها وموتٍ يُستثمر فيه
- موازنة 2025… لمن ذهبت؟ بجيب الفأر أم بجيب الجار
- رحيل داود الفرحان… حين يغادر القلم وتبقى الذاكرة
- العراق: عبث الوجود وفلسفة البقاء
- إلى المجهول… حيث تُساق إيران وحدها
- موتٌ واحد بشرف… ولا حياة بألف خيانة
- حين يغتسل التاريخ في طين الذاكرة
- بين النص والسلطة: حرية الأمة ومصير العقل
- يا ربّ، لا أحتملُ عينيها
- -طقوس الجسد وديانة القبلة-
- العراق بين صناديق الموت وأقنعة الخيانة-.
- المحطات المغبرة… دموع على أطلال الحرب


المزيد.....




- شاهد أول شخص يتزلج نزولًا من قمة إفرست بلا اسطوانة أوكسجين
- ترامب: لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.. وحان وقت التوقف ...
- الكويت.. فيديو لضبط آسيويين يديران مصنعا لتصنيع الخمور المحل ...
- قطر تكشف رهاناتها: ترامب -العنصر الحاسم- في وقف حرب غزة
- القضاء الأمريكي يوجه اتهامات لجيمس كومي مدير مكتب التحقيقات ...
- عاجل| شهداء ومصابون من منتظري المساعدات قرب مركز مساعدات نتس ...
- وزير الحرب الأميركي يستدعي المئات من قادته العسكريين لاجتماع ...
- دواء تحسين النوم.. هل الميلاتونين مُسبب للإدمان؟
- ملامح المواجهة.. إسرائيل تؤسس وحدتين استخباريتين ضد الحوثي
- هكذا وصف رئيس وزراء باكستان ترامب بعد الاجتماع معه في البيت ...


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - البؤس العربي وفقدان الحياء: صرخة في وجه الرذيلة