نعمة المهدي
الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 21:11
المحور:
الادب والفن
دخلتُ الدُّنيا صَريعَ جَهلٍ، وأُغادِرُها صَريعَ وَهمٍ؛
ما رَبِحتُ مِن تِجارتِها إلّا الخُسارة، وما رَبِحتْ مِنِّي إلّا العِثار.
ظَنَنتُ أنّي أملِكُها، فإذا هِيَ تَملِكني؛
وظَنَنتُ أنّي أبني فيها، فإذا ما بَنيتُ هَدَمَتْهُ الرِّيح، وابتَلَعَهُ البَحر،
فَلَم يَبقَ في كَفِّي غَيرُ رُكامٍ ورَماد.
@@@@@@
أعطَيتُها شَبابي، فأعطَتني شَيخوخَةً تَنوءُ بالعَجز،
وأحلاماً تُكفَّنُ قَبلَ أن تُولَد، وأيّاماً تُسلَبُ قَبلَ أن تُعاش.
مَنَحتُها قَلبي، فأخَذَت نَبضَه؛
ومَنَحتُها رُوحي، فأخَذَت دِفأها؛
فما رَدَّت إلّا جِراحاً وندوباً لا تَندمِل.
@@@@@@
عَشِقتُ النّاسَ فخَذَلوني، وخَدمتُهُم فأنكَروني؛
نَطَقتُ بالحقِّ فاتهَموني، وصَمتُّ عن الباطِل فطعَنوني؛
فمَضَيتُ بين القَولِ والصَّمت، لا مَحموداً ولا حامِداً،
ولا ذاكِراً ولا مَذكوراً.
@@@@@@
أدرَكتُ أنّ الزّادَ للآخرةِ خَيرٌ مِن الزّادِ للدُّنيا،
وأنّ ما ادَّخَرتُهُ للتُّرابِ يَذروهُ التُّراب،
وما ادَّخَرتُهُ للرُّوحِ يَبقَى حَيّاً لا يُصاب.
ما أنا إلّا ذِكرى على ألسِنةِ العابِرين،
تذوبُ في غِيابِهِم كما يذوبُ المِلحُ في الماء،
لا يَبقَى منها سوى طَيفٍ في المَنام.
@@@@@@
وأخيراً…
أستَودِعُ أمري لِمَن لا يَخذُل، وأرفَعُ رُوحي لِمَن لا يَمَلّ،
وأدخُلُ الغِيابَ خَفيفَ الحَمل، أرجُو الرَّحمَة وأخافُ العَدالة،
وأُغادِرُ الدُّنيا كما دَخَلتُها…
بِلا مَتاعٍ ولا خُلود، إلّا ما شاءَ المَعبود.
#نعمة_المهدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟