حامد الضبياني
الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 13:08
المحور:
قضايا ثقافية
يا وطني،
كم صرتَ ضيفًا على الخراب،
سريرُكُ من رماد،
ونوافذُك تشرعها الريح
للمنافي التي تتكاثرُ كالأوبئة،
تلتهمُ الأسماءَ،
وتسرقُ الأنهارَ من وجدانك.
في محطات الغربة
أحصيتُ وجهي في المرايا،
فلم أرَ غيرَ دمعةٍ متحجرة
وغبارٍ ينام على أكتافي
كوصيّةٍ لا تنطفئ،
وأسمع في صمت الليل
نواحَ أمهاتٍ فقدنَ أبنائهن،
وأحلامًا تتساقطُ كسقفٍ ينهار.
أرى شعبًا
يرقصُ من الذبح،
ويبتسمُ كي يُرضي الجلاد،
بينما قلوبنا
تتشبّثُ بالحياة
كما تتشبّثُ زهرةٌ بالشقوق
في جدارٍ آيلٍ للسقوط،
وكأنَّ عشق الحياة هو التمرد الأخير
في أرضٍ لا تعرف الرحمة.
أيها الموتُ الذي يسكنُ الوطن،
لماذا تتنكرُ في هيئة علمٍ
وفي طبولٍ جوفاء،
تصمّ الآذانَ عن الحقيقة،
وتسخرُ من صرخاتنا،
كما يسخر الطيف من الغيم؟
أرى الذيول
تحابي العدو،
ككلابٍ تهزُّ ذيولها
كلما رأت ظلًّا للغاصب،
وأرى العبيد
يبيعون الوطن
كما يُباعُ خبزٌ بائس
على رصيفٍ عابر،
يسرقون أرضهم
كأنها غنيمةُ ليلٍ
لا يشهد عليه أحد،
وأصواتهم تُمحى
قبل أن تنطق بالحقيقة.
لكن في هذا الخراب،
ما زال القلب يعشق الحياة،
ينبت في رئتيه
ربيعٌ صغير،
ويهمس:
"رغم الخراب…
لن أنحني."
الغربة طويلة،
والمحطات مرّة،
وغبار الزمن يملأ عروقنا
كأنه حبرُ تاريخٍ لم يُكتب بعد،
وأنا أمشي وحيدًا
على طرقاتٍ يتهامس فيها الظلّ مع الذكريات،
وأبحث عن وطنٍ يضمه صدري
قبل أن يضمّه الموت.
وفي كل زاوية،
أرى صرخة تتلوى بين الخراب والدماء،
تتحدى كل شيء،
وتقول:
"الحياة أقوى من كل الجلادين،
والحب أقوى من كل العوائق."
وفي نهاية الليل،
أرى وجوه الحزن ممتدة،
تسألني: هل سنبقى عبيدًا للألم؟
هل سنسمح للذيول أن تموت فينا؟
وأجيبهم: لا،
سنبني وطنًا من أنفاسنا،
حتى لو بقيت أنا وأنت
آخر عاشقين للحياة،
نزرع الأمل
في قلبٍ أصبح مدينةً للغربة.
#حامد_الضبياني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟