أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الندم الكبير وضياع السيادة في زمن الضربات المتقاطعة...














المزيد.....

الندم الكبير وضياع السيادة في زمن الضربات المتقاطعة...


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 09:05
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمنٍ تتقاطع فيه النيران فوق خرائط الشرق الأوسط، جاءت الضربة الإسرائيلية للدوحة كصفعة على وجه السيادة العربية، وكأنها تذكير مؤلم بأننا لم نعد أصحاب القرار في بيوتنا ولا في مسارنا السياسي. لم تكن الطائرات التي قصفت قلب العاصمة القطرية مجرّد طائراتٍ تحمل قذائف، بل كانت تحمل معها رسالةً صارخة إلى العالم بأسره: إن القانون الدولي لم يعد سوى نصوصٍ مهترئة تتآكلها المصالح، وإن العرب لم يعودوا سوى جمهورٍ يتابع مسرحيةً لا يملكون في أحداثها غير التصفيق أو العويل.أمريكا التي كانت تدّعي دور الوسيط الضامن للسلام، وقفت في منتصف المسرح مرتبكة، تارةً تُعلن الأسف على الضربة، وتارةً تبرر بأن ما جرى كان في إطار الضرورة الأمنية. فإذا بالحقيقة تتضح، أن واشنطن لم تفقد بوصلتها وحسب، بل فقدت أيضًا هيبتها الدبلوماسية، إذ تُعلن أنها كانت على علم مسبق بما سيجري، ومع ذلك لم تمنع، ولم تردع، بل اكتفت بالاتصال بين نتنياهو وأمير قطر في محاولة باردة لاحتواء الشرخ.أما العرب، فكانت مواقفهم كما اعتدناها: بيانات رفض وشجب واستنكار، دون فعل حقيقي. فأيُّ سيادة تبقى حين يُخطف القرار من بين أيدينا؟ وأيُّ كرامة تُحفظ حين يُعامل القادة الشرفاء الذين خدموا العراق لعقودٍ من السنين كغرباء في وطنهم، يُحرَمون من أبسط حقوقهم في جوازٍ وهويةٍ وجنسية؟ بينما يُفتح الباب أمام غرباء لا يعرفون من العراق إلا كونه ساحةً لمشاريعهم، فيُعطَون ما لا يستحقون، وكأن الانتماء لم يعد للوطن بل لولاءاتٍ عابرة للحدود.كيف يُعقل أن وزراء ومدراء وجنودًا من جيشنا الباسل، نزفوا دماءهم من أجل العراق، وأفنوا أعمارهم في خدمته بضميرٍ ونزاهة، يُتركون اليوم بلا هوية، بلا اعتراف، وكأنهم أوراق منسية في أرشيفٍ مهمل؟ أليس هذا اغتيالًا صريحًا للوفاء؟ أليس هذا نكرانًا للجميل يُفرغ معنى الدولة من روحه؟..في هذه اللحظة التي تزلزل فيها الأحداث أركان المنطقة، تتسرب من عمق طهران اعترافات بالندم، أشبه بصرخات متأخرة في قاعة التاريخ. يقول قادة إيرانيون كبار: لو كنا نعلم أن الأمور ستسير بهذا الطريق لقاتلنا مع صدام ضد الجيش الأميركي حتى النهاية... ما قبلنا بسقوط نظامه واحتلال العراق. ويقولون: كان نظام صدام خط المواجهة المباشر لإسرائيل، ولو عرفنا أن الأمور ستصل إلى هذه المراحل لدعمنا السنة في الحكم بدلًا من الشيعة... ولو كان بشار الأسد يعلم ما يجري لقاتل مع صدام حتى النهاية. كلمات تفضح حساباتٍ باردة صنعتها الطائفية والمصالح الضيقة، فإذا بها ترتد اليوم كرماد يطمر أحلامهم.
ولأن التاريخ لا يرحم، فإننا أمام مشهد جديد يتشكل، لا في الشرق الأوسط وحده بل في أوروبا وروسيا وأوكرانيا أيضًا. حرب هناك تتأجج، وصراع هنا يتسع، والمشهد كله يشي بأننا على عتبة إعادة تشكيل للعالم، خريطة تُرسم من دمٍ وبارود، وتقسيمٍ قد يعيدنا إلى سؤال الثور الأبيض: هل أُكِل العرب يوم أُكِل الثور الأبيض؟ نعم، لأننا سمحنا لكل ضربة أن تمرّ، ولكل انقسام أن يترسخ، حتى لم يبقَ من الجسد سوى أطراف تتنازعها الذئاب.إن ما يجري اليوم ليس مجرد حدث عابر، بل هو مرآة لضعفنا، وصدى لندم الآخرين على خياراتهم، وتأكيد بأن السيادة ليست ورقة تفاوض، بل دماء تحفظها الأجيال. ومن لا يصون رجاله الشرفاء، لا يستحق أن يُدعى دولة. ومن يتخلى عن هويته، سيُدفن في هويةٍ يصنعها له الآخرون.هذا زمن لا ينفع فيه الإنكار ولا الشجب، بل زمن الصحوة والصدق مع الذات. فالسيادة إن لم تكن في قلوبنا أولًا، فلن تكون على خرائطنا أبدًا.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غبار المنافي المنقّحة
- حين يغدو البعد معبدًا للحب
- الوطن يختنق بخوفنا
- البعد
- ريما حمزة.. أنثى الوتر ومرآة البازلت
- حامد الضبياني: شاعر وفيلسوف الكلمة العربية المعاصرة بقلم فرح ...
- أوتار بابل ونايات الرافدين: الموسيقى في الحضارة العراقية وأص ...
- ميلاد النور
- الضبياني… مراثي الطاعة وأغاني الحرية
- اتركوا بهرز لأهلها
- أول من نطق العربية: بين الأسطورة والتاريخ
- حين تُصبح السيولة سراباً.. المتقاعد بين جدار الجوع وجدار الس ...
- على رصيف الانتظار
- على سُلَّم العشق
- أنا لا أرى غيرَك
- عندما تبتلع الرمالُ أقدام الممالك
- وعد الحُلم
- الهويدر.. أغنية القدّاح على ضفاف ديالى
- -قلب الأنقاض الذي يتنفس-
- فقاعات الزمن: المدينة التي تسبح في الخيال


المزيد.....




- بحادثة هي الأولى.. بولندا تتهم روسيا بـ-عمل عدائي- في مجالها ...
- إطلالة -سندريلا- عصرية لآنيا تايلور جوي في مهرجان تورونتو
- على الخريطة.. ماذا يعني أمر إسرائيل بإخلاء كامل مدينة غزة؟
- ضربة قطر.. محلل يلفت لـCNN عمق التداعيات مؤكدا: ترامب إما أع ...
- تحليل.. تداعيات وخيمة على ترامب بعد ضربة إسرائيل في قطر
- عدد المقاتلات ومدة التخطيط وأسلحة لم ترصدها الدفاعات.. تفاصي ...
- من كان يعلم بالهجوم الإسرائيلي على الدوحة؟ مصر وتركيا حذرتا ...
- جورجيا: اشتباكات في تبليسي بين أنصار الحزب الحاكم ومؤيدي الم ...
- ترامب: لست سعيدا بالغارة الإسرائيلية على قطر
- تنديد دولي بهجوم إسرائيل على قطر وجلسة طارئة بمجلس الأمن


المزيد.....

- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الندم الكبير وضياع السيادة في زمن الضربات المتقاطعة...