أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟














المزيد.....

من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ انطلاق الحراك الشعبي السوري، راودت السوريين آمالٌ كبرى بانبلاج فجر جديد، يؤذن بزوال الاستبداد وبداية مرحلة مدنية ديمقراطية. لكنّ تلك الآمال سرعان ما انقلبت إلى كابوس دموي طويل، دُفنت فيه تطلعات الناس، وتمزّق فيه المسار الوطني بين استبدادٍ قديم وصعود قوى متشددة لا تقلّ عنه بطشاً.
ففي مشهد قاتم، تسلّمت "هيئة تحرير الشام" السلطة في دمشق بتوافق إقليمي ودولي، كقوة أمر واقع جديدة لتُعيد إنتاج منظومة القمع ذاتها، ولكن بلبوسٍ ديني متشدد وتغلق الباب مجدداً أمام أي أفقٍ لحل وطني جامع.
وبين أنياب نظام بعثي رَفَض الإصلاح حتى الرمق الأخير، وسلطة جهادية سلفية تُقصي كل صوت مخالف، يُذبَح السوريون مرةً أخرى... وتُدفَن أحلامهم تحت طبقات الخوف ذاتها، وإن تغيّر الجلاد.

جرائم ما بعد البعث.. نتائج عنادٍ مميت
ما جرى بعد سقوط النظام البعثي البائد، من مجازر مروّعة، وتفكك مجتمعي، وتشرذم وطني، ليس وليد الصدفة، بل هو النتيجة الحتمية لرفض ذاك النظام لأي حلٍّ سياسي، وتشبّثه بالحل الأمني حتى اللحظة الأخيرة.
لقد اختار النظام أن يُغرق البلاد في الدم، على أن يُسلّم بانتقال سياسي. فدمّر المدن، وهجّر الملايين، وفتح الأبواب أمام صعود تيارات متطرفة كانت مرفوضة من المجتمع نفسه، لتتحوّل لاحقاً إلى مكوّن من مكوّنات "الحكم" الجديد.

من مجازر الساحل إلى رعب السويداء.. الخوف لم يعد طائفياً
إن ما حصل في الساحل السوري من جرائم بحق مدنيين، وما تلاه في مناطق مثل جرمانا وصحنايا، وها هو الآن يتكرر في السويداء، لم يكن معزولاً أو عفوياً، ولن يكون الأخير ما دام المسار السياسي معطّلاً.
والأخطر أن الخوف والرعب لم يعودا محصورَين بما يسمى "الأقليات"، بل بات كل سوري – يرفض الفكر الجهادي السلفي الحاكم الآن – مشروع ضحية. تماماً كما كان عليه الحال تحت حكم النظام البائد، الذي لم يكن يفرّق في قمعه بين أبناء الطوائف والانتماءات.

الحلّ السياسي.. لا بديل عنه
لا مفرّ من الاعتراف بأن البلاد لن تتعافى، ولن تجد طريقاً للنجاة، دون انطلاق حلّ سياسي حقيقي، يقوم على القرار الأممي 2254، الذي لا يزال، على الرغم من مرور الوقت، صالحاً كأساسٍ موضوعي لحل الأزمة.
هذا القرار الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية وبيئة آمنة ومحايدة، لا يمكن تحقيقه إلا عبر توازن قوى جديد على الأرض، يجبر من يملك السلطة اليوم على التفاوض.

سلطات الأمر الواقع لا تبادِر بل تُجبَر
من الوهم الاعتقاد أن أي سلطة أمر واقع، ستبادر طواعية إلى التخلي عن نفوذها من أجل الشعب. فتاريخ الاستبداد يقول لنا إن هذه السلطات لا تتحرّك إلا إن شعرت بخطر وجودي.
ومن هنا تبرز ضرورة تشكيل جبهة وطنية ديمقراطية عريضة، توحّد كل القوى السياسية الصادقة في انتمائها للشعب، وتملك مشروعاً وطنياً واضحاً، تتصدّى للمدّ الظلامي المدعوم إقليمياً ودولياً، وتعيد تعريف الصراع بأنه صراع على مستقبل سوريا، لا على حصص طائفية أو عسكرية.
صحيح أن المهمة ليست سهلة، خصوصاً مع تخلّي بعض القوى الكبرى – مثل روسيا والصين – عن دور كانت تدّعيه في الوقوف مع تطلعات الشعب السوري.
لكن لا شيء يمنع من استعادة المبادرة إذا وُجدت قوى وطنية جادة، تتحالف وفق مشروع واضح، وتخلق توازناً سياسياً جديداً. فالدول الكبرى ليست جمعيات خيرية، بل تدعم من يملك رؤية وقدرة على الاستمرار والتأثير.

إن النظام البعثي لم يسقط بفعل قوة خارجية مباشرة أو نتيجة مؤامرة أجنبية بحتة، بل انهار نتيجة أفعاله هو نفسه، بسبب عناده، ورفضه التغيير، وإصراره على القمع، وإنكاره لحقوق وإرادة الشعب السوري، لكن المأساة الكبرى أن يرثه نظام آخر، بعقلية أشد ظلاماً، وإن تغيّرت الشعارات.
ولهذا، فإن الخروج من هذه الحلقة الجهنمية لا يكون إلا بالاعتراف أن لا حل أمني، ولا خلاصاً طائفياً، ولا مستقبل لبلدٍ ممزق دون مشروع وطني جامع، يفرض الحل السياسي فرضاً، لا انتظاراً لرحمة الجلّادين، في الداخل أو الخارج.
إن أولى الخطوات نحو ذلك، هي المسارعة إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل، ينبثق عنه تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تُقصي أحداً من مكونات المجتمع السوري، وتكليف لجنة وطنية مستقلة بصياغة منظومة تشريعية جديدة، تشمل دستوراً مدنياً، وقانوناً عصرياً للأحزاب، وآخر للانتخابات، يضمنان التداول السلمي للسلطة.
فإن لم نبدأ اليوم، فسنبقى نكتب على خرائط الذاكرة:
هنا كانت سوريا..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم ليس صامتاً... العالم شريك في الجريمة
- هل تُفرّط حكومة الشرع بالجولان مقابل طرابلس؟
- هوية بصرية.. أم بصيرة غائبة؟
- حين تصبح البديهيات مادةً للجدل
- الصلاة في زمن الخوف
- هل مجزرة -كنيسة مار إلياس- آخر -التجاوزات الفردية-؟
- الردع الرمزي وتوازن الهيبة
- الثغرات القاتلة.. قراءة في فشل استخبارات إيران خلال الحرب
- ترامب.. بائع السلام الذي يشعل الحروب
- الأسد الصاعد والوعد الصادق: صراع البقاء بين تل أبيب وطهران
- هل تركيا الهدف التالي بعد إيران؟ قراءة في تحذيرات زعيم القوم ...
- يا للعجب! ويا للمهزلة!
- الضربة التي لم تفاجئ أحداً.. حين يُضرب الكبرياء الإيراني فجر ...
- وسام العزاء الذهبي
- حين تتحوّل النقابات إلى فروع أمنية
- تسعة أكفان بيضاء... وقلبٌ لا ينكسر
- لو عرفنا الغد... لما عشناه
- دور الحروب والأزمات المعيشية في تفكك الروابط الأُسرية
- تركيا والكردستاني.. هل اقترب حلّ القضية الكردية؟
- مرسوم للعدالة الانتقائية: الكل تحت المحاسبة ما عدا -ربعنا-!


المزيد.....




- -تبتسم- و-تغمز-.. صور مرحة توثق جانبًا غير متوقّع لطيور البو ...
- المؤثّرة الافتراضية ميا زيلو -تخطف- الأضواء في لندن وتُربك ا ...
- شاهد.. عملية إنقاذ لشخصين من قارب صيد تندلع فيه النيران بالك ...
- تجدد الاشتباكات والقصف الإسرائيلي في السويداء، والعشائر السو ...
- بعدما وصفها بـ -القمامة-.. ترامب: كوكا كولا وافقت على استخدا ...
- ردًا على التهديد بفرض عقوبات جديدة.. إيران: الأوروبيون لا يم ...
- دمشق تتهم مقاتلين دروز بخرق الهدنة في السويداء وأنباء عن اشت ...
- إسرائيل تأسف لقصف كنيسة في غزة بـ-الخطأ- وباريس تندد
- مائة عام على كتاب هتلر -كفاحي- - أفكاره لا تزال تتردد
- ضخ إعلامي كبير بتجدد الاشتباكات الدامية في السويداء.. ما حقي ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟