حامد الضبياني
الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 11:04
المحور:
قضايا ثقافية
على حافة العدم…
أجلسُ كأني آخر الناجين من الطوفان،
ألمسُ صمتَ الكون بيدي المرتجفتين،
وأصغي إلى جرحٍ في داخلي
يتنفس كطفلٍ وُلد بلا أم.
الفراغ من حولي ليس فراغًا،
إنه رحمٌ قديم،
فيه تتكوّر احتمالات لم تولد بعد،
كأن الزمن يخفي في أحشائه
أسرارًا لم تجرؤ على الصراخ.
النجوم فوقي تسقط تباعًا،
لا لأنها تُطفأ،
بل لأنها تعبت من حراسة أمنيات البشر،
كمراقبين أرهقهم الليل الطويل،
فتهاوت أجسادهم في أحضان العدم.
والريح، آه من الريح،
تعوي في طرقات مهجورة،
كأنها تبحث عن صدرٍ تتكئ عليه،
تنوح مثل أرملةٍ
ضاع زوجها في حربٍ لم تُكتب نهايتها.
حتى الجرح في داخلي…
حين نزف، لم يكن يريد أن يؤلمني،
كان يقول لي بهدوء:
"أنا حيٌّ فيكَ أيضًا،
لا تتجاهلني كجثةٍ في زاوية الطريق".
يا لهذا الكون،
كم هو عجوزٌ وطفلٌ في آنٍ واحد،
شيخٌ يضحك بسنٍّ مكسورة،
وطفلٌ يبكي لأنه لا يعرف
لِمَ وُلد ولا إلى أين يرحل.
أما أنا…
فأكتب كي لا أذوب،
أكتب على حافة العدم،
كمن يزرع وردةً في فم المقبرة،
كمن يوقظ قمرًا أطفأه الغبار.
أصرخ فلا يسمعني أحد،
أبكي فلا يقترب أحد،
لكنّي أظل أكتب…
لعلّ كلماتي، يوماً ما،
تتحوّل إلى طيورٍ مهاجرة
تحمل وجعي إلى سماءٍ أرحب.
#حامد_الضبياني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟