أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - التفاهة والسفاهة: السرطان الذي يأكل الأدب العربي في القرن الواحد والعشرين














المزيد.....

التفاهة والسفاهة: السرطان الذي يأكل الأدب العربي في القرن الواحد والعشرين


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 10:49
المحور: قضايا ثقافية
    


في هذا القرن الواحد والعشرين، يبدو الأدب العربي وكأنه سقط في حفرة لا قاع لها، حفرة من التفاهة والسفاهة، حيث تتحول الكلمة إلى سلعة رخيصة، والفكر إلى دمى تهرول على صفحات المواقع والمجلات الوهمية. إن من يزور ساحات الأدب اليوم يرى الشوارع مزدحمة بالمدعين، يتنكرون في عباءة الثقافة، يمشون على حبال من خيال فارغ، يعلنون عن أنفسهم كأدباء، بينما كل ما في جعبتهم هو صدى بلا روح، هراء مُزين بمساحيق الكلام.
المشهد مؤلم. كل من هب ودب يظن نفسه أديبًا، كل قارئ مرتجل صار ناقدًا، وكل نص بلا إحساس صار يُرفع على منصة الشهرة الافتراضية. هناك، في تلك الملاهي الرقمية، تنشأ مؤسسات الثعالب، مؤسسات صيد الرذيلة، حيث تُساق الكلمات الجميلة إلى فخاخ التفاهة، تُغتصب الصور الأدبية، وتُستبدل بالسطحيات المتعمدة. كل نص يُنشر هناك ليس مجرد نص، بل تحفة في صناعة الكذب الثقافي، مسرحية فوضوية تُعرض على جمهور يتيم من الوعي.
الغضب يعتصرني وأنا أرى الأخلاق الأدبية تنهار، كما ينهار قارب على أمواج العدمية. الأخلاق، المسؤولية، الحب للكلمة، كل ذلك صار حطامًا في بحر من الشعارات الزائفة. القارئ، الذي كان يومًا شريكًا في صناعة الجمال، أصبح مخدوعًا بين عناوين براقة ومحتوى فارغ، يظن أنه يقرأ، بينما هو يشاهد لوحة مسرحية لممثلين لا يعرفون الفرق بين الفن والادعاء.إن هؤلاء المدعين، هؤلاء السرطان الأدبي، ليسوا مجرد أرقام أو أسماء مجهولة؛ إنهم طاعون يلتهم النصوص، يقتل الصور، يدمّر المعاني، يسرق الأدب من الداخل بينما يبتسم في وجه القارئ. هم جنود السفاهة، جواسيس التفاهة، يزرعون الرذيلة، يبيعون الكلمة، ويحولون الجمال إلى ساحة للسطحية. وكل موقع، وكل مجلة وهمية، هي شبكة فخ، تُغري بالمعنى، وتسرق الروح.
وحين تتأمل ذلك، يزداد الغضب فلسفيًا وسخريةً مُرّة: الأدب، الذي كان مرآة للعقل والوجدان، صار ملعبًا للسطحية، ساحة للمزايدات، مسرحًا للصغائر، حيث تُعقد مؤتمرات الكذب وتُقام الاحتفالات بالهزيلة. الكلمة التي كانت تحمل ضوءًا، تحمل إحساسًا، تحمل عمقًا، أصبحت اليوم مجرد فقاعات، تتطاير في الهواء الرقمي، بلا وزن، بلا أثر، بلا حياة.وحامد الضبياني هنا لا يكتب مجرد كلمات، بل يرسم صرخة، يزرع تحذيرًا، يصرخ في وجه كل من يظن أن الأدب يمكن أن يكون لعبة للتظاهر: انتبهوا، احذروا، لا تجعلوا التفاهة تبتلع الكلمة، لا تدعوا السفاهة تأكل الروح الأدبية. الأدب حي، لكنه يئن تحت وطأة المدعين، يئن تحت وطأة من يبيع الرذيلة على أنها ثقافة، يئن من غياب الأخلاق، ومن التفاهة التي تتسلل عبر كل باب مفتوح.
علينا أن نكون يقظين. علينا أن نفرّق بين النور والظلال، بين الحقيقة والهراء، بين الكلمة التي تنبت الحياة والكلمة التي تزرع العدمية. وعلينا أن نحذر من مواقع الإنترنت التي تصف نفسها ثقافية، من المجلات الافتراضية التي تقدم التفاهة على أنها عبقرية، من المدعين الذين يزرعون السطحية في قلوب القراء بلا رحمة. هؤلاء هم السرطان، وهم الطاعون، وهم الذين يحولون الأدب العربي إلى صدى فارغ، بلا معنى، بلا روح، بلا ضمير.القرن الواحد والعشرون هو اختبار عسير للأدب العربي، اختبار للوعي، اختبار للتمييز بين من يرفع الكلمة ويهتم بالروح، وبين من يبيع الكلمة ويبيع نفسه. والواجب علينا، نحن القراء، نحن الكتاب، نحن المراقبون، أن نرفع الستار عن هؤلاء المدعين، أن نحرس الكلمة، أن نحمي الجمال، أن نصنع وعيًا حقيقيًا، قبل أن يبتلع التفاهة كل ما تبقى من عمق وجمال، قبل أن يتحول الأدب العربي إلى مجرد حكاية للسطحية، تُروى للأجيال بلا قيمة، بلا وزن، بلا حياة.الأدب حي، وسيظل حيًا إذا استيقظنا، إذا أحببنا الكلمة، إذا أبقينا العقل حاضرًا، إذا أبقينا الغضب والفلسفة سلاحًا للوعي، إذا أبقينا النقد صادقًا، إذا أبقينا النص طاهرًا. أما أولئك الذين يظنون أنهم أسياد الساحة، الذين يبيعون الرذيلة ويبتكرون التفاهة، فليعلموا أنهم مجرد سرطانات، ستأكلهم الحياة الأدبية، وسيتبدد صيتهم أمام نور الحقيقة والجمال الذي لا يزول.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المال والسعادة.. جدل الإنسان بين وفرة الجيب وفراغ القلب
- الندم الكبير وضياع السيادة في زمن الضربات المتقاطعة...
- غبار المنافي المنقّحة
- حين يغدو البعد معبدًا للحب
- الوطن يختنق بخوفنا
- البعد
- ريما حمزة.. أنثى الوتر ومرآة البازلت
- حامد الضبياني: شاعر وفيلسوف الكلمة العربية المعاصرة بقلم فرح ...
- أوتار بابل ونايات الرافدين: الموسيقى في الحضارة العراقية وأص ...
- ميلاد النور
- الضبياني… مراثي الطاعة وأغاني الحرية
- اتركوا بهرز لأهلها
- أول من نطق العربية: بين الأسطورة والتاريخ
- حين تُصبح السيولة سراباً.. المتقاعد بين جدار الجوع وجدار الس ...
- على رصيف الانتظار
- على سُلَّم العشق
- أنا لا أرى غيرَك
- عندما تبتلع الرمالُ أقدام الممالك
- وعد الحُلم
- الهويدر.. أغنية القدّاح على ضفاف ديالى


المزيد.....




- -أقوى من أي وقت مضى-.. قطر ترد على أنباء -إعادة تقييم- العلا ...
- دعمًا -للشعب السوري الشقيق-.. منحة سعودية نفطية ضخمة لدمشق ب ...
- تدمر تستعيد تاريخها: معالم بدوية ومتحف وطني يُبصر النور قريب ...
- ما مستقبل الوساطة في حرب غزة بعد هجوم إسرائيل على حماس في قط ...
- ما هي العقوبات الأمريكية الجديدة على ميليشيا الحوثيين في الي ...
- بريطانيا تقيل سفيرها في واشنطن لعلاقته بجيفري إبستين
- معاريف تكشف وثيقة ليبرمان لحكومة بديلة عن نتنياهو
- تاريخ طويل من الاغتيالات السياسية في أميركا
- 30 حالة منها 12 وفاة.. بدء محاكمة طبيب فرنسي بتهمة تسميم مرض ...
- هآرتس: نتنياهو طبّع مع الفساد ويجرّ إسرائيل إلى الهاوية


المزيد.....

- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - التفاهة والسفاهة: السرطان الذي يأكل الأدب العربي في القرن الواحد والعشرين