أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ضيا اسكندر - الصديق اختيار.. والرفيق التزام














المزيد.....

الصديق اختيار.. والرفيق التزام


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 16:47
المحور: قضايا ثقافية
    


كثيراً ما يلتبس علينا في أحاديثنا اليومية التمييز بين (الصديق) و(الرفيق)، حتى أصبح البعض يستخدم الكلمتين وكأنهما مترادفتان لا فرق بينهما، غير مدرك لما يحمله كل منهما من دلالات مختلفة. فالواقع أن الفارق بينهما أعمق بكثير مما يوحي به هذا الخلط.
فكلمة (رفيق)، كما درج استخدامها في السياقات الحزبية، لا تنبع من عاطفة أو اختيار شخصي، بل تُمنح بحكم الانتماء الأيديولوجي. إذ قد تجمعك الرفقة بمن يشاركك الشعار لا القلب، وتربطك بمن لا صلة لك به سوى رابطة تنظيمية جامدة، تخلو من الألفة والمودة.
وهكذا تبقى العلاقة محكومة بمصطلح مفروض، يشبه البطاقة الحزبية أكثر مما يشبه علاقة إنسانية حقيقية.
"فالرفيق لا يُختار، بل يُفرض؛ يكفي أن تنتمي إلى حزبٍ ما لتُصبح رفيقاً لمن قد لا يشاركك شيئاً من طباعك أو اهتماماتك، على الرغم من التباينات الواضحة في الأمزجة والرؤى. إنها علاقة قد تستند إلى توافقٍ فكري، لكنها تفتقر في الغالب إلى دفء الشعور وصدق القرب.
أما "الصديق"، فهو فصل آخر من الحكاية، لا يُكتب بالحبر الحزبي بل بنبض القلب. الصداقة ليست شعاراً يُرفع، بل اختيار وجداني حرّ؛ علاقة تُبنى على الصدق لا على التشابه الإيديولوجي، وعلى التلاقي الشعوري لا على التوافق التنظيمي، وهي لا تُمنح دفعة واحدة، بل تنمو كغصن في تربة الثقة، وتزهر بالحوار، وتثمر عمقاً قد يبلغ حدود الفلسفة أو الروح. إنها علاقة لا تُفرض، بل تُولد، ولا تُدار، بل تُعاش. والصديق هو مرآة روحك لا مجرد رفيق طريق؛ يصدقك القول، ويقاسمك الفرح والحزن، ويكون ملاذك في الوحدة وهمس تأملك الصامت.
بينما الرفقة، وإن بدت في ظاهرها تضامناً أو تشاركاً، تبقى في الغالب ظرفية، مرتبطة بمسار عابر أو هدف مؤقت، لا تتجاوز سطح العلاقة، ويكفي أن نقلب صفحات التاريخ لندرك هشاشتها؛ فكم من رفاق جمعهم شعار واحد وفرّقتهم النفوس، وكم من انشقاق وخصام نشب بين من يُفترض أنهم رفاق الدرب، بل إن الدم سال غير مرّة تحت راية واحدة، على الرغم من وحدة الشعار وتطابق الخطاب.
لهذا تبقى الصداقة أسمى من كل تصنيف، لأنها تنبع من القلب لا من قيد الانتماء. قد لا تدوم إلى الأبد، لكنها أصدق وأعمق؛ لأنها تقوم على الاختيار والوفاء، لا على الإكراه والشعارات.
أما الرفقة، فسرعان ما تتهاوى عند أول اختبار؛ قد يطيح بها اختلاف الطباع، أو جفاء المعاملة، أو أنانية خفية، لتتكشّف في النهاية عن علاقة هشّة لم تتجاوز شعارات الأيديولوجيا وحدود البرامج.
ومع ذلك، ما أجمل أن يجتمع الاثنان في شخصٍ واحد؛ أن يكون من تحبّه صديقاً ورفيقاً في آن. حينها لا تكون الرفقة قسراً، بل امتداداً للمحبة، ولا تكون الصداقة عزلة، بل مشاركة في الطريق.
عندئذٍ يلتقي الصدق بالالتزام، والشعور بالمسار، والقلب بالهدف، فيتكوّن ذلك النادر الجميل الذي لا تمنحه الأحزاب ولا تصنعه الشعارات، بل تهبه الحياة حين تتقاطع الأرواح في لحظة صدق.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطبيع الزاحف وسلام العار
- السويداء في القلب.. وستبقى
- حين ينهزم الوزير أمام صمت الأسير
- في دهاليز الصمت.. حكاية تقريرٍ مخبّأ ومجازر لا تنسى
- غزة… بين مخالب الإبادة وفخّ التهجير
- ما قصة النفير العام في سوريا؟
- هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوري ...
- من خطاب الدولة إلى خطاب المكونات: هل ضاعت سوريا في متاهة اله ...
- نزع السلاح.. هل هو بداية نهاية لبنان؟
- مأساة التشرذم في قضايا الشعوب
- من مراعاة النظام إلى تمثيل الكرد.. هل تغيّرت روسيا؟
- روسيا والمأساة السورية الممتدة
- أشباحُ الابتسام
- اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟
- حين يُكافأ الشرف بالحصار.. هل جُنّت الحكومة الانتقالية؟
- الحقد لا يسقط من السماء.. بل يصعد من الجحيم
- بلد الفزعات؟ أيّ وطن هذا؟!
- من السويداء إلى سايكس بيكو جديد... حين يصبح التقسيم حلاً مرغ ...
- من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟
- العالم ليس صامتاً... العالم شريك في الجريمة


المزيد.....




- في عيد استقلالها.. ترامب يحيي شجاعة أوكرانيا وزيلينسكي يتعهد ...
- -النجم الساطع 2025-.. مصر تستضيف أكبر مناورات بالشرق الأوسط ...
- غارات إسرائيلية على صنعاء.. وتل أبيب تتهم الحوثيين بإطلاق صا ...
- هجمات إسرائيلية مكثّفة على أطراف مدينة غزة.. وحماس تدعو لتصع ...
- -رحلتي إلى كوريا الشمالية: زيارة محاطة بالحرس ومليئة بالقواع ...
- إسرائيل تقصف أطراف مدينة غزة وتتوعد بالمضي في الهجوم
- احتجاجات عالمية غير مسبوقة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية ...
- محللون إسرائيليون: تسريبات هاليفا ليست مفاجئة وتؤكد فقدان نت ...
- لرحلة شواء صيفي -بلا ذنب-.. مدرب يكشف سر التوازن في طبقك
- بنغلاديش وباكستان تعززان علاقاتهما رغم الخلافات التاريخية


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ضيا اسكندر - الصديق اختيار.. والرفيق التزام