أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - القصيدة التي لعنت الجميع














المزيد.....

القصيدة التي لعنت الجميع


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


ماذا تقولُ القصيدةُ حين يقتتلُ عدوّان من أعدائها؟
أحدُهما قتلَ أطفالَها…
والآخرُ قتل أطفالَ أختها؟

القصيدة لا تصرخ،
لا تهلّلُ لمذبحةٍ بأُخرى،
تتكوّرُ في ضلعِها،
تُمسكُ على جُرحِها بقبضةِ اللغة،
وترفضُ أن تكونَ ظلًّا ليدٍ أقلَّ صخبًا… وأكثرَ طعنًا.

القصيدةُ لا تقبلُ أن يُجبِرَها أحد على اختيارِ قاتلٍ أرحم،
فكلُّ رصاصةٍ تنطلقُ من بندقيةٍ من كراهيةٍ،
تخترقُ صدرَها.

القصيدةُ ليست وُجهةً سياسية،
ولا بيانًا صحفيًا،
ولا حائطَ تبريرٍ أخلاقي.

هي تعرفهم… كلاهما:
ذاكَ الذي قصفَ مآذنَها،
وذاك الذي خنقَ الصرخةَ في حنجرةِ أختِها.

تعرف أن الضحايا لا يقيمون في بياناتِ الإدانة،
بل في ذاكرةِ التراب،
وأنّ الكراهية لا تُطهَّرُ بالاصطفاف،
ولا تُغتفَرُ بالجغرافيا.

وإن كانت القصيدةُ لا تملكُ جيشًا،
فهي تملكُ ميزانًا لا يختلّ:
الحقُّ لا يُجزّأ،
والظلمُ لا يُبرَّرُ بمن هو أظلَم.

ثمّ تنظرُ القصيدةُ إلى الجوار،
إلى تلك القصائدِ المتكئةِ على الأرائك،
تمضغُ زخرفَها،
وتغمسُ مواقفَها في صحنِ المصالح.

تسألهم:
لماذا تُريدون منّي أن أصفّقَ لهذا القاتل، لأنّ ذاك أكثرُ وحشية؟
لماذا تطلبون منّي أن أُحوّل دمي إلى حبرٍ على عَلَمٍ لا يشبهني؟
لماذا تستكثرون عليّ الحياد…
والحيادُ عندكم جريمةٌ حين لا يصبُّ في خندقِكم؟

متى تفرحُ القصيدةُ بخسائرهما؟
حين يسقطُ السيفُ من يدِ الجلاد؟
حين يغصُّ القيدُ بمفاتيحه؟
ربّما… لكنها لا ترقصُ على الرماد.
تعرف أن موتَ الجلاد لا يعيدُ الطفلَ إلى الحياة.
وأنَّ الجثثَ لا تُبعَثُ من هزيمةِ القتلة.

ومتى تخرجُ القصيدةُ عن طورِها وتلعنُهما معًا؟
عندما لا يعودُ في الوطن متّسعٌ لقبورٍ جديدة،
عندما يَبلُغ الصمتُ حدَّ الإنجاب،
ويولدُ من الرحمِ المقهوِر، وطنٌ بلا ملامح.

عندها…
تلعنهما معًا:

: يا قاتلَي ضوءِ الرُّضَّع،
يا حارقَي قمحِ الحقول،
تساويتما في وحلِ العار،
لن يُطهّرَ أحدُكما الآخر،
ولن يعلو بجثةِ أخيهِ درجةً نحو العدالة."

ثم تخرجُ القصيدةُ من تحتِ أنقاضِها،
عاريةً من المجاز،
تلبسُ حقيقتَها،
وتقول:

"أنا ابنةُ النارِ والماء،
لا أُصفّقُ للخراب،
ولا أسيرُ في جنازةِ قاتلٍ يرتدي تاجَ الضحية.
كلكم مررتم على جثتي،
لكنني ما زلتُ حيّة…
لأنني الكلمةُ التي تفضح،
لا تُبرّر ولا تصفح."

تمشي القصيدةُ على رمادِ الوقت،
لا تلهثُ خلفَ يقينٍ،
ولا تصنعُ نبوءة،
بل تتركُ أثرَها خفيفًا…
كما تفعل الحقيقةُ حين تمرّ ولا تُمسك.

لا تقضي…
ولا تغفر،
بل تضع كلماتِها في فمِ الريح،
وتنتظر أن يسمعها من بقي له قلبٌ لم يُختبَر بالنار.

تعرفُ أن اللغة، مهما تشبّهتْ بالقنابل أو المزامير،
لا تُحيي موتًا…
لكنها تُعرّي القتلة.

وإن وُضعتِ القصيدةُ يومًا في ميزان،
فلن تُثقِلَهُ بالكلمات،
بل بتلك الفراغات التي امتنعتْ فيها عن قولِ ما أرادَ الجلادون سماعَه.

هي القصيدة،
لا تعدُ بفداء،
ولا بعزاء…
هي فقط،
تقولُ ما لا يُقال
حين يكون الصمتُ خيانة.
#القصيدة_التي_لعنت_الجميع



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ...
- بين البنية السردية والتشكّل القِيَمي: قراءة ذرائعية في رواية ...
- جماليات الجرح وتحولات الذات: دراسة ذرائعية في أعمال د. صباح ...
- طقس الأحفاد
- -ماذا تفعلُ الشاعرةُ بالعيد؟ (لُعبة شعرية)-
- طقس يوم عرفة
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ...
- مونودراما: -أنا القلعة -
- (حين انحنت السماءُ كجفنِ أمٍّ تبكي)
- من الصدمة إلى المعنى سرد النجاة والهوية الجريحة دراسة ذرائعي ...
- حين يكتب الحنين رسائله: قراءة ذرائعية في نص/ لسنا قصة عابرة/ ...
- طقوس السياسة مسرحية شعرية رمزية غنائية – في طقسٍ واحد من الد ...
- من رماد الحرب ينهض الوطن... ومن بين الركام تتفتح زهرة اسمها ...
- طقوس النور
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ...
- تيه الذات واستعادة الكينونة دراسة ذرائعية مستقطعة في رواية ( ...
- حين تتغير الأصداء: هل تحيا الرسالة خارج زمكانها؟ بين الذرائع ...
- سرد الأحلام : آلية للتحوّل النفسي والتمرّد الاجتماعي في رواي ...
- الساحل السوري بين المؤامرة والانقلاب: حين كشف الغبار الحقيقة
- سوريا.. معركة الوحدة في مواجهة رياح التقسيم والعقوبات والتحر ...


المزيد.....




- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - القصيدة التي لعنت الجميع