أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - -حين انحنى الضوء- قراءة ذرائعية في البنية النفسية والرمزية لقصة د. سوزان إسماعيل بقلم الناقدة د. عبير خالد يحيي














المزيد.....

-حين انحنى الضوء- قراءة ذرائعية في البنية النفسية والرمزية لقصة د. سوزان إسماعيل بقلم الناقدة د. عبير خالد يحيي


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 07:46
المحور: الادب والفن
    


تنتمي قصة " حين انحنى الضوء" للقاصة السورية الدكتورة سوزان اسماعيل إلى الأدب النفسي–الوجودي، حيث يتجلّى المرض كاستعارة كبرى لحياة كاملة عاشت في الظل. النص ينجح في تحويل المعاناة الفردية إلى تجربة إنسانية عامة، تمس القارئ في هشاشته الخاصة.
• البؤرة الفكرية والخلفية الأخلاقية:
القصة تطرح جدلية المرض/الوجود/العزلة بوصفها مأزقًا وجوديًا.
البؤرة الفكرية تقوم على رؤية الإنسان لذاته حين يتعرض لاختبار وجودي (المرض)، وكيف يتكشف ذلك عن حياة من الظلال والمرايا والانكسارات، أكثر من كونه مسارًا بيولوجيًا.
الخلفية الأخلاقية هنا ليست وعظية، بل وجودية – تنبّه القارئ إلى أن المرض يكشف هشاشة العلاقات الإنسانية، وخيانة اللحظة، وضيق المساحة بين الحياة والعدم. النص يحفر في أخلاقية "الخذلان" و"التقوقع" أكثر مما يبحث عن خلاص خارجي.

• المستوى البصري
حضور المرايا كرمز بصري مركزي: "ممرّ لم يكن فيه أبواب، فقط مرايا تكرر ملامحي حتى تختفي" – صورة قوية تترجم فقدان الهوية في دوامة المرض.
الأضواء في القاعة، المرأة كنافذة مضيئة، واليد المعلقة في الفراغ – كلها صور بصرية ذات طابع تشكيلي تقيم توازنًا بين الضوء والظل.
المرض يُجسّد عبر صور ميتافورية: "هبوط في بئر لا نعرف قاعه" مقابل "صعود على سلم لا نرى نهايته".
• المستوى اللغوي
اللغة شاعرية، مكثفة، تميل إلى الإيحاء أكثر من السرد الخطي.
استخدام تقابلات لغوية: (الصعود/الهبوط – الأبواب/المرايا – الحضور/الغياب – الصوت/الصمت).
ضمير المتكلم يعمّق الطابع الاعترافي والبوح الذاتي.
الإيقاع يتوزع بين جمل طويلة مترادفة وأخرى قصيرة حادة لإحداث التوتر.

• المستوى الديناميكي (الحبكة)
الحبكة ليست تقليدية، بل داخلية/نفسية، أقرب إلى التداعي الذهني.
تبدأ من الطفولة الهامشية (ظلّ يسير على أطراف أصابعه)، تمر بعزلة المدرسة والجامعة، ثم الانعطاف عند اللقاء بالمرأة، وأخيرًا السقوط في المرض.
الذروة: لحظة الطبيب والورقة.
الانحدار: قرار العزلة النهائية (إغلاق الباب وعدم فتحه للعمل ولا للصلاة).
إذن المسار الدرامي يقوم على حركة "التفتح ثم الانطواء" أو "نافذة تُفتح ثم تُغلق إلى الأبد".

• المستوى النفسي
البطل مصاب منذ الطفولة بـ شخصية انسحابية/انطوائية (الظل، الابتسامة الباهتة، مراقبة النهر).
المرأة تمثل الآخر/الأمل/الكسر المفاجئ للعزلة، لكنها تنسحب بدورها، فتضاعف الجرح النفسي.
المرض يصبح تجسيدًا نفسيًا وبيولوجيًا لانكسار الذات: ليس مجرد عارض جسدي، بل هو ذروة لمسار طويل من العزلة والتصدع العاطفي.
حالة "الانفصال عن العالم" تتضح في: "أغلقت الباب على صوته، ولم أفتحه للعمل، ولم أفتحه للصلاة"، وهو قرار رمزي بالانسحاب التام من الحياة.

• التجربة الإبداعية
القاصة تنطلق من خبرة داخلية بالهامش الإنساني والانسحاب الاجتماعي. النص يشي بتأمل طويل في المرض والعزلة أكثر من كونه استدعاءً لسيرة ذاتية.
الكتابة هنا ليست لتوثيق "قصة مرض"، بل لطرح ميتا–مرض: أي انعكاس المرض على الهوية والذات والذاكرة.
التجربة الإبداعية تتسم بالتماهي مع الحس الشعري، وبناء مشاهد بصرية–رمزية قادرة على إحداث صدمة وجدانية في القارئ.
قوة النص تكمن في اللغة الإيحائية والرموز البصرية (المرايا، الضوء، النافذة).
الحبكة غير تقليدية، لكنها متماسكة داخليًا عبر خط تصاعدي–انحداري.
النص يحتاج ربما إلى نهاية أكثر انفتاحًا، بدلًا من الانغلاق الكلي (إغلاق الباب)، ليترك للقارئ احتمالًا ما.
العنوان "حين انحنى الضوء" موفق جدًا، إذ يلخص التوتر بين الأمل والانكسار.

القصة:
"حين انحنى الضوء"
يقولون: المرض طريقان… إما صعود على سُلّم لا نرى نهايته، أو هبوط في بئر لا نعرف قاعه.
أما أنا، فقد وجدت نفسي في ممرّ ثالث، ممرّ لم يكن فيه أبواب، فقط مرايا تكرر ملامحي حتى تختفي.في طفولتي، كنت ظلًّا يسير على أطراف أصابعه، يترك اللعبة لمن ينتزعها، ويستعيض عن الصرخة بابتسامة باهتة. في المدرسة، كان وجهي صفحة بيضاء تمر عليها الأيدي دون أن تترك خطًا. وفي الجامعة، اتخذت من الزوايا مقعدًا، أراقب الجموع كما يراقب حجرٌ ماء النهر، لا يقترب ولا يبتعد.
ثم جاءت… أو ربما لم تأتِ.
امرأةٌ تشبه نافذةً أُضيئت فجأة في منتصف الليل. كانت العيون تدور حولها، لكنها مالت نحوي كما يميل غصن نحو ظلّه. وجدت نفسي إلى جوارها في بيتٍ سقفه منخفض بما يكفي ليجعلنا نهمس.
في تلك الأمسية التي دعانا إليها مدير الشركة، والتي سالت فيها الأضواء فوق أرض القاعة، ارتدت ثوبًا لم يمرّ على أهداب خزانتنا.
كان هناك، يحدّق بها كما لو يقرأ كتابًا من جسدها، فردّت بابتسامة من زمنٍ لم أرها. شعرت أن الهواء صار أثقل، حاولت رفع يدي لأزيحه، لكن يدي علقت في الفراغ. أكملوا الرقص، وأكملتُ الصمت.
بعدها، بدأت كلماتها تنبت شوكًا، تتحدث عن حياة أكبر من الغرف، وأحلام لا تسعها الجدران. غابت، ثم عادت، ثم غابت… وغابت.
جاء الطبيب، يحمل بين أصابعه ورقة عليها اسمي واسم مرض لم أسمعه من قبل. قال شيئًا عن الدم، وعن رحلة طويلة، وعن احتمالات تمشي على حبال واهية.
أغلقت الباب على صوته، ولم أفتحه للعمل، ولم أفتحه للصلاة.
سوزان اسماعيل

#دعبيرخالديحيي الاسكندرية- مصر 25/ 8/ 2025



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الجرح إلى المنار: قراءة ذرائعية في قصيدة «جُروح» للشاعر ا ...
- السجين بين الرمزي والوجودي قراءة ذرائعية في قصة ( السجين) لل ...
- الغربة كجرح وجودي قراءة ذرائعية في مجموعة (شواطئ الغربة) للق ...
- المنتدى الاستثماري السعودي السوري: انتصار اقتصادي وسياسي في ...
- قراءة في الصراع السوري-الإسرائيلي ودور الدروز في المعادلة ال ...
- حين تغدو القصيدةُ وطنًا
- تدمر: حين انفجرت الأبجدية في عتمة الزنزانة في الذكرى 45 لمجز ...
- حين يُعيد الحزن كتابة اللغة: تشريح الحزن من الخارج إلى الداخ ...
- التحوّلات السيسيولوجية والتمظهرات النسوية في أدب الحرب رواية ...
- الحلم كفعل مقاومة دراسة ذرائعية في مجموعة (رؤى وأحلام) للشاع ...
- الأرض شاهدةً لا موضوعًا: دراسة ذرائعية في تطوّر البؤرة الفكر ...
- القصيدة التي لعنت الجميع
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ...
- بين البنية السردية والتشكّل القِيَمي: قراءة ذرائعية في رواية ...
- جماليات الجرح وتحولات الذات: دراسة ذرائعية في أعمال د. صباح ...
- طقس الأحفاد
- -ماذا تفعلُ الشاعرةُ بالعيد؟ (لُعبة شعرية)-
- طقس يوم عرفة
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ...
- مونودراما: -أنا القلعة -


المزيد.....




- الممثل الأمريكي -روفالو- يناشد ترامب وأوروبا التدخل لوقف إبا ...
- ما سر تضامن الفنانين الإيرلنديين مع فلسطين؟.. ومن سيخلف المل ...
- التوحيدي وأسئلة الاغتراب: قراءة في جماليات -الإشارات الإلهية ...
- الموسيقى الكونغولية.. من نبض الأرض إلى التراث الإنساني
- مصر.. وفاة الفنان بهاء الخطيب خلال مباراة والعثور على -تيك ت ...
- فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا ...
- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - -حين انحنى الضوء- قراءة ذرائعية في البنية النفسية والرمزية لقصة د. سوزان إسماعيل بقلم الناقدة د. عبير خالد يحيي