أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - موازنة 2025… لمن ذهبت؟ بجيب الفأر أم بجيب الجار














المزيد.....

موازنة 2025… لمن ذهبت؟ بجيب الفأر أم بجيب الجار


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 11:41
المحور: قضايا ثقافية
    


في كل عام، يتكرّر المشهد ذاته: العراق يجلس على مائدة أرقامٍ فلكية، جداول متخمة بالمليارات، ووعود تشبه مواسم المطر في بلدٍ جفّت أنهاره. تُقدَّم الموازنة للشعب كما تُقدَّم أضحية إلى آلهة مجهولة، تُقرّ في ليلة واحدة حين يكون الأمر يخص النواب والوزراء، وتُعلَّق لشهور طويلة حين يكون الحديث عن الفقراء والمتقاعدين، وكأن العدالة قد نُسيت على رفّ التاريخ، أو كأنها بضاعة تالفة في سوق السياسة.
موازنة 2025 وُلدت في الظلام، كطفلٍ مجهول الأب، يتنازع عليه الفأر والجار: فأرٌ يحفر في خزائن الدولة بجيوب خفية، وجارٌ ينظر من وراء الحدود ليقتطع حصته من جسدٍ أُنهك حتى العظم. وبين الاثنين، يقف الشعب صامتاً، يمدّ يده إلى رغيفٍ يابس، أو إلى راتبٍ مكسور يتأخر كأنما يمشي على عكّاز، أو إلى وعودٍ لا تأتي إلا على هيئة خطب تلفزيونية.أيّ مهزلة هذه التي تُسمّى موازنة؟ نواب البرلمان يكتمل نصابهم إذا كان القرار يتعلق برواتبهم أو مخصّصاتهم أو امتيازاتهم. يجتمعون كما لم يجتمعوا من قبل، وتُمرَّر القوانين بلمح البصر، وكأنهم جنود في معركة مقدّسة. أما حين يُطرح ملف المتقاعدين، الذين يعيشون أسوأ أيامهم بين قهر الدواء وذلّ الفواتير، تتعالى الأصوات: نحتاج دراسة، نحتاج وقتاً، نحتاج لجاناً… حتى يغرق العمر في أوراقٍ بلا معنى، ويظلّ الموت أسرع من قراراتهم.
رئيس الوزراء الذي وعد، والذي بشّر الفقراء بأنه صوتهم، بدا فجأة كتمثال من حجر. رفض مقابلة من انتخبوه ومن علّقوا عليه آخر آمالهم، ومنعهم من الوصول إلى بابه. أهو ممنوع من قوى خفية، أم أنه تعلّم فنون الخداع وتلوّن ليصل إلى كرسيه؟ أين وعوده؟ أين منجزاته التي تغنّى بها الإعلام؟ ما الذي حُقّق غير جسورٍ هزيلة، مصابة بالخواء، تسقط كأوراق الخريف فوق أرواح الناس؟ أيّ إنجاز أن يُرمّم هيكلٌ آيل للسقوط بينما الروح العراقية تسقط كل يوم في مهاوي الجوع والخذلان؟الشعب في العراق لم يعد ينتظر معجزة، بل ينتظر خبزاً بلا إهانة، دواءً بلا استجداء، حقاً بسيطاً في حياة لا تُدار بالفتاوى ولا بالمحاصصات. غير أن اللعبة أوضح من أن تُخفى: المال يُهرَّب، القوانين تُفصَّل على مقاس الكبار، والدموع تُترك لتسيل في عيون الأمهات وكأنها مورد لا ينضب.موازنة 2014 ما زالت شاهداً على المقابر التي حُفرت بالخراب والنهب والدمار. واليوم، نسأل: هل سيكون مصير موازنة 2025 كمصيرها؟ هل سيضيع العراق مرة أخرى في جيوب الفئران والغرباء، أم أن هناك يداً جريئة ستنتزع الخبز من بين أنيابهم وتعيده إلى موائد الجياع؟ لكن الحقيقة المؤلمة تقول إن التاريخ يعيد نفسه، لا كملهاة ولا كمأساة فقط، بل كجريمة مستمرة تتغيّر وجوه مرتكبيها ولا يتغير سكينهم.أيها السادة، أيها المشرّعون، أيها المتخمون بالوعود، أجيبونا: لماذا يحق للجارة القادمة من الشرق أن تنال ما لم ينله العراقي في وطنه؟ لماذا تتحوّل الخزائن إلى غنيمة، والمواطن إلى ضحية، والدولة إلى خرابة لا يزورها سوى الفساد؟ ألا يستحق هذا الشعب أن يعيش بكرامة، ولو لمرة واحدة في تاريخه الطويل؟موازنة 2025 ليست مجرد أرقام، إنها مرآة تعكس قبح السياسة، وتعلن أن العراق صار وطناً يعيش في قلب الموت. والساعة آتية، حين يكتشف الناس أن الصمت لم يعد ينقذهم، وأن الجوع لا يُداوى بخطابات البرلمان، وأن الفأر والجار سواء: كلاهما يقتسم وطنهم، ويترك لهم الفتات.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل داود الفرحان… حين يغادر القلم وتبقى الذاكرة
- العراق: عبث الوجود وفلسفة البقاء
- إلى المجهول… حيث تُساق إيران وحدها
- موتٌ واحد بشرف… ولا حياة بألف خيانة
- حين يغتسل التاريخ في طين الذاكرة
- بين النص والسلطة: حرية الأمة ومصير العقل
- يا ربّ، لا أحتملُ عينيها
- -طقوس الجسد وديانة القبلة-
- العراق بين صناديق الموت وأقنعة الخيانة-.
- المحطات المغبرة… دموع على أطلال الحرب
- -النجوم التي تعبت من الحراسة-
- العالم على شفا الحافة.. سردية النار والظل
- -الصمت وطن الأرواح-
- -مجرّتان في عينيها-
- نوافذ العدم
- العراق بين سُمّ المخدّرات وسوق الأعضاء
- بين الشكّ والوفاء
- سَنا العيون
- يتيم
- السينما الموءودة


المزيد.....




- كنيسة ساغرادا فاميليا في برشلونة تصبح أطول كنيسة في العالم
- مصر..أشخاص يزعمون -تزوير- الانتخابات في لجنة بالمنيا والداخل ...
- برعاية قطرية.. الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس توقعان على ...
- المكسيك: احجاجات ضد عنف عصابات المخدرات
- مظاهرات في البرازيل لرفض المشاريع المهددة للغابات
- عشرات الآلاف في مظاهرة بالفلبين على خلفية فضيحة فساد
- انتخابات رئاسية في تشيلي وقضايا الجريمة والهجرة بصدارة الاهت ...
- دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل داخل لبنان
- تجدد القتال غربي كردفان وأزمة نازحي السودان تتفاقم
- موقع بريطاني: خلاف ترامب مع تلميذته تايلور غرين يُظهر حجم أز ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - موازنة 2025… لمن ذهبت؟ بجيب الفأر أم بجيب الجار