أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة الروح














المزيد.....

عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة الروح


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 13:59
المحور: سيرة ذاتية
    


في تخوم الحلة، حيث النخيل يستظل بظل التاريخ، وحيث نهر الفرات يهمس للقرى بحكايات الطمي والولادة، وُلد عبد الأمير خليل مراد، حاملاً في اسمه نداء العائلة، وفي قلبه بوصلة الشعر. وُلد في قرية "العتايج" عام 1953، ليكبر ويترعرع بين ريف بابل وشوارعها، متوقفًا عند بوابة التعليم المتوسط، لكنه مضى في تعليم النفس بلغة الشعر، فكان الحرف مدرسته، والصورة الشعرية كتابه المفتوح على التجربة، والتأمل، والمكابدة.
كتب عبد الأمير الشعر في أواخر ستينيات القرن العشرين، تلك المرحلة العاصفة في تاريخ العراق، حيث كان صوت الشاعر آنذاك إما مرآة للخراب أو محاولة لصنع غدٍ آخر. اختار عبد الأمير أن يجعل من قصيدته مزيجًا من الاثنين، يكتب ليشهد، ويشهد ليبقى. ومنذ تلك البدايات، شرع في نشر قصائده في صحف عراقية وعربية، ليحفر له مجرى خاصًا وسط تيارات الحداثة المتعددة.
لم يكن مراد مجرد شاعرٍ يكتب في العزلة؛ بل كان فاعلًا ثقافيًا، يُمسك بأطراف المشهد، يصوغ من حضوره في اتحاد الأدباء، ونوادي الشعر، والصحف، وشبكات الإعلام، مساحة لتأصيل الشعر في ذاكرة الجغرافيا والبشر. شارك في تأسيس مجلة "أهلة"، وشغل مناصب ثقافية في العديد من المنابر الصحفية، وكان صوتًا حاضرًا في فضاءات النقد والتحرير، مسؤولًا ومصححًا ومحررًا.
لكن الصوت الذي لا يخبو، والذي بقي حيًّا بين دفات الكتب والقلوب، هو صوته الشعري. قصيدة عبد الأمير خليل مراد ليست مجرد نبضٍ لغوي، بل هي رنين ذاكرة، ومزيج من شجن وحكمة. كتب عن الوطن كما لو أنه يكتب عن أمٍ تنامُ على جمرٍ من الخذلان، وعن الحلم كما لو أنه ورقة توتٍ أخيرة في خريف طويل.
آراء النقاد وتجليات القصيدة
لم يترك النقاد صوت عبد الأمير معلقًا في الفراغ، بل دارت حوله قراءات متعددة، بعضها جاء من قلب المعرفة، وبعضها جاء من وجع التلقي. وصفه الدكتور خليل إبراهيم المشايخي بـ"جمرة الشعر في موقد الحزن"، في كتاب يحمل ذات العنوان، في إشارة إلى قوة الإحساس، وحرارة الانتماء، والقدرة على إيقاد الذاكرة بالحرف. أما كامل حسن الدليمي، فقد جمع في "الرحيق المستعاد" قراءات نقدية تقف عند حدود القصيدة وتغور في أبعادها الرمزية، متلمسًا صدى الماضي في إيقاع الحاضر.

الدكتور ميثم الحربي قدّم كتابه "شغب الحروف المائلة" ليتناول في صفحاتٍ فاحصة مكامن التفرد والاختلاف، مؤكدًا أن عبد الأمير شاعر لا يكتب ليرضي السائد، بل لينحت ملامح ذاته في جدار التجربة العراقية القلقة. في حين ذهبت الدكتورة أسماء غريب في كتابها "حينما يخلع الشاعر نعليه" إلى أعماق التجربة الشعرية، متأملة "كيمياء" القصيدة، وكيف تتحول التجربة من وجدان خاص إلى شكل شعريّ نابض، ثم إلى قيمة جمالية قابلة للتأمل والتحليل.
ولعل ما يمنح عبد الأمير خليل مراد مكانةً خاصة في المشهد الشعري العراقي والعربي هو اهتمام الأكاديميين بمنجزه، إذ تناولت شعره ست رسائل ماجستير في العراق والجزائر وإيران، وهو ما يؤشر إلى امتداد أثره خارج حدود اللغة والتاريخ والجغرافيا، إلى فضاءات البحث والتخصص.
في أعماله الشعرية...
في دواوينه الشعرية مثل "الوطن أول الأشياء"، "صحيفة المتلمس"، "إيماءات بعيدة"، "تويجات البشارة"، "مكابدات الحافي" وغيرها، تتكرر الثيمات التي تشكل عمق تجربته: الوطن ككائنٍ جريح، الحلم المؤجل، الحزن الذي يفيض على سطور القصيدة، وأحيانًا سخرية لاذعة تحاول التخفف من ثقل الواقع. حتى في مسرحيته الشعرية "بيارق الحسين"، يتداخل الصوت الشعري بالتاريخي والرمزي، ليمنح النص بعدًا طقوسيًا من نوع خاص.
عبد الأمير خليل مراد هو شاعر لم يكتفِ بالوقوف في الظل، بل قرر أن يكون واحدًا من أولئك الذين يشعلون النور في الأمكنة المعتمة، لا ليضيئوا لأنفسهم فقط، بل ليهتدي بهم المارة في دروب الشعر. قصائده تنبع من الحلة، لكنها تسافر في تضاريس الروح العربية، وتخاطب في المتلقي وجعه الجمعي، وتطلعاته البعيدة. إنه شاعر يكتب لأن في الكتابة نجاة، ويصمت أحيانًا لأن في الصمت مساحة للتأمل، وبين الاثنين... تولد قصيدة جديدة، لا تشبه إلا عبد الأمير خليل مراد.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة
- الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب
- ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا
- حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح


المزيد.....




- نيبال تشهد تعيين أول سيدة كرئيسة وزراء في تاريخها بعد احتجاج ...
- مالذي يعنيه خفض التصنيف الإئتماني لفرنسا؟
- أي مسار بعد إعلان -نيويورك- نحو دولة فلسطينية؟
- أول لقاء بين رئيس وزراء قطر مع نائب ترمب ووزير خارجيته بعد ه ...
- أسامة حمدان: محاولة اغتيال وفد حماس إطلاق نار مباشر على ورقة ...
- فيدان: الاعتراف بجرائم إسرائيل في غزة خطوة نحو العدالة الدول ...
- جنوب لبنان.. إصابة شخصين جراء استهداف مسيرة إسرائيلية
- عشرات القتلى في غزة بغارات ونيران إسرائيلية
- لغز الرصاصة البعيدة.. أميركا تبحث عن -القناص الشبح-
- الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة الروح