أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العراق بين صناديق الموت وأقنعة الخيانة-.














المزيد.....

العراق بين صناديق الموت وأقنعة الخيانة-.


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 12:30
المحور: قضايا ثقافية
    


لم يعد المشهد الانتخابي في العراق سوى مسرح عبثي، ستارة تتهاوى وأقنعة تتساقط، فيما يظهر الممثلون السياسيون عراة من كل قيمة وأخلاق. كان يُقال إن الانتخابات هي عرس الديمقراطية، فإذا بنا نكتشف أنها مأتم الوطن؛ صناديقها ليست إلا توابيت فارغة، وأوراقها أوراق توت تسقط لتفضح سوءات الساسة، وتكشف مؤامرات حيكت بخيوط الغدر والخيانة.منذ تشرين، حيث سال الدم أنهارًا وسقط أكثر من ألف وخمسمائة شهيد، اعتقد الشعب أن دماءه ستكتب دستورًا جديدًا للكرامة. لكنّ الساسة حوّلوا تلك الدماء إلى حبرٍ رخيص يوقعون به على صكوك بيع العراق. أحدهم يعترف كاذبًا أنّه "مَدين لتشرين"، فيما يهدد آخر باجتياح إحدى عشرة محافظة وكأنها أملاك ورثها عن آبائه. أي خيانة أعظم من أن يتحول الوطن إلى غنيمةٍ يتنازع عليها الذئاب، فيما الشعب لا يملك غير الجوع والخوف؟..لقد صار المذهب مطرقة تُضرب بها رؤوس الجياع، وذريعةً يُبرر بها الساسة سرقة الثروات وشرعنة تقسيم العراق. باسم الطائفة تُوزع المناصب، وباسم العقيدة يُبرر قتل الأبرياء، حتى صار المواطن بين خيارين: أن يصفق خوفًا من التكفير، أو أن يصمت جوعًا كي لا يُسحق. وهنا تكمن المأساة؛ فالجوع لم يعد مجرد فراغ في المعدة، بل صار فراغًا في الوعي أيضًا.وها نحن أمام طبقة سياسية تتعامل مع العراق كما يتعامل السماسرة مع البضائع في سوق رخيص: تجار المخدرات صاروا ممثلين للشعب، وتجار العقيق صاروا "أولياء الله"، يتحدثون باسم السماء فيما جيوبهم تتضخم بالترليونات. أي مسرحية أكثر هزلًا من أن يمنع هؤلاء الناس من شراء "النسته" بحجة الفساد، بينما يملكون القصور والبنوك والشركات العابرة للحدود؟
أما إيران، فقد أتقنت لعبة "التكوير والتحوير". لم تدخل العراق بالدبابات، بل دخلته بالعقيدة أولًا، ثم بالسلاح ثانيًا، ثم بالسياسة ثالثًا. كل شيء هناك يُدار من خلف ستار طهران: القرارات، التعيينات، التحالفات، حتى الشعارات الدينية صارت نسخة إيرانية بلكنة عراقية. ومن يجرؤ على نقد هذا النفوذ يجد نفسه متهمًا بالوهابية أو الناصبية، ويُشتم بأسماء الصحابة وزوجات النبي، وكأن الدين صار مجرد سكين تُذبح به أي محاولة لقول الحقيقة.لكن المأساة لا تقف عند حدود العراق. العالم يتغير بسرعة مذهلة: خرائط يعاد رسمها، تحالفات تنهار، صفقات تُبرم على موائد القوى الكبرى، والعراق – كعادته – آخر من يعلم. السياسيون هنا يرقصون في كرنفال الخيانة، غير مدركين أن الرياح العاتية في الخارج قد تسقط سقف البيت فوق رؤوس الجميع.الخيبة إذن ليست خيبة انتخابات فقط، بل خيبة وطنٍ بكامله. وطن تحوّل إلى مزرعة بائسة، يُباع ويُشترى، بينما أبناؤه يموتون على الأرصفة أو في المنافي. شهداء تشرين، الذين حلموا ببلدٍ عادل، صاروا مجرد ذكرى تُستحضر في الخطابات وتُدفن في المساومات.قد لا تُجرى الانتخابات، وقد تُجرى على عجل كمسخرة جديدة، لكن الحقيقة التي لا تخطئها عين أنّ الشعب بات يرى كل شيء: يرى الأقنعة تسقط، ويرى المسرح يحترق، ويرى الساسة يرقصون عراة على رماد الوطن. وإذا كانت الديمقراطية حفلة تعرية، فقد بلغنا نهايتها: رقصة أخيرة بلا موسيقى، ولا تصفيق، ولا حتى ورقة توت تستر الخيانة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحطات المغبرة… دموع على أطلال الحرب
- -النجوم التي تعبت من الحراسة-
- العالم على شفا الحافة.. سردية النار والظل
- -الصمت وطن الأرواح-
- -مجرّتان في عينيها-
- نوافذ العدم
- العراق بين سُمّ المخدّرات وسوق الأعضاء
- بين الشكّ والوفاء
- سَنا العيون
- يتيم
- السينما الموءودة
- التفاهة والسفاهة: السرطان الذي يأكل الأدب العربي في القرن ال ...
- المال والسعادة.. جدل الإنسان بين وفرة الجيب وفراغ القلب
- الندم الكبير وضياع السيادة في زمن الضربات المتقاطعة...
- غبار المنافي المنقّحة
- حين يغدو البعد معبدًا للحب
- الوطن يختنق بخوفنا
- البعد
- ريما حمزة.. أنثى الوتر ومرآة البازلت
- حامد الضبياني: شاعر وفيلسوف الكلمة العربية المعاصرة بقلم فرح ...


المزيد.....




- لغز بصري ساحر.. مصور يلتقط -سماءً مقلوبة- فوق خليج سان فرانس ...
- -طريقة تفكير الكرملين تغيرت بالتأكيد-.. مسؤولو الاستخبارات م ...
- ترامب: واشنطن تسعى لاستعادة قاعدة باغرام الاستراتيجية في أفغ ...
- ما علاقة ترند - عناق أنفسنا عندما كنا أطفالاً - مع جروح الطف ...
- هل تؤرّخ -اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان- لتحو ...
- لقاء ميرتس-سانشيز: اختلافات بشأن توصيف الرد الاسرائيلي في غز ...
- واشنطن تجهض مبادرة دولية في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غ ...
- الدويري: المقاومة تتحدى بعملية رفح والمسيرات تتفوق على الراد ...
- الحرب على غزة مباشر.. تصاعد القصف الإسرائيلي والقسام تتوعد ا ...
- كيف أصبحت جميلة بوحيرد أسطورة الثورات التحررية؟


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العراق بين صناديق الموت وأقنعة الخيانة-.