أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - إلى المجهول… حيث تُساق إيران وحدها














المزيد.....

إلى المجهول… حيث تُساق إيران وحدها


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 10:30
المحور: قضايا ثقافية
    


في التاريخ لحظات لا تعلن عن نفسها بالطبول ولا بالمراسيم، بل تأتي صامتة كريحٍ تُطفئ القناديل واحداً تلو الآخر، حتى يكتشف العابر في ليل السياسة أنه بات في عتمة كاملة. إيران اليوم تعيش تلك اللحظة؛ لحظة الانطفاء التي يقررها مجلس الأمن بصرامة، حين أعلن بدء تنفيذ العقوبات بعد تفعيل "آلية السناب باك"، فأعيد فتح أبواب السجون القديمة: حظر السلاح، تجميد الأرصدة، خنق النفط والغاز، وإحكام الطوق المالي حتى آخر شريان من اقتصادها المتآكل.
قد يتوهّم البعض أن توقيع طهران اتفاقاً مع وكالة الطاقة الذرية لاستئناف التفتيش سيمنحها شيئاً من الشرعية أو هدنة مع العالم، لكن الرسالة جاءت عارية من اللبس: النظام الإيراني مرفوض دولياً، ومعه كل ما يتفرع عنه من وجوه وأذرع وعقائد وواجهات سياسية. لم يعد الرفض يقتصر على الدولة بل على الكائن السياسي برمته: من الحرس الثوري إلى الميليشيات، من قادة ، إلى سماسرة التهريب، من شبكات النفط السوداء إلى ردهات السياسة المتسخة. كلهم في مرمى الاستهداف المباشر.المجتمع الدولي تجاوز مرحلة الضغوط، وانتقل إلى ما هو أبعد: التصفية. التصفية لا بمعنى الإزالة السطحية، بل اقتلاع المشروع الإيراني من الجذور، من ترابه الفكري والعقائدي، في سياقٍ ممتد من عمليات عسكرية أنهت نفوذ حزب الله في لبنان، وأسقطت نظام بشار الأسد في دمشق، ووصلت شظاياها إلى قلب إيران نفسها.العراق، الجار الأقرب، ليس في منأى عن العاصفة. السلطة فيه تعرف أن أيامها باتت معدودة، لذلك راحت تمارس لعبة الإهدار السريع للثروات عبر عقود نفطية وطاقة تُبرم مع سماسرة السياسة لا مع الشعب، محاولة يائسة لاسترضاء الإدارة الأميركية. لكنها لعبة لا جدوى منها. فالتاريخ لا يغفر التورط في مشروع الفساد والدم طوال اثنين وعشرين عاماً، تحت ظلال الميليشيات وباسم الدولة المبتورة.اللافت أن روسيا والصين ـ اللتان طالما عُدّتا الملاذ الذي تستند إليه طهران ـ وقفتا اليوم موقف المتفرج. لم تستخدما الفيتو، لم تنحازا علناً، بل اكتفتا بالغياب عن التصويت، وكأنهما تُعلنان: "أنتِ وحدكِ في العاصفة". تلك هي الخيانة الأشد قسوة، أن يُترك النظام الإيراني وحيداً على المسرح فيما الجمهور ينصرف بصمت، تاركاً الممثلين في مواجهة المجهول.
هكذا، تُساق إيران إلى المجهول. ليس مجهول الجغرافيا ولا مجهول الخرائط، بل مجهول الفلسفة السياسية حين تنقلب المفاهيم: القوة تصير ضعفاً، التحالفات تتحول عتمة، والشرعية تصير لعنة. إنها أشبه بسفينة مثقوبة تبحر في بحر من الظلمات، تحاول النجاة بالصرخات والوعود، فيما الماء يعلو حتى آخر عنابرها.
اليوم، لم يعد السؤال: هل ستسقط إيران؟ بل: كيف سيكون شكل السقوط؟ أهو سقوطٌ مدوٍ يعيد صياغة المنطقة بأكملها، أم سقوطٌ متدرج ينهش الجسد الإيراني قطعة بعد قطعة، حتى يصبح أثراً باهتاً من مشروعٍ كان يُظن أنه عصي على الانكسار؟المفارقة أن إيران التي بنت قوتها على فلسفة "الممانعة" و"الصمود"، تجد نفسها الآن عاجزة عن مقاومة حقيقة واحدة: أنها باتت مرفوضة. رفضٌ شامل، من مجلس الأمن إلى الشارع العربي، من الغرب إلى الشرق، حتى أقرب الحلفاء أداروا وجوههم عنها.إلى المجهول إذن… حيث يسير نظامٌ أنفق عمره في صناعة الأعداء أكثر مما صنع الحلفاء، وحيث سيكتشف الذين تشبّثوا به أن رياح التاريخ لا ترحم، وأن الشعوب لا تُشترى بالميليشيات، ولا تُدار بالعقائد الصارمة، ولا تُخدع طويلاً بلعبة الأقنعة.
المشهد الأخير لم يُكتب بعد، لكن عناوينه باتت واضحة: عزلة شاملة، عقوبات خانقة، انهيار اقتصادي، وتصدّع داخلي يزداد كل يوم. وما بين السقوط والاندثار، ثمة درسٌ يعيد نفسه: كل مشروعٍ يقوم على القهر والخداع، يُساق في النهاية إلى مصيره المحتوم… إلى المجهول.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موتٌ واحد بشرف… ولا حياة بألف خيانة
- حين يغتسل التاريخ في طين الذاكرة
- بين النص والسلطة: حرية الأمة ومصير العقل
- يا ربّ، لا أحتملُ عينيها
- -طقوس الجسد وديانة القبلة-
- العراق بين صناديق الموت وأقنعة الخيانة-.
- المحطات المغبرة… دموع على أطلال الحرب
- -النجوم التي تعبت من الحراسة-
- العالم على شفا الحافة.. سردية النار والظل
- -الصمت وطن الأرواح-
- -مجرّتان في عينيها-
- نوافذ العدم
- العراق بين سُمّ المخدّرات وسوق الأعضاء
- بين الشكّ والوفاء
- سَنا العيون
- يتيم
- السينما الموءودة
- التفاهة والسفاهة: السرطان الذي يأكل الأدب العربي في القرن ال ...
- المال والسعادة.. جدل الإنسان بين وفرة الجيب وفراغ القلب
- الندم الكبير وضياع السيادة في زمن الضربات المتقاطعة...


المزيد.....




- كنيسة ساغرادا فاميليا في برشلونة تصبح أطول كنيسة في العالم
- مصر..أشخاص يزعمون -تزوير- الانتخابات في لجنة بالمنيا والداخل ...
- برعاية قطرية.. الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس توقعان على ...
- المكسيك: احجاجات ضد عنف عصابات المخدرات
- مظاهرات في البرازيل لرفض المشاريع المهددة للغابات
- عشرات الآلاف في مظاهرة بالفلبين على خلفية فضيحة فساد
- انتخابات رئاسية في تشيلي وقضايا الجريمة والهجرة بصدارة الاهت ...
- دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل داخل لبنان
- تجدد القتال غربي كردفان وأزمة نازحي السودان تتفاقم
- موقع بريطاني: خلاف ترامب مع تلميذته تايلور غرين يُظهر حجم أز ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - إلى المجهول… حيث تُساق إيران وحدها